عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 25-10-2001, 07:28 AM
mubarrah mubarrah غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 81
Post الاعتراف الأخير

أتيح لي مؤخراً أن أتوقف عن طلب الرزق ، وأقتات ببقايا شرف مهدور ، فصحوت على جرح غائر ، منذ سنين يؤرقني ، لم ألحظه حتى الآن ، تشخيص الجرح: نزف معوي حاد..في عقلي ، تتراجع فيّ الأفكار ، وعواطف قلبي تتقرح ، آخر أعراضه: بسمات كاذبة في وجهي ، ضحكات خرقاء ، حين أشاهد نشرة أخبار ، وبكاء عند تناول خبزي ، وعند توقف أسواطك.
أدهشني أني ماعدت أراك ، أخبرني بعض رفاقي عن حادثة في الزمن الغابر ، حين أتيت ، بأسياخ من كذب وهراء ، وسملت بها عيني ، قالوا: كانت حمراء ، تتحدث عن حبك هذا الوطن ، وعن حرصك..أن تفني كل العملاء ، ووراءك جيش من فنانين وأرتال من أجراء ، عزفوا أنشودة عشق وطنية ، تلعن كل الأعداء ، وبقيت بلا عينين ، وكرامة وطني مثل العينين.
في طلبي للرزق ركبت أراجيح مخوزقة ، تبلغني في أول شهري بعض إدام ، تكفيني خبزي أوسطه ، وتترك لي أملاً في آخره بالشهر التالي ، فشكرتك أن أبقيت على نفسي ، وحفظت مكاني في الطابور الممدود من الفجر ، لطلب العيش ، لكنك –وبحمدك- عبت الطابور ، وتركت الخبز متاحاً في كل الأوقات ، يأكله أصحاب كروش وطنية ، يبدو لي بدراً ما أحلاه ، لو يسمح لي أن أمسكه أو أنساه.
في صحوة موتي أذكر أشياء غريبة ، مثل فلسطين وعشقي والحرية ، يتأجج صدري حقداً ضد ملوك العرب وأشياخ قبائلهم ، ضد عروش جمهورية ، ألعن أسواق نخاستهم ، وشعارات الزيف الوطنية ، وسجوناً تحرسها حراس حدود بالنيران ، تفتحها بالمجان ، تنهبها إسرائيل ، في القدس وفي بيسان ، في الجولان ، وفي لبنان ، وسفارات الخزي بكل الأوطان ، من قطر حتى شنقيط..
حتى شنقيط!..أي هوان..أي هوان.
أبسم مرتاحاً لملاك الموت ، يرحمني من أرض الأحزان ، فأنا إنسان ، في قلبي بعض من إيمان ، بعض..من...إيمان.
عفوك سيدنا ، عفوك ، هذا هذيان ، هذا هذيان.
الرد مع إقتباس