عرض مشاركة مفردة
  #22  
قديم 16-07-2003, 07:53 AM
lwliki lwliki غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
الإقامة: هووون
المشاركات: 85
إفتراضي

ثمرة الثامر


هذا الرجل ، الذي نقلت عنه تحدث عن واقع الجنوب في الماضي ، تحدث عن الثقافة الاجتماعية التي كانت سائدة في حينه ، وهذا يؤكده الواقع وتثبته الشواهد ، وكما ذكرت أخي الكريم وذكرنا في ردود سابقة أنه هكذا كان الناس في الماضي ، والسؤال المطروح الآن : ما الذي حدث وكيف حدث ؟

وهل من سبيل للعودة إلى ذلك الماضي الجميل ، والخلاص مما آلت إليه الأمور ، بعد أن تفاقمت الأزمة واشتدت ووصلنا إلى هذا المأزق الخطير الذي يصعب الخروج منه ، لنعود لثقافة التسامح التي ستقودنا حتماً إلى قيم التمدن والحضارة التي لا تتعارض مع الجوهر الأصيل لديننا الحنيف ، وذلك أمر تفرضه الفطرة السليمة للنفس الإنسانية النزاعة إلى التعايش وقبول الآخر ، وحفظ حقوق الإنسان ذكراً كان أو أنثى ، بعد هذ المآل التعيس الذي آلت إليه أحوال المرأة في بلادنا ، وقد نزعت عنها صفات الإنسانية ، وأصبحت كائناً آخر لا مثيل له ولا شبيه على هذا الكوكب ، وبعد أن غدت المرأة السعودية رمزاً للغواية ومثار شبهة وريبة وشك واتهام في عين المجتمع حيثما اتجهت ، فما هكذا عامل الإسلام المرأة ولا بهذه النظرة الدونية كانت في عيون الآباء والأجداد ، فهل كانوا أكثر إنسانية مما نحن عليه اليوم ؟

كم اعتز بتلك الأيام التي كانت بها المرأة تنزل للحقول مع إخوانها الرجال ( ليس شرطا ان يكونوا إخوة نسب ) وترعى الغنم في الوديان والجبال .. نعم اعتز بتلك الأيام التي كانت فيها نسوة القرية يذهبن مع أي رجل من القبيلة إلى السوق ، فيشترين ويبعن ويقضين يوما جميلا لا يعكره شك وهوس جنسي كما هو حاصل اليوم . كانت المجموعة تنزل ضيوفا لدى القرية الأقرب للسوق فيجلس الجميع مجلس واحد ، النساء بثيابهن الجميلة المحتشمة ، والرجال بخناجرهم ومحازمهم ولحاهم التي لا يتاجرون بها ، فلا اسعد من ذلك اليوم عندي وأنا صغير حيث ان الجميع يكونون سعداء واستمتع بإخبار القرى المجاورة والجماعة الفلانية من خلال سواليفهم ، اذكر تلك الأيام الجميلة التي نشاركهم فيها الأعياد والآعراس ، ويرقص الرجال في صف والنساء في صف ، كما اذكر أن أبي وجيله لم يتقدم احدهم لخطبة امرأته من أبيها إلا بعد ان خطبها من نفسها أولا .. كما ان العادة الجنوبية جرت على أن لا يتزوج من بناتهم إلا من كان منهم ، إلا انه كان هناك فئة قليلة يدعون ( الصنانيع ، والعبيد ) لا يمانعون في تزويج بناتهم لمن هم من خارج المنطقة ، عندما لا يتوفر الزوج من نفس الفئة والمنطقة ، والمجتمع الجنوبي لا يحقر هذه الفئة في شيء إلا أنهم يمتنعون عن الزواج منهم أو تزويجهم ببناتهم ، لأنه كما يقولون العرق دساس ، كما يفعل نفس الشيء المجتمع النجدي بالنسبة ( للخضيريين ) كما علمت .

خبر صحيفة الوطن ليس جديدا علي ، بل انه يشرفني كثيرا ان يكون مجتمع الجنوب متحضرا ومتقدما في ذلك الزمن لدرجة ان أول جمعية نسائية خيرية في جزيرة العرب كانت بمدينة أبها بإشراف إحدى أميرات آل عايض حكام عسير السابقين ، هذه الجمعية كانت قبل أكثر من مائة سنة ..

كانت هذه الصفات والعادات الجميلة قبل ان تصل لوثة التزمت الديني وأفكار الشك والهوس الجنسي لهذا المجتمع بدعوى صحوتة دينيا ، ولكنها على العكس أفقدت المجتمع برائته وطغت غرائز أفراده في علاقاتهم على الرغم من العباءات والقفازات والهيئات وطول اللحى وقصر الثياب ، وتحولت الإعراس مآتم والأعياد تجهم وعبوس ..

للأسف .. فان جزءا كبيرا من تاريخ عسير أهمل بتعمد لمصلحة ان يكتب التاريخ الحديث بدون منافسة ، تماما مثلما بولغ كثيرا في اتهام الناس في نجد بعبادة الشجر والبقر والخرافات وذلك لمصلحة ترسيخ مشروعية التوسع السياسي ، وهذا جزءا من لعبة السياسة التي أتفهم برحابة صدر دوافعها وان كنت لا اقبل دعايتها .

خالص التحية
__________________
( لا تسيئوا فهمه..
ولا تنكروا عليه ان ينقد أو يتهم أو يعارض أو يتمرد أو يبالغ أو يقسو..
انه ليس شريراً ولا عدواً ولا ملحداً.. ولكنه متألم حزين ..
يبذل الحزن والألم بلا تدبير، أو تخطيط..
كما تبذل الزهرة اريجها .. والشمعة نورها ).
وللتاريخ ان يقول ما يشاء.