عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 20-09-2006, 05:25 PM
alaa_abes2 alaa_abes2 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2006
المشاركات: 96
إفتراضي

تابع


فلندع الخلاف الفرعي ونتعاون على تحقيق الأصول
الفصائل التي تنتسب إلى الصحوة بعض الإسلامية، أو العمل الإسلامي، مهتمة أكبر الاهتمام بالمسائل الخلافية، فهو شغلها بالنهار، وحلمها بالليل. حولها يتركز البحث، ولها تقام الدروس، وفيها يدور الجدل، ومن أجلها تحمى معارك الكلام والخصام.
وأنا لا أكره أن يبحث الناس في المسائل الخلافية، بحثا علميا مقارنا يرجح أحد الرأيين أو الآراء، إذا قام بذلك أهل الاختصاص، من العلماء القادرين المؤهلين لمثل هذا العمل العلمي الرصين، الجامعين بين الفقه والورع والاعتدال.
ولكن الذي أكرهه: أن يصبح البحث في المسائل الخلافية أكبر همنا، ومبلغ علمنا، وأن نضخمها حتى تأكل أوقاتنا وجهودنا وطاقاتنا، التي يجب أن نوجهها لبناء ما تداعى أو تهدم من بنياننا الديني والثقافي والحضاري. وأن يكون هذا الاهتمام والاشتغال على حساب القضايا التي لا خلاف عليها. إنني أود لو أن رجال المسلمين جميعا حرصوا على إطلاق لحاهم، فأحيوا هذه السنة من سنن الفطرة، وخرجوا من خلاف من أوجبها من الأئمة، وتميزوا عن غيرهم من الأمم، وفوتوا الفرصة على رجال المباحث الذين يعتبرون اللحية دليل اتهام! ومع هذا لا أود أن نشغل الناس بهذا، وأن نفسق من لا يعفيها، فهذا أمر عمت به البلوى، ولهذا أسفت حقا حين ذكر لي بعض الثقات من الشباب أن أحد المولعين بالخلافيات ألقى تسع محاضرات في وجوب إعفاء اللحية، وتحريم أخذ شيء منها. كما أسفت لأن أحدهم ألف رسالة سماها (نهي الصحبة عن النزول على الركبة) وهو أمر يتعلق بهيئة الصلاة، وفيه أخذ ورد.. وأن آخر كتب رسالة أيضا بعنوان: (الواحة في جلسة الاستراحة) إلى غير ذلك من الرسائل، والمقالات، والمحاضرات التي تدور حول هذه الأمور، التي اختلف فيها الأئمة، بين مثبت وناف، وسيظل الناس يختلفون فيها إلى ما شاء الله. وسر أسفي هنا هو: التركيز على الأمور الخلافية، والشدة على المخالفين، فيما يجوز التساهل فيه، على خلاف ما كان عليه سلف الأمة.

أين مشكلة المسلمين
إن أي مراقب لأوضاع الأمة الإسلامية اليوم، يوقن تمام اليقين: أن مشكلتها ليست في ترجيح أحد الرأيين، أو الآراء في القضايا المختلف فيها، بناء على اجتهاد أو تقليد. فالواقع أن الخطأ في هذه القضايا يدور بين الأجر والأجرين، لمن تحرى واجتهد، كما هو معلوم ومبسوط في مواضعه. ولكن مشكلة الأمة حقا في تضييع الأمور المتفق عليها من جميع مذاهبها ومدارسها.
مشكلة المسلمين ليست في الذي يؤول آيات الصفات وأحاديثها ـ وإن مكان مذهب السلف أسلم وأرجح ـ بل في الذي ينكر الذات والصفات جميعا، من عبيد الفكر المستورد من الغرب أو الشرق.
مشكلة المسلمين ليست فيمن يقول: استوى على العرش بمعنى (استولى) أو كناية عن عظمة سلطانه تعالى، بل فيمن يجحد العرش ورب العرش معا.
مشكلة المسلمين ليست فيمن يجهر بالبسملة أو يخفضها أو لا يقرؤها في الصلاة. ولا فيمن يرسل يديه في الصلاة أو يقبضهما، ومن يرفع يديه عند الركوع أو الرفع منه أو لا يرفعهما، إلى آخر هذه المسائل الخلافية الكثيرة المعروفة. إنما مشكلة المسلمين فيمن لا ينحني يوما لله راكعا، ولا يخفض جبهته لله ساجدا، ولا يعرف المسجد ولا يعرفه.
مشكلة المسلمين ليست فيمن يأخذ بأحد المذاهب المعتبرة في إثبات هلال رمضان أو شوال، بل فيمن يمر عليه رمضان كما مر عليه شعبان، وكما يمر عليه شوال، لا يعرف صياما ولا قياما، بل يفطر عمدا جهارا ونهارا، بلا خشية ولا حياء.
مشكلة المسلمين ليست في عدم تغطية الوجه بالنقاب، واليدين بالقفازين، كما هو رأي البعض، بل في تعرية الرؤوس والنحور، والظهور، ولبس القصير الفاضح، والشفاف الوصاف.. إلى آخر ما نعرف مما يندى له الجبين.
إن المشكلة حقا هي وهن العقيدة، وتعطيل الشريعة، وانهيار الأخلاق وإضاعة الصلوات، ومنع الزكوات، واتباع الشهوات، وشيوع الفاحشة انتشار الرشوة، وخراب الذمم، وسوء الإدارة، وترك الفرائض الأصلية وارتكاب المحرمات القطعية، وموالاة أعداء الله ورسوله والمؤمنين. مشكلة المسلمين، إنما تتمثل في إلغاء العقل، وتجميد الفكر، وتخدير الإرادة، وقتل الحرية، وإماتة الحقوق، ونسيان الواجبات، وفشو الأنانية وإهمال سنن الله في الكون والمجتمع، وإعلاء الحكام على الشعوب، والقوة على الحق، والمنفعة على الواجب. مشكلة الأمة المسلمة الحقيقية نراها واضحة كالشمس في إضاعة أركان الإسلام ودعائم الإيمان، وقواعد الإحسان.


تنبيه أخير للذين يستخفون بكلمه حرام ويطلقونها بقلة اكتراث وخصوصا من طلبة العلم
ونختم بحثنا هذا بكلمة أخيرة نوجهها إلى السادة العلماء وطلاب العلم الذين يستخفون بكلمة « حرام » ويطلقون لها العنان في فتاواهم إذا أفتوا , وفى بحوثهم إذا كتبوا , عليهم أن يراقبوا الله في قولهم , ويعلموا أن هذه الكلمة « حرام » كلمة خطيرة : إنها تعنى عقوبة الله على الفعل , وهذا أمر لا يعرف بالتخمين ولا بموافقة المزاج , ولا بالأحاديث الضعيفة , ولا بمجرد النص عليه في كتاب قديم , إنما يعرف من نص ثابت صريح , أو إجماع معتبر صحيح , وإلا فدائرة العفو والإباحة واسعة , ولهم في السلف الصالح أسوة حسنة .
قال الإمام مالك رضى الله عنه : (ما شئ أشد علي من أن أسأل عن مسألة من الحلال والحرام؛ لأن هذا هو القطع في حكم الله , ولقد أدركت أهل العلم والفقه ببلدنا , وان أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموت أشرف عليه , ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام في الفتيا , ولو وقفوا على ما يصيرون إليه غدا لقللوا من هذا , وان عمر بن الخطاب وعلياً وعامة خيار الصحابة كانت ترد عليهم المسائل - وهم خير القرون الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم - فكانوا يجمعون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويسألون , ثم حينئذ يفتون فيها , وأهل زماننا هذا قد صار فخرهم , فبقدر ذلك يفتح لهم من العلم)
قال : (ولم يكن من أمر الناس ولا من مضى من سلفنا الذين يقتدى بهم , ومعول الإسلام عليهم , أن يقولوا : هذا حلال وهذا حرام , ولكن يقول : أنا أكره كذا وأرى كذا , وأما « حلال » و « حرام » فهذا الافتراء على الله . أما سمعت قول الله تعالى : ( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالاً قل ءآلله أذن لكم , أم على الله تفترون) ؛ لأن الحلال ما حله الله ورسوله , والحرام ما حرماه).
ونقل الإمام الشافعي في « الأم » عن الإمام أبى يوسف صاحب أبى حنيفة قال : (أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون في الفتيا أن يقولوا : هذا حلال وهذا حرام , إلا ما كان في كتاب الله عز وجل بينا بلا تفسير).
وحدثنا ابن السائب عن الربيع بن خيثم - وكان أفضل التابعين - أنه قال : (إياكم أن يقول الرجل : إن الله أحل هذا أو رضيه , فيقول الله له : لم أحل هذا ولم أرضه ! ويقول : إن الله حرم هذا , فيقول الله : كذبت لم أحرمه ولم أنه عنه) !
وحدثنا بعض أصحابنا عن إبراهيم النخعى أنه حدث عن أصحابه : أنهم كانوا إذا أفتوا بشيء أو نهوا عنه , قالوا : هذا مكروه , وهذا لا بأس به , فأما أن يقول : هذا حلال وهذا حرام . , فما أعظم هذا.

وهكذا نجد إماما كأحمد بن حنبل يسأل عن الأمر فيقول: أكرهه أو لا يعجبني، أو لا أحبه، أو لا أستحسنه.
ومثل هذا يروى عن مالك، وأبي حنيفة وسائر الأئمة رضي الله عنهم.

نماذج من ورع الإمام أحمد مسائل في الحلال والحرام:
ونضرب بمثالين صغيرين من كلام الإمام أحمد في مسألتين ظلا مثار نزاع حتى الآن ولاحظ ورع الأمام في عدم أستخدامه لفظة حرام التي القطع في حكم الله كما أسلفنا عن أئمة السلف

1 - عن عبدالله بن الإمام أحمد قال: سألت أبي عن الغناء فقال: لا يعجبني
هذا ما قاله إمام أهل السنة (لا يعجبني) تهربا من كلمة حرام وهذا من ورعه وتقواه مخافة أن يتقول على الله بغير علم فالحرام ما حرمه الله يوم القيامة كما في الحديث , أما مدعو العلم في هذا العصر فما أسهل عليهم كلمة حرام في هذه المسالة بالذات يقذفون بها بسهولة فأين الثرى من الثريا

2 – وسئل أحمد عن عطاء الدراهم في صدقة الفطر فقال: أخاف ألا يجزئه
فتامل قوله في زكاة الفطر (أخاف ألا يجزئه) ولم يقل زكاته باطلة أو غير مقبولة لأن هذا في علم الله ولوجود مخالفين في هذا الأمر , أما المعاصرين فما أسهل عليهم قول إخراجها بالقيمة باطل ولا يجوز..

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم