عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 28-08-2007, 06:29 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

ماذا تراءى للإدارة الأمريكية في قراءاتها :

أحيانا يظهر منطق يكون أقرب للحماقة منه الى العقل، ويصبح المنطقيون والمنظرون يدافعون عن منطقهم وفق منظومة فكرية تظهر عليها الحماقة بوضوح. كمن يربح في صفقة مخدرات بسيطة ثم يعود فيضاعف عمله، حتى يصبح يجاهر في عمله باعتداد بقوته وعدم خوفه من أحد، فتتحالف عدة عوامل لتوقفه عند حده وتنهيه.. وهذا ما تراءى للولايات المتحدة:

1ـ كانت الزمر المتأذية من ظروف التغيير المختلفة في المنطقة العربية ترحل وتحط بأمريكا وبلاد الغرب، وتقدم لدوائره معلومات، يحتاجها الغرب كما هي دون تمحيص ودون تدقيق، فهي لم تكن العوامل الأساسية في دفع الولايات المتحدة لما قامت به لغزو العراق، ولكنها كانت أشبه بالمناديل على مائدة الشر، تمسح بها (دلاغم) الشريرين .. فصوروا لهم العراق وكأنه حظيرة ل (خراف) ما أن يتم التخلص من حارس تلك الحظيرة، حتى يتم التصرف بمحتوياتها بشكل سهل ..

2ـ كانت السيناريوهات في تقسيم منطقة الخليج ومنطقة بلاد الشام جاهزة. فما أن يتم الانتهاء من العراق، حتى يتم الانتقال لتقسيم السعودية لدولة نفطية في المناطق الشرقية ودولة لإدارة حجاج بيت الله الحرام، فهيأت الربط الإعلامي المتكرر بين أحداث 11 أيلول وجنسية من قاموا بها .. ثم تنتقل الى بلاد الشام، وكان عندها من احتياطي شبيه بالجلبي وعلاوي وغيرهم ممن نذروا حياتهم لمثل تلك الأدوار فكنا نسمع ب (الغادري) ونسمع بأمثالهم على الصعيد المصري والسوداني وغيره، وكنا نسمع بالتحذيرات النارية من (كولن باول) لسوريا، كانت نبرة أعضاء طاقم الحكم الأمريكي توحي في العام الأول والثاني من احتلال العراق بأن تحقيق كل الأهداف (مجتمعة) باتت قاب قوسين.

3ـ نصحت إدارة بوش، الصهاينة بأن يتملصوا من اتفاقية أوسلو وكل الاتفاقيات مع العرب، وامتدح بوش (شارون) ووصفه بأنه صديقه الديمقراطي الوديع! وكانت الإدارة الأمريكية تقف عائقا أمام إدانة اغتيالات القيادات الوطنية الفلسطينية، ويصرح أفراد طاقمها بأنهم يتفهمون ردة فعل أصدقائهم في الكيان الصهيوني في الدفاع عن أنفسهم! ولكننا سنجدهم في وضع مختلف في حالة اغتيال الحريري واستنفارهم مع حلفائهم في استثمار ذلك الاغتيال، والذي لا يستبعد بأنه (فلم) شبيه بفلم 11 أيلول ..

4ـ فتحت القوات الأمريكية الأبواب للغوغاء لتسرق موجودات المتحف العراقي والمتاحف العراقية وحتى بيوت بعض العراقيين الذين يحتفظون ببعض التحافيات الأثرية وحتى الفولكلورية، وهذا يرتبط بمسألة المس الحضاري بامتداد جذور الأمة الى أعماق التاريخ .. وقبل يومين في 26/8/2007 رابطت قوات أمريكية وعميلة حول المكتبة الوطنية العراقية ووضعت يدها عليها، وهو ما أطلق أصوات العراقيين الغيارى لاستصراخ من يهتمون بمثل تلك الرموز!

كل هذا الإيذاء النفسي للشخصية العربية والإمعان في تفتيتها ودفعها للاستسلام، جعل المشهد الخارجي وكأنه أصبح بحكم الواقع والقدر المحتوم، حتى خفتت أصوات المرجوجين والمهزوزين من أبناء الأمة ..

لكن بالمقابل، وإن كنا قد سلطنا الضوء على جانب الربح في السياسة الأمريكية بالمنطقة وما قتلت من كوادر قيادية على صعيد السياسة والفكر والعلم وغيره .. فإن ما يبقى في المشهد من بواعث لخسارة المشروع الأمريكي لن تقل أهمية عن مظاهر الربح ..

وهذا ما سنتناوله في المرة القادمة ..
__________________
ابن حوران