عرض مشاركة مفردة
  #34  
قديم 28-03-2007, 05:15 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

ليبيا :

الحكم العثماني 1554ـ 1911

نزل القائد العثماني البحري (درغوث باشا) على شواطئ طرابلس وحررها من فرسان مالطة، ثم قام بتوحيد أقاليم ليبيا الثلاثة، (برقة وفزان و طرابلس) بعد أن بقيت منفصلة لسنين طويلة، وتوفي (درغوث باشا) عام 1565 ودفن بليبيا. وعاد الأتراك الذين تقبلهم الليبيون بالبداية لرابطة الدين، إلا أنهم مالوا الى العنف فحكموا البلاد بالحديد والنار وحاولوا كما هي سياستهم في المشرق، بتتريك الشعب وجعله ينسى لغته الأصلية ..

ثار الشعب الليبي عدة ثورات، أهمها انتفاضة (غريان) غرب البلاد قرب الحدود التونسية، وكان ذلك في بدايات القرن السابع عشر، إلا أن تلك الانتفاضة كما غيرها قمعت ببطش شديد .. وفي عام 1710 عين الباب العالي واليا اسمه (أحمد باشا القرمانلي)، سرعان ما انفصل هذا الوالي عن الباب العالي فأصبح الحكم محصورا بعائلة القرمانلي .. التي كانت تدفع جزءا من الأموال التي تجبيها من الشعب الليبي لقاء سكوت الباب العالي عنها، وكأنها تضمنت بستانا أو مزرعة .. وبقيت ليبيا تحت حكم عائلة القرمانلي لسنة 1835.. وإن كانت تركيا قد عينت واليا اسمه (علي برغل) عام 1793، إلا أنه لم يصمد أمام عائلة القرمانلي .. التي اشتهرت ببطشها وذبحها أبناء ليبيا الذين قدموا قوافل من الشهداء برصاص الأتراك ..

وقد تجاوزت تلك العائلة نهب الشعب الليبي وخيراته، بل كانت تحمله أعباء ديونها التي كانت تقترضها من فرنسا لتصرف بها على شؤونها اللاهية، وهي نفس الفترة التي كان سلاطين الدولة العثمانية يقترضون بها القروض الخارجية لبذخهم ولهوهم، والتي أدت الى ضعف الدولة العثمانية .. كما تحمل الشعب الليبي تبعات التصدي للعدوان الأمريكي في سنوات 1801و 1805 و1815 التي كان يحدث بعد أن يسطو قراصنة مأجورين لعائلة القرمانلي على السفن الأمريكية ..

انتبهت الدولة العثمانية في الثلث الأول من القرن التاسع عشر الى موضوع الفساد وانحلال الأداء في إدارة الولايات، خصوصا بعد أن تم احتلال الجزائر، فأرسلت وزير دفاعها على رأس حملة الى ليبيا، فاعتقل الحاكم (علي القرمانلي)

كانت الانتفاضات تتم في مختلف مناطق ليبيا، عدا منطقة سرت (برقة) التي كانت تحت قيادة الشيخ (محمد بن علي السنوسي) مؤسس الطريقة الدينية السنوسية، وكان هذا الشيخ الذي ولد في (مستغانم) بالجزائر عام 1787، قد تلقى تعليمه في مسقط رأسه، ثم ذهب الى جامعة القرويين في فاس بالمغرب، كما أنه قضى عدة سنوات في مكة بعد أداء فريضة الحج، ثم التحق بجامع الأزهر، وذهب الى (برقة) ليؤسس عام 1843 أول نواة للطريقة السنوسية. وذهب الى واحة (جغبوب) ليؤسس نواة أخرى، ولتصبح تلك النواة (جغبوب) مقرا له ومركزا للطريقة السنوسية .. وبعد وفاته عام 1859 خلفه ابنه الشيخ محمد المهدي الذي نقل المقر الى (الجوف) في واحة (الكفرة) .. وحولها الى طريقة دينية عسكرية، التف حوله رجال القبائل.. وبعد موت الشيخ محمد المهدي عام 1901 خلفه ابن عمه محمد الشريف السنوسي ..

الاحتلال الإيطالي 1911ـ 1943

كان التنافس بين فرنسا وبريطانيا، يدفع البريطانيين الى التعاون مع الطليان، كما حدث هذا الشيء معهم في إثيوبيا و الصومال ودول القرن الإفريقي.. وكانت إيطاليا تعد العدة منذ عام 1887 عندما تفاهمت مع بريطانيا والنمسا على صيانة مصالحهم المشتركة في البحر المتوسط .. وقد تفاهمت مع ألمانيا فيما بعد، لتجلس مع فرنسا وترسم معها حدود نفوذها .. ولذلك احتلت إيطاليا ليبيا عام 1911، لتحتل فرنسا المغرب عام 1912..

ورغم انتصار إيطاليا على الوحدات العسكرية التركية، فإنها لم تحسب حساب لردة فعل الشعب الليبي الذي هب للذود عن حياضه، وقد ارتكبت إيطاليا في بداية احتلالها لقمع الثورات ضدها، جرائم هائلة إذ قتلت 20ألف مواطن وذبحت عائلات بأكملها وشنقت 1000 مجاهد، وكان ذلك بمدة وجيزة، ولكن الشعب الليبي لم ينثن فقد استمر بمقاومته، وكان من أهم المعارك التي خاضها الشعب الليبي وانتصر بها معركة خُردَبية (قصر بو هادي) بقيادة الأبطال محمد الشريف وأخوه صفي الدين و رمضان السويحلي في 29/4/1915.. ولم تمض سنة حتى استعاد الثوار أغلب المناطق باستثناء طرابلس و الخمس وزوارة .. وإزاء الخسائر المتتالية للطليان هبت بريطانيا وفرنسا لمساعدتهم في محاربة الوطنيين ولجأت الى تقسيمهم وتفتيتهم من خلال الاعتراف بقسم وطلب مساعدته في محاربة الآخرين من الوطنيين، لقاء الاعتراف به كحاكم إقليمي، كالذي فعلته مع محمد إدريس السنوسي، إذ اعترفت به حاكما على (بُرقة) .. مقابل محاربته الثوار مثل رمضان السويحلي و احمد المريد و عبد النبي بالخير وغيرهم..

وفي عام 1922 تراجعت إيطاليا عن دعم إدريس السنوسي الذي غادر الى القاهرة، فواصلت الجماهير الليبية جهادها ومقاومتها للاستعمار الإيطالي بقيادة الزعيم الوطني والبطل الخالد (عمر المختار) .. الذي أذاق الإيطاليين الأمرين خلال تسعة سنوات مع رفاقه الميامين أمثال يوسف أبو رحيل و عثمان الشاوي وغيرهم، حتى جرح في أحد المعارك وتم أسره وإعدامه في 16/9/1931.

وبعدها شدد المحتلون أساليب همجيتهم في قتل الليبيين حتى وصل ما تم استشهاده قبل عام 1934 حوالي 150ألف شهيد .. وضاعفوا من هجرات الطليان الى الضفة الأخرى من البحر المتوسط فاستولى المهاجرون على 800ألف هكتار من الأراضي الزراعية الليبية .. وبقيت الأحوال هكذا لعام 1943 عندما انكسرت إيطاليا بالحرب العالمية الثانية ..

ليبيا تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي

تصرفت بريطانيا وفرنسا كدول منتصرة في الحرب العالمية الثانية، فتقاسمت ليبيا كغنائم حرب خسرتها إيطاليا، فأخذت بريطانيا (طرابلس وبرقة) في حين أخذت فرنسا إقليم (فزان) .. وطبقت كل دولة قوانينها على ما أخذت، وادعت أنها تدير مستعمرات إيطاليا، في حين كانت تقيم القواعد والمطارات وغيرها..

النضال من أجل الاستقلال

وضعت ليبيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تحت إشراف الأمم المتحدة. في حين عرف الليبيون بحسهم الوطني وتجاربهم الطويلة، أن الاستعمار خرج من الباب ودخل من الشباك .. فقاوم ونظم نفسه وشكل هيئاته الوطنية من جمعيات وأحزاب وجبهات وكتل، مثل جمعية عمر المختار وجبهة الوحدة الوطنية، وحزب الاستقلال و غيرها .. وأصدرت صحف مثل الفجر والاستقلال وطرابلس الغرب، وغيرها .. وكانت تتابع عن كثب ما يرسمه الغرب وترفضه رفضا قاطعا، وفي عام 1947 تأسس (المجلس الوطني لتحرير ليبيا) في القاهرة ..

وفي أيار/مايو 1949 قررت الأمم المتحدة فرض الحماية البريطانية على إقليم برقة والحماية الإيطالية على طرابلس والحماية الفرنسية على فزان.. فخرجت المظاهرات الصاخبة المدوية منذ الساعات الأولى في كل ليبيا .. فقررت الأمم المتحدة منح ليبيا الموحدة الاستقلال في 21/11/1949 .. فعادت بريطانيا للمناورة والالتفاف على القرار.. ولكن الجماهيرية الليبية أجربت المحتلين على منح ليبيا استقلالها في 24/12/1951..

انتهى
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس