عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 12-12-2006, 01:11 AM
محمد العاني محمد العاني غير متصل
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,514
إفتراضي

ما أن وصلنا إلى ساحة اللقاء و هي نقطة نهاية الطريق الدولي بين عمان و بغداد حتى شاهدنا نقطة تفتيشٍ للشرطة العراقية و معهم اشخاصٌ ملثمون كل ملابسهم سوداء ولا يظهر منهم إلا عيونهم. و سواءً كان معهم اشخاصٌ ملثمون أو لا، فإن احتمال أن يكون هؤلاء الشرطة هم جيش المهدي هو احتمال كبير جداً. فإن جيش المهدي لم يعُد ميليشيا تابعة لمقتدى الصدر، بل اصبحت الشرطة العراقية هي جيش المهدي.
ساحة اللقاء كان قد بناها صدام حسين ليُدفن تحتها الشهيد محمد الدرّة و تكون بشكل العلم العراقي و العلم الفلسطيني ملتفّان على بعضهما و تحتهما يكون القبر، إلا أن هذا لم يحدُث. أما الآن، فقد صارت الساحة نقطة التقاءٍ بين منطقة حي الإشكان الشيعي و حي المنصور السني. و عندما تكون المنطقة سنّية مئة في المئة أو شيعية مئة في المئة يعيش الناس بصورةٍ أفضل لأن لا نزاع في المنطقة هذه إلا عندما تُهاجمهم قوات الظلام (جيش المهدي).
استوقفتنا نقطة التفتيش التابعة لجيش المهدي المغلفة برداء الشرطة. سألونا من أين جئنا فأخبرهم السائق انا جئنا من عمان فطلبوا هوياتنا. فأعطى الجميع هوياتهم و أنا لم أعطِ هويتي، بل أعطيت جواز السفر. فطلبوا مني هويتي فأخبرتهم أني لا املكها بل أحمل معي جواز السفر فقط.ربما تتسائلون لماذا فعلت ذلك. فعلت ذلك لأن جوازات السفر العراقية و منذ سنواتٍ عديدةٍ لا يُكتب فيها اسم العائلة، فبالتالي لا يمكن أن تعرف أن هذا الشخص سنّي أو شيعي.
ثارت ثائرة أحد الملثمين عندما أخبرته أني لا املك هويتي، فقرأ إسمي و لم يفهم منه أني سنّي أو شيعي فطلب مني ان أترجل من السيارة. بدأت أحشائي بالإرتجاف مع دقات قلبي المتسارعة إلا أني كنت أتصنع الهدوء. طلب مني أن أجثو على ركبتي و أضع يدي خلف رأسي ففعلت ذلك دون أن أنبس بكلمة...أحسست بفوهة المسدس خلف رأسي. بدأت افكر في ابنتي الصغيرة ذات الأشهر الخمسة التي لم ارها منذ اكثر من ثلاثة أشهر و زوجتي و كيف أنها ستُصدم بخبر موتي.
صاح بي الملثم و هو خلفي:"لكي تخلّص نفسك من الموت عليك أن تسبّ أبو بكر و عُمر و عثمان"
صمتت..
فصاح مرّة ثانيةً:"هل أنت سنّي ****** ؟؟"
فتحركت شفتاي أخيراً..
و كل ما خرج من شفتيّ هو:"أشهدُ أن لا إله إلا الله..و أشهد أن مُحمداً ..."
فقاطعني شخصٌ آخر من الشرطة مخاطباً الملثم الذي كان يهمّ بقتلي:"أنظر يا ابا حيدر، هؤلاء الإثنان من الـ***** السنّة"..
فتركني الملثم و ركض إلى السيارة و سحبهما من السيارة و هو يسبّهما و يلعن الصحابة رضوان الله عليهم و أنا لا استطيع الحركة. سحبهما من السيارة و رماهما على الأرض و أخذ يسألهما عن مسقط رأسهما. مشى السائق نحوي و ساعدني على النهوض عن الأرض و همس في اذني:"اركب في السيارة ولا تنبس بكلمة".
بعد الكثير من الصراخ قرر الملثم أبو حيدر أن يأخذهما معه لا أعلم إلى أين، ولكني للحظةٍ تخيّلت أجسامهما و هي تُثقّب بالمثاقب (دريل) و يُعذبون بقلع عيونهم و أظافرهم و يُتركون ليموتوا وهم ينزفون.
أخذهم ابو حيدر إلى إحدى سيارات الشرطة و ركب معه اربعة من الملثمين و ابتعدوا بالسيارة قبل أن نستطيع استيعاب ما حصل. ركب السائق السيارة و تحركنا باتجاه حي المنصور حيث مسكن أهل زوجتي الذي زوجتي و ابنتي موجودتان فيه.


يُـتـبــع...
__________________


أنا عندي من الأسى جبلُ
يتمشى معي و ينتقلُ
أنا عندي و إن خبا أملُ
جذوةٌ في الفؤاد تشتعلُ
الرد مع إقتباس