الموضوع: العقول الواعية
عرض مشاركة مفردة
  #18  
قديم 14-08-2001, 09:33 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Lightbulb

يأبى البعض إلا المكابرة، وليتهم يكابرون فيما يعلمون، وليتهم كذلك يقصدون الحق فيخطئون خطأ من بذل الجهد فأخطأ، إلا أنهم يدخلون منازل الحوار بدون امتلاك آلياته، وبرأي مسبق فيه حكم واضح بأنهم على الحق والآخَر على الباطل، وفي أحسن الأحوال –لو أحسنا الظن بهم وبمقاصدهم- فهم يريدون لهذا الآخَر أن يرى ما يرون مما يظنونه حقاً.
وزميلنا المحاور لم يخرج للأسف حتى الآن عن تناول الأمور بشكلياتها دون أن يمس شيئاً من حقائقها.
ولذلك أقول، وبالله التوفيق:

يقول الزميل: (الملاحظة الأولى: أرى إن الحوار الدائر حالياً غير واضح وغير محدد المعالم. فهو متشتت كثيراً بين مسألة الإمام المهدي ومسألة تفسير القرآن ومسألة النزاعات في البيت الشيعي ومسألة أصل تسمية الإمامية و و و و . فلا يبدو لي بأن هناك موضوعاً محدّداً للنقاش، وهنا أتسائل هل تشتت الموضوع يفيدنا في الوصول إلى غايتنا من الحوار؟ أليس من الأفضل النقاش في نقطة معينة ثم الانتقال إلى نقطة أخرى عند الانتهاء منها)؟
أقول: الأمر لم يكن حواراً منذ بدئه، وإنما أبديت ملاحظات حول ما أثاره كتاب (لله ثم للتاريخ) والحساسية المفرطة التي أصابتك منه، وتحريضك على المشاركين، دون أن تتناول أي شيء من مضمون الكتاب، وهكذا كان موقف (المراجع العظام) وجهوا شتائمهم ولعناتهم على الكاتب، دون أن يتعرضوا لمضمونه، كما فعلوا من قبل مع الشيخ/ أحمد الكاتب، ومع الشيد/ موسى الموسوي، ومع الشيخ/ الخالصي، ومع السيد/ محمد حسين فضل الله. فالحوار –إن كان ثمة حوار- فهو من طرفك، دخلت علينا دون أن ندعوك، ومع ذلك التزمنا ما ألزمتنا به، فجاءت ردودنا بعد أول مداخلة لنا أعلاه بحسب ما كان يرد من جانبك من أسئلة أو ردود أو شبهات، فإذا أردت حصر موضوع –الحوار- كما تسميه بمسألة محددة فأنت وذاك، إن كان لنا به علم أجبنا، وإن لم يكن اعتذرنا وتركنا من يعلم يجيب، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

يقول: (الملاحظة الثانية: وأرى أيضاً إن الحوار بدأ يفقد هدوءه، وأصبح مثل المباراة التي يحاول كل طرف فيها كسب النقاط على حساب الآخر. ولا شك إن مثل هذا الحوار لا فائدة منه، ولا يخدمنا في الوصول للحقيقة. لذا أنا أدعوك وأدعو نفسي قبلك، بأن نحافظ على الروح الإسلامية في الحوار، فالخلاف لا يفسد للود قضية، ولا داعي لتجهيل الآخر ومهاجمته وانتقاده انتقادًا غير بناء).
أقول: مضمون هذه الملاحظة صحيح، والأمر عندك وفي ساحتك، فقد تعاليت حتى تعاميت، واتهمت حتى لم تترك مجالاً لوسطية أو اعتدال. وما زلت تستخدم من العبارات ما يعزز موقف التصلب الذي تدعي براءتك منه. ولعلك أقدر مني على التقاط كلماتك التي تدعو نفسك وغيرك إلى تجنبها. ورحم الله امرأ علّم نفسه قبل أن يعلم الناس.


يقول الزميل: (أرجو منك أن تكف عن استخدام مصطلح (المتاولة) للتحدث عن الإمامية قبل أن تثبت صحة هذه التسمية. وإن أصريت على ذلك فاسمح لي أن أصر أيضاً على تسمية أهل السنة والجماعة بالحشوية العامة).
أقول: لم أسمهم أنا، بل هم سموا أنفسهم، ورأوا فيها اشتقاقاً من (الولاية) لأنهم في زعمهم يولون الإمام علياً (رضي الله عنه) وبهذا الاسم وقع ممثلوهم المعاهدات مع الصليبيين (سابقاً) ومع الدول الأوروبية في إنشاء نظام المتصرفية في جبل لبنان (بعد حوادث 1986م) وبه يعرفون في جنوب لبنان والبقاع والهرمل. فإذذا كان لك رجاء أو طلب فاكتب إلى (المراجع العظام) ليأمروهم بالكف عن هذا. وأما أن تسمي أهل السنة والجماعة بالحشوية، فهذا لا يخرج عن أسلوبك قيد أنملة ولا جديد فيه، ومراجعك العظام هكذا يسمونهم، وفي الكتب المتداولة يسمونهم (العامة) ولا يعنون بهم (الجمهور) وإنما يعنون ما جاد به قلمك وأفاض ورشح مما فيه. وللأسف إطلاق الألقاب والمسميات لا يغير شيئاً من الحقائق، ومصطلح أهل السنة والجماعة لفظ ظهر عقب ظهور الفرق وتسمية كل فرقة لنفسها باسم يميزها عن المسلمين، وإنما نحن أهل الإسلام لا نعرف لنا اسما غيره، وكتابنا هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ورسولنا هو السول الخاتم (صلى الله عليه وسلم) الذي لا نبي بعده، لا بالاسم ولا بالصفة، والذي اختتم به الوحي، والذي لم يسرّ لأحد بعلمه كتمه عن غيره، والذي خلفه الصديق أبو بكر (رضي الله عنه) والفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله) وذو النورين عثمان بن عفان (رضي الله عنه) وأسد الله الغالب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وريحانة النبي (صلى الله عليه وسلم) الحسن بن علي (رضي الله عنه) ثم معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنهما) برضى من الحسن وبيعة منه ورضا من المسلمين وبيعة منهم، النبي الأمي الطاهر الزكي الذي ترك فينا كتاب الله وسنته الشريفة، هؤلاء نحن، حيث نكون تجد معنا كل الأمم والفرق ينعمون بما ننعم به، لأننا نؤمن بحق الغير في عيش كريم، ولكن العكس غير صحيح، حتى المساجد منعوا علينا لإقامتها في إيران (المسلمة) بعدما صارت تحكم باسم الغائب الموهوم.

يقول الزميل: (وكما تعلم يا أخي فلا يوجد في البحرين (وإن وجد فبنسب قليلة) فرق شيعية غير الإمامية، لذلك لا أستطيع أن أبرر لك شيئاً لا أعلم مدى صحته. ولا أستطيع الإقرار بأنه لا يوجد تعايش بين الإمامية والزيدية أو الإسماعيلية).
أقول: معرفة ذلك لا تحتاج منك أن تعيش في كل مكان في العالم لتعلم أيتعايشون أم يتنافرون، وأنت –بسم الله ما شاء الله- تعرف كل شاردة وواردة في التاريخ، حتى إنك لتؤمن بولادة (الغائب الموهوم)، وكأنك شهدتها، وتؤمن بعدالة (المراجع العظام) وتنزههم ولم ترَ جلّهم وإنما سمعت عنهم سماعاً، وتحكم على خال المؤمنين معاوية وكأنك كنت في عصره، ولك أحكام على المسلمين نتمنى أن تبرأ منها قبل أن تقف بين يدي العزيز القهار، ومع ذلك تأتي هنا لتبدي التذلل للحقيقة، والتواضع أمام المعرفة، وكأنك موضوعي لا تعرف الانحياز لتقول إنك لا تستطيع أن تحكم قبل أن ترى لأنه لا يوجد في البحرين فرق شيعية غير المتاولة!

يقول الزميل: (أحداث جدحفص (وليس جد فاحص) يريد الأخ صلاح الدين بالتكلّم عن أحداث جدحفص أن يوهمنا ويوهم نفسه قبل ذلك، بأن ما حدث من أحداث مأساوية في جدحفص هو انعكاس لصورة التشيّع والعلاقات التي تربط الشيعة بعضهم ببعض. ولا أدري ما الذي يريده من اتباع سبل اليهود والنصارى في البحث عن أي خلاف أو اختلاف ليتخذه وسيلةً للتهجم واحتساب نقطة ضد الآخر.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "رحم الله امرئ انشغل بعيوبه عن عيوب الناس"
وهل تريد أن أذكرك بكثرة الخلافات والنزاعات عند أهل السنة والجماعة؟ خاصةً بعد دعوة محمد عبد الوهاب؟ هل تريد أن أذكرك بنزاعات الأزهر ونجد؟ هل تريد أن أذكرك بدعاوى التكفير التي يصدرها أهل السنة والجماعة ضد بعضهم البعض (وهذه الخيام خير دليل عليها!)؟ هل تريد أن أخبرك عن نزاعات الجمعيات الإسلامية السنية في البحرين؟ و هل وهل وهل ....
إن أردنا التحدث عن الخلافات والنزاعات السنية، فإن أحداث جدحفص لا تساوي شيءً بالموازنة معها. لذا أرجو منك ألا تحاول الاصطياد في المياه العكرة. وألا تحاول النيل من الوحدة الوطنية لأهل البحرين، وليكن بعلمك بأنه رغم وجود شيء من التقصير من قبل العلماء، ولكن هذا لا يعني أن نلقي كامل اللوم عليهم فيما جرى، وإن كنت من البحرين، فلا شك إنك تعلم المساعي التي جرت وتجري من قبل العلماء لإصلاح الموقف، وتعلم كيف أثبت العلماء بأنهم قدر المسئولية وأنهم قادرين على إنقاذ الموقف بما يخدم الجميع. ملاحظة: الاحتكاكات لم تحدث بين المعممين كما يزعم صلاح الدين، إنما وقعت بين أتباعهم).
أقول: يكفينا منك شهادة على موضوعيتك وأسلوبك العلمي وابتعادك عن الاستفزاز عباراتك التالية –لا فض فوك-: [يوهمنا، اتباع سبل اليهود والنصارى، الاصطياد في المياه العكرة] ولو أعملت عقلك قليلاً لفهمت أن المسألة برمتها خارج النقاش، وكانت إجابة على جواب لك سابق لسؤال لي سابق عن التطابق بينك وبين أسعد الأسعد، يومها كان جوابك أن المتاولة متفقون إلى درجة التطابق، فأوردت لك الموضوع، وهو أمر لا يهمني لا من قريب ولا من بعيد، لأن المذابح التي وقعت بين (حزب الله) وحركة (أمل) في لبنان لم تقتصر على مسلح ولا امرأة ولا طفل ولا معمم، وإنما طالت الوطن كله، ووقع فيها من الأبرياء من عجز عن الوصول إليهم العدو الإسرائيلي، وتقاتل أبناء الطائفة بما شمّت بهم اليهود والنصارى، وكان المسلمون الذين يسرك تسميتهم بالعامة وبالحشوية هم المتألمون الذين بادروا لوأد الفتنة لأن خسارة الأمة أشد على أنفسهم من اقتتال فريقين من أجل مصالح حزبية وشخصية وعائلية.
أما المسلمون فلم يدعوا قط أنهم متطابقون، بل إن تعددية الرأي والاجتهاد العلمي وأسلوب التعبير هي منهجهم، وهم يؤمنون بأن التعدد رحمة، وأن التنوع سنة الله في خلقه، ولذلك تراهم يتناقشون ويتصايحون ويتضاربون ويتقاتلون، ولا يخرجهم هذا عن كونهم مسلمين، واقرأ إذا شئت قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} والصحيح من تفسير أهل العلم لها، لتفهم فلسفة التعددية والاختلاف حتى لو وصل الأمر إلى حد التقاتل، وهذه طبيعة البشر.
وبالمناسبة: انقل ما شئت من خلاف الأزهر وأهل نجد، وانقل ما شئت من أقوال الفقهاء ببعضهم البعض، وانقل ما شئت من أحداث الخلاف بين المسلمين، فالأمر لا يغير شيئاً من الواقع، كانت الفتنة وما زالت ولن تزول، المشكلة أنك ادعيت التطابق داخل جماعتك (وأوهمتنا) أنك (واهم) بوحدة (المتاولة) ثم أثارك نقل واقعة واحدة، ونحن لم ندع التطابق لأن التطابق أكذوبة لا علاقة لها بسنن الله في خلقه، ولا المعروف من ممارسة الناس مسلمين وغير مسلمين.

يقول الزميل: (اتهامات باطلة: المؤسسة الفلانية تعمل كذا - المرجع الفلاني يقول كذا - والمعمم الفلاني يفعل كذا - والشيخ الفلاني لا يهمه إلا كذا - والعلاقات بين المعممين ليست إلا بزنس
ووووووو - متى ستكف عن هذه الاتهامات العوجاء؟ هل مثل هذه الاتهامات تفيد أمة الإسلام بشيء؟ أرجو أن تفتح بصيرتك، وأطلب منك ثانيةً أن تنظر إلى أحوال علماء أهل السنة والجماعة قبل أن تتكلم, ولا أريد أن أتكلم عن أي أحد منهم، فأنا على علم تام بأنه يمنع في هذه الخيام التكلم حتى عن البعض القليل من علماء السنة الذي يسيئون إلى صورة التسنن. ولو لم يكن ذلك ممنوعاً لتكلمت مطولاً عن العلاقة التي تربط علماء السعودية بآل سعود وباليهود. لذا لا يحق لك التكلم عن علماء الشيعة بسوء ما دمت لا أتستطيع التكلم عن أي من علماء أهل السنة والجماعة بالحق).
أقول: للمرة الثانية أدعوك إلى التقاط ما سقط منك من ألفاظ لا علاقة لها بالموضوعية والعلمية التي تدعيها. والاتهامات تكون باطلة عندما تكون مفتراة لا أصل لها، وجل ما دعوتك إليه أن تسمع منهم ومن أتباعهم لا مني. ولكن حبهم أعماك، وهكذا الحب كالبغض، يعمي ويصم. ولعلك نسيت قول الخميني في مطلع الثورة محذراً من رجال الدين الفاسدين (رجل السافاك عندي أشرف من رجل دين فاسد) أم أنك تقبل منه ما لا تقبله من غيره، وبذلك تتضح معالم موضوعيتك يا الزميل!
وهل نسيت ما هو واقع حسين المنتظري بعدما كان (أمل الإمام وأمل الأمة) أم أنك لا تقرأ ما يثار حوله بشكل غير منقطع فيما يسمى (صحافة المحافظين) في إيران! على كل الأحوال أكرر لك القول: قل ما شئت وانقل ما شئت، فإننا ولله الحمد لا نعتقد العصمة بأحد بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولا يأكل علماؤنا (الصالحون والفاسدون) أموال الناس بالباطل تحت عنوان الخمس والحقوق الشرعية، ولا يستبيحون فروج المسلمات تحت عنوان المتعة المحرّمة بالكتاب والسنة والإجماع، ولا يوغرون صدور المسلمين على بعضهم تحت عنوان (يا لثارات الحسين)، ولا يلعنون في أدعيتهم أحداً، ولا يتركون القرآن ويقبلون على أي كتاب لأي كان حتى لو كان للشريف الرضي. قل عنهم ما شئت، وكبّار المجوس اتهموا أم المؤمنين عائشة، وقذفوا أبا بكر وعمر وعثمان، وزوروا التاريخ فادعوا أن زوجات عثمان ليستا ابنتي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإنما هما ربيبتاه ابنتا خديجة من زواج سابق، وأن علياً لم يصهر عمراً، ومثل هذا الخلط كثير. لا يهم ما ستتهم ولا ما ستختلق ولا ما ستسوقه من حقائق، فما قرأناه في كتب القوم، وما سمعناه من معمميهم أكثر بكثير مما تتصور يتصوره كل حرّ فيه بقية من دين أو جذوة من كرامة.

يقول الزميل: (العلاقة الالكترونية: ما كنت أقصده عندما تكلمت عن العلاقة الالكترونية والعلاقة الشخصية، بأنه إذا كانت تربط بيننا علاقة شخصية بأن أعرفك وأعرف مدى صدقك وأمانتك، فإن هذا يؤهلني لتصديق ما تقوله دون دليل. أما على شبكة الإنترنت، فالكلام بدون دليل لا يفيد.
أما أن تصدق بأنني بحريني أم لا، فهذا راجع إليك ولا يؤثر إن صدقت ذلك أم لا. فالمهم هو ما أطرحه من مادة علمية).
سبحان الله، أهكذا هي الموضوعية عندك! وأنت تصدق من لا تعرف بأمور الغيب والعقيدة على السماع لا المشاهدة، لأنهم قادة ملتك وشعار فرقتك! ولم أطلب منك تصديقي قط، وإنما طلبت منك أن تتحقق من التيجاني (الذي اهتدى بعد ضلال) نفسه، واضرب بقولي عرض الحائط.

يقول الزميل: (سفراء المهدي - إن أردت التكلم عن مسألة سفراء المهدي، وحقيقتهم وإثبات اتصالهم به، فأنا مستعد لذلك، ولكن يجب أن يكون ذلك في موضوع منفصل، لما يحويه الموضوع من تعقيدات كثيرة. وأما اللقاء، فتوجد روايات كثيرة وقصص عديدة تحكي عن التقاء بعض الشيعة به، وبعض هذه الرويات والقصص ضعيفة سنداً، وبعضها ثابتة وصحيحة. وإن كان يغويك ما يكتبه أحمد الكاتب فأنصحك أن تقرأ كتاب العلامة السيد سامي البدري، شبهات و ردود ( في الرد على شبهات أحمد الكاتب). وإن شئت أرسلت لك نسخة الكترونية من الكتاب عبر البريد الالكتروني، أو دليتك على موقع لتنزيل الكتاب).
أقول: لا يستهويني أمر الخرافات والخزعبلات التي يستهوي بها الروضخانات السذج من الناس. فلا تتعب نفسك بالحديث عن هؤلاء السفراء، وعندي من هذه الكتب وأمثالها حمل بعير، قرأتها منذ نعومة أظفاري، وسمعتها من أفواه رجال الأعمال (عفواً أقصد رجال الدين) على مدار ثلاثة عقود تامة، وما زلت أسمعها وقد انتشرت اليوم مع وسائل النقل الحديثة فصارت في كاسيتات وفيديوات وسيديات وشبكات ألكترونية، وملأت الآفاق، ولكنها لا تغير شيئاً من الحقائق، وأجد متعة في تتبع مثل هؤلاء وهم يسحرون عقول الناس، وكلما سمعت شريطاً منها حمدت الله تعالى أن هداني للإسلام وأبعد عني زيف الشيطان، من الإنس والجان، ولو اطلعتَ على ما يدعيه نصارى اليوم لاسيما الفرق الأصولية عما مشاهدة المسيح وآثاره وكلامه معهم وتنبؤه لهم وشفاؤه، وما يدعيه اليهود عن رؤية رموزهم الدينيين من السالفين وبشاراتهم لهم بالنصر والسؤدد على العالمين لعرفت من الذي ينتهج سبيل اليهود والنصارى في خزعبلاته وتوهماته، يا الموضوعي يا المؤدب.
وأرحب بكتاب المستبصر/ سامي البدري، وكنت قد قرأت بعض ردوده عند أحد الاخوة، ولم أتمكن من الحصول على نسخة خاصة بي، وما قرأته كان من أوائل ما كتب في الرد على أحمد الكاتب. ليتك تدلني على موقع تحميله. فمن منهجيتي أن أقرأ لصاحب العلاقة ولا أقرأ لمن رد عليه.
ولا أخفيك أن عبارتك (وإن كان يغويك ما يكتبه أحمد الكاتب فأنصحك أن تقرأ كتاب العلامة السيد سامي البدري) منسجمة تمام الإنسجام مع منهجيتك العلمية الموضوعية التي تحترم عقل المخاطب وعقول السامعين.

يقول الزميل: (بحراني مثله!! إن كنت تقصد بكلمة "بحراني" المعنى اللغوي (وهي التسمية الصحيحة لمن يعيش على أرض البحرين)، فأنا بحراني نعم. وأما إن كنت تقصد "بحراني" بالمعنى البغيض الذي أولده الاستعمار في البحرين، حين وضع تسمية "بحريني" للسنة، و"بحراني" للطائفة الشيعة في البحرين. فأنا لست ممن ينطبق عليهم هذه التسمية. فأنا ممن يسمون بالبحرين بالعجم، وهم البحرينيين من أصول إيرانية).
أقول: بل قصدت المعنى الأول، بأنك من أهل البحرين. ونحن المسلمين نؤمن بقوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} ونؤمن بقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (ليست العربية من أحدنا بأب أو أم إنما العربية اللسان، من تكلم العربية فهو عربي) أو كمال قال (صلى الله عليه وسلم).

يقول الزميل: (تفسيرات غريبة - شخصياً لا أدرى مدى صحة انتساب العالمين الذين ذكرتهما إلى الشيعة الإمامية. فقد يكونان من متطرفة الإخبارية كنعمة الله الجزائري)!!
أقول: ربما كان القول ما قلته من كونهما من متطرفي الإخباريين، وهما على الأرجح كذلك. ومن الأمانة أن أقول: إن جل ما جاء في جوابك نقلاً عن الكتب المذكورة أصوله عند ابن عباس والطبري والقرطبي والزمخشري، وبعضهم صرح بالنقل عنهم والبعض لم يصرح، وأنت تعلم أن الطبرسي وشبّر من أكثر القوم اعتدالاً، وتفسير السيد/ محمد حسين فضل الله ينحو منحى الكتابة (الرسالية) (الحركية) فيبتعد عن إثارة كثير من مسائل الخلاف.

وفي الختام أتساءل بالتالي:
1) لِمَ اكتفى كل الذين تعرّضوا لكتابه (لله ثم للتاريخ) وأمثاله من الكتب إلى تسفيه قائله، وإنكار وجوده، ولم يتعرضوا لتبيان وجه اعتقادهم في مفردات مضمونه؟ فالكاتب يقول إنهم يلعنون الصحابة، ويتهمون أمهات المؤمنين، ويستبيحون التمتع بالصغيرة، إلخ.. فأين الحقيقة كما يراها الرادّون عليه، ولم لم يبينوا أنهم يحترمون الصحابة (رضي الله عنهم) ويجلّون أمهات المؤمنين (رضي الله عنهن) وأنهم يحرمون ما حرم الله من صيغ النكاح الجاهلي كالمتعة وغيرها؟

2) في المكتبة الإسلامية المكتوبة بأيدي المسلمين من الأزهريين والنجديين والشاميين والباكستانيين والأتراك وغيرهم، مئات الكتب في فضائل بني هاشم، فأين الكتب التي كتبها (المتاولة والإمامية والجعفرية والاثني عشرية) في فضائل الصحابة وأمهات المؤمنين؟ من هو المعمم الذي نشر شريطاً واحداً، أو ألقى محاضرة واحدة في فضائل الصحابة (رضي الله عنهم) الذين التفوا حول النبي (صلى الله عليه وسلم) في ساعة العسرة ونصروا الدين بأنفسهم وأموالهم وأهليهم وذكرهم الله في كتابه؟ بل هم لا يلفظون أسماءهم، وإنما يقولون (الخليفة الأول) (الخليفة الثاني) بينما لا يتحرجون من ذكر أسماء شاهات فارس وملوكها بالأسماء. تراهم يركزون على الزهراء (رضي الله عنها) وكأنها يتيمة مقطوعة من شجرة ليس لها أخوات، ويركزون على مصاهرة النبي (صلى الله عليه وسلم) لعليّ وكأنه الصهر الوحيد، وكأن بنات النبي الأخريات لا وجود لهن؟

3) هل سمع أحد منكم بمعمم واحد من القوم المذكورين يتصدى لمتطرفي الشيخية أو يتعرّض للروايات التاريخية المزوّرة التي تختلق الماء العكر ولا تكتفي بالصيد فيه، وآخر التأصيل للتفرقة وتعميق الهوة إنشاء حسينيات (في أكثر من بلد) باسم (ابن فاطمة) ويقصدون به (محسناً) (الشهيد الموهوم) الذي ادعوا أن عمر (رضي الله عنه) قد أسقطه بعدوانه على الزهراء (رضي الله عنها)، وكان السيد/ محمد حسين فضل الله قد ردّ الرواية ونفى صحته فقامت عليه (دنياهم) ولم تقعد بعد، وكتب المستبصر/ سامي البدري في فضل الله ما لم يكتبه مالك في الخمر!

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك/22]