عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 07-06-2006, 03:06 PM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

إن إمارة عشرة تفعل بصاحبها الأفاعيل ، فكيف بإمارة جماعة كبيرة أو جبهة بأكلمها !! إن الإنسان العاقل لا تطمئن نفسه أبدا أن يلقى الله بعمله – كما كان حال أبي بكر وعمر – فكيف بمن يلقى الله بعمل آخرين !!

إن في القيادة فوائد كثيرة ، فالناس لا بد لهم من قيادة ، وكل من تقدم الناس نحو هدف يكون قائدهم إليه ، ولكن القيادة الإسلامية ليست بهذه البساطة ، فهي قيادة الناس إلى أهداف سامية ، وهي أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة ، وليست القيادة الإسلامية أن يأمر القائد فيطاع ، فهذه ليست المعنية بالآيات والأحاديث الكثيرة ، قال عليه الصلاة السلام "إقامة حد من حدود الله خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله" (حسنه الألباني في صحيح الجامع) ..

إن حكم الله مغيب في الأرض ، ومن أعظم واجبات القيادة الإسلامية اليوم – بعد نشر التوحيد - : العمل على تحكيم شرع الله في الأرض ، وصد أعداء الله عن بلاد الإسلام ، وإرجاع الناس إلى دينهم وتعليمهم أحكامه ، فمن قاد الناس لهذا وصدَقهم فهو "قائد مسلم" ، ومن كان هدفه حطام الدنيا والذكر والإستبداد بالأمر فقد خاب وخسر وضاع وأضاع من حوله ..

إن من أعظم الوسائل التي توصل المسلمين إلى أهدافهم السامية هي : معرفة الله حق المعرفة وإفراده بالعبادة ، ثم تحكيم شرعه وتعليم الناس شريعته ، ومن لم يفعل هذا من القيادات فقد غش أتباعه ، وقد قال عليه الصلاة والسلام "أيما راع غش رعيته فهو في النار" (صححه الألباني في صحيح الجامع) ، وقال عليه الصلاة والسلام "ما من أمير يلي المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح ، إلا لم يدخل معهم الجنة" (رواه مسلم) ..

على القائد المسلم أن يبحث عن مصلحة المسلمين ويأتي ما يحقق أهداف الإسلام في الأرض ، ولا تستطيع جماعة بعينا اليوم أن تقوم بهذا العبئ الثقيل منفردة وقد اجتمع الكفار – عربهم وعجمهم – على حرب الإسلام ، فلا بد لكل قائد مسلم أن يدرك هذا جيدا وينصح للمسلمين ولا يغشهم ويمنيهم الأماني ، فإن هذا من تضييع الأمانة ، وقد أخذ بيعة المسلمين بكتاب الله ، فلا بد أن يأتمر بأمر الله حتى تكون ولايته كاملة ناضجة ناصحة خالصة لله ..

لقد أمرنا الله بالإعتصام بكتابه وأن نكون صفا واحداً ويداً واحدة على من سوانا ، فالأعداء قد اجتمعوا علينا مع تشتتت قلوبهم في ما بينهم ، ونحن المأمورون بالوحدة والمأمورون بإذلال أنفسنا للمؤمنين وخفض الجناح لهم وأن نكون رحماء في ما بيننا : نتناحر ونختلف ونأبى أن ننضوي تحت راية واحدة وقد أمرنا الله بذلك ، والواقع يحتم علينا فعله !!

ليس أمر التنازل عن القيادة سهلا على النفس البشرية ، ولكن الأمر يحتاج إلى إيمان أبي بكر وسمو عمر وأمانة أبي عبيدة وتجرد علي وزهد عثمان وعقل ابن عوف ، رضي الله عن الجميع .. الأمر يحتاج إلى صدق مع الله ، ثم صدق مع النفس ، وصدق مع المسلمين ، ولا يلقّاها إلا أصحاب الهمم العالية والنفوس الأبية ، ولقد ضرب لنا إخواننا المجاهدون في أفغانستان أعظم العبر لمن يعتبر ، وكم غبطنا الأمير "قلب الدين حكمتيار" على موقفه السامي الرشيد الذي ينبئ عن عظمة وعقل وحسن إدراك للواقع ، وقد كان في أعيننا أميرا فأصبح اليوم سيدا وأميرا ، ومن تواضع لله رفعه ..

كم فرح المسلمون بمجلس شورى المجاهدين في العراق ، وما أجمل وأعظم وأعقل هذه القيادات التي سمت بنفسها عن الدنيا وأبت إلا القطوف الدانية ، نسأل الله لهم الفردوس الأعلى ، قال اللَّه تعالى {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين}. (القصص : 83) ،..

ليس سيد الناس من يستبد برأيه ويعلن تفرده ويشذ عن إخوانه ويفرق جمع المسلمين ، ولكن سيد الناس من يُعمل عقله ويعمَل لمصلحة الأمة ويجمع شتات الناس ويوحد كلمتهم ، ولذلك كان الحسن بن علي رضي الله عنهما "سيداً" ، وتحقيقه قوله صلى الله عليه وسلم "إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" (صحيح : صحيح الجامع) ، فلما أصلح ما بين الناس وجمع كلمتهم صار سيدا للمسلمين رضي الله عنه وعن أبيه .. ‌
لقد جعل الله سبحانه وتعالى للقيادة في القرآن صفات منها : البسطة في العلم والجسم والقوة في الحق والأمانة والقدرة والدراية ، فمن كان هذا شأنه فليقد الناس إلى خير الدنيا والآخرة ، وإلا فلا يتقدم ولْيكن في الجيش جنديا من جنود الإسلام لا يعرفه الناس ، يلقى الله وليس عليه وزر غيره ..

إن القيادة العامة لا يصلح لها كل الناس ، ولا يقدر عليها أكثر الناس ، فهي تحتاج إلى العقلاء من أهل العلم والدراية بالشرع والسياسة مع حلم وأناة وشدة من غير ظلم ولين من غير ضعف ، وقيادة الجبهات تحتاج إلى أهل الفطنة والدهاء والبأس والشدة من المتمرسين على الحروب من أهل الإقدام والمكر والحيلة ، وليست لسابقة أو قرابة أو عرق أو قطرية هنا موضع ، وإنما هي : الكفاءة والقدرة والقوة ، فمن رأى من هو أقدر منه وأصلح فعليه تقديم مصلحة المسلمين ..

إن الله لما أمرنا بالإعتصام بحبله وعدم التفرّق : بيّن لنا مغبّة عدم الإمتثال لهذا الأمر الخطير ، فقال سبحانه {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال : 46) فطاعة الله ورسوله في توحيد الصفوف ، والتنازع والتخالف والفرقة أسباب حتمية للفشل وذهاب القوة وغياب النُّصرة التي لا تأتي إلا بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ..

أيها المجاهدون ..

اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واجتمعوا تحت راية واحدة وقيادة واحدة وكونوا صفا واحدا وبنيانا مرصوصاً :

يا أهل العراق اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ..
يا أهل أفغانستان اعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا ..
يا أهل الشيشان اعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا ..
يا أهل فلسطين اعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا ..
يا أهل كشمير اعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا ..

يا من حمل لواء الإسلام وقاتل من أجل ربه ودينه : تعاضد وتكاتف مع إخوانك المجاهدين ولا تختلف معهم وانظر أي الرايات الإسلامية أقوى وأنكى في العدو وادخل تحتها بإسم الإعتصام بحبل الله والوحدة الشرعية ليكتمل بناء السد الإيماني في وجه جحافل الكفر والطغيان .. إن الذي حمل لواء الحق ليقيم دولة الإسلام في الأرض ويجمع شمل المسلمين هو أحق الناس بالتكاتف والتعاضد والتوحد مع إخوانه المجاهدين في الثغور ..

اللهم وحّد صفوف المسلمين واجعلهم إخوة متحابين ولا تجعل في قلوبهم غل للذين آمنوا ..
اللهم أصلح ذات بينهم واجمع شملهم واجعل نكايتهم في عدوهم ورد عنهم كيد الكائدين ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..


كتبه
حسين بن محمود
11 جمادى الأولى 1427هـ
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)