د. أسامة عريقات - لماذا يعاني بوش من ضعف الذاكرة؟
سيرجي كورساكوف طبيب اعصاب روسي (1854 ـ 1900) اكتشف مرضا سمي باسمه يصيب خلايا المخ عند مدمني الخمور وتظهر اعراضه بعد سنوات طويلة حتى بعد توقف المدمن وتستمر هذه الاعراض في التزايد على المدى البعيد حتى نهاية عمره ومن هذه الاعراض ضعف الذاكرة وتفتتها وعدم القدرة على استيعاب معلومات جديدة وعدم القدرة على استرجاع المعلومات السابقة.
كذلك ضعف القدرة على التقدير ومن ثم اتخاذ القرار والتشوش العقلي وضعف المهارات العقلية والشخصية وينتج عن ضعف الذاكرة وجود فراغات او تجاويف بين مكوناتها هذه التجاويف يملؤها المريض بمعلومات مفبركة وهمية من خياله هو وليست لها علاقة بالواقع وهو ما يسمى بالتلفيق Comfabalation وهي السمة البارزة عند المصابين بهذا المرض والاهم من ذلك هو تكرار هذه المعلومات الملفقة بإصرار يوحي بالثقة والمصداقية مع انها مفبركة والمصيبة ان المريض لا يكترث ولايدرك ان ذاكرته «خراب» وان بين احضان «الخرف».
السيد بوش هو الرئيس الحالي رقم 43 للولايات المتحدة الاميركية ولد في 6 يوليو عام 1946 وظل حتى تجاوز الخامسة والثلاثين من عمره شابا لاهيا عابثا كسولا معاقرا للخمر بإدمان شديد يعترف بوش نفسه في رواية لقصة حياته لبعض الصحف وانقلها من كتاب هيكل «الامبراطورية الاميركية والاغارة على العراق» ص 167 «ان ثروة العائلة وحياته بين تكساس (حيث مصالح الاسرة) وبين واشنطن التي قصد اليها والده بحثا عن فرص سياسية تحققت له وصلت به الى حد الادمان الشديد على شرب الخمر نهارا وليلا وكان ذلك يضايق زوجته «لورا» ويسبب لها حرجا شديدا داخل بيت الزوجية وخارجه، فلم يكن يمر أسبوع إلا ودورية بوليس تستوقفه وتسحب منه رخصة قيادته لأنه يقود سيارته مسرعا ومخمورا. ووصل الحال ببعض النوادي في تكساس إلى حد منعه من دخولها لأن كل مرة يدخلها يثير خناقة.
ثم جاء اليوم الذي تحول فيه من شاب لاه عابث سكير إلى مؤمن شديد الإيمان بعقيدته شديد الولاء لكنيسته. يقول «ليلتها شربت كما لم أشرب من قبل وفقدت وعيي وحملوني إلى غرفة نومي لا أشعر بشيء حتى ظهر اليوم التالي استيقظت على صداع مروع وذهبت إلى الحمام مترنحا لا أقوى على المشي ورأيت صورتي في المرآة وأحسست بما يشبه نزول صاعقة».
اكتشفت أمام المرأة أنهم عندما حملوني إلى غرفة نومي ارتميت على سريري بملابسي التي كنت أرتديها وكانت شديدة القذارة لأنني كما أدركت أفرغت كل ما في جوفي على سريري وملابسي قبل أن تخمد حواسي وتغيب.
وتحسست وجهي بيدي أمام المرآة وإذا بيدي متسخة ببقايا القيء التي لطخت وجهي وجفت أثناء نومي وأصابني منظرها في المرآة أمامي بقشعريرة هزت كياني وأعدت النظر إلى صورتي ووجدتني أسأل المرآة قائلا: دوبيا.. دوبيا ماذا فعلت بنفسك؟ ـ دوبيا هو اسم الدلع للسيد بوش ـ ورحت أصرخ أمام المرآة أعاهد الله ونفسي أن ذلك لن يتكرر بعد الآن ولم تصدقني لورا باديء الأمر وظننته تأثير «لحظة» المرآة، وأنني بعد أيام عائد إلى ما أدمنت عليه وكذلك أيضا قالتها والدتي، لكني أثبت للجميع أنها توبة بلا عودة وولادة جديدة لنفسي ولأسرتي ولروح السيد المسيح في قلبي.
وهكذا كانت ولادة بوش الجديدة، لكن الذي لم يدركه السيد بوش ولم يستطع رؤيته في المرآة هو بذور الكورساكوف التي ولدت في خلايا مخه لتنمو مع الايام وتترعرع مستقلة عن التوبة والاسرة والولاء للكنيسة.
دخل بوش البيت الابيض رئيسا لاول مرة في يناير 2001 وعمره 55 سنة اي بعد 20 سنة من توبته وولادته الجديدة امام المرآة خلال هذه الفترة اينعت ثمار الكورساكوف في خلايا المخ ونضجت التجاويف في الذاكرة واصبحت جاهزة لان تصب فيها المعلومات الملفقة سواء منه او من فريق المحافظين الجدد من حوله وقضى الرجل الشهور الاولى في البيت الابيض لا يقنع احدا سواء من فريق الحكم او المراقبين واصبح مثارا للنقد والسخرية خاصة عندما اخذ اجازة لمدة شهر اغسطس 2001 لم يمض عليه في البيت الابيض سوى 6 شهور ووقعت الواقعة في سبتبر 2001 واصيب الرجل بالفزع والهلع وظل هاربا شاردا بطائرته بين المطارات والقواعد الاميركية لمدة 10 ساعات والاسرة خاصة والدته تصيح به ان يعود الى واشنطن. اما صيحة بوش الاولى على الواقعة فكانت انهم اعلنوا الحرب علينا ولا بد ان نذهب الى قتالهم، من هم؟ واين؟ لا جواب ثم بدأ التلفيق الارهاب الاسلامي الحرب الصليبية وكان غزو افغانستان، واستمر التلفيق ان في العراق اسلحة الدمار الشامل ، نشر الديمقراطية، الشرق الاوسط الجديد، وكان غزو العراق رغم الاحتجاجات والمظاهرات المليونية لكنه الكورساكوف. وتفحم العراق بشرا وحجرا وعادت صناديق الجثث الى اميركا ورغم هذا يردد الرجل نفس المزاعم الارهاب الديمقراطية انه الكورساكوف، رد الاميركان بنفض ايديهم عن حزبه وسياساته وظهرت نتائج الانتخابات في غير صالحه ولا يزال الرجل يمشي واثق الخطى بجواره جرو معدوم الابعاد مجهول الدلالة، ويردد نفس المزاعم الارهاب الاسلامي الفاشستي تحول البيت الابيض في ايامه الى وكر اسود يؤمن بعض الاراذل من ساستنا وحكامنا ولا يعرفونه انه الكورساكوف الذي اوقع بوش في «فشوش» الناس عندنا ما زالت تحلم بالعلاج في اميركا ورأس اميركا في حاجة الى لجنة طبية.