عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 14-03-2005, 09:14 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي أهمية صيانة العلاقات مع جيران العرب

أهمية صيانة العلاقة مع جيران العرب

يقولون بالأمثال ( الجار قبل الدار ) و قد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالجار حتى السابع . وفي النضال السري يحرص المناضل على إدامة العلاقات الطيبة مع الجيران ، ليكونوا له سندا ومنفذا للهرب ممن يلاحقونه ، وحتى لا يوشي به الجيران .


وللعرب كأمة جيران كثر فمنهم الأتراك ومنهم الفرس ومنهم الأفارقة ، وكنا نرى ان قوة العرب تظهر عندما تكون علاقاتهم طيبة مع جيرانهم ، منذ الفينيقيين ومرورا بزنوبيا ، وانتهاء بعهد عبد الناصر ، وعندما كان العرب ، حملة رسالة الاسلام يحسنون علاقاتهم مع جيرانهم كنا نرى دخول شعوب الجوار وجوار الجوار يدخلون بالإسلام حتى وصلوا جنوب شرق آسيا وجنوب شرق إفريقيا وبلا حرب .


أما موطن العرب الأصلي الذي هو في جغرافيته الحالية ، فقد عانى ما عانى في العصر الراهن من مشاكل مع الجوار مما اسهم بشكل او بآخر من تفريخ مشاكل كان ممكن تجاوزها لو تم إدارة العلاقات مع الجوار بشكل أفضل ، ولا يمكن ان يخلو الجوار من خيرين وكيوسين يحلمون هم الآخرون بمصلحة أوطانهم بطريقة طيبة كالتي يفكر بها أبناء العروبة .

لقد أوجد الفكر القطري تمارين بين أقطار الأمة العربية ، جعلتهم يتمادوا في الإساءة لجيرانهم العرب الآخرين فنجد أي خلاف سياسي بين قطرين عربيين يستنفر الكتاب والمثقفين في كيل التهم والشتائم لابناء قطر عربي آخر مما عمق من الروح القطرية والتجزئة وساهم في صناعة مزاج قطري عام يستبعد تحقيق الوحدة او تطوير العلاقات الاقتصادية والأمنية التي تفتح آفاقا على التوجه للوحدة .


ان هذه التمارين السيئة بين أقطار العرب أنفسهم ، جعلت التفكير بتنمية العلاقات مع الجيران بوضع غير مطروح للتفكير او للدراسة من قبل المؤسسات الاقتصادية والسياسية . فلم يتم الاستفادة من عمق الجوار لتحصين الأمة و ممتلكاتها .

ولما كانت الأمة ووطنها العربي الكبير تعتبر مخزنا للذاكرة الجماعية العالمية حيث انطلقت منها كل عناصر الحضارات العالمية ودياناتها ، فانها كانت وستكون في صلب تفكير أي مخطط ستراتيجي في العالم ، وعندما يضع المخطط الاستراتيجي خططه يضع جيران الأمة في صلب خططه ، ليكونوا سندا يسهل اختراق الحدود مترامية الأطراف .


وقد تكون حجج من يفلسفوا تسفيه إعطاء أهمية لتلك العلاقات لها ما يبررها في وقت ولكن تجد لكل حجة حجة مضادة . ففي ندوة للعلاقات العربية الإيرانية عقدت في الدوحة عام 1992 ، أقامها مركز دراسات الوحدة العربية ، تكلم إيراني كان اسمه ينتهي بالموسوي قائلا وهو يخاطب العرب ( لا تربوا أولادكم على كره الفرس ، فانتم حكمتم الأندلس ثمانية قرون لا يوجد فيها من يذكر الله ورسوله ، وحكمتمونا ثلاث وتسعون عاما ، ونحن الآن من الدول التي تعتبر هامة في الدفاع عن الاسلام ، وهذا ان دل على شيء يدل على استعداد أمتينا للتلاقح الروحي ) . وهي وجهة نظر ، تلتقي مع عتاب الأتراك عندما جاء على لسان دكتورة مشاركة في ندوة لمناقشة العلاقات العربية التركية ، أقامها ايضا مركز دراسات الوحدة العربية في حلب بعد سنة من ندوة الدوحة . اذا قالت المفكرة التركية ، أنكم ( للعرب ) تشيرون باستمرار في أدبياتكم على أننا احتلينا بلادكم حوالي خمسة قرون ... لماذا لا تقولوا أننا عطلنا دخول المستعمرين الى بلادكم خمسة قرون !!) .


إننا نرى ان العلاقات مع الجوار لا تأخذ شكل التراشق الأزلي بين جار وجاره بالشتائم والغمز وسوء الإدارة الا اذا كان أحد أطرافها العرب ، ففي كل العالم حدثت احتلال دولة لدولة وحروب بين الجوار لكننا نكاد ننساها اذا ما رأينا حجم التعاون والتناغم في الأداء الجماعي بين تلك الدول المتجاورة عالميا ، حتى أننا عندما نتحدث عنها نتحدث بالجملة وليس بالمفرق .


ان تلك الأشكال من التعاون التي تحدث في العالم ـ عدانا ـ ليس بها من المقومات البنيوية الأساسية عشر ما لدينا نحن وجيراننا ، لنحاول التدرب على التوقف عن إهانة بعضنا البعض في داخل القطر الواحد لكي نرتقي لتمرين عدم الاستخفاف باخوتنا في الأقطار العربية الأخرى ومن ثم نجد سبيلا لتنمية علاقاتنا مع الجوار . فديننا سمح وجذورنا بالأصالة متوغلة في القدم فلنتعامل مع الآخرين كفرسان نبلاء .
__________________
ابن حوران