عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 05-06-2006, 07:33 AM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
إفتراضي

وقال الشاطبي رحمه الله:
(حين تكون الفِرقة تدعو إلى ضلالتها، وتزينها في قلوب العوام، ومن لا علم عنده؛ فإن ضرر هؤلاء على المسلمين كضرر إبليس، وهم من شياطين الإنس؛ فلا بد من التصريح بأنهم من أهل البدع والضلالة، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت الشهود على أنهم منهم .
فمثل هؤلاء لابد من ذكرهم، والتشريد بهم؛ لأن ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تُرِكوا أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير منهم؛ إذا كان سبب ترك التعيين والخوف من التفرق والعداوة .
ولا شك أن التفرق بين المسلمين، وبين الداعين إلى البدعة وحدهم إذا أقيم عليهم أسهل من التفرق بين المسلمين وبين الداعين، ومن شايعهم واتبعهم .
وإذا تعارض الضرران فالمرتكب أخفهما وأسهلهما، وبعض الشر أهون من جميعه، كقطع اليد المتآكلة؛ إتلافها أسهل من إتلاف النفس.
وهذا حكم الشرع أبداً، يطرح حكم الأخف وقاية من الأثقل)
[الاعتصام للشاطبي 2/228-229]

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(وأما الشخص المعين فيذكر ما فيه من الشر في مواضع:
... ومنها أن يكون على وجه النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم، كما في الحديث عن فاطمة بنت قيس، لما استشارت النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تنكح، وقالت إنه خطبني معاوية وأبو جهم، فقال: ((أما معاوية، فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم، فرجل ضراب للنساء)) وروي ((لا يضع عصاه عن عاتقه)) فبين لها أن هذا فقير قد يعجز عن حقك، وهذا يؤذيك بالضرب، وكان هذا نصحا لها، وإن تضمن ذكر عيب الخاطب.
وفى معنى هذا، نصح الرجل فيمن يعامله ومن يوكله ويوصى إليه ومن يستشهده، بل ومن يتحاكم إليه، وأمثال ذلك.
وإذا كان هذا في مصلحة خاصة، فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق عموم المسلمين من الأمراء، والحكام، والشهود، والعمال أهل الديوان، وغيرهم!، فلا ريب أن النصح في ذلك أعظم، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((الدين النصيحة، الدين النصيحة)) قالوا: لمن يا رسول الله ؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم)) ، وقد قالوا لعمر بن الخطاب في أهل الشورى أمّر فلاناً وفلاناً، فجعل يذكر في حق كل واحد من الستة - وهم أفضل الأمة - أمراً جعله مانعاً له من تعيينه.
وإذا كان النصح واجباً في المصالح الدينية، الخاصة والعامة، مثل نقلة الحديث الذين يغلطون أو يكذبون كما قال يحيى بن سعيد: (سألت مالكاً، والثوري، والليث بن سعد - أظنه -، والأوزاعي، عن الرجل يتهم في الحديث أو لا يحفظ، فقالوا: بَيِّن أمره)، وقال بعضهم لأحمد بن حنبل: (إنه يثقل علىَّ أن أقول فلان كذا وفلان كذا) فقال: (إذا سكتَّ أنت، وسكتُّ أنا، فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم؟!).
ومثل أئمة البدع، من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: (الرجل يصوم، ويصلى، ويعتكف، أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف، فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع، فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل)، فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله، ودينه، ومنهاجه، وشرعته، ودفع بغى هؤلاء وعدوانهم على ذلك، واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء، لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعاً، وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء ...
فلا بد من التحذير من تلك البدع وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم، بل ولو لم يكن قد تلقّوا تلك البدعة عن منافق، لكن قالوها ظانين أنَّها هدى وأنَّه خير، وأنَّها دين ولم تكن كذلك لوجب بيان حالها) ا.هـ
[مجموع الفتاوى 28/229-233]

وقال أيضاً رحمه الله:
(لهذا لم يكن للمعلن بالبدع والفجور غيبة، كما روي ذلك عن الحسن البصري وغيره؛ لأنه لما أعلن ذلك، استحق عقوبة المسلمين له، وأدنى ذلك أن يذم عليه لينزجر، ويكف الناس عنه وعن مخالطته، ولو لم يذم ويذكر بما فيه من الفجور والمعصية أو البدعة، لاغتر به الناس، وربما حمل بعضهم على أن يرتكب ما هو عليه، ويزداد –أيضًا- هو جرأة وفجوراً ومعاصي، فإذا ذكر بما فيه انكف، وانكف غيره عن ذلك، وعن صحبته ومخالطته، قال الحسن البصري ‏:‏ (أترغبون عن ذكر الفاجر‏؟‏ اذكروه بما فيه كي يحذره الناس)، وقد روي مرفوعًا، و‏‏الفجور‏‏: اسم جامع لكل متجاهر بمعصية، أو كلام قبيح يدل السامع له على فجور قلب قائله‏.‏
ولهذا كان مستحقاً للهجر إذا أعلن بدعة، أو معصية، أو فجوراً، أو تهتكاً، أو مخالطة لمن هذا حاله، بحيث لا يبالي بطعن الناس عليه، فإن هجْره نوع تعزير له، فإذا أعلن السيئات، أعلن هجره، وإذا أسر، أسر هجره، إذ الهجرة هي الهجرة على السيئات، وهجرة السيئات هجرة ما نهى الله عنه، كما قال تعالى: ((وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)) [المدّثر: 5]، وقال تعالى: ((وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً)) [المزّمِّل: 10]، وقال: ((وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ)) [النساء: 140]) ‏ ا.هـ
[مجموع الفتاوى 15/268]

وروى الدارقطني بإسناده في مقدمة كتاب (الضعفاء والمتروكين) عن محمد بن يوسف قال: (كان سفيان الثوري يقول: فلان ضعيف، وفلان قوي، وفلان خذوا عنه، وفلان لا تأخذوا عنه، وكان لا يرى ذلك غيبة)
[مقدمة كتاب: "الضعفاء والمتروكين" للدار قطني، تحقيق: الصباغ: ص 13]

وروى الإمام اللالكائي عن ”عاصم الأحول قال: (قال قتادة: يا أحول، إن الرجل إذا ابتدع بدعة، ينبغي لها أن تذكر حتى تحذر).
وعن إبراهيم قال: (ليس لصاحب البدعة غيبة).
وعن الحسن البصري قال: (ثلاثة ليست لهم حرمة في الغيبة، أحدهم صاحب بدعة الغالي ببدعته).
وعنه أيضاً قال: (ليس لصاحب بدعة ولا لفاسق يعلن بفسقه غيبة).
وعنه أيضاً قال: (ليس لأهل البدع غيبة).“
[اعتقاد أهل السنة للالكائي 1/135-144]

وقال ابن الجوزي عن الإمام أحمد: (وقد كان الإمام أحمد بن حنبل لشدة تمسكه بالسنّة ونهيه عن البدعة يتكلم في جماعة من الأخيار إذا صدر منهم ما يخالف السنّة، وكلامه ذلك محمول على النصيحة للدين)
[مناقب الإمام أحمد 253]

وقال الإمام أحمد: (لا غيبة لأصحاب البدع)
[طبقات الحنابلة ( 2/274)]

وقال القاضي أبي الحسن الزرويلي رحمه الله: (فإن قيل: قد نهي عن الغيبة، ولِمَ تغتابوهم؟
فالجواب: أن نقول لا غيبة فيهم إذا ذكروا في حال بدعتهم وزيغهم، بل الخائض فيهم مأجور، ليقع الحذر منهم ومن مذهبهم الفاسد ... وإنما الغيبة إذا ذكروا بشيء من أبدانهم، وأما بدعتهم فلا)
[من رسالة (بعض القواعد والفوائد السلفية من رسالة لعلي الزرويلي [ت:719 هـ] في ذمّ البدعة وأهلها) للأخ خالد الظَفيري ص:237-238]

وقال الإمام ابن أبي زمنين رحمه الله: (ولم يـزل أهل السنة يعيبون أهل الأهواء المضلة، وينهون عـن مجالستهم، ويخوفون فتنتهم، ويخبرون بخلاقهم، ولا يرون ذلك غيبـة لـهم، ولا طعناً عليهم)
[أصول السنة ( ص: 293 )]

وقال أبو صالح الفراء: (حكيت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئاً من أمر الفتن، فقال: ذاك يشبه أستاذه - يعني: الحسن بن حي-، فقلت ليوسف: ما تخاف أن تكون هذه غيبة ؟ فقال: لم يا أحمق! أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم، أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتتبعهم أوزارهم، ومن أطراهم كان أضر عليهم)
[السير 7/364]

وقال بشر الحارث: (كان زائدة يجلس في المسجد يحذر الناس من ابن حي وأصحابه)، قال الذهبي في ابن حي: (مع جلالته وإمامته، كان فيه خارجية)
[تذكرة الحفاظ (1/216)]

وقد جمع أحدهم مواضع جواز الغيبة الستة في بيتين:

القـدح ليس بغيبـة في ستـة #### متظلـم ومعـّرف ومحـذّر
ومجاهر فسقـاً ومستفت ومن #### طلب الإعانـة في إزالة منكر
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية