[العنود النبطيه]

وطــن
برسم البيع

في الصباح...بدأت أبحث عن بضع دراهم في جيوبي...فلم أجد سوى الثقوب التي
حفرتها تلك السياسة ...ووسعت مدارها هذه الايام...فكيف سأمضي نهاري؟ …كيف أذهب الى جامعتي وانا بلا عمل..ولا أملك حتى ثمن تذكرة الباص.. هذا هو البلد..ماشي الحال...ماشي الدين..ماشي الفقر

فتشت بين كتبي ..ربما أجد كتابا يمكن ان أبدله برغيف خبز من
الخباز...فالتبادل التجاري بيننا مشروع شرعي وضروري ..كي لا أموت من
الجوع..الى ان يأتي فرج الله لكن الكتب ليست صالحة للبيع ونحن في
عصر "السي دي"..

فكرت ان أبيع أثاث المنزل..لكن المنزل وأثاثه بحالة رهن منذ زمن ولا
يكفي ان البيت مرهون...فالحي مرهون..والمدينة مرهونة ...والبلد على
الاقل مديون

وجدتها…سأبيع صوري صور الطفولة ...أخذتها عند جارنا المصور...لكنه رفض ان يشتري حتى الماضي ...لم أيأس...وذهبت الى جارتنا التي تدعي بان لديها أصدقاء من الجن ...فاذا بها هي الاخرى ترفض ان تشتري مستقبلي..فحسب قولها مستقبلي ليس ملكي حتى مستقبلي تجرأوا على امتلاكه وبيعه لمن يشاؤون

ماذا أبيع اذا ...هل أبيع أعضائي؟…ومن سيشتري عيونا لم ترى الا القهر...او أرجل لم تطأ طريقا حضاريا...وآذانا لم تسمع الا الاكاذيب....
حتى باتت كقطعة خردة لا قيمة لها

لم يبق لي سوى هويتي.. كيف لم أفكر ببيعها من قبل..ذهبت بها الى كل السفارات ..ولم يشتريها مني احد...فمن يشتري هوية مواطن يعيش تحت وطأة سياسة اليأس والتيئيس وتساءلت عندها … ماذا يأكل بارني ..وماذا يشرب..وكيف ينام؟…بارني يتناول اللحم سبع مرات في اليوم…وأنا اتناوله مرة واحدة في الاسبوع…بارني يلتهم الشكولاته خمس مرات في اليوم..وأنا أتناوله مرة في الاسبوع..بارني يخضع لفحص طبي 30 مرة شهريا…وأنا أنعم به مرة واحدة كل ثلاثين يوما..ترى هل من الجائز بعد اليوم نعت فقراءنا بانهم يعيشون عيشة الكلاب في الصباح بكيت …واتخذت قراري ...سأسافر...ولكني سأعود يوما كي يكتب على صفحات التاريخ ..ان وطني كان ...برسم البيع

منقووول