السلام عليكم
أخي الحبيب مقبل،
أولا أرحب بك من جديد في بيتك و بين إخوتك
أما بعد، فقد فهمت من حديثك أخي الكريم رغبتك في الجهاد في سبيل الله، فهنيئا لك ما إخترت أخي و بارك الله فيك
ولكن أنا هنا أريد تذكيرك و تنبيهك بالآتي:
الله تعالى في محكم كتابه الكريم: “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين احسانا”.
فعلى كل ابن يرعى ربه ويعرف حقوقه ويؤدي التزاماته تجاه من قاما على رعايته وتربيته صغيرا الى ان اشتد عوده وشب على الطوق سالما قويا راسخ الخطوات، فمن أراد رضا خالقه فعليه ارضاء والديه ومن تطلع الى عفوه تعالى عليه طاعتهما، ومن بحث عن جنة المنعم المعز، يجب ألا يحيد عن رعايتهما والتذلل اليهما والرأفة بهما، والترحم عليهما ان توفاهما رب الجلال والاكرام. وطاعة الوالدين والبر بهما شاملة ولا تقتصر على أمر من دون آخر، كما لا تخضع لما يراه الولد لنفسه، بمعنى ان يرضخ لرأيهما فيما يريده، ويرفضه فيما لا يحبذه، فالتكليف الالهي برحمتهما وطاعتهما لا يقتصر على أمور محددة بل يتسع ليشمل كل شيء.
هذا عن برهم و ما أراك أخي إلا بارا مطيعا لهما
و أضيف،
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل احب الى الله؟ قال: “الصلاة على وقتها” قلت: ثم أي قال: “بر الوالدين” قلت: ثم أي؟ قال: “الجهاد في سبيل الله” رواه البخاري ومسلم، كما قال النووي رحمه الله “بر الوالدين اكبر من الجهاد”، وذكر الحافظ في الفتح قول جمهور العلماء: “يحرم الجهاد اذا منع الأبوان أو احدهما منه، بشرط ان يكونا مسلمين لأن برهما واجب، وان يكون الجهاد فرض كفاية، فإذا تعين الجهاد فلا اذن لهما، كما لو ان خطرا داهم ديار المسلمين، واطلق الامام النفير العام اذ يتعين على كل فرد ان يدافع عن ارضه وعرضه، وكذلك اذا تعين سفر واجب لتعلم فرض عين مثلا فلا اذن لهما اذا اذن الامام أو الخليفة.
ففي الصحيحين عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال له: “أحي والداك؟” قال: نعم يا رسول الله قال: “ففيهما فجاهد”.
وفي رواية ان رجلا جاء للجهاد فقال: يا رسول الله جئتك ووالداي يبكيان قال صلى الله عليه وسلم: “ارجع فأضحكهما كما ابكيتهما”.
وفي سند ابي يعلي ومعجم الطبراني الأوسط والصغير بسند جيد عن أنس ابن مالك رضي الله عنه ان رجلا من اليمن جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله أريد الجهاد ولا يتيسر لي. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “أحي والدتك؟” قال: نعم. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “فبرها واتق الله فيها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد”.
وفي خلافة عمر رضي الله عنه قصة من اعظم القصص، انها قصة رجل يدعى امية الكتابي وكان اعمى هاجر الى المدينة وسكنها، فوهب الله له ولدا فسماه كلابا، فلما كبر وترعرع سأل كبار الصحابة: ما هي افضل الأعمال التي يتقرب بها الى الله؟ فقالوا: الجهاد في سبيل الله. فرغب في الجهاد، فمنعه ابوه وقال: كيف تخرج وتتركنا شيخين كبيرين ليس لنا من يقوم بشؤوننا؟ فما زال بأبيه حتى اقنعه فسمح له. فخرج الى بلاد فارس واطال الغيبة عن ابيه وأمه، وبينما كان ابوه في يوم جالسا تحت ظل شجرة اذ سمع حمامة تنوح فتذكر ولده، وحن اليه وبكى حتى ابكى امرأته. وانشأ يقول:
لمن شيخان قد نشدا كلابا ** كتاب الله لو قيل الكتابا
تركت أباك مرعشة يداه ** وأمك ما تسيغ لها شرابا
فإنك والتماس الأجر بعدي ** كباغي الماء يلتمس الشرابا
ثم ذهب من عنده إلى عمر وألقى أمامه قصته فبكى عمر رضي الله عنه وسأله عن حاجته، ثم ارسل في طلب ولده. وفي يوم عودته ارسل عمر الى ابيه واسكنه غرفة، ثم امر كلابا ان يذهب فيحلب شاة. فلما اتى بإناء اللبن. اخذه عمر ووضعه بين يدي امية وقال: اشرب. فرفع الرجل الاناء فبكى. وقال: اني اجد في الاناء رائحة ولدي فأمر عمر الولد فدخل على ابيه، فأخذ الرجل يحتضن ولده ويشمه ويبكيان ويبكي عمر.
أما إن أصريت أخي الحبيب على أن تبيع نفسك لله، فعليك بإستئذانهما و إقناعهما بالأمر و أهميته و شفاعتك لهم إن شاء الله
و الله من وراء القصد و لا تنسى الاستخارة اخي في الله
و ثانيا أقول لك و لا أظن بأن ما سأقوله قد خفي عنك، و هو التثبت و التأكد من جماعتك
و ثالثا لا أرى إلا أن أدعي لك
اللهم أره الحق حقا و ارزقه اتباعه و أره الباطل باطلا و ارزقه اجتنابه
اللهم أره الحق حقا و ارزقه اتباعه و أره الباطل باطلا و ارزقه اجتنابه
اللهم أره الحق حقا و ارزقه اتباعه و أره الباطل باطلا و ارزقه اجتنابه
اللهم سدد رميه و أقم أمره و ثبت قدمه
اللهم انصره على أعدائك وابعد عنه شر الخونه وألق الرعب في قلوب أعدائه
اللهم حقق غايته اما النصر واما الشهادة في سبيلك
اللهم افتح على يديه و يدي من قاتل لأن تكون كلمة الله هي العليا
اللهم افتح على يديه و يدي من قاتل لأن تكون كلمة الله هي العليا
اللهم افتح على يديه و يدي من قاتل لأن تكون كلمة الله هي العليا
و السلام عليكم و رحمة الله