عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 03-04-2005, 05:17 PM
mohd_1954 mohd_1954 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
المشاركات: 98
إفتراضي

وبهذا تتوصل الجماعة بعد تحديد طريقتها في التفكير الشرعي إلى تحديد طريقها في العمل. وإلا تشعبت بها السبل، ولن يعبأ الله بمن تشعبت به السبل في أي وادٍ هلك.
والحزب أو الجماعة بعد أن تحدد مصادر ثقافتها وضوابطها، لا بد من أن تنتقل إلى تحديد هذه الثقافة على ضوء هذه المصادر والأصول التي تبنّتها.
فهي في بحثها المصادر والأصول تعمل على أن لا يختلط فهمها للشرع. وتعمل على أن تبعد كل ما لا يحافظ على نقاوة الوحي، وتعمل على عدم تأثير الهوى على فهم الشرع، وعلى عدم تحكم العقل بالتشريع. ولا يمكن البحث في ثقافة الجماعة من غير بحث المصادر والأصول التي تقوم عليها.
وبناء على ما تقدم يجب أن تنتقل هذه الجماعة إلى الواقع الذي تعيشه الأمة فتدرسه وتدرس ما فيه من أفكار ومشاعر وأنظمة، لمعرفة مدى تجاوب الناس وتقبلهم لهذه الأفكار ولهذه الأنظمة. فالأمة غزيت بالأفكار الكافرة التي صورها الكافر بأنها الدسم الذي تحتاج إليه لتستعيد به عافيتها. والأمة حكمت سياسياً بحكام نواطير نصبهم الكافر المستعمر على رقاب المسلمين ليتسلط بهم على خيرات الأمة، وليمنع بهم أي عمل مخلص يهدد مصالحه، ويشكل خطراً على استعماره. وحيث أن الكافر الغربي المستعمر يعي خطورة العمل الجماعي المنظم على بقائه وتركزه، بث في الواقع أفكاراً تنفر من العمل الجماعي أو الحزبي. وعمل بالمقابل على تشجيع الناس للقيام بالأعمال الجماعية الجزئية، والتي تعالج المشاكل الفرعية، من مثل الفقر وفساد الأخلاق. وكذلك فقد زعزع هذا الكافر الغربي ثقة المسلمين بدينهم أنه هو المعالجة الصحيحة الوحيدة لمشاكل الناس، حين فصل عند المسلمين عقيدتهم عن حياتهم، وألزمهم هذا الفصلَ ومنعهم من العمل على إلغائه، وهكذا. فعلى الحزب أو الجماعة أن تدرس الواقع وما فيه من أفكار ومشاعر وأنظمة دراسة عميقة دقيقة لتعرف على أي أرض تقف. وما هي طبيعة هذه الأرض، ولتعرف فيما بعد كيف تسير عليها، وما تحتاجه من معاول وآلات لتذليل عقباتها، وما تحتاج من أسمدة ومواد لتستعيد خصوبتها. فلا بد من فهم الواقع أولاً. وهذا بحد ذاته يشكل جزءاً مهماً من ثقافة الجماعة، لأن عليها أن تتبينه وأن تبينه لشبابها وللناس حتى لا يغفلوا عنه، وحتى يدركوا فيما بعد أهمية العلاج وصوابيته.
وبعد أن يتحدد الواقع الفكري والسياسي والاجتماعي الذي تعيشه الأمة تنتقل الجماعة إلى تبني الأفكار والآراء والأحكام الشرعية على ضوء الأصول والضوابط والمصادر الشرعية التي ذكرناها آنفاً، وتبين للناس ولشبابها الطريقة التي توصلت بها إلى هذه الأفكار والآراء والأحكام الشرعية، لأن من شأن ذلك أن يوجد القناعة والوعي والشخصية الإسلامية عند شباب الجماعة بشكل مركز، وعند الأمة بشكل عام.