عرض مشاركة مفردة
  #40  
قديم 05-03-2007, 08:07 PM
نواس2006 نواس2006 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2006
المشاركات: 123
إفتراضي الجبهة الإعلامية تقدم:: دُروسٌ في العَقِيدَة (مِنْهَاجٌ مُعَدٌّ للمُجَاهِدينَ) -9 -



دُروسٌ في العَقِيدَة
( مِنْهَاجٌ مُعَدٌّ للمُجَاهِدين في سبيل الله في أَرْضِ العِرَاق )

أعدّ هذه الدروس/ عبد العزيز بن محمّد العراقي

الدرس التاسع ( محرّم 1428 للهجرة )

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره . ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيّئات أعمالنا . مَن يهده الله فلا مُضلّ له ، ومَن يُضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله صلّى الله تعالى عليه وسلّم .أمّا بعد .
بيّنا في الدرس السابق معنى توحيد الإلهيّة والأصولَ العظيمة التي عليها مَدَارُه ، وذكرنا مسألة مهمّة جدّاً وهي أنّ التوحيد لا بُدَّ أنْ يكون بالقلب واللسان والعمل ، فإن اختلّ شيءٌ مِن هذا لم يكن الرجل مسلماً .
فإنْ عرف التوحيد ولم يعمل به ، فهو كافر معاند ، ككفر فرعون وإبليس وأمثالهما ...
فإنْ عمل بالتوحيد عملاً ظاهراً وهو لا يفهمه ، ولا يعتقده بِقلبه ، فهو منافق ، وهو شرٌّ مِن الكافر الخالص . ( إنّ المنافقين في الدَّرْك الأسفل مِن النار ) [ ألنساء : 145 ] .
وهذه المسألة مسألة كبيرة طويلة ، تتبيّن لك إذا تأَمَّلْتَها في ألْسِنة الناس ، ترى مَن يعرف الحقّ ويترك العمل به ، لِخَوف نقص دنيا ، أو جاه ، أو مداراة لأحَد . وترى مَن يعمل به ظاهراً لا باطناً ، فإذا سألْتَه عمّا يعتقده بِقلبه فإذا هو لا يعرفه .
هذا اختصار كلام الإمام محمّد بن عبد الوهّاب رحمه الله ، الذي ذكرناه في الدرس السابق .
فلا بُدَّ أنْ يكون التوحيد باللسان ، وبمعرفته وفهمه ، وبالاعتقاد الجازم والإقرار واليقين به ، وبالانقياد والعمل به ظاهراً وباطناً . فيكون بالقلب واللسان والعمل .
قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمّد بن عبد الوهّاب رحمه الله في ( تيسير العزيز الحميد ) ( 78 ) :
( فمَن قال هذه الكلمة [ يقصد كلمة التوحيد ـ لا إله إلا الله ـ ] عارفاً لِمعناها ، عاملاً بِمقتضاها ، مِن نفي الشرك وإثبات الوحدانيّة لله ، مع الاعتقاد الجازم لِما تضمّنته مِن ذلك والعمل به ، فهذا هو المسلم حقّاً .
فإنْ عمل به ظاهراً مِن غير اعتقاد فهو المنافق ، وإن عمل بِخلافها مِن الشرك فهو الكافر ولو قالها ، ألا ترى أنّ المنافقين يعملون بها ظاهراً وهم في الدرك الأسفل مِن النار ، واليهود يقولونها وهم على ما هم عليه مِن الشرك والكفر ، فلم تنفعهم ، وكذلك مَن ارتدّ عن الإسلام بإنكار شيءٍ مِن لوازمها وحقوقها ، فإنّها لا تنفعه ولو قالها مائة ألف ، فكذلك مَن يقولها ممّن يصرف أنواع العبادة لِغير الله ، كعُبّاد القبور والأصنام ، فلا تنفعهم ، ولا يدخلون في الحديث الذي جاء في فضلها وما أشبهه مِن الأحاديث ) .

النُّطقُ المُجَرَّد بكلمة التوحيد لا يكفي في حصول الإسلام ولا يعصم الدم والمال ولا ينفع شيئاً
ونعلمُ مِمّا سبق أنّ النطق المجرّد بكلمة التوحيد : ( لا إله إلا الله ) لا يكفي في حصول الإسلام حتى يأتيَ بشروطها . وقد تقدّم هذا واضحاً في كلام محمّد بن عبد الوهّاب وحفيده سليمان بن عبد الله رحمهما الله تعالى .
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمّد بن عبد الوهّاب رحمه الله في ( قرّة عيون الموحّدين ) ( 37ـ38 ) :
( وتقدّمَ أنّ ( لا إله إلا الله ) قد قُيّدتْ في الكتاب والسنّة بقيودٍ ثقال ، مِنها : العلم ، واليقين ، والإخلاص ، والصدق ، والمحبّة ، والقبول ، والانقياد ، والكفر بِما يُعبد مِن دون الله .
فإذا اجتمعتْ هذه القيود لِمَن قالها نفعته هذه الكلمة ، وإنْ لم تجتمع هذه لم تنفعه . والناس متفاوتون في العلم بها والعمل ، فمِنهم مَن ينفعه قولها ، ومِنهم مَن لا ينفعه كما لا يخفى ) .

ومِمّن لا ينفعه قولها : المنافقون ، الذين يقولونها بألسنتهم ، وهم كفّار في الدرك الأسفل مِن النار ، واليهود الذين يقولونها ولا تنفعهم شيئاً ، كما تقدم في كلام الشيخ سليمان ، وكذلك مَن يقولها ويُنكر شيئاً مِن لوازمها ومقتضياتها وحقوقها ، ومَن يقولها بلسانه وهو يصرف شيئاً مِن العبادة لِغير الله ، وكذلك ومَن يقولها ولا يأتي بشروطها التي قُيّدَتْ بها ، ومَن يقولها ولا يلتزم بأحكامها . ومَن يقولها ولا ينقاد ولا يعمل بها ، ومَن يقولها وينقضها بأيّ ناقض مِن نواقض الإسلام . وهكذا ...
فهل يقول عاقل إنّ أولئك ينفعهم قول : لا إله إلا الله ؟! ، وهل يقول عاقل إنّ هؤلاء مسلمون ، بسبب قولٍ مُجَرّدٍ باللسان ؟! فَلَوْ كان الأمر هكذا فما أسهله على مشركي قريش ، ولَبادروا إلى قولٍ مُجَرّدٍ باللسان مع بقائهم على الكفر والشرك ! ولكنّهم علموا أنّ هذه الكلمة لها شروطها التي تهدم دينهم الباطل مِن أصله .
قال الإمام محمّد بن عبد الوهّاب رحمه الله في ( كشف الشبهات ) في الردّ على هذه الشبهة وأمثالها :
( ويُقالُ أيضاً : هؤلاء أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قاتَلوا بني حنيفة ، وقد أسلموا مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، ويُصلّون ويُؤَذّنون ، فإنْ قال : إنّهم يقولون : إنّ مسيلمة نبيّ . قلنا : هذا هو المطلوب ، إذا كان مَن رفع رجلاً إلى رتبة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، كفرَ وحلَّ مالُه ودمُه ولم تنفعه الشهادتان ولا الصلاة ، فكيف بِمَن رفع شمسان أو يوسف أو صحابيّاً أو نبيّاً إلى مرتبة جبّار السموات والأرض ! سبحان الله ما أعظم شأنه ، ( كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون ) [ الروم : 59 ] .
ويُقالُ أيضاً : الذين حرّقهم عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه كلّهم يدّعون الإسلام ، وهم مِن أصحاب عليٍّ رضي الله عنه ، وتعلّموا العلم مِن الصحابة ، ولكن اعتقدوا في عليٍّ مثل الاعتقاد في يوسف وشمسان وأمثالهما ، فكيف أجمع الصحابة على قتلهم وكفرهم ، أتظنّون أنّ الصحابة يُكفّرون المسلمين ؟! أم تظنّون أنّ الاعتقاد في تاجٍ وأمثاله لا يضرّ والاعتقاد في عليّ بن أبي طالب يُكَفّر ؟!
ويُقال أيضاً : بنو عُبيد القَدّاح الذين ملكوا المغرب ومصر في زمان بني العباس ، كلّهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله ، ويدّعون الإسلام ، ويصلّون الجمعة والجماعة ، فلمّا أظهروا مخالفة الشريعة في أشياء دون ما نحن فيه ، أجمع العلماء على كفرهم وقتالهم ، وأنّ بلادهم بلاد حرب ، وغزاهم المسلمون ، حتّى استنقذوا ما بأيديهم مِن بلدان المسلمين ) ـ إلى أن قال رحمه الله ـ : ( وكذلك الذين قال الله فيهم : ( قل أبِالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) [ التوبة : 65 ، 66 ] ، فهؤلاء الذين صرّح الله أنّهم كفروا بعد إيمانهم ، وهم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك ، قالوا كلمةً ذكروا أنّهم قالوها على وجه المَزْح .
فتأمّل هذه الشبهة ، وهي قولهم : تُكفّرون مِن المسلمين أُناساً يشهدون أن لا إله إلا الله ويُصلّون ويصومون ، ثم تأمّلْ جوابها ، فإنّه مِن أنفع ما في هذه الأوراق ) انتهى .