عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 15-04-2005, 11:49 AM
monafq monafq غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2005
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 375
إفتراضي

4 ـ أثر سعيد بن المسيب (فقرة 8)


رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 5/134، من طريق موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا عمران بن محمد بن سعيد بن المسيب، قال: حدثتني غنيمة جارية سعيد، قالت: كان سعيد لا يأذن لابنته في اللعب ببنات العاج، وكان يرخص لها في الكَبَر ـ يعني
الطبل ـ.

قال مقيده "محتسب" : هذا أيضًا أثر ضعيف ، تفرد بإخراجه ابن سعد ، وإسناده ضعيف ؛ فيه علتان :

الأولى ـ فيه "عمران بن محمد بن سعيد بن المسيب" ، قال ابن حبان في "الثقات" 8/497 : "يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات ؛ لأن في رواية الضعفاء عنه مناكير كثيرة". اهـ ؛ فيعني بذلك أنه إذا حدث عنه الثقات ـ كما في هذا الأثر ـ ، فحديثه مقبول في المتابعات والشواهد ، وإلا فهو لين ضعيف ، وقال الأزدي كما في "الميزان" (رقم 6314) : "ليس بذاك" . اهـ ؛ وقد لخص الحافظ ابن حجر حاله في "التقريب" (رقم 5165) بقوله : "مقبول" . أي عند المتابعة ، وإلا فهو لين ، وهو ما تحقق في هذا الأثر ؛ حيث تفرد به ولم يتابع عليه .

الأخرى ـ "غنيمة جارية سعيد بن المسيب" ، مجهولة الحال .

وعليه فالأثر ضعيف لا حجة فيه .


5 ـ 6 ـ أثر عامر الشعبي (فقرة 9، 10)


رواه ابن ماجه في "السنن" (رقم 1302) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" 7/19 ، والفسوي في "المعرفة" 3/288 ، والطبراني في "المعجم الكبير" (رقم 1017) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/218 ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 1/206 ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/211 ، 212 ، 47/251 ، 252 ، كلهم من طرق عن شريك ، عن مغيرة ، عن عامر الشعبي قال : شهد عياض الأشعري عيدًا بالأنبار ، فقال ما لي لا أراكم تُقلّسون كما كان يُقلس عند رسول اللَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ .

وزاد البيهقي ، والخطيب ، وابن عساكر من طريق أبي عبد اللَّه محمد بن إبراهيم البوشنجي ، به ، وفيه : "قال يوسف بن عدي : التقليس أن تقعد الجواري والصبيان على أفواه الطرق يلعبون بالطبل وغير ذلك" . اهـ .

قال مقيده "محتسب" : فتأمل أخي القارئ الكريم كيف ترك عزو الحديث لأحد الكتب الستة (ابن ماجه) ، وبقية المصادر السابقة ، وهي مقدمة بالاتفاق على "تاريخ دمشق" ، كذلك تأمل كيف كرر الأثر مع أن الرواية واحدة ، ولكنه التعالم والله المستعان ، وهذا من الشواهد الواضحة على جهل "العبيكان" بعلم الحديث .

هذا وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/154 عن هذا الحديث : "هذا إسناد رجاله ثقات" .

قلت : وهو كما قال ، ولكنه ضعيف ، فلا يستلزم من كون إسناده رجاله ثقات أن يكون صحيحًا كما هو مقرر ، فالإسناد فيه علتان :

الأولى ـ فيه "شريك" ، وهو "ابن عبد اللَّه" ، وهو ثقة صالح في نفسه ، ولكن لا يقبل من حديثه ما انفرد به ؛ لسوء حفظه ، وإنما يقبل إذا توبع في الرواية ووافقه الثقات ، كما أنه مدلس، وقد عنعنه، وقد تابعه "هشيم" في "تاريخ بغداد" 1/207، وابن عساكر 19/213 ، 47/252 ؛ عن هشيم ، عن مغيرة ، به ، بلفظ : "مالي لا أراهم يقلسون ، فإنه من السنة" ؛ و"هشيم" هذا كثير التدليس والإرسال الخفي كما في "التقريب" (رقم 7312) ، وقد عنعنه أيضًا .

العلة الأخرى ـ أن "عياض بن عمرو الأشعري" لم تثبت له صحبة ، كما قال أبو حاتم في "العلل" 1/209 : "عياض الأشعري عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرسل ليست له صحبة" . اهـ . وعليه فالأثر مرسل ضعيف ؛ ولذلك ضعفه شيخنا الألباني ـ رحمه اللَّه ـ في "الضعيفة" (رقم 4285).


6 ـ أثر قيس بن سعد


رواه ابن ماجه في "السنن" (رقم 1303) ، من طريق محمد بن يحيى ، حدثنا أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عامر الشعبي ، عن قيس بن سعد قال : "ما كان شيء على عهد رسول اللَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا وقد رأيته إلا شيء واحد ، فإن رسول اللَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقلس له يوم العيد".

ورواه ابن ماجه أيضًا في "الموضع السابق" عن إبراهيم بن نصر ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن عامر الشعبي ، نحوه .

قال مقيده "محتسب" : وكلاهما إسناده ضعيف ، مدارهما على "أبي إسحاق" ، وهو "عمرو بن عبد اللَّه السبيعي" ، وهو مشهور بالتدلس ؛ لذلك صنفه الحافظ في "تعريف أهل التقديس" (رقم 91) ص 101 في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين ، وهم ممن لا يحتج بحديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ، وقد عنعنه . ولذلك ضعفه أيضًا شيخنا الألباني ـ رحمه اللَّه ـ في "ضعيف الجامع" (رقم 4595).

وله إسناد آخر عند ابن ماجه في "الموضع السابق" ، والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/218 ، وفي "الشعب" (رقم 6543) ، من طريق آدم بن أبي إياس ، حدثنا شيبان ، عن جابر ، عن عامر الشعبي ، به . بزيادة : "والتقليس اللعب".

ورواه أيضًا ابن ماجه في "الموضع السابق" ، وأحمد في "المسند" 3/422 ، والطبراني في "المعجم الكبير" (رقم 896) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/213 ، كلهم من طريق إسرائيل ، عن جابر ، به . بزيادة : "قال جابر : هو اللعب" .

ورواه البيهقي في "الشعب" (رقم 6544) عن شريك ، عن جابر ، عن عامر الشعبي ، به .

وكل هذه الروايات ضعيفة جدًا ، مدارها على "جابر" ، وهو "الجعفي" ، رافضي اتهمه ابن معين بالكذب . انظر : "تهذيب الكمال" (رقم 879) .

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/154 : "إسناد حديث قيس بن سعد الأول صحيح ، ورجاله ثقات ، وأما طرق القطان ، فالأولى والثانية مدارهما على جابر ، وهو الجعفي ، وقد اتهم ، والثالثة أولى من الأولتين" . اهـ .

قال مقيده "محتسب" : هذه هي أدلة العبيكان في إباحته للطبل ، وهي أدلة واهية لا تقوم بها حجة ، وبهذا يظهر جليًا بطلان قوله في (الفقرة 12) : "وبما أن النصوص المتقدمة دلت على إباحة الدف والطبل" !!. اهـ .

ثالثًا ـ من المتفق عليه عند أهل العلم أن الأصل في المعازف بجميع أشكالها التحريم القديم منها والحديث ؛ لعموم ما رواه البخاري في "صحيحه" (رقم 5268) ، من حديث أبي مالك الأشعري مرفوعًا : "ليكوننَّ مِن أُمتي أقوامٌ يستحلّون الحرَ والحريرَ والمعازف" .

والمعازف ، جمع معزفة ، قال في "مختار الصحاح" ص 181 : "المعازف الملاهي ، والعازف اللاعب بها ، والمغني". اهـ .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 11/576 : " مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام … والمعازف هي الملاهي كما ذكر أهل اللغة جمع معزفة ، وهي الآلة التي يعزف بها ، أي يصوت بها ، ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعًا ". اهـ .

وعلق الإمام ابن القيم في "إغاثة اللهفان" 1/277 على حديث أبي مالك الأشعري السابق، فقال : " ووجه الدلالة منه أن المعازف هي آلات اللهو كلها ، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك ، ولو كانت حلالاً لما ذمهم على استحلالها ، ولما قرن استحلالها باستحلال الخمر والخز" . اهـ .

وقال ابن رجب في "نزهة الإسماع" ص 20 : "فأكثر العلماء على تحريم ذلك ، أعني سماع الغناء ، وسماع آلات الملاهي كلها ، وكل منها محرم بانفراده ، وقد حكى الآجري وغيره إجماع العلماء على ذلك ". اهـ .

وقد ذكر الحافظ في "الفتح" 2/443 أن إباحة الدف لا يستلزم منه إباحة غيره كالطبل والزمر ، فقال : " ولا يلزم من إباحة الضرب بالدف في العرس ونحوه إباحة غيره من الآلات ". اهـ .

قال مقيده "محتسب" : إذا تقرر هذا ، فآلات المعازف بجميع أشكالها ، كالمزمار ، والطبل ، والدف ، والعود ، والجيتار ، والبيانو ، والأورج ، والكمان …الخ الأصل فيها كلها التحريم والحظر التام، ومن أباح شيئًا منها، لزمه إثبات ذلك بدليل صحيح ، وواضح وصريح، وإلا ناله الوعيد المذكور في قول اللَّه تعالى : {ولا تقولوا لما تَصفُ ألسِنتكُم الكَذِبَ هذا حَلالٌ وهذا حرامٌ لِتفتروا علَى اللَّهِ الكذبَ إنَّ الذينَ يفْترونَ علَى اللَّهِ الكذبَ لا يُفلِحونَ} [النحل : 116] .

وبتتبع النصوص الواردة في هذا الباب تبين أنه لم يصح مطلقًا الترخيص في شيء من المعازف إلا آلة واحدة ، وهي "الدّف" ، وهي للنساء خاصة ، وفي أوقات مخصوصة كما سيأتي تقريره بعد قليل .

وبهذا تعلم مغزى تدليس وتلبيس العبيكان في الفقرة (رقم 12) ، عندما يقول : "ومن القواعد المقررة في الشريعة أن الأصل في العادات الإباحة إلا ما دل دليل على تحريمه" ، فأراد بطريقة بهلوانية إدخال المعازف في جملة العادات المباحة ، ومن ثَم يُلزمنا بإقامة الدليل على كل آلة نقول بتحريمها ، بينما العكس صحيح . فتأمل !!.

أما المقصود بالعادات عند الفقهاء ، فهو ما يحتاجه الإنسان في حياته العادية ، كالبيع والشراء ، والأكل والشرب، واللباس والسكن ، فالأصل في هذه الأشياء الإباحة ، وهذه الإباحة مضبوطة باشتراط عدم المضرة ؛ ولذلك جاءت الشريعة لتهذيب هذه العادات ، وتحريم المضر منها.

أما الأبضاع ، والمعازف ، واللهو ، ونحو ذلك ، فالأصل فيها التحريم والمنع لعموم النصوص الواردة في تحريمها ، وإنما أباحها مَن لا خلاق له من النُصيرية والقَرامطة ، قال الحافظ في "الفتح" 2/443 : "الأصل التنزه عن اللعب واللهو ، فيقصر على ما ورد فيه النص وقتًا وكيفية وتقليلاً ؛ لمخالفة الأصل". اهـ . فتأمل كيف تسلل الشيخ العبيكان من نافذة إباحة العادات ، ليسطوا على المحرمات بطريقة بهلوانية مكشوفة ، والله المستعان!!.

نخلص من ذلك كله أن من زعم إباحة آلة من آلات المعازف لزمه إثبات ذلك بدليل صحيح صريح ، وإلا فهو يحلل ما حرم اللَّه ـ نسأل اللَّه السلامة ـ .



محتسب
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى محتسب
إيجاد جميع المشاركات لـ محتسب

قبل 3 أسابيع #3

محتسب تاريخ الإنضمام: May 2003
عدد المشاركات: 7,178

رابعًا ـ قول العبيكان في (الفقرة 13) : "وقد جاء في كتاب "الفروع" 8/377 : "واستحب أحمد الصوت في عرس، وكذا الدف ، قال الشيخ : لنساء ، وظاهر نصوصه وكلام الأصحاب التسوية". اهـ . أي أنه مباح للرجال والنساء .

قال مقيده "محتسب" : لا نزاع في صحة إباحة "الدف" للنساء في مناسبات الفرح والأعياد ونحو ذلك، دل عليه ما رواه البخاري في "صحيحه" (رقم4852) ، من حديث الرُّبيِّع بنت مُعوِّذ يوم زفافها، وفيه قالت : "فجعلت جويرات لنا يضربن بالدف" .

ومن يتأمل النصوص الواردة في إباحة "الدف" ، يجزم بأنها خاصة بالنساء دون الرجال ، فتأمل ـ رحمني اللَّه وإياك ـ جميع الأحاديث المرفوعة في إباحة الدف ، سواء الصحيحة أو الضعيفة فستجد الخطاب النبوي متجه للنساء والجواري دون الرجال ، ولولا ضيق المقام لأوردتها كاملة.


وقد نص على ذلك جمع من أهل العلم المحققين قديمًا وحديثًا


1 ـ فقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 11/565 : "ولكن رخص النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضرب بالدف في الأعراس والأفراح ، وأما الرجال على عهده ، فلم يكن أحد منهم يضرب بدف ، ولا يصفق بكف ، بل ثبت عنه في الصحيح أنه قال : "التصفيق للنساء ، والتسبيح للرجال ، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء ، ولما كان الغناء والضرب بالدف من عمل النساء ، كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثًا ، ويسمون الرجال المغنيين إذا مخانيث ، وهذا مشهور في كلامهم". اهـ .

2 ـ وقال ابن قدامة في "الكافي في فقه الإمام أحمد" 4/525 : "روى عن عمر ـ رضي اللَّه عنه ـ أنه كان إذا سمع صوت الدف بعث فنظر ، فإن كان في وليمة سكت ، وإن كان في غيره، عمد بالدرة، وهو مكروه للرجال على كل حال؛ لتشبهه بالنساء ".اهـ .