عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 15-04-2005, 11:50 AM
monafq monafq غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2005
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 375
إفتراضي

3 ـ وقال المرداوي في "الإنصاف" 8/342 : " ضرب الدف مخصوص بالنساء ، قال في الرعاية : ويكره للرجال مطلقًا … ويكره لرجل للتشبه" . اهـ .

4 ـ كما جزم بذلك أيضًا الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/226 ، فقال : "واستدل بقوله : (واضربوا على) أن ذلك لا يختص بالنساء ـ أي الضرب على الدف ـ ، لكنه ضعيف ، والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء ، فلا يلتحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن " . اهـ .

5 ـ ومن فتاوى المعاصرين ، فقد سئل الشيخ صالح الفوزان : عن حكم ضرب للدف من أجل إعلان النكاح ؟

فأجاب : " يستحب ضرب النساء للدف حتى يُعرف النكاح ويشتهر ، ويكون ذلك بين النساء خاصة " . انظر : "عشرة النساء" جمع أبي مالك ص 179 .

قال مقيده "محتسب": وقد تعلق البعض في إباحة "الدف" للرجال بما رواه الترمذي في "السنن" (رقم1089)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/290 ، مرفوعًا : "أعلنوا هذا النكاح ، واجعلواه في المسجد ، واضربوا عليه بالدفوف" ، وهذا تعلق فاسد ؛ لأن إسناده ضعيف جدًا ؛ فيه "عيسى بن ميمون" ، وهو متروك كما قال أبو حاتم . انظر : "الجرح والتعديل" 6/287 ، ولا يفرح بمتابعة "ربيعة بن أبي عبد الرحمن" له عند ابن ماجه في "السنن" (رقم 1895) ، والبيهقي في "الموضع السابق"، وأبو نعيم في "الحلية" 3/265؛ فإسناده كذلك ضعيف جدًا ؛ فيه "خالد بن إياس"، وهو أضعف من سابقه ، بل نسبه ابن حبان ، والحاكم ، وأبو سعيد النقاش إلى الوضع . انظر : "تهذيب الكمال" (رقم 1956) ، والحديث ضعفه شيخنا الألباني ـ رحمه اللَّه ـ في "الضعيفة" (رقم978)، وقال : "واستدل بهذا الحديث من قالوا: بأن الضرب بالدف غير مختص بالنساء ، وقد عُلم أن هذا القول مردود بضعف الحديث ، فنتبه!!".

إذا تقرر هذا تبين لك فساد قول العبيكان في (فقرة 12) : "ولم يخص النساء بذلك، والأصل الاشتراك". اهـ .

خامسًا ـ قال العبيكان في (فقرة 14) : "وقد ذكر الحنابلة أيضًا أن الإمام أحمد أباح الطبل في الحرب ، وأن ابن عقيل استحبه" . انظر : "الإنصاف" 21/356 ، و"غذاء الألباب" 1/173. اهـ .

قال مقيده "محتسب": ويجاب على ذلك بأربعة أجوبة :

الجواب الأول ـ أن ما نقله مخالف لنص الإمام أحمد ، فقد روى الخلال في "الأمر بالمعروف" (رقم 128) ، عن الإمام أحمد أنه قال : "أكره الطبل ، وهو الكوبة نهى عنه رسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ" . اهـ . والزعم باستثناء طبل الحرب ليس بثابت عن الإمام أحمد . وانظر : "المغني" 7/63 .

الجواب الثاني ـ نقل عبد اللَّه ابن الإمام أحمد في "مسائله" 1/316 قال : "سمعت أبي يقول في رجل يرى مثل الطنبور أو العود أو الطبـــــل أو ما أشبه هذا ما يصنع به؟ قال ـ أي الإمام أحمد ـ : إذا كان مغطّى فلا ، وإن كان مكشوفا كسره". اهـ .

الجواب الثالث ـ لو صح هذا النقل عن الإمام ، فلا حجة فيه ؛ لقول اللَّه تعالى : {وَمَا كانَ لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللَّهُ ورسولهُ أمرًا أن يكُونَ لكُمُ الخِيرةُ مِنْ أمرهِم وَمَن يعصِي اللَّهَ ورسُولَهُ فقد ضلَّ ضَلالاً مُبينًا} [الأحزاب : 36] ، وليس من منهج السلف رد أمر رسول اللَّه لقول أحد.

الجواب الرابع ـ لو سلمنا بصحة هذا النقل ، وصحة الاستدلال به ، فغاية ذلك إباحة الطبل في الحروب ، فأين وجهة إباحته في الرقص ؟!

ولعل أحدهم يخرج علينا غدًا ويبيح لنا الطبل في الجنائز كما هو حاصل الآن…الخ.

سادسًا ـ قال العبيكان في (الفقرة 15) : "وقد كان الناس منذ زمن طويل وهم يقرون من يقيم العرضات في المناسبات، ولم ينكر ذلك العلماء الربانيون الذين كانوا لا يسكتون على منكر" . اهـ .

قال مقيده "محتسب" : وهذا قول فاسد ؛ فاعتياد الناس على الرقص، والطبل والزمر، وسكوت بعض المشايخ عن الإنكار إما مداهنة ، أو خشية على أنفسهم من تبعات الإنكار لا يسوغ لنا استباحة المحرمات ، وإلا فعامة المنكرات ترتكب هنا وهناك وبمعية بعض المشايخ والعلماء ، ولا نرى وجوهًا مكفهرة أو ممتعضة لحرمات اللَّه ولا حول ولا قوة إلا بالله، ورحم اللَّه بعض السلف حين قال : أنتم تستبطئون الأمطار ، ونحن نستبطئ الأحجار !! وإلى اللَّه المشتكى .

ثم من أخبره أن العلماء لم ينكروا على هذا منكر؟! هل حضر جميع هذه المجالس حتى يعمم ؟ ثم ما أدراك ؟ لعل أحدهم أسر بالنصيحة ، وأدى ما عليه ، أم تريد منه أن يقف خطيبًا بين الناس ينكر ذلك ؟!!

ثم ها هو إمام أهل السنة والجماعة ينكر ذلك وينهى عنه في الأعراس ، فقد نقل ابن مفلح في "الفروع" 5/234 عن جعفر ، عن الإمام أحمد قال : "لا يشهد عرسًا فيه طبل ، أو مخنث ، أو غناء" . وانظر : "الإنصاف" 8/338 .

سابعًا ـ أما ما نقله العبيكان عن فضيلة الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين ـ رحمهما اللَّه ـ ، فيجاب على ذلك بأربعة أجوبة :

الجواب الأول ـ لقد تبين لنا فيما سبق عدم الثقة فيما ينقله العبيكان عن أهل العلم ، خاصة مع تفرده بهذا النقل مع توفر دواعي نقله .

الجواب الثاني ـ بين أيدينا من فتاوى الشيخين ما يكذب دعوى العبيكان ، وإليك نص كلامهما ـ رحمهما الله ـ ليهلك من هلك عن بينة .

أما شيخنا ابن باز ـ رحمه الله ـ ، فقد قال في "فتاوى إسلامية" 2/307 : " أما الزواج ، فيشرع فيه ضرب الدف مع الغناء المعتاد الذي ليس فيه دعوة إلى محرم ، ولا مدح محرم في وقت من الليل للنساء خاصة ؛ لإعلان النكاح ، والفرق بينه وبين السفاح كما صحت السنة بذلك . ثم قال الشيخ ـ رحمه الله ـ : أما الطبل فلا يجوز ضربه في العرس " . اهـ .

فها العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ يفتي صراحة بتحريم الطبل في حق النساء ، ولا يجوز لهن إلا الدف ، فكيف يفتري عليه هذا العبيكان بأنه يقول بجواز الطبل للرجال ، مع أن النساء أولى بذلك ؛ لما ثبت بالاتفاق في الترخيص لهن في الدف ؟!!

وأما ما زعمه في حق الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ بأنه حضر حفلة فيها طبل ، فهذا أيضًا خلاف فتواه في كتاب "اللقاء المفتوح" جزء 52 ص 42 ، وفيها قال ـ رحمه الله ـ : " أما الطبل ، والزير ، والأغاني التي تتضمن الهاء والسب ، فهي محرمة ، ولا يجوز للإنسان أن يحضر مثل هذه العرضات " . اهـ .

ثم لو ثبت جدلا حدوث ما زعمه العبيكان ، فالقاعدة في هذا الباب أن القول مقدم على الفعل ؛ لأن الفعل قد يحدث عرضا ، ومن يدري ، فلعل الشيخ أنكر هذا المنكر بلسانه ، أو بقلبه ؟!!

الجواب الثالث ـ لو سلمنا جدلاً بصحة ما ذكره العبيكان ، فرحم اللَّه المشايخ ، وكل منا يؤخذ من قوله ويرد ، ومذهب السلف عدم التعبد بأقوال أهل العلم ، خاصة إذا خالف قوله النصوص الصحيحة كما في مسألة الطبل ، وإن كان ولا بد من تقليد الرجال في أقوالهم ، فإمام المذهب أحمد بن حنبل أولى بالتقليد من المشايخ المتأخرين ، وقد صح عنه أنه كره الطبل، وفي رواية أخرى نقلها جعفر : "لا يشهد عرسًا فيه طبل" ، فليس تقديم قول سماحة الشيخ ابن باز أولى من تقديم قول إمام أهل السنة أحمد بن حنبل . ولكن المذهب الحق أننا نقبل من أقوالهم ما وافق الحق ، ونرد غيره مع تعظيم وتقدير مكانة القائل به .

الجواب الرابع ـ القاعدة عند الخلاف الرد إلى اللَّه ورسوله لا إلى أقوال العلماء ، وإنما أقوال العلماء تفيد في توثيق فهم المسألة ، دل على ذلك قول اللَّه تعالى : {فإنْ تَنَازعتُم في شيءٍ فردُّوه إلى اللَّهِ ورسولهِ} [النساء : 59] ، قال الشاطبي في "الموافقات" 4/172 : "قول القائل المخالف للقرآن أو للسنة لم يصح الاعتداد به ، ولا البناء عليه ، ولأجل هذا ينقض قضاء القاضي إذا خالف النص أو الإجماع مع أن حكمه مبني على الظواهر مع إمكان خلاف الظاهر ، ولا ينقض مع الخطأ في الاجتهاد ، وإن تبين لأن مصلحة نصب الحاكم تناقض نقض حكمه ، ولكن ينقض مع مخالفة الأدلة ؛ لأنه حكم بغير ما أنزل اللَّه" . اهـ .

ثامنًا ـ ما أشار إليه العبيكان في (الفقرة 17) بخصوص الاختلاف الواقع في تفسير "الكوبة" بين أهل الفقه ، وأهل اللغة في حديث: "إن اللَّه حرم الخمر، والميسر ، والكوبة، وكل مسكر حرام" وبتفسير علي بن بذيمة لها بأنه الطبل ... ثم قوله : "اختلف الشراح في معنى الكوبة ، ولم يكن هناك معنى صريح فيها". اهـ .

قال مقيده "محتسب" : يجاب على هذا الزعم الواهي بأربعة أجوبة :

الجواب الأول ـ أن هذا ليس تفسير "علي بن بذيمة" كما زعم العبيكان جهلاً أو تدليسًا ، فالصواب الذي لا ريب فيه أن هذا التفسير من النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ ، فيكون مرفوعًا ، أو من ابن عباس ، فيكون مدرجًا منه .

دل على ذلك أن هذا التفسير ورد من طرق أخرى غير طريق "عليّ بن بذيمة" ، فرواه أبو داود في "السنن" (رقم3696)، والإمام أحمد في "المسند" 1/274، و"الأشربة" (رقم 193) ، وأبو يعلى في "المسند" (رقم 2729) ، وابن حبان في "صحيحه" كما في "الإحسان" (رقم 5365) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (رقم 12598) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/303 ، 10/221 ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 41/273 ، كلهم من طريق عليّ بن بذيمة، حدثنا قيس بن حبتر، عن ابن عباس أن النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ قال : لوفد عبد القيس : "إن اللَّه حرّم عليّ الخمر ، والميسر ، والكوبة" . قال سفيان : قلت : لعليّ بن بذيمة : ما الكوبة ؟ قال : الطبل ، وإسناده صحيح ؛ رجاله كلهم ثقات ، والحديث صححه الألباني في "المشكاة" (رقم 4503) ، وهذا الطريق هو الذي ذكره العبيكان في فتواه .

ولكن للحديث طريق آخر من غير طريق "عليّ بن بذيمة" رواها البيهقي في "السنن الكبرى"10/221، من طريق ابن أبي الدنيا، ثنا يحيى بن يوسف الزِّمّي، ثنا عبيد اللَّه بن عمرو، عن عبد الكريم الجزري ، عن قيس بن حبتر ، عن ابن عباس عن النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ـ قال : "إن اللَّه تبارك وتعالى حرم عليكم الخمر ، والميسر ، والكوبة ، وهو الطبل" . وهذا إسناده صحيح؛ رجاله كلهم ثقات رجال البخاري ، غير "قيس بن حبتر"، فهو ثقة من رجال أبي داود فقط .

فكما هو ظاهر وجلي أن هذا الإسناد ليس من رواية "عليّ بن بذيمة" أصلاً ، وإنما من متابعة "عبد الكريم الجزري" له ، وهو "عبد الكريم بن مالك الجَزَري الحِضْرمي" ثقة متقن من رجال الشيخين كما في "التقريب" (رقم 4154) .