عرض مشاركة مفردة
  #35  
قديم 11-07-2003, 02:13 PM
عابر سبيل عابر سبيل غير متصل
ابو معاذ
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
الإقامة: نيويورك
المشاركات: 2,259
إرسال رسالة عبر MSN إلى عابر سبيل
إفتراضي كي لا تلتبس الاوراق نواصل

بسم الله الرحمن الرحيم:
الحلقة الثالثة :حقيقة حزب الله الشيعى.
من هامش الحياة إلى نسيجها:

""النظام اللبناني غير شرعي ومجرم" و "من الضروري تسلُّم المسلمين الحكم في لبنان كونهم يشكلون أكثرية الشعب"(1).
فَتْوَيَانِ: الأولـى خمـينية، والأخرى خامنئية، وضعتهما الحركة الشيعية في لبنان في بؤرة القلب وبؤبؤ العين، ورفعتهما إلى مرتبة الهدف الذي يُسعى لتحقيقه.
كما أفتى رئيس المجـلــس الإسلامي الشيعي الأعلى، مهدي شمس الدين بذلك أيضاً حين قال: إن الدولة وجدت نـتـيـجـــة لعقْدٍ، هذا العقد تبرمه الأكثرية من المواطنين بإرادتهم الحرة، فينتج عن إبرامه كيان الدولة، ومن المؤكد أن التنازل عن الهوية الثقافية والدينية ومظاهرها في المؤسسات والقوانين يـتـنـافى مع موجبات هذا العقد، ولا يؤثر على موجبات هذا العقد موقف الأقلية التي توافق علـى التنازل عن هذه الهوية؛ فإن على الأقلية في هذه الحال أن تخضع للأكثرية(2).
وفي معرض رده على الأسئلة الموجهة إلـيـــه فـي أحد البرامج قال محمد حسين فضل الله الزعيم الروحي لحزب الله - هكذا يلقب -: لم يـكـن هؤلاء الذين حكموا العالم الإسلامي في الماضي يحكمون باسم الإسلام؛ فنحن لا نعتقد - عـلـى سـبـيـل الـمـثـــال - أن الحكم العثماني كان عادلاً وحراً وإسلامياً!!(3)،(4).
وهكذا يُخرج الفقهاء الشيعة فتاويهم دون اعتبار لعامل التاريخ أو الجغرافيا ومن دون تقية كذلك.
ولأثـر الــتـبـديـل فقد احتل الفقهاء والآيات والحجج مكانة عالية بلغت درجة التقديس، وأضـحــت الفـتــاوى الصادرة عنهم، بل حتى الكلام المجرد من القداسة الدينية، يتمتع بمرتبة القداسة في نفوس أتباعهم.
وكما مر - في الحلقة السابقة - فقد دأب الفكر الإمامي على ربط "الأمة" الجعفرية برموز غير قابلة للنقد أو الـتـجـــريــــح، وأعطاهم - أو أعطوا لأنفسهم - صلاحيات وصلت إلى خصائص الإمام الغائب المعصوم، المعيَّن من قِبَلِ الله - تعالى -!!
ولقد تجاوزت هذه الصلاحيات مـــا كان يتمتع به الشاه المستبد الطاغية الدكتاتور عميل الإمبريالية والصهيونية!! فقد أقر مجلس الخبراء الإيراني إعطاء الولي الفقيه صلاحيات تفوق ما كان مخولاً به للشاه السابق، ونص على ذلك في المادة (107)(5) والفقرة (110) من الدستور الإيراني(6).
"الثورة الإسلامية في لبنان" هذه العبارة هي آخر ما تقرؤه على علم "حزب الله" في لبنان. والثورة بهذا الوصف محاولة استنساخ للثورة الأم في قم وكلتاهما ثورة آيات، أي أن العلم الديني الإمامي هو أساس التصور والحركة؛ فالثورة - بحسب المعلن - ثورة دينية: إمامها فقيه، رئيسها فقيه، وزيرها فقيه؛ فالمثال الذي ينبغي وضعه نصب العين هو إرادة الفقهاء، ولهذا فقد كان للحوزات والحسينيات دور هام في غرس مفاهيم التقديس، وفي إمداد الثورة بالوقود البشري.


الملالي.. ومدارج المعالي:

وذلك خوفاً من انكشاف حقيقة أمر الغيبة والمهدي ودعاوى أخرى كثيرة لا تمتُّ إلى الحق مع نهاية الغيبة الصغرى المدَّعاة للمهدي وجد علماء الشيعة أنفسهم في حيرة شديدة؛ بسند ولا نسب، فأخرجوا مرسوماً منسوباً إلى مهديهم الغائب يقول فيه: أما الوقائع الحادثة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله. ثم أتبعوه بمرسوم آخر يقول فيه: أما من الفقهاء من كان صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً مولاه فللعوام أن يقلدوه(7).
ولهذا فقد وَسِعَ إمامهم المعاصر أن يقول: إن الفقهاء "هم الحجة على الناس كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم حجة عليهم، وكل من يتخلف عن طاعتهم فإن الله يؤاخذه ويحاسبه على ذلك، وعلى كلٍ فقد فوَّض الله إليهم جميع ما فوض إلى "الأنبياء" وائتمنهم على ما ائتمنوا عليه"(8).
"فإذا نهض بأمر تشكيل الحكومة فقيه عالم عادل فإنه يلي من أمور المجتمع ما كان يليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ووجب على الناس أن يسمعوا له ويطيعوا"(9).
وقد نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وعلماء أمتي كالأنبياء السابقين"(10) بل إنه لم يجد حَرَجاً في أن يقول: "الفقيه ـ الرافضي ـ بمنزلة موسى وعيسى"(11)!!
ولهذا لم يكن مستغرباً أن يقول أحد المسؤولين الإيرانيين: إن الخميني أعظم من النبي موسى وهارون(12). وترتفع وتيرة التجاوزات في إعطاء الصلاحيات لفقهاء المذهب حين كتب آية الله آزاري قمي يقول: ليس لدى الولي الفقيه أية مسؤولية أخرى غير إقامة نظام الحكم الإسلامي، حتى لو اضطره ذلك إلى أمر الناس بالتوقف مؤقتاً عن الصلاة والصيام والحج.. أو حتى الإيمان بالتوحيد!!(13).
ويستمر التضليل بمحاولة الإقنــاع أن الفقهاء لا دخـل لهم في وظائفهم وخصائصهم؛ بل إن "الفقهاء معينون ضمناً من قِبَل الله"(14) وبذلك تكون سلطة الفقيه سلطة إلهية.
وبهذه المراسيم والقوانين والتحذيرات والتهديدات أصبحت سلطة الفقهاء فوق كل السلطات ولا تخضع لأي سلطة كانت، وكما يقول الخميني: وإذا كان السلاطين على جانب من التدين فما عليهم إلا أن يصدروا في أعمالهم وأحكامهم عن الفقهاء، وفي هذه الحالة، فالحكام الحقيقيون هم الفقهاء، ويكون السلاطين مجرد عمال لهم(15).
ولم يخرج محمد حسين فضل الله عن هذا الخط الساخن الرافع أقدار الفقهاء إلى منازل النبيين.
حيث يقول: إن رأي الفقيه هو الرأي الذي يعطي الأشياء شرعية بصفته نائباً عن الإمام، والإمام هو نائب النبي صلى الله عليه وسلم ، وكما أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم، فالإمام هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، والفقيه العادل هو أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم(16).
والواقع أن شرعية كل الأمور تنطلق من إمضاء الفقيه لها، وهذا يعني أن رئيس الجمهورية لا يستمد سلطانه من الشريعة الإسلامية، أو الدولة الإسلامية - من انتخاب الناس له - وإنما من إمضاء الفقيه لرئاسته، والأمر ذاته يطبق بالنسبة للنواب في مجلس الشورى والخبراء في مجلس الخبراء وغيرها من المؤسسات الدستورية في الدولة(17).
وقد حرصت السياسة الإيرانية على الاستحواذ الكامل على إعداد (رجال الدين الشيعة) في لبنان، كما حرصت على إيلائهم دوراً متصدراً في الساحة اللبنانية؛ فهؤلاء وحدهم الذين يُضمَنُ ولاؤهم للقيادة الإيرانية ولسياستها، كما يَظهرون بأنهم القادرون وحدهم على صبغ المجتمع الشيعي اللبناني بصبغة عميقة تحصنه من التأثيرات المخالفة للنفوذ الإيراني والمنافسة له. وتتوسل طهران وقم بالتعليم الديني لتأطير الاجتماع الشيعي اللبناني تأطيراً متيناً، فتحل نخب ثقافية جديدة محل النخب المدنية التي تدين بعقائد سياسية أخرى، كما حدث بإحلال "حزب الله" محل "أمل".
وبهذا فقد تحقق نجاح كبير في إنجاز أحد أكبر الأهداف، وهو تأطير "الأمة" الشيعية بسياج الآيات وتجييشها تحت قيادة واحدة؛ وعليه فلا عجب أن نرى قوافل متوالية من الشباب الشيعي يضحون بأنفسهم في سبيل طاعة الفقهاء، وهذه الطاعة والسيطرة المطلقة كانت نتيجة لجهد كبير بذله الفقهاء على مر التاريخ الإمامي. يقول د. موسى الموسوي معللاً كيفية سيطرة الفقهاء الشيعة على الأمة الإمامية: لقد استغلّت الزعامات المذهبية والفقهاء عبر التاريخ - ومنذ أن بدأت تُحكِم علينا الطوق - سذاجتنا - نحن الشيعة الإمامية - وحبَّنا الجارف لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأحدثت في مذهبنا بدعاً وتجاويف وتجاعيد كل واحدة منها تخدم مصالحهم، وفي الوقت نفسه تضر بنا بل تنسفنا نسفاً. إن كل واحدة من هذه البدع أُدخلت في عقيدتنا - نحن الشيعة الإمامية - لإحكام طوق العبودية علينا والتحكم فينا كما يشاء الفقهاء؛ إذن السذاجة وحدها لم تلعب الدور الكافي، بل استغلال الفقهاء حبَّ الشيعة لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مضافاً إليه البدع التي أحدثوها في العقيدة جعلت من الشيعة أداة طيعة للفقهاء، يضحون في سبيل مآربهم في ساحات الوغى مرة وفي ساحات البلاء مرة أخرى، ولم يكن الفقهاء وحدهم هم الذين لعبوا هذا الدور الخطير في انحراف الشيعة عن نهجها الصحيح القويم المتمثل في تبعيتهم لفقه الإمام الصادق، بل كان للفقهاء أجنحة أخرى استمدّوا قوتهم منها وهم الرواة ورجال الحديث والمفسرون الذين نسبوا إلى أئمتنا الكرام - زوراً وبهتاناً - روايات وأحاديث كلها تؤيد البدع والتجاويف والتجاعيد التي أدخلوها في العقيدة الشيعية لصالحهم، وتفسير الآيات القرآنية حسب أهوائهم بصورة تخدم أهواء الفقهاء، وبهذين الجناحين استطاع الفقهاء أن يحكموا قيود الاستغلال والاستبداد على أعناق الشيعة عبر التاريخ. كان فقهاؤنا على علم كامل بالنفسية الشيعية التي كانت مهيأة للخضوع إلى ما يُطلب منها في عهد الظلام؛ فنصبوا أنفسهم أولياء وأوصياء عليهم.
وأعتقد جازماً أن فقهاءنا لم يقصدوا من استعبادنا - نحن الشيعة الإمامية - بالسيطرة الروحية والفكرية علينا فحسب، بل كانوا يخططون لأمرين كل واحد منهما أخطر من الآخر: كانوا يخططون للسيطرة على أموال الشيعة، ومن ثم الاستيلاء على مقاليد الحكم. فأدخل الفقهاء تلك البدعة الكبرى في العقيدة الشيعية، وفسروا الآية الكريمة التي تقول: ((واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ...)) [{الأنفال: 41]}، بأن هذه الآية نزلت في أرباح المكاسب في حين أن المفسرين وأرباب الأحاديث والفقهاء أجمعوا على أنها نزلت في غنائم الحرب ولا علاقة لها بأرباح المكاسب، ثم أفتوا بوجوب تسليم هذا الخمس إلى يد الفقهاء، وأضافوا أن الشيعة إذا لم تسلِّم خمس أرباحها إلى يد المجتهد أو الفقيه فإن صلاتهم باطلة وصومهم باطل وحجهم باطل... وهكذا دواليك، وخضعت الشيعة المسكينة إلى هذه الفتوى التي ما أنزل الله بها من سلطان. وها هم عبر التاريخ يقدمون إلى الفقهاء خُمس أرباح مكاسبهم، ولم يحدث قط أن نفراً منهم قد سأل هؤلاء الشركاء الذين لا يشاركون الشيعة في رأس المال ولا في التعب والكد والجهد؛ بل يشاركونهم في الأرباح فقط: من الذي جعلكم شركاء في أرباحنا؟ وما الأدلة التي تستندون عليها؟ ولماذا نكدح ونكافح نحن، وأنتم قاعدون تجنون ثمار تعبنا؟
لقد خضعت الشيعة لهذه الضريبة الجائرة بلا سؤال ولا ضجر، فاحتلبهم الفقهاء كما تُحتلب الناقة الطيعة. ولم يقنع الفقهاء بمشاركتهم في أرباح الشيعة، بل زعموا أنهم ولاة عليهم يجب إطاعتهم، ومن خرج عليهم فقد خرج على الله، ومن رد عليهم فهو كالراد على الله يجب قتله وقمعه من الوجود. فخضع كثير من الشيعة لهذه الفاجعة الفكرية وقبلوها وآمنوا بها وضحوا بأنفسهم وأولادهم في سبيل هؤلاء الذين ادعوا لأنفسهم السلطة الإلهية وبدون أن يساندهم دليل أو يقف معهم برهان؛ بل إن الذي يدَّعونه لا يتناقض مع عقيدة التوحيد والشريعة الإلهية فحسب، بل يتناقض مع مبادئ العقل والبدهيات الأولية، حقاًّ إنه من الأمور المحزنة أن تواجه الشيعة محنة فكرية كهذه، وكثير منهم يؤمنون بها، ويتفانون في سبيلها(18).


يتبع --->
__________________



كلما حاولت اعدل في زماني .. قامت الامواج تلعب بالسفينه