عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 18-11-2003, 02:34 PM
حسام الدين حسام الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
المشاركات: 89
إفتراضي

واذكر هنا الشاب (ن. ص) أصيل الجنوب الغربي، و(ن. غ)، أصيل الشمال، اللّذان بقيا أشهرا عديدة وهما يقيمان الصّلاة وهما مضطجعان على فراشيهما متظاهرين بالنّوم، وكان ذلك في سجن الهوارب عام 1995. ولا يفوتنا هنا أن نذكر منع الإدارة للاغتسال في الغرف... لكن ما حيلة ذلك الشاب الذّي أصبح جنبا؟ هل ينتظر دورة الاستحمام العام، التّي قد تأتي بعد أسبوع أو أسبوعين، وقد لا تأتي إلاّ بعد عدّة أسابيع... كان الاغتسال في الغرف ممنوعا منعا باتا في سجون عديدة مثل سجن تونس وبرج الرومي والمهدية... وكان الوشاة والمخبرون الذّين يقدّمون "خدماتهم" من أجل شطر رغيف زائد يُلطّف به عضّة الجوع، أو حبّة أسبرين لتسكين ألم ضرس... أو من أجل ابتسامة يحظى بها من المسؤول عن الجناح، أو أحد أعوانه... كان هؤلاء الوشاة لا حصر لهم... فهم في كلّ مكان يراقبون، ويحصون الأنفاس، وينتظرون أيّ شيء يمكّنهم من تحقيق "طموحاتهم"... لذلك ترى السّجين الذي يعتزم الاغتسال يتستّر ويتلطّف كي لا يشعر أحد بما يزمع القيام به... فتراه يختار الوقت المناسب مثل بث مقابلة رياضية، أو حلقة من مسلسل تلفزي، ينشغل عموم المساجين بمتابعته... ثمّ يخفي المنشفة تحت ثيابه، ويتسلل إلى دورة المياه... ثمّ ينزع ثيابه ويضعها في سلّة، محجوبة عن الأنظار، ويتظاهر بقضاء حاجته البشرية... ويسكب الماء على جسده من قارورة أعدّها للغرض، تجنّبا لإحداث أيّ صوت يمكن أن يشي به (سيلان الماء)، ويؤجّل غسل شعر رأسه لكي لا يقبض عليه متلبسا بجريمة الاغتسال، أليس في بلل الشعر دليل قاطع على التّورط... وبعد عملية تمويه تطول أو تقصر يتمّ غسل رأسه، مشعرا من حوله بأنّه يريد التّخلص من القشرة... وكلّ هذه الاحتياطات قد لا تؤدّي إلى تجنيبه "وليمة" في السجن المضيق، ثمّ 10 أيام في غرفة انفرادية، في ظروف تبرأ التعاسة منها... لا تزال صلاة الجماعة تثير بعض المسؤولين، الذّين ما فتئوا يتصدّون لها. واذكر هنا السيد (ع. س)، الذّي منع صلاة الجماعة في جناح "ج" بالسجن المدني بتونس في خريف 2001، والسجين (أ. ع) ذاق الأمرّين من تعليمات المسؤول المذكور واستفزازاتهأمّا سجناء الحق العام الذين يريدون أداء صلاتهم في السّجن المضيق، عند تسليط هذه العقوبة عليهم، فإنّهم قد يؤمرون بعدم أداء الصلاة تماما، كما وقع للسجين (س. س) في سجن برج الرومي ربيع العام 1999 في عهد السيد (ع. ع). [انظر ملحق عدد 1 بصفحة 6 ي]. الصوم نلاحظ بدءا أنّ عدد سجناء الحق العام، الذين يؤدّون هذه الفريضة قليل جدّا. ويزداد هذا العدد تقلّصا مع تقدّم الشهر... ومن أبرز ما يحضرني في مسألة الصيام ما أقدم عليه السيد مدير سجن المهدية الملازم (س. ع) سنة 1997. ففي أوّل يوم من شهر رمضان عمد المدير المذكور إلى بث شريط سنمائي إباحي وخليع جدّا في منتصف النّهار، عبر شبكة الفيديو. كما أعاد الكرّة من الغدّ، مما أحدث استفزازا لدى عموم المساجين. وقد شعرت الإدارة بذلك عن طريق مخبريها وعيونها وتوقّف الأمر عند ذلك... ومن أبرز ما يتحجّج به المساجين المفطرون انعدام الأكلة المناسبة، وهم محقون في ذلك. وشعورا من الإدارة بوجاهة ذلك سمحت بدخول القفاف (قفة المؤونة إلى المساجين في كلّ أيّام الأسبوع طيلة شهر رمضان، بخلاف غيره من الشهور، حيث يسمح بدخول القفاف في ثلاث أيّام فقط من الأسبوع. ورغم أنّ الإدارة العامّة للسجون والإصلاح خصّصت للمساجين ما يفي بتوزيع نصف لتر من الحليب وشيئا من المسفوف في 5 أيّام من الأسبوع، على أن يقع توزيع شيء من المسفوف مع الزيت والسكر في اليومين الباقيين، فإنّ القلّة القليلة من المديرين من يحترم ذلك... وفي حديث لي مع الوكيل (ع. ت) عام 1999 عن الأكلة واحتجاجي على عدم توزيع السجور لمدّة طويلة، أجاب المسؤول بكلّ وقاحة أنّ عدد الصائمين لا يتجاوز سجناء الصبغة الخاصّة (أي سجناء الرأي)، وقليل جدّا من سجناء الحق العام، لذلك فإنّ الإدارة تفكّر في الكفّ عن توزيع السحور... >* تلاوة القرآن الكريم في بداية رحلة العذاب (1990-1991) كان من المسموح به جلب كتب التّفسير، وكتب السيرة، والفقه وأصوله، وكتب اللّغات. ثمّ بدأت الانتكاسة بعد صدور الأحكام في المحكمتين العسكريتين: ثم منع جلب الكتب، وفي مرحلة موالية سحبت الكتب التّي سبق أن جلبها أصحابها، وحجزت في حملات تفتيش، نظّمت للغرض، ولم تكتف الإدارة بذلك، بل عمدت إلى حجز المصاحف، التّي تضمّ بين دفتيها زيادة عن سور القرآن الكريم شرحا للألفاظ، أو أسباب النّزول (مثل تفسير الجلالين، أو شرح ألفاظ القرآن الكريم لمخلوف...). ثمّ تلت مرحلة أخرى، عمدت فيها الإدارة إلى حجز المصاحف، التّي تحتوي على دعاء ختم القرآن الكريم (نعم هكذا)، فترى كثير من السّجناء الذي بلغهم هذا الإجراء يعمدون إلى تقطيع تلك الصفحات، سعيا منهم للاحتفاظ بالمصحف. واذكر هنا حالة السّجين (ش. م) بالسجن المدني بتونس، ولا يزال المتصفح للمصاحف يجد الكثير منها قد نزعت منها تلك الصفحات... وفي مرحلة أخرى عمد الملازم أول (ع. ع)، مدير سجن صفاقس، إلى منع المصاحف تماما، ومصادرتها، كما فعل ذلك (ش. ب) في سجن مدينة بنزرت (سنوات 1994-1995...). ويا ليت الأمر وقف عند هذا الحدّ في سجن صفاقس... كان حفظ القرآن الكريم الشغل الشاغل لكثير من سجناء الرأي، وقد حرموا من الكتب الفكرية، ووسائل التثقيف المختلفة، ومن مواصلة دراستهم، بل حتّى من وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية...; فترى هؤلاء يلقنون بعضهم بعضا السور، التّي يحفظونها، وقد يجازف البعض بكتابة الآيات، التّي يريد حفظها في ورقة صغيرة، بعد أخذ الاحتياطات الضرورية، كأن ينسخ الآيات في بيت الخلاء (القلم ممنوع والورق ممنوع كذلك...) ويتكتّم بعد ذلك عند الإطّلاع عليها، لأنّه مهدد، عند التّفطن إليه، بزيارة السّجن المضيق، والإقامة فيه لمدّة 10 أيام، بعد الوليمة بطبيعة الحال... وقد حدّثني السّجين (ك. ر) بأنّه وإخوانه الموجودين معه في إحدى غرف سجن صفاقس اشتبهت عليهم آية من سورة النساء، واختلفوا في قراءتها، ولم يحسم الأمر، ولم يتيقّنوا من وجه القراءة الصحيحة إلاّ عند قدوم السّجين (ع. م) إلى سجن صفاقس، قادما من السجن المدني بالهوارب، إذ كان يملك مصحفا، وكان يحسن حفظ السورة المذكورة. وقد عمد كثير من المديرين إلى حجز المصاحف، أذكر من هؤلاء (م. ح) مدير سجن رجيم معتوق آنذاك، و(ف) مدير سجن القيروان... وحدّث عن المصاحف المحجوزة ولا حرج... وإن كانت تلاوة القرآن من المقربات إلى ربّ العزة، فإنّها كانت في السجون التونسية مجلبة لأنواع مختلفة من العقوبات، من ذلك أنّ العريف أول (ع. ر)، هدّد السّجين (ق. ب. س)، الذّي كان يتلو القرآن بصوت مسموع بوضعه في بالوعة المياه المستعملة والأقذار، إن سمع صوته مستقبلا. وكان ذلك في صائفة 1995 بسجن الهوارب. أمّا أولئك الذّين كانوا في غرفة 1 جناح بالسّجن المدني بتونس، فقد حرموا كلّهم من أسرّتهم، لأنّ الوكيل آنذاك السيد (ع. ح)، رأى في تلاوتهم رموزا (وشفرات معلومات) يريدون تمريرها إلى سجناء الرّأي في جناح "ج". أمّا السيد (ب. غ)، الذي اشتهر باسم (ب. م) فكان صاحب صولات وجولات في الجناح المضيق بسجن تون إذ يزعجه الاستماع إلى القرآن الكريم، ولا يتورّع أبدا عن اختلاق الدّواعي، التّي تسمح به بمعاقبة المساجين. LY: كما أنّ حصص الإملاءات القرآنية كانت ممنوعة تماما، مثلها مثل كافة الأنشطة الجماعية... وقد علّق الوكيل أوّل (ح. ع) على حرص سجناء الرّأي على حفظ القرآن الكريم بالقول "لستم في السعودية، واللّه لن تخرجوا من السجن إلاّ بعد مددكم كاملة"، تلميحا إلى أنّ حفظ القرآن الكريم في السعودية، يعد سببا من الأسباب، التّي تجعل السّجين يتمتّع بالعفو...