عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 15-09-2002, 02:44 AM
العقاب العقاب غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
المشاركات: 41
إفتراضي

ثم يسترسل الدكتور مصطفى محمود في الإشادة بمنهج التصوف وفهم المتصوفة للإسلام فيقول: "والتصوف إدراك عن طريق المدارك العالية، والمتصوف عارف" ص103.

ثم يجري خلف المتصوفة في تطويع الآيات القرآنية إلى تفسيرهم الباطني فيقول: "وفي بعض أخبار داود أنه قال: "يا رب أين أجدك؟ فقال: "اترك نفسك وتعال.. غب عني تجدني". وفي هذا يفسر بعض المتصوفة كلام الله لموسى في القرآن": (فاخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى ) أن المقصود بالنعلين هي النفس والجسد، أو النفس وملذات الجسد، فلا لقاء بالله إلا بعد أن يخلع الإنسان النعلين: نفسه وجسده بالموت أو بالزهد" ص104.

ثم يسترسل الدكتور فيقول:" والمتصوف لا يسأل.. وهو يمرض فلا يسأل الله الشفاء ويقول في أدب.. كيف أجعل لنفسي إرادة إلى جانب إرادة الله فأسأله ما لم يفعل" ص105.

ثم يفسر قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) إن معناها ما خلقت الجن والإنس إلا ليعرفون.

ثم يقول في ختام هذا الفصل الصوفي: "هؤلاء هم أهل السر القرب والشهود الأولياء الصالحون حقاً" ص109.

فما أثر هذا المنهج الصوفي الذي اختطه الدكتور لنفسه، وكيف كان نتاج هذا الفكر عند الدكتور؟

لقد تصدى الدكتور مصطفى محمود لتأويل القرآن وتفسيره فبماذا طلع على الناس، وما الفهم العصري لكتاب رب العالمين عز وجل ؟ هناك نماذج مما وصل إليه فهم الدكتور المفسر:

أ- اجتهد الدكتور على حد تعبيره في معرفة الشجرة التي أكل منها آدم فعصى الله تبارك وتعالى وأوصله (اجتهاده) إلى ما يأتي بالنص:

"كان التلاقح الجنسي والشجرة المحرمة التي أكلت منها الحياة فهوت إلى العدم " … "وكان الشيطان يعلم أن شجرة النسل هي إيذان ببدء الموت والطرد من جنة الخالدين فكذب على آدم فسول له أنها شجرة الخلود بعينها، وأغراه بأن يخالط زوجه بالجسد" ص62.

ثم لا يكتفي الدكتور بذلك بل يجزم أن حواء أيضاً حملت في أثناء هذا اللقاء حيث يقول:

"ثم نرى القرآن يخاطبها بعد تذوق الشجرة على أنهما جمع فيقول ( اهبطوا بعضكم لبعض عدو) بينما كان الخطاب في نفس الآيات قبل الخطيئة إلى مثنى، ومعنى هذا أن الأكل من الشجرة أدى إلى التكاثر" ص62.

ثم يقول الدكتور بعد كل هذا الهذيان "ولا يمكننا القطع في هذه المسائل، ويجب أن نقول أن الشجرة ما زالت لغزاً، وأن قصة الخلق ما زالت من أمر الغيب لا نستطيع أن نقول فيها أكثر من الاجتهاد، والله أعلم بكتابه وهو وحده الذي يعلم تأويل ما فيه".

قلت: كيف وقد قطعت وفسرت بما يحلو لك آنفاً وتقولت على الله وعلى كتابه بغير علم ولا هدى.. وزعمت كل الذي زعمت في معاني القرآن بما يوافق هواك ورأيك..

والعجيب حقاً أن مصطفى محمود نفسه يهاجم البهائية الذين يعمدون إلى التأويل الباطني للقرآن فيقول: "وهو أمر يكشف خطورة التفسير الباطني للقرآن، وخطورة إغفال ظاهر الحروف، ومقتضى الكلمات والعبارات، وكيف يمكن أن يؤدي أمثال هذه التفاسير إلى اقتلاع الدين من أساسه، وهو ما كانت تلجأ إليه بالفعل فرق الخوارج والأثنا عشرية والباطنية والبابية لتطويع القرآن لأغراضها في هدم بعضها البعض".

ثم يستطرد قائلاً: "وهذا ينتهي بنا إلى موقف في التفسير لا بد من التزامه، وهو الارتباط بحرفية العبارة، ومدلول الكلمات الظاهر، لا تنتقل إلى تأويل باطني إلا بإشارة وإلهام من الكلمات القرآنية ذاتها فنفسر القرآن بالقرآن ظاهراً وباطناً على أن لا يتعارض تفسيرنا الباطن مع مدلول الظاهر أو يكون نافياً له" أهـ (محاولة تفسير عصري ص122-123)

والعجيب حقاً أن مصطفى محمود بالرغم من كل ما قاله عن خطورة التأويل الباطني قد فتح لنفسه هو المجال ليقول حسب هواه، فقد جعل الجنة والنار كليهما عذاباً ونعيماً معنوياً وليس شيئاً حقيقياً حسياً وقال أنا أكره العسل، ومنذ سمعت أن في الجنة أنهار عسل تقززت نفسي!!. وجعل يأجوج ومأجوج هم شعب الصين، وجعل الدجال المذكور في الحديث هو العلم العصري لأنه ينظر بعين واحدة إلى الدنيا فقط.. وجعل لباس البحر للنساء لباساً أوجدته الضرورة والتفكر في خلق الله… وهذه فقط بعض تأويلاته… وأما أستاذه الذي نقل عنه وهو محمد محمود طه السوداني فهذا الذي وصلت به التأويلات الى إسقاط الشريعة عن نفسه فهو لا يصلي لأنه وصل منزلة الله!! وقد وجـد بتأويلاته أن الاشتراكيـة في القــرآن بأن الله

يقول (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) والعفو هي الزيادة في زعمه عن الحاجة الضرورية وهذا يعني عنده أنه لا يجوز الإدخار ويجب إنفاق كل الكسب الزائد… وبالرغم من كل هذه الخزعبلات والخرافات فقد وجد مثل هذا الفكر رواجاً وقد ناقشت بنفسي أعداداً كبيرة من هذا الذي يسمونه بالحزب الجمهوري في السودان… ويعجب القارئ إذا علم أن مثل هذا الفكر الباطني قد انتحله أساتذة جامعات ومحامون ومدرسون وطلاب… وأنهم يدافعون عن هذا الفكر باستماتة عجيبة. فأي خطورة أعظم من مثل هذا؟!

3- إتلاف العقيدة الإسلامية:

أول ما يستهدف الفكر الصوفي إتلافه وتبديله هو العقيدة الإسلامية النقية عقيدة الكتاب والسنة، وذلك أن: الفكر الصوفي خليط كامل لكل الفلسفات والخزعبلات والخرافات التي انتشرت في العالم قديماً وحديثاً. فليس هناك من كفر وزندقة وإلحاد إلا دخل الى الفكر الصوفي وتلبس بالعقيدة الصوفية. فمن القول بوحدة الوجود وأن كل موجود هو الله، إلى القول بحلول ذات الله أو صفاته في المخلوقين، إلى القول بالعصمة، إلى الزعم بالتلقي من الغيب، إلى القول بأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو قبة العالم وهو المستوي على عرش الله، إلى القول بأن الأولياء يديرون العالم ويتحكمون في الكون، وأستطيع أن أقول أنه لا توجد عقيدة شركية في الأرض إلا وقد نقلت إلى الفكر الصوفي، وأُلبست الآيات والأحاديث. بل أنني أتحدى أي صوفي يعلم ما هو التصوف أن يثبت لي حسب عقيدته، أن إبليس كافر وأنه من أهل النار، وأن فرعون كافر وأنه من أهل النار!! وأن الذين عبدوا العجل من بني إسرائيل أخطئوا، وأن الذين يعبدون البقر الآن كفار… أتحدى أي صوفي يعلم حقيقة التصوف أن يثبت ذلك… وقد يقول قائل… وكيف لا يثبت ذلك وهو ثابت في القرآن والسنة وكل مؤمن يشهد بذلك ومن شك في ذلك فهو كافر أصلاً؟

والجواب: إنه إن أثبت ذلك طعن في عقيدة التصوف، وشكك في أعلامه ورجاله، بل وكفر قادته وأساطينه وبالتالي خرج عن التصوف، فشيخ الصوفية الأكبر هو ابن عربي الزنديق الذي زعم أن فرعون أعلم بالله من موسى، وأن من عبدوا العجل ما عبدوا إلا الله لأن العجل -في عقيدته الخبيثة- مظهر من مظاهر الإله!! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، بل وعبدة الأصنام عنده ما عبدوا إلا الله لأن الله عنده هو كل هذه المظاهر المتفرقة فهو الشمس والقمر والإنس والجن، والملائكة والشياطين، بل والجنة والنار، والحيوان والنبات والجماد، فما عبد في الأرض إلا الله، وما إبليس عند ابن عربي إلا جزء من الإله تعالى عن ذلك علواً كبيراً، وقد جعل الصوفية هذه العقيدة اللعينة التي لم تشاهد الأرض أقبح منها ولا أفظع ولا أنتن ولا أفجر جعلوها سر الأسرار، وغاية الغايات، ومنتهى الإرادات، ودرجة الواصلين الكاملين، ومنتهى أمل العارفين، وهي عقيدة الزنادقة الملحدين من البراهمة والهنادك وفلاسفة اليونان الأقدمين،… ولا شك أن كل شر دخل التصوف بعد ذلك كان تحت ظلام هذه العقيدة اللعينة وهذا شيء لا يستطيع أي متصوف في الأرض اليوم يعلم ما هو التصوف أن ينكره بل ولا يستقبحه، وغاية ما يقول: هؤلاء لا يفهم علمهم إلا أصحاب الأذواق، وأهل العرفان. والحال أن هذا الكلام مشروح بلسان عربي واضح وقد كتبوه في مجلدات ضخمة وشرحوه نثراً وشعراً، وقصصاً، وأمثالاً، وربما اعتذر بعض المتصوفة عن هذا أنه من الشطح وغلبة الوجد، ولا شك أيضاً أن الشطح خبل وجنون وهم يقولون إن أحوالهم هذه أكمل الأحوال فكيف يكون الجنون والخبال كمالاً ثم كيف يكون شطحاً ما يكتب ويدون في عشرات المجلدات، ويدعى إليه على أنه غاية التصوف ونهاية الآمال…

وربما قالوا بل هو مدسوس عليهم… وهذه أيضاً من جملة كذبهم وتدليسهم وأتحدى أي صوفي أن يذكر عبارة بعينها ويقول إنها مدسوسة أو عقيدة خاصة يعنيها ويقول إنها… قد دست على الكاتب الفلاني، كيف وهي كتب كاملة، وعقائد مصنفة منمقة، وقصائد مدبجة موزونة… أتحدى أي صوفي أن يقول هذه القصيدة مدسوسة، أو هذا القول المعين مدسوس. لأنه لو قال ذلك لأصبح التصوف كله مدسوساً مكذوباً وهذا حق. فهؤلاء زعماء التصوف كالحلاج البسطامي والجيلي، وابن سبعين، وابن عربي، والنابلسي والتيجاني وغيرهم مدسوسون على هذه الأمة، كاذبون على الله ورسوله، قائلون في دين الله بالباطل، كل منهم زعم أنه الله المتصرف في الكون، وكل منهم زعم أن الله قد وكله بجزء من هذا العالم، وكل منهم زعم أنه الولي الكامل الذي يأتيه الوحي صبحاً ومساءً بل المطلع على الغيب، القارئ في اللوح المحفوظ، الذي ختم الله به الأولياء، والذي جعله قبلة للعالمين ومعجزة ومناراً للخلق أجمعين، وأنه بعد النبي رأساً، والنبي عندهم هو المستولي والمستوي على عرش الله الرحماني، فليس على العرش غير ذات محمد، ومحمد عندهم هو أول الذوات وجوداً، وهو أول التعينات وهو الذي استوى على عرش الله، وهو الذي يوحي الوحي إلى كل الأنبياء وينزل الإلهام إلى كل الأولياء بل هو الذي أوحى لنفسه من نفسه فهو الذي سلم إلى جبريل الوحي في السماء، وتلقاه منه في الأرض… هل سمعتم يا مسلمون عقيدة تحمل كل هذه الوقاحة والخسة والنذالة والكفر والمروق… هذه هي عقيدة الصوفية، وهذا هو تراثها ودينها. ولقد شرحنا هذا بالتفصيل بحمد الله في كتابنا (الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة)، وذلك في طبعته الثانية ونقلنا النقول المستفيضة لكل ذلك من كتب هؤلاء الزنادقة، الذين ما فتئوا يخرجون على العالم أنهم أولياء الله وأحبابه وأنهم يملكون مفاتيح القلوب، ومنهاج التربية الأمثل لإخراج المسلمين من الظلمات إلى النور والحال أن هذه هي عقيدتهم وهذا هو منهجهم في إفساد دين المسلمين، وصرف الناس عن رسالة رب العالمين.

4- الدعوة إلى الفسق والفجور والإباحية.

ويخطئ من يظن أن الصوفية في أول أمرها كانت مؤسسة على التقوى فهذا ابن الجوزي رحمه الله يروي عنهم هذه الحكاية فيقول: وبإسناد عن أبي القاسم بن علي بن المحسن التنوخي عن أبيه. قال: "أخبرني جماعة من أهل العلم أن بشيراز رجل يعرف بإبن خفيف البغدادي شيخ الصوفية هنا يجتمعون إليه ويتكلم عن الخطرات والوساوس ويحضر حلقته ألوف من الناس وأنه فارهٌ فهمٌ حاذق. فاستغوى الضعفاء من الناس إلى هذا المذهب، قال: فمات رجل منهم من أصحابه وخلف زوجة صوفية فاجتمع النساء الصوفيات وهن خلق كثير ولم يختلط بمأتمهن غيرهن. فلما فرغوا من دفنه دخل ابن خفيف وخواص أصحابه وهم عدد كبير الى الدار. وأخذ يعزي المرأة بكلام الصوفية إلى أن قال: قد تعزيت… فقال لها: ههنا غير!! فقالت: لا غير. قال: فما معنى إلزام النفس آفات الهموم، وتعذيبها بعذاب الهموم، ولأي معنى نترك الإمتزاج لتلتقي الأنوار، وتصفو الأرواح ويقع الاختلافات وتنز البركات!! قال: فقلن النساء أن شئت. قال: فاختلط جماعة الرجال بجماعة النساء طول ليلتهم فلما كان سحر خرجوا. قال المحسن قوله (ههنا غير) أي هنا غير موافق المذهب. فقالت (لا غير) أي لا يوجد مخالف، وقوله: نترك الإمتزاج كناية عن الممازجة في الوطء. وقال لتلتقي الأنواء، عندهم أن في كل جسم نوراً إلهياً. وقوله الاختلافات أي يكون لكن خلف ممن مات أو غاب من أزواجكن. قال المحسن: وهذا عندي عظيم ولولا أن جماعة يخبروني يبعدون عن الكذب ما حكيته لعظمته عندي واستبعاد مثله أن يجري في دار الإسلام، قال: وبلغني أن هذا ومثله شاع حتى بلغ عضد الدولة فقبض على جماعة منهم وضربهم بالسياط وشرد جموعهم فكفوا" أهـ منه بلفظه (تلبيس إبليس ص370،371)