عرض مشاركة مفردة
  #15  
قديم 01-06-2006, 07:39 AM
صمت الكلام صمت الكلام غير متصل
كنتـُ هيّ ..!
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: QaTaR
المشاركات: 4,043
إفتراضي

في وقت نتناقل فيه المواضيع عن سارة رحمها الله .....
وصلني هذا الموضوع الجميل على بريدي الالكتروني .........
جزاه الله كاتبة خير الجزاء ..................


إقتباس:
النعمة القاتلة

” ساره ” وأسئلة الوجود

هل يمكن أن تتحول نعمه من أعظم نعم الله الى سبب مباشر للوفاة ؟ كيف يمكن تصور ذلك إذا لم يقترن الأمر بحكمـــة يريدها الخالق عز وجل .
لقد أحل الله الطيبات من الرزق وحرم الخبائث وأمرنا باجتنابها وجعلها مصدراً لهلاكنا في حين أن استمتاعنا وبقاءنا في أخذ الطيبات .
هل ثمه أعظم من نعمة الحليب الذى يتناوله الطفل من ثدى أمه ساعة نزوله ؟ وهل يمكن تصور أن هذا الحليب وهو أكسير الحياة للطفل وللإنسان عموماً بعد ذلك يصبح هو مصدر تهديده المباشر وخوفه المستمر على حياته …. ياسبحان الله .
” ساره ” كانت أكثر ما تخشاه تناول الحليب او مشتقاته لان في ذلك تهديداً لحياتها إذا ما أتُخذت وبسرعة الإجراءات الطبية اللازمة . عرفت حالتها وتعاملت معها بكل الرضى والقبول . كانت تشارك زميلاتها وشقيقاتها كل مناسباتهم التي يطرح فيها ما لذ وطاب ولنا أن نتصور أهمية تكوين الحليب ومشتقاته ودورهما في جودة الطعام ولذته وإغراءاته ومع ذلك تكتفي ” ساره ” بأقل القليل من الطعام والشراب لمثل عمرها ، كانت مقبله على الحياة تجمع أخواتها وصديقاتها دوماً دونما إشعار أحد بأنها محرومة من أعز ما يمكن تناوله لمن هم في مثل عمرها . قدمت ” ساره ” امتحان الثانوية العامة هذا العام وأبلت بلاءً حسناً وسيذاع أسمها اليوم ، نجحت ” ساره ” بالرغم من حالتها لقد كانت تملك الإرادة وتملك الأمل ووجها يشع به رغم الحرمان الكبير . لقد كانت حالتها تأتيها بين حين وآخر عندما تتناول خطأ بعض مشتقات الحليب وفي يوم مناسبة اجتماعية مميزه شعرت ساره وبعد أن تناولت عفوياً مادة تحتوى على مشتقات من الحليب بتغير داخل جسمها الصغير ولكن المناسبة كبيرة ولا تريد أن تزعج أحداً بحالتها أنه يوم الفرح لقريبتها الحبيبة فكيف لها أن تعكر مزاج الحاضرين بحالتها المعروفة والتي تتطلب بعضاً من الوقت والزمن . رأت أن تأخذها أحدى قريباتها الى المستشفى بعيداً عن أنظار الجميع ولكن الأمر كان خطيراً هذه المرة والوقت كان عاملاً حاسماً فتوقف قلب ” ساره ” الصغير وهي في طريقها الى المستشفى ووضعت على آلة التنفس الصناعي بعد أن عاد القلب الى العمل ولكن الوقت كان متأخراً . أكتمل الفرح وهو ما أرادته ” ساره ” وعلمت من أجله وبعد كل ذلك توقف القلب الصغير مرة أخرى عن العمل وكأنها تقول ليس فقط الكبار قادرون على التضحية الصغار أيضاً قادرون عليها لقد طرحت ” ساره ” أسئلة عديدة عن معنى الوجود / فالوجود لم يكن يوماً ذاتياً بمعنى الخلاص الشخصي / الوجود لم يكن يوماً أنانياً بمعنى تجاهل الغير / الوجود لم يكن يوماً مادياً بمعنى أن تطغى المادة على النوازع الإنسانية / الوجود لم يكن يوماً ليستقيم دون تضحية / الوجود لا يمكن تصوره دون محبه خالصة / الوجود لا يعني الكمال ولكنه يعنى الإرادة والأمل والرضا بما قسم الله / الوجود قيمته تتجلى بالصبر والصلاة بمعنى ضرورة وجود المعتقد.
نجحت ” ساره ” وسيذاع اسمها اليوم وستسمع وهي في قبرها بإسمها حتماً لأنها بين يدي عزيز مقتدر يخلق النواميس وبيده وحده أبطالها أنها في رحاب العدل الذى سيعوضها عن حرمانها رغم قصر حياتها ألا أنها أدت الأمانة كما لم يؤديها القادرون على أداءها رحمــه الله ” ساره ” وأورثها داراً خير من دارها الذاهبه . دروس ومعان كثيره يمكن لمن عرف ” ساره ” أو عرف ما تعانيه أن يتعلمها من قصتها خاصة من يعتقد أن الوجود حملاً ثقيلاً رغم ما أوتي من نعم .
علمتنا ” ساره ” معنى التضحية ومعنى الحب ومعنى التفاني ومعنى الصبر اللهم أرحم ” ساره ” وأجعلها في ميزان والديها الكريمين يوم لا ينفع مال ولا بنون .
__________________
الرد مع إقتباس