الموضوع: لله ثم للتاريخ
عرض مشاركة مفردة
  #62  
قديم 04-09-2006, 12:28 PM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-236-

إليها من داخل فرنسا ؟ لا نعتقد ذلك . وقبل يومين زار وفد من وزارة الخارجية الفرنسية الخميني وعرضوا عليه استمرار الإقامة في فرنسا . إنه كرم حاتم !! .

نعود الى سياسة الوفاق بين أمريكا والاتحاد السوفياتي .
لا نظن أن حوادث ايران ستحدث خللا في سياسة الوفاق ، فالدولتان غير مستعدتين لأن يعرضا بعضهما للخطر من أجل مصالح لكل منهما في ايران ، فالكرة الأرضية واسعة ، وما يخسره أحدهما هنا يربحه هناك .

تبادلت الدولتان الانذارات بعدم التدخل في شؤون ايران الداخلية ثم اطمأن كل منهما للآخر . ان السوفيات يسيطرون على القرن الافريقي ، وحزب توده داخل ايران ، وبوسعهم أن يحركوا ثوار ظفار واليمن الجنوبي وأن يفجروا حوادث جديدة في اليمن الشمالي .

والأمريكان يملكون رومانيا . وخطر قد ينتقل الى بقية دول أوربا الشرقية ، ويستطيعون تحريك المسلمين السنة داخل الأتحاد السوفياتى عن طريق أنصارهم في ايران ، وقد يضطرون الى دعم سياد بري وتحريكه من جديد عن طريق بعض الأنظمة الموالية لها في المنطقة .

من الملاحظ ان الخصمين متكافآن فلا بد من مقايضة صفقة بصفقة والحل الأخير أن يتحرك الأمريكيون لإنهاء الاضطرابات في ايران بطريقة لا تغضب السوفيات .. وقد بدأ الأمريكيون بالتحرك فشكل البيت الأبيض لجنة لهذا الغرض برئاسة ( برزنسكي ) مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي كارتر وعضوية ( جورج بول ) وكيل وزارة الخارجية الأسبق لشؤون الشرق الأوسط و( ريتشارد هولمز )

-237-

الرئيس السابق لجهاز المخابرات الأمريكية وسفير الولايات المتحدة في ايران ، وباشرت اللجنة مهمتها .

أما التوقعات التي ستسفر عنها الأحداث فلا تخرج عن الاطارين التالين :

1_ استمرار الشاه اما بشخصه عن طريق شق المعارضة ، أو كما حصل أيام مصدق ، أو عن طريق ابنه فيتنازل هو عن العرش ويقوم مجلس وصاية في البلاد .

2_ أما الاحتمال الأقوى فستكون في استمرار الفوضى في البلاد حتى تأتي الحكومة التي يريدها الخميني ، ويطبق ما وعد به أي النظام الشيعي ، ولن يقبل السنة بهذا الوضع ، وهذا يعني قيام معارك طائفية ، وستتبنى أمريكا موقف الشيعة وتدعمهم .

والمهم ليس في بقاء الشاه أو رحيله بل المهم أن المنطقة أقبلت على مخطط جديد سينفذه الشيعة ، وسيكون وجودهم في المنطقة أخطر من وجود اسرائيل ، واذا بقي الشاه فسيكون بقاؤه الى حين تطييبا لخواطر أصدقائه من حكام المنطقة أما حكمه عمليا فقد انتهى وبدأ حكم شيعة الخميني .

وهذا الوضع الجديد يجب أن ينتبه المسلمون إليه ، وان يتحركوا ويخططوا على أساس أن هناك خطرا جديدا يهدد العالم الاسلامي .

اللهم إني قد بلغت فاشهد .

-238-

المبحث الثالث

الولايات المتحدة الأمريكية والثورة الإيرانية
ملأ الخميني وأنصاره الدنيا صراخا ضد الولايات المتحدة الأمريكية وكان مما قالوا :

_ أمريكا هي التي تدرب رجال (السافاك) وتمدهم بأجهزة التعذيب والتنصت .
_ أمريكا تستغل بترول ايران وسائر موارده الاقتصادية ، ثم تستغل هذه الموارد في تمزيق المعارضة ودعم نظام الشاه .
_ أمريكا وراء اضطهاد معظم شعوب العالم شرقية كانت أو غربية .

ووعد الخميني بتقليم أظافر الولايات المتحدة ، وظن الناس أن هناك طحنا وراء هذه الجعجعة .. وبعدما قامت جمهوريته فوجئ الناس بمواقف مغايرة لما كان الثوار يتحدثون عنها .

فالولايات المتحدة الأمريكية كانت في طليعة الدول التي سارعت في الاعتراف بالنظام الجديد في طهران .
ولم تلجأ الثورة الى اغلاق سفارة الولايات المتحدة في طهران ، وفي حين أغلقت السفارة الاسرائيلية ، والولايات المتحدة أشد خطرا من اسرائيل ، ولولاها لانهارت اسرائيل وغير اسرائيل .

وعاد النفط الايراني يتدفق على مستودعات التخزين في الولايات المتحدة ، وهذه لا تمانع من تقديمه لإسرائيل ... كما عاد الجنرالات الأمريكان الى أماكن عملهم

-239-

وقدرت بعض الصحف عدد الخبراء الذين لم يغادروا ايران بأكثر من سبعة آلاف خبير !!

إن مجريات الأحداث تدفعنا الى وضع كثير من اشارات الاستفهام حول هذه الثورة وقائدها ، وبعض هذه الاشارات وردت في تقريرنا السابق ( ايران الى أين ؟ ) ، غير أن معظم الاسلاميين الدعاة صعب عليهم أن يتصوروا ارتباط هذا الخميني وثورته بالولايات المتحدة الأمريكية ، وقد يتساءلون باستغراب :

هذا الخميني صاحب اللحية البيضاء الذي هز العالم بجرأته وشجاعته .. هذا الخميني الذي طرح الشعار الاسلامي بكل عزة وإباء كيف يكون ذليلا أمام كارتر يتلقى منه الأوامر والتعليمات ؟! .

ومن جهة أخرى ، كيف يكون عميلا للولايات المتحدة الأمريكية ، وهو الذي يهددها ويكيل لها الاتهامات ، وصحف وأجهزة اعلام الولايات المتحدة تهاجمه وتهاجم ثورته وأنصاره ، وتنعتهم بأبشع النعوات وأحطها ؟! .

ويستمر بعض الاسلاميين في استنكارهم لاتهامنا للخميني قائلين :
أليس من العرف السائد اتهام الجماعة الاسلامية بالعمالة لانجلترا أو للولايات المتحدة الأمريكية ؟! .

ونحب أولا أن نلفت انتباه هؤلاء الدعاة وغيرهم الى قضايا سريعة ، ثم نمضي في وضع النقاط على الحروف وبسط ما عندنا من أدلة ، ومعاذ الله أن نقول بما لا نعلم ، أما عن جرأة الخميني فجمال عبد الناصر كان أكثر منه جرأة ضد الولايات المتحدة الأمريكية .
ومنذ وصول عبد الناصر الى سدة الحكم وحتى هلاكه ، وهو وأجهزة إعلامه يهاجم

-240-

الولايات المتحدة : وأجهزة إعلام الولايات المتحدة وصحفها تهاجمه ، ثم تبين أنه كان ممثلا وأن ( مايلز كوبلند ) _ من كبار موظفي المخابرات الأمريكية _ هو الذي ساهم في كتابة خطابه الذي هاجم فيه الولايات المتحدة وأعلن عن شراء صفقة أسلحة من ( تشيكوسلوفاكيا) .

ومن هنا نعلم أنه من الممكن أن يتظاهر زعيم من زعماء العالم الثالث بعداوته للولايات المتحدة ، وتهاجمه صحف وأجهزة إعلام الولايات المتحدة ويكون في الحقيقة عميلا من عملائها .

والعمالة للولايات المتحدة لها أشكال مختلفة منها : الارتباط الشخصي ، ومنها ارتباط غير مباشر ، أو احتواء الولايات المتحدة لثورة من الثورات عن طريق عدد من رجالات هذه الثورة ، وان كان البعض الآخر لايعلم بذلك .. والصورة التي تدور بأذهان بعض الاسلاميين عن العمالة صورة بدائية ساذجة ليس هذا موضع نقدها .

وأخيرا لماذا يحيط بعض الاسلاميين الخميني بهالة من الزهد والتقوى .. ففي الباب الثاني ( الخميني بين التطرف والاعتدال ) سردنا أدلة كافية تثبت فساد عقيدته وسوء هويته وأنه عدو للاسلام والمسلمين ، ثم سقنا في تقريرنا السابق ( ايران الى أين ؟! ) فتواه بجواز العمالة للمستعمرين عندما بارك جهد نصير الكفر الطوسي مع الكفرة الغزاة من التتار ، وتسائلنا عن السر الذي جعل فرنسا تقبل باستضافته وتتركه يحرك ثورة ضد أعز أصدقائها من قلب فرنسا ، وبقي لنا مثال واحد :
لماذا مكث الخميني في العراق ثلاثة عشرة عاما . وهو على هامش الأحداث ، ثم جاءته هذه البطولة والعنتريات بعد أن ساءت علاقات الشاه مع الولايات المتحدة الأمريكية وبعد أن راحت تبحث عن بديل له ؟! .