الموضوع: حوارات ثنائية
عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 26-06-2007, 10:04 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

قال الأول : مررت عليك اليوم فلم أجدك ..
أجاب الثاني: اليوم الجمعة وكنت في صلاة الجمعة ..
ابتسم الأول ابتسامة لم تعجب صاحبه ..وهز رأسه ببعض التهكم..
فقال له الثاني : ألم تذهب للصلاة؟ أم أنك مررت علي قبل الصلاة؟

الأول: أنت تعلم أنني لا أصلي .. ولا أؤمن بالله ..
تفاجأ الثاني ولم يسبق له أن امتحن إيمان صاحبه، فهو من النوع الذي لا يدعي بالورع كثيرا، ولا يدعي أنه مفتي، ولا يدعي أنه داعية، ولكنه يمارس شعائره الدينية بانتظام فيصوم منذ ست سنوات من عمره ويصلي بانتظام منذ أكثر من عشرين عاما .. ويستخرج زكاة ماله .. ويرى أبناؤه وبناته يواظبون على صلواتهم .. ولكنه لا يتزمت في ملاحقة دقائق الأمور، ولا يتتبع أخبار أعراض الناس.. ولا يسمح لأحد أن يقص عليه قصة من هذا النوع .. ولكنه لم يرتح لجواب صاحبه بأنه (لا يؤمن) ..بل راودته نفسه أن يعلن قطع علاقته معه فورا.

لكنه فضل الخوض بهذا النوع من الحديث لأول مرة مع هذا الملحد الذي كان صاحبه لقبل دقائق ..
ـ أنت لا تؤمن بالله ؟
ـ نعم لا أؤمن .. ولم أهتد (على رأيكم) .. ولا أظن نفسي محتاجا لهذا الإيمان.
ـ لكنني وإن كنت لا أملك القدرة العظيمة على المحاججة في أمور الدين. أشعر منذ الصغر أنني أحتاج لأن أكون مؤمنا بالله ورسوله وكتابه واليوم الآخر ..
ـ ولماذا تحتاج حضرتك بإلحاح لهذا الإيمان؟

ـ لأني بصراحة أعتبر أن الدين خط دفاع أخير يصد عن نفسي هواها ويجدد عزيمتي في حب الخير والرحمة ويجدد في نفسي الأمل لأكون راضيا عن نفسي من خلال مطابقة ما أقوم به مع ما يرضي الله .. وهذا ما لم تستطع عمله قوانين الناس وأعرافها ..
ـ إن نبل الأخلاق لا يحتاج كل هذا الربط مع ما تسمونه الله ..
ـ نسميه الله؟ ومن تظن نفسك حتى تغمز بعظمة الله وقدرته؟
ـ على مهلك.. لا تتعصب .. فإن كل ما تراه قد جاء صدفة!

ـ صدفة؟ وكيف تثق بقدرتك على أن يكون كلامك دقيقا .. هل تستطيع أن تقول لي ماذا يكون تحت قدميك من معادن؟ وهي بعيدة عنك بمقدار شبر؟ إنك أكثر عجزا من أن تقيم عمل مدير عام في دائرة هزيلة، وأكثر عجزا من أن تعرف متى تموت ومتى تموت ذريتك وما تصبح فقيرا .. أنت ومن ألهمك تلك الأفكار .. ثم أي صدفة؟ هل وضع العينين بين رأسك بهذا التنسيق الإلهي صدفة؟ فلماذا لو كانت الحاجة للبصر هي من أوجد عينيك، لماذا لم يكونا في بطنك؟ أو واحدة على كتفك والأخرى في قفاك؟ وأي صدفة لتطابق زمرة الدم والكروموسومات وغيرها من العوامل التي يحار من هو أعلم منك من الكفار، في تفسيرها، فلا يجدوا مناصا من الإيمان ..

ـ ها .. لقد أصبحت شيخا في الدين ..
ـ لا .. لست شيخا وأنا متأكد من قدرة المتخصصين في مجادلة أمثالك ممن كرسوا حياتهم في البحث بأمور الدين .. لكن أنت وأمثالك لن تستطيعوا أن تقنعوا طفلا ..
ثم هل تدري؟ إني لم أعد أرغب في مصاحبتك.. فكيف أؤمن على عرضي وسري منك وأنت لا وازع ينهيك عن أي فعل تفعله .. بل كيف أطمئن على الكيفية التي تعيش بها في كنف أسرتك ..
لم يصافحه بل تركه عند هذا الحد الى غير رجعة ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس