عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 10-09-2005, 06:43 AM
د.فهر حياتي د.فهر حياتي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 30
إفتراضي ------->

ثم في الحركة في سبيل اللَّه أنواعٌ من الفوائد:
أحدها: طمأنينة قلوب أهل البلاد، حتى يعمروا ويزدرعوا، وإلا فما دامت القلوب خائفةً لا يستقيم الحال.
الثانية: أن البلاد الشمالية كحلب ونحوها فيها خير كثير ورزق عظيم ينتفع به العسكر.
الثالثة: أنه يقوّي قلوب المسلمين في تلك البلاد من الأعوان والنصحاء، ويزداد العدو رعباً، وإن لم تحصل حركة فترت القلوب، وربما انقلب قومٌ فصاروا مع العدو، فإن الناس مع القائم. ولما جاء العسكر إلى الشام كان فيه مصلحة عظيمة، ولو تقدم بعضهم إلى الثغر كان في غاية الجودة.
الفائدة الرابعة: أنهم إن ساروا أو بعضهم، حتى يأخذوا ما في بلد الجزيرة من الإقامات والأموال السلطانية، من غير إيذاء المسلمين كان من أعظم الفوائد، وإن ساروا قاطنين متمكنين نزلت إليهم أمراء تلك البلاد من أهل الأمصار والجبال، واجتمعت جنود.. فإن غالب أهل البلاد قلوبهم مع المسلمين إلا الكفار من النصارى ونحوهم، وإلا الروافض ونحوهم من أهل البدع هواهم مع العدو، فإنهم أظهروا السرور بانكسار عسكر المسلمين وأظهروا الشماتة بجمهور المسلمين، وهذا معروف لهم من نوبة بغداد وحلب، وهذه النوبة أيضاً كما فعل أهل الجرد والكسروان، ولهذا خرجنا في غزوهم لما خرج إليهم العسكر. وكان في ذلك خيرةٌ عظيمةٌ للمسلمين.
فإذا كانت عامة القلوب هناك وهنا مع هذا العسكر المنصور وقد أقامه اللَّه سبحانه وأيده وأمدّه بنعمته على محمد وأمته، وقلوب العدو في غاية الرعب منه، واللَّه لقد رأى الداعي من رعبهم ما لا يوصف، حتى إن وزيرهم يحيى قال قدام الداعي ومولاي يسمع: واحد منكم يغلب ستة من هؤلاء. وهكذا يخبر القادمون من هناك أنهم مرعوبون جداً. فمن نعمة اللَّه على المسلمين أن ييسِّر غزاةً ينصر اللَّهُ بها دينه هنا وهناك، وما ذلك على اللَّه بعزيز.
وليس من شريعة الإسلام أن المسلمين ينتظرون عدوَّهم حتى يقدم عليهم. هذا لم يأمر اللَّه به ولا رسوله ولا المسلمون، ولكن يجب على المسلمين أن يقصدوهم للجهاد في سبيل اللَّه، وإن بدأوا هم بالحركة فلا يجوز تمكينهم حتى يعبروا ديار المسلمين، بل الواجب تقدم العساكر الإسلامية إلى ثغور المسلمين. فاللَّه تعالى يختار المسلمين في جميع الأمور ما فيه صلاح الدنيا والآخرة.
والسلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته.
والحمد للَّه وحده، وصلى اللَّه على محمد عبده ورسوله.
والحمد للَّه وحده، وصلاته على محمد عبده ونبيه ورسوله وحبيبه وخليله، وعلى آله وصحبه أجمعين، عدد ما أحاط به علمه، وجرى به قلمه، حتى يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
آخر الرسالة، والحمد للَّه وحده.