الموضوع: الشجاعة
عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 18-09-2006, 02:49 PM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي




ومن الأسباب التي دعت الصحابة لاتخاذ مواقف الشجاعة: أن النبي صلى الله عليه عليه وسلم كان يحمس القوم و يحفزهم كما قال له أحدهم: أرأيت إن قتلت يا رسول الله أين أكون قال له: في الجنة فألقى تمرات فقتل - تقدير المسئولية حق قدرها كما أعطى صلى الله عليه وسلم السيف لأبي دجانه بحقه لقتل المشركين في أحد . كل ذلك بعد حثه صلى الله عليه عليه وسلم على الإعداد الحربي المسبق . في الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله و نحن عصابة حوله أن نقول الحق لا نخشى في الله لومة لائم . و عند ابن حبان عن أبي ذر قال : أخذ علي رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أقول الحق و لو كان مراً. مد رسول الله صلى الله عليه و سلم سيفاً فقال : من يأخذ مني السيف فمد الصحابة أياديهم فقال : بحقه ، فخفضوا أياديهم و بقيت يد أبي دجانة قال: أنا آخذه بحقه يا رسول الله ماحقه ؟ قال: أن تضرب به في الأعداء حتى ينحني . رواه مسلم فأخذ السيف ففلق به هام المشركين لما أخذ السيف أخرج عصابة حمراء عصابة الموت فذهل الناس حتى يقول في قصيدته :

أنا الذي عاهدني خليلي ----- ونحن في السفح لدى النخيل
الاّ أوم الدهر في الكيول ----- و أضرب بسيف الله و الرسول


ففقلق هام المشركين و قتلهم قتلاً حتى أتى بالسيف مع صلاة العصر و قد انحنى . و هذه الشجاعة الإيمانية .
- الثوري كان ينصح و ينكر على الظلمة و قال لأبي جعفر المنصور و هو ظالم : اتق الله يا أبا جعفر ،و دخل طاووس على أبي جعفر المنصور : فقال : ناولني الدواء يا طاووس قال: لا قال: و لمَ ؟ قال: إن كنت تكتم باطلاً فلا أعينك على الباطل و إن كنت تكتم حقاً فلست خادماً لك - الأوزاعي أنكر على عبدالله بن علي عم أبي جعفر فيما قتل من المسلمين في دمشق و ما فعل بهم و السيوف تقطر حوله دماً حتى قال بعض الوزراء كنت أجمع ثيابي خوفاً من دم الأوزاعي وكان يزجره و يحذره مما فعل بصوت يجلجل كصوت الأسد --العز بن عبدالسلام الملقب بسلطان العلماء في إنكاره على منكرات السلاطين - شجاعة شيخ الإسلام ابن تيمية في قول الحق - ،و دخل المهدي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام له الناس جميعاً إلا ابن أبي ذئب المحدث فقال له : لمَ لم تقم يا ابن أبي ذئب ؟ فقال : تذكرت قوله تعالى ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) فتركت القيام لذلك اليوم فقال : مكانك أجلس و الله ما تركت َ شعرة في رأسي إلا قامت

سيد قطب الذي وقف في وجه حكومة الضباط حزب التحرير بأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله و ألف قنبلة كتاب ( معالم في الطريق ) و أخيراً شنقوه و هو مبتسم

أبو الأعلى المودودي سجنه خان عشر سنوات و طلب منه ورقة اعتذار فقال : أنا أكبر من أكتب له ورقة اعتذار فمات رحمه الله

شجاعة العصاة : يقول الأمام أحمد لما دخل السجن : ما ربط على قلبي إلا قول أحد المسجونين سُجن في خمر يقول : يا أحمد أصبر على الحق و أصبر على السوط فإنك من أجل أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإني قد جُلدت في الخمر 1600 سوط و إني ما تراجعت ، فربط على قلبي

مرحب اليهودي قتل سبعة من المسلمين آخرهم عامر بن سنان بن الأكوع ، فخرج له علي بن أبي طالب يبارزه فقطع رأسه كأنه لم يُخلق له رأس فكان فتحاً من الله تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم و من معه . يقول مرحب قبل المبارزة :

أنا الذي سمتني أمي مرحب شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب

فقال علي :

أنا الذي سمتني أمي حيدرة كليث غابات كريه المنظرة أكيلكم بالسيف كيل السندرة.

--السمؤل بن عادية اليهودي قال :

يقرب حب الموت آجالنا لنا ----- و تكرهم آجالهم فتطول
وإنا قوم لا نرى الموت سفة ----- إذا ما رأته عامر و سلول
إذا مات منا سيد قام سيد ----- قؤول بما قال الرجال فعول


قيل لعبدالملك : من أشجع العرب في شعره ؟ فقال : عباس بن مرداس حين يقول :

أشد على الكتيبة لا أبالي ----- أحتفي كان فيها أم سواها

بابك القُرني قتل ألف ألف من العرب و العجم و الكفار و المشركين حتى أن المعتصم سهر ليال عديدة خاف أن يأتي يدخل عليه في بغداد وقف في الشمال يرسل الكتائب و يقاتل فقال المعتصم : من يأتيني به له ألف ألف درهم و أكتب أسمه مع أسمي و يُدعى له في المنابر فأرسل له قائد تركي يقاتله سنةً فظفر به ثم أتى به فقطع رأسه فصلب المعتصم رأسه في سامراء حتى قال البحتري : جعلته علماً في سامراء و مدحه الخليفة .
ابن فتحون من أشجع العرب و العجم في عصر الخليفة المستعين و كان المشركون يهابون نزاله .


الفرق بين الشجاعة و الجرأة :

مما ذكره ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح في مبحث الفروق أن الفرق بين الشجاعة و الجرأة أن الشجاعة من القلب و هي ثبات القلب و استقراره عند المخاوف و هو خلق يتولد من الصبر و حسن الظن ، و الجبن يتولد من قلة الصبر و سوء الظن و وسوسة الظن و ينشأ الجبن من الرئة فتنتفخ الرئة فزاحمت القلب في مكانه و ضيقت عليه حتى أزعجته عن مستقره فأصابته الزلازل و الأضطراب ، فإذا زال القلب عن مكانه ضاع تدبير العقل فظهر الفساد على الجوارح فوضعت الأمور على غير مواضعها ؛ فالشجاعة حرارة القلب و غضبه و قيامه و انتصابه و ثباته فإذا رأته الأعضاء كذلك أعانته فإنها خدم له و جنود كما أنه إذا ولى ولت سائر جنوده و أولها الرجلان .
أما الجرأة فهي إقدام سببه قلة المبالاة و عدم النظر في العاقبة و الأندفاع بدون تفكير و لا حكمة و لهذا جاء في حديث عبدالله بن عمرو ابن العاص فيما رواه أحمد و غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: شر ما في المرء جبن خالع و شح هالع. و قال أبو جهل لعتبة بن ربيعة عندما قال له يوم بدر نرجع قال له أبو جهل : انتفخ سَحَرك ! ( أي رئتك).


العرب كانت لهم أمثال و عبارات يضربونها في الشجاعة :

حديث ( لا تمنَّوا لقاء العدو و إذا لقيتموهم فاثبتوا) ففيه حث على الشجاعة - قال أبوبكر لخالد بن الوليد العبارة المشهورة ( أحرص على الموت تُوهب لك الحياة)
لما سأل عمر بن الخطاب بعض بني عبس عن ظهورهم على أعدائهم فقالوا : كنا نصبر بعد الناس هنيهة
سئل عنترة العبسي عن قتالهم ضد ذبيان فقال: كنا ألفاً مثل الذهب الخالص ليس فيه غيرنا لم نكثر فنتواكل و لم نقل فنذل ، و قيل لعنترة : كيف تغلب الأبطال ؟ قال : أبدأ بالجبان فاضربه فأقسمه قسمين فإذا رأى الشجاعُ الجبانَ مقسوماً فرّ مني ، و قيل له : كيف تنتصر على الناس ؟ قال : بالصبر

قال الخارجي قطري بن الفجاءة:

أقول لها و قد طارات شعاعاً ----- من الأبطال و يحك لن تراعي
فإنك لو سألت بقاء يوم ----- على الأجل الذي لك لن تطاعي
فصبراً في مجال الموت صبراً ----- فما نيل الخلود بمستطاع
و لا ثوب البقاء بثوب عز ----- فيطوى عن أخ الخنع اليراع
سبيل الموت غاية كل حي ----- و داعيه إلى أهل الأرض داع
ومن لا يعتضد يهرم و يسقم ----- و تسلمه المنون إلى انقطاع.



قال المتنبي في الشجاعة :

أصارع خيلاً من فوارسها الدهر ----- وحيداً و ما قولي كذا و معي الصبر
و أشجع مني كل يوم سلامتي ----- و ما ثبتت إلا و في نفسها أمر
تمردت بالآفات حتى تركتها ----- تقول أمات الموت أم ذعر الذعر
وأقدمت إباء الأبي كأنني ----- سوى مهجتي أو كان لها عندي وتر


و قال المتنبي:

أرى كلنا يبغي الحياة بجهده ----- حريصاً عليها مستهاماً بها طبا
فحب الجبان النفس أورده البقا ----- و حب الشجاع الحرب أورده الحربا


من الشجعان محمد بن حميد الطوسي عمره ما يقارب 32 أختاره المعصتم لقيادة الجيوش الموحدة و كان له إمام حنفي و قاض و علماء معه يقاتلون الروم فلما حضرت المعركة خرج القائد الطوسي و لبس الأكفان عليه فأخذ يقاتل من صلاة الفجر إلى صلاة الظهر و من الظهر إلى صلاة المغرب ثم قُتل قبل الغروب فلما قُتل بدأت النوائح في بغداد فقال أبو تمام قصيدة يعزي المعتصم :

كذا فليجل الخطب و ليقدح الأمر ----- فليس لعينٍ لم يفض ماؤها عذر
توفيت الآمال بعد محمد ----- و أصبح في سفر عن السفر السفر
فتى كلما فاضت عيون قبيلة ----- دماً ضحكت عنه الأحاديث و الذكر
تردى ثياب الموت حُمراً فما أتى ----- لها الليل إلا و هي من سندس خضر
ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعةً ----- غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر
عليك سلام الله وقفاً ----- فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عمر



سمع المعتصم القصيدة و عيونه تهراق بالدموع فيقول : يا ليتني أنا المقتول و قيلت فيّ .

قالت العرب عن الجبان : نعامة خسخاء و قالوا عنه دجاجة و قالوا عنه الحدأة القتول و قالوا الظليم . و كانت العرب تشترط في من توليه سيداً أن يكون شجاعاً كريماً .

من أجبن العرب أبو حشية النميري أخذ سيفاً من خشب فكان يجلس في آخر قبيلته عند القتال فإن انتصروا ضارب معهم وإن انهزموا فرّ و كان يسمي سيفه ملاعب المنية و يعرضه أمامه و يقول : يا سيف كم من نفس أهدرتها و من دم أسلته قال عنه ابن قتيبة في عيون الأخبار و صاحب العقد الفريد : دخل كلب في ظلام الليل بيته فخرج هو و زوجته من المنزل و تناول سيفه الخشبي و قال : الله أكبر وعد الله حق فاجتمع أهل القرية و قالوا : مالك ؟ قال: عدو محارب انتهك عرضي دخل عليّ بيتي و هو الآن في البيت ، ثم قال : ياأيها الرجل إن تريد مبارزة فأنا أبو المبارزة و إن تريد قتلاً فأنا أم القتل كله و إن تريد المسالمة فأنا عندك في مسالمة قال : فبقي يضرب الباب بالسيف و ينادي فلما أحس الكلب بجلبة الناس خرج من بينهم فألقى السيف من الخوف و قال : الحمد لله الذي مسخك كلباً و كفانا حرباً




و من الجبناء قائد يسميه المؤرخون ضرطة الجمل أخذ القيادة بغير كفاية و لا قدرة و لا جدارة أخذ المسلمين إلى فارس و كان يمضي في الليل و ينام بالنهار شهراً حتى استعد أهل فارس و تترسوا و قووا كتائبهم ثم بدأ الهجوم فكان هو أول من انهزم و دخل المدينة على بغلته و ترك المسلمين يُقتَّلون فيقول الشاعر في قصيدة طويلة:

تركت أبنائنا تدمى كلومهم ----- و جئت منهزماً يا ضرطة الجمل

و قال قتيبة بن مسلم عنه : و الله لا أوليه و لا على شاة . - قال أبو جعفر المنصور لأبي دلامة لما بدأت إحدى المعارك : أخرج بارز ذلك الفارس فقال أبو دلامة : تعلم أني لست للمبارزة فقال : عزمت عليك أن تبارز فخرج فلما قرب من الفارس وضع سيفه فقال : و الله أنك تعلم أني أكره الموت على فراشي فكيف تقتلني هنا فضحك أبو جعفر و ضحك الناس و عاد أبو دلامة .

ذكر ابن كثير و الذهبي أن معاوية قال لعمرو بن العاص يوم صفين عزمت عليك أن تبارز علي قال : إنه علي . قال : عزمت عليك أن تبارز علي فلما خرج و رأى علي وضع السيف و قال : مكره أخاك لا بطل .

هناك أمور تساعد المرء أن يكون جباناً !: انطماس التوحيد و خوف البشر أكثر من الله للحفاظ على مصلحة دنيوية - عدم الاعتقاد أن الخالق الرازق هو الله - نسيان تقدير الآجال - تصور نفع الناس و ضرهم بغير مشيئة الله .