عرض مشاركة مفردة
  #33  
قديم 03-09-2005, 04:06 AM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
إفتراضي

أخي وأختي

ارفقوا بنا وأعطونا دليلاً واحداً يحرم الاختلاط ، فالاختلاط لم تفرضه لا حضارة غربية ولا شرقية بل هو من طبيعة الحياة من أول الخلق ، والذي هو ضد الفطرة أن يقال بأن اختلاط النساء بالرجال عيب أو محرم

الدليل الأول : قولُهُ ـ تعالى ـ : {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ ، فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ ، أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا ، فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى([48])} . فأباح الله ـ عزّ وجلّ ـ للنساء أن يشهدْنَ على المبايعاتِ والمدايناتِ ، ولا شكّ أنّ هذا يستلزم اختلاطَهن بالمتعاملين ، من بائعٍ ومشترٍ ودائنٍ ومدينٍ ، وخروجاً إلى السوق المليء بالرجال .

الدليل الثاني : قولُهُ ـ تعالى ـ : {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ ، أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ، عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ ، وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً ، إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً([49])} . فهذه الآية تتحدث عن اختلاطٍ يكون بين الرجل والمرأة ، وحديثٍ يدور بينهما في موضوعٍ حسّاسٍ هو الزواج ، فيقول للرجال : إذا كانت المرأة في عدّتها من وفاةٍ ، فلا إثمَ عليكم أن تُعرّضوا لها برغبتِكم في الزواج بها ، ولا يجوز لكم أن تصرّحوا لها برغبتكم في الزواج منها ، كما لا يجوز لكم أن تواعدوها بالزواج سرّاً .

وقد روى الإمام الطبري عن الصحابة والتابعين أنواعاً من التعريض ، فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : (التعريض أن يقول : إنّي أريد التزوج ، وإنّي لأحبّ امرأةً ، من أمرها ، أمرها ، يعرض لها بالقول بالمعروف) . وعنه ـ أيضاً ـ : (التعريض : أن يقول للمرأة في عدّتها : إنّي لا أريد أن أتزوج من غيرك ، إن شاء الله ، وَلَوَدَدْتُ أني أجد امرأة صالحة ، ولا ينصب [لا يصرح] ما دامت في عدّتها) .

وعن مجاهد ، قال : التعريضُ : أن يقول لها : (إنك لَجميلةٌ ، وإنك لَنافقةٌ ، وإنك إلى خيرٍ) .

وعن ابن جُرَيج ، قال : (قلت لعطاء : كيف يقول الخاطب ؟ قال : يُعَرّض تعريضاً ، ولا يبوح بشيءٍ ، يقول : أبشري ، وأنتِ بحمدِ الله نافقةٌ ، ولا يبوح بشيءٍ ، قال عطاء : وتقول المرأة : قد أسمع ما تقول ، ولا تَعِدُه شيئاً([50])) . وقد روى الطبري نحو ما تقدم وأكثر ، عن جمع من السلف .

ثم اختلف السلف في تفسير قوله : {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} فقال بعضهم الزنى ـ وهو الذي رجحه الطبري ـ وقال بعضهم : لا تأخذوا عليهن عهدا بالزواج([51]) .

وهذا ليس مجرد اختلاط ، وإنما حديث عن الزواج وتواعد ـ غير صريح ـ عليه ، بل وشيء من المديح من الرجل للمرأة .

الدليل الثالث : قولُهُ ـ تعالى ـ : {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ ، وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ، وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ، قَالَ : مَا خَطْبُكُمَا ؟ قَالَتَا : لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ، وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ([52])}. فهذا موسى ـ عليه السلام ـ اختلط بالفتاتين ، حيث تحدّث معهما ، ووقف إلى جانبهما ، واختلط بإحداهنّ ـ أيضاً ـ حين جاءته تبلغُه دعوةَ أبيها ليجزيَه أجرَ موقفِه من ابنتيه .

الدليل الرابع : ما رُوِيَ إنّ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ولَّى (الشفاء) ـ وهي امرأة من قومه ـ السوق([53]) . فعمر ولّى الشفاء الحسبة ، لتراقب السوق ، فتأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وفي هذا مخالطة لأهل السوق .

الدليل الخامس : قولُهُ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ((لا يَخلوَنّ رجلٌ بامرأةٍ ، إلاّ ومعها ذو محرم([54]))) . ويقول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ : ((لا يَخلوَنّ أحدُكم بامرأةٍ ، فإنّ الشيطانَ ثالثُهما([55]))) . فالحديثان يحرمان اجتماع رجل وامرأة منفردين في مكان واحد ، فيدلان بمفهوميهما على جواز اجتماع المرأة والرجال دون خلوة ؛ لأن الخلوة مركبة من عنصرين : اختلاط رجل بامرأة ، مضافاً إليه انفرادُهما في مكان لا يراهما فيه أحد ، فالنصّ على تحريم الخلوة ـ فقط ـ يدلّ على أن الاختلاط دون خلوة ليس حراماً ، وبعبارة أخرى : إنّ النص على تحريم الخلوة هو تنظيم للاختلاط .
__________________
معين بن محمد