عرض مشاركة مفردة
  #23  
قديم 19-06-2003, 11:10 PM
البارجة البارجة غير متصل
دكتوراة -علوم اسلامية
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2003
المشاركات: 228
إفتراضي



فمن تأمَّل في حقيقة التوسُّل عرف أنَّه هو المنطبق مع النظام الكوني وفطرة الإنسان، فالذي ينكره إنما هو في ضلال بعيد ومنحرف عن الصراط المستقيم، ومن هنا نشاهد بني إسرائيل يقولون {يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا}(البقرة 61) فيطلبون من موسى أن يدع لهم، وكذلك أولاد يعقوب عليه السلام يطلبون من أبيهم أن يستغفر لهم {قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}(يوسف 97 و98).
وفي خصوص الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلَّم قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}(النساء 64) فالرسول له دورٌ رئيسي في قبول توبة العباد لوجاهته عند الله تعالى وقربه المعنويِّ، وهذا لا يختص بحال حياته بل يشمل حال مماته أيضاً بل في هذه الحال يكون المجيء إليه آكد، فلا فرق بين حضوره وغيبته بدليل ان الاية واضحة كل الوضوح وقولي في حال غيبته ان القرآن هو لا ينتهي بفترة محددة من الزمن بل اصل كلمة الاستغفار هي لكل المسلمين في كل زمان ومكان ,,,,,,
ولذا علينا معرفة التوسل اصطلاحا ولغة واقسام التوسل

التوسلات المشروعة:ـ

1ـ التوسل بأسمائه وصفاته

2ـ التوسل بالقرآن الكريم

3ـ التوسل بالأعمال الصالحة

4ـ التوسل بدعاء الرسول الأكرم في حياته

5ـ التوسل بدعاء الأخ المؤمن

6ـ التوسل بدعاء النبي في حياته البرزخية

7ـ التوسل بالأنبياء والصالحين أنفسهم

8ـ التوسل بحق الصالحين وحرمتهم ومنزلتهم

9ـ التوسل بمقام النبي ومنزلته عند الله

10ـ التوسل بالنبي متواتر إجمالاً





أمر الله سبحانه عباده بدعائه بأسمائه الحسنى وقال تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون) (الأعراف/80).

إن الآية تصف أسماءه كلها بالحسنى لحسن معانيها، من غير فرق بين ما يرجع إلى صفات ذاته كالعالم والقادر، والحي. وما يرجع إلى صفات فعله كالخالق والرازق والمحيي والمميت، ومن غير فرق بين ما يفيد التنزيه ورفع النقص كالغنيّ والقدّوس، وما يعرب عن رحمته وعفوه كالغفور والرحيم، فعلى المسلم دعاؤه سبحانه بها فيقول: ياالله يا رحمن يا رحيم، يا خالق السماوات والأرض، يا غافر الذنوب ويا رازق الطفل الصغير. وتركِ عملِ الذين يعدلون بأسماء الله تعالى عما هي عليه فيسمون بها أصنامهم بالزيادة والنقصان، فيسمون أصنامهم باللات والعزّى أخذاَ من الله العزيز، سيجزون ما كانوا يعملون في الآخرة.

فعندما يذكره العبد بأسمائه التي تضمنت كل خير وجمال، ورحمة ومغفرة وعزة وقدرة، ثم يعقبه بما يطلبه من مغفرة الذنوب وقضاء الحوائج فيستجيبه سبحانه، وقد دلت على ذلك، الآثار الصحيحة التي نذكر منها ما يلي:

1. أخرج الترمذي عن عبدالله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله سمع رجلاً يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد، الصمد، الذي لم بلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد فقال النبي:" لقد سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعيَ به أجاب، وإذا سُئل به أعطى"(1). والحديث تضمن بيان الوسيلة، والتوسل بالأسماء، وإن لم يأت فيه الغرض الذي لأجله سأل الله تعالى بأسمائه.

2. عن أبي هريرة قال: جاءت فاطمة إلى النبي(ص) تسأله خادماً، فقال له:" قولي: اللهم ربّ السماوات السبع، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء ومنزل التوراة والإنجيل والقرآن، فالق الحبّ والنوى، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر" (2).

----------------------------------------

(1) الترمذي:الصحيح: 515/5 برقم 3475، كتاب الدعوات، الباب 65 من كتاب جامع الدعوات عن النبي.

(2) الترمذي: الصحيح 518/5 برقم 3481، كتاب الدعوات، الباب 68 من كتاب جامع الدعوات.



3. وأخرج أحمد والترمذي عن أنس بن مالك، أنه كان مع رسول الله جالساً ورجل يصلي، ثم دعا: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حيّ يا قيوم، فقال النبي:" تدرون بم دعا الله؟ دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى"(1).
4. ومن الادعبة :

"اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم، الأعز الأجل الأكرم، الذي إذا دُعيتَ به على مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة، انفتحت، وإذا دُعيت به على مضايق أبواب الأرض للفرج، انفرجت، وإذا دعيت به على العسير تيسرت..." (3).

إن ثناء الله وتقديسه ووصفه بما وصف به كتابه وسنة نبيه، يوجد أرضية صالحة لاستجابة الدعاء، ويكشف عن استحقاق الداعي لرحمته وعفوه وكرمه. وبما أن هذا القسم من التوسل اتفقت عليه الأُمة سلفها وخلفها ولم يذكر فيه أيّ خلاف فلنتقصر فيه بهذا المقدار.

----------------------------------------

وكتابه سبحانه، فعله، فالتوسل بالقرآن والسؤال به، توسل بفعله سبحانه ورحمته التي وسعت كل شيء ومع ذلك كله يجب على المتوسل، التحقق من وجود دليل على جواز هذا النوع من التوسل، لما عرفت أن كل ما يقوم به المسلم من التوسلات يلزم أن لا يخدش أصل التوحيد وحرمة التشريع، ومن حسن الحظ ترى وروده في الشرع.

روى الإمام أحمد، عن عمران بن الحصين، أنه مر على رجل يقص، فقال عمران: إنا لله وإنا إليه راجعون سمعت رسول الله يقول:" اقرأوا القرآن واسألوا الله تبارك وتعالى به قبل أن يجيء قوم يسألون به الناس"(1) . فعموم لفظ الحديث يدل على جواز سؤال سبحانه بكتابه المنزل ما شاء من الحوائج الدنيوية والأُخروية.

والإمعان في الحديث يرشدنا إلى حقيقة واسعة وهي جواز السؤال بكل من له عند الله منزلة وكرامة، وما وجه السؤال بالقرآن إلا لكونه عزيزاً عند الله، مكرماً لديه، وهو كلامه وفعله،



ماذا يعني التوسل بهم ?


وبذلك قد ثبت لك أيها الزائر أن التوسل بأرواح هؤلاء الاولياء ليس أمرا يرفضه الله تعالى وهو القائل : (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا الىه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون).
وهذه من رحمة الله تعالى على عباده اذ منح أولياءه من البركة والمقام المحمود , فجعلهم وسيلة للتقرب الىه سبحانه وطلب الحوائج عبرهم , وهذه الفضيلة للاولياء تهدف الىاعلاء القيم الغيبية في مواجهة القيم المادية واظهار مكانةالصالحين كي يرغب اللاحقون في التأسي بهم والسير علىنهجهم الى يوم القيامة .
تعال الى القرآن الحكيم , فهذا النبي يعقوب (ع) قد مسح عينيه بقميص ابنه يوسف فارتد بصيرا. أما كان الله قادرا علىذلك من دون قميص يوسف (ع) ? بلى كان قادرا ولكنه أراد أن يبين للناس في كل عصر مكانة يوسف الصديق وأن قميصه وهو شيء مادي يجعل الله فيه أثرا اعجازيا كريما. قال تعالىحكاية عن النبي يوسف (ع) : (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا ... فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم أني أعلم من الله ما لا تعلمون).
ونأتي الى البحث من زاوية أخرى : ان الله يقسم في كتابه العظيم بالشمس , والقمر , والنجم , والعصر , والتين , وغير ذلك من الموجودات الجامدة , لماذا لا نقسم عليه بعزة أوليائه ومنزلة أنبيائه الذين تحملوا أنواع الاذى لنصرة دينه وهدايةالناس, الىس هؤلاء أشرف الموجودات وأعزها?
وهم يستغفرون للتائبين بنص الكتاب الكريم (ويستغفرون لمن في الارض).
فما المانع اذن أن ندعو الله تعالى ونطلب منه حاجاتنا ثم لاستجابة دعائنا نقسم عليه بحق عباده المخلصين من الانبياء والاولياء الصالحين ?! هل في ذلك ضير على العقيدة وضررعلى الدين ?!
وللمزيد من افناد دعوى الجاهلين أقول : لو كنا نعيش في عصرالنبي (ص) أو أي من الطاهرين والصالحين بعده , هل كان يجوز لناأن نلتمسهم الدعاء ليطلبوا لنا من الله حاجة أو مغفرة ؟
لا يتردد المسلم في الجواب ب(نعم ) يجوز. كما لايتردد في اعتبار النبي (ص) والطاهرين والصالحين أحياءا وهم سادة الشهداء .
اذن ما الاشكال اذا التمسنا حوائجنا كما لو كنا نطلبها في عصرهم ? وهل رب العالمين يردهم اذا طلبوا لنا منه حاجة ؟
لقد ذكر المؤرخون ان النبي( ص) أتى عند قتلى المشركين في بدر وخاطبهم : (انا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا, فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟
فقيل له: انك تدعو أمواتا!
فقال (ص): ما أنتم بأسمع منهم ).
أجل فالمشركون أيضا اذا ماتوا يسمعون كلام الاحياء بأرواحهم المعذبة فكيف لا يسمع النبي والائمة والصالحون من العباد وهم أحياء عند ربهم يرزقون ؟!
ومن هذا الحديث يظهر أن عقيدة ( الذي قال بأن عصاه أنفع من قبر النبي (ص) ترجع جذورها الى ما كان سائدا بين المشركين في الجاهلية قبل الاسلام , وقد صحح النبي (ص) للذي سأله وكان حديث العهد بالاسلام .
ونجد مثل هذا الموقف قد حدث للامام مالك (امام المذهب المالكي) مع منصور الدوانيقي (العباسي) عند قبر النبي الاكرم (ص) اذ سأله منصور : ياأبا عبدالله أستقبل القبلة وأدعو , أم أستقبل رسول الله ؟
فقال له مالك: لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلةأبيك آدم الى الله . بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله فيك, قال الله تعالى : (ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفرلهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما).
وخلاصة الكلام : نحن لا نشك في حياة النبي (ص) وأهل بيته والشهداء الصالحين , بل ولا نشك في أن الله اكبر من أن يردهم اذا توسلنا بهم في حوائجنا , فكرامتهم عنده عظيمة وعطاء ربنا تعالى أعظم , والقصص الواقعية خير شاهد والتجربة أكبر دليل.


وبظل الخلاف في الرآي قائما ؟


ولي بحث كبير باذن الله عن التوسل من مختلف المذاهب الاسلامية وحججهم , من مؤيد للتوسل ورافض له .
وبحثي سيكون من باب الافادة للعلم وليس من باب العصبية في الحوارات والتحيز للراي الواحد .