عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 20-09-2005, 04:47 PM
يحى عياش يحى عياش غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 592
إفتراضي


وللخروج من المأزق قال: دعنا نقول إن السؤال قائم وكفى ولا نقفل الباب أمام هذا الاحتمال.

فقلت له وقد أردت مجاملته ..! يا صديقي إذا جاءتك ركلة من الخلف فلا تنزعج فما زلت في المقدمة..!! وقد فرغنا من أول قضية تناقضت فيها في أول جملة حيث قررت أن الدعوة تضررت بسبب أفعال (الشرذمة) ثم ها أنت في النهاية تقول إن القاعدة ربما لم تنفذ العملية لوحدها والسؤال ما زال قائما حول وجود أطراف متواطئة لتسهيل العملية سواء بعلم القاعدة أو بدون علمها ..

بعد ذلك تحول النقاش إلى جهة أخرى وهي ماذا لو تقرر نهائيا أن القاعدة وراء العملية بشكل مستقل تماما :

فقلت: حسنا أفهم من كلامك أنه مجرد تساؤل وليس جزما أعني حول قضية من المسئول عن العملية. لو افترضنا العكس يعني أنه ثبت قطعيا -وسترى ذلك قريبا بإذن الله- أن بن لادن وجماعته خططوا لهذا العمل ونفذوه بطريقة غاية في الدقة والاستقلالية والسرية دون تدخل ولا تواطؤ من أحد ماذا سيكون موقفك؟

قال أبو ياسر: سنضطر أن نعترف أنه نجاح في تنفيذ عملية معقدة غاية في التعقيد والصعوبة لم نتعود أن يستطيع المسلمون تنفيذ مثلها. لكن هذا الاعتراف لا يعني الموافقة على العمل نفسه. بعبارة أخرى سنعتبرها إتقانا منقطع النظير في وسيلة، ولكن لهدف خاطيء بل مدمّر، مدمر للدعوة، للعمل الخيري، متسبب في القضاء على دولة إسلامية ناشئة هي طالبان، مبرر لحملة أمريكية دائمة على الإسلام بحجة الإرهاب.

فقلت: دعنا نكمل الحديث عن الوسيلة أولا، هل تعتقد أن هذه العملية كان يمكن أن تتم لولا دعم وتوفيق رباني؟

قال: اتفقنا أنها تحتاج عبقرية خارقة في التنفيذ لكن ماذا تقصد بالدعم الرباني؟ لماذا تفترض أن الله راض عن هذه العملية ؟ هذه العملية كما قالت العرب ( بقل شهر وشوك دهر ) وما زلنا نتلظى بشوكها..

فقلت: أما وقد استشهدت بأمثال العرب: فقد قالوا أيضا في أمثالهم ( الروم إذا لم تُغزَ غزت ) ، وما فعل بن لادن أكثر من أن غزاهم ! وأما كون العملية قد حازت على توفيق رباني فقلي لي كيف يستطيع هؤلاء بجهد بشري مجرد أن ينفذوا عملا غاية في التعقيد والتفاصيل ويستغرق كل هذا الوقت ويحتاج لحركة بشرية ومالية وتفاصيل لوجستية كثيرة دون أن يكشف شيء من ذلك؟ وكيف تنجح كل حالات الخطف بالتفصيل وتصيب ثلاث منها أهدافها بدقة؟ وكيف ينهار كلا مبنيي مركز التجارة بينما هي مصمّمة على أن تصمد أصلا لحادث اصطدام طائرة؟ هل قرأت القائمة الطويلة التي نشرتها السي إن إن للشروط التي يجب أن تتوفر حتى ينهار مركز التجارة مثلا وتوفرت كلها في كلا حالتي الطائرتين اللتين ضربتا مركز التجارة؟

فقال أبو ياسر وقد انفرجت أساريره وظن أنه وجد في عبارة ( توفيق رباني ) ممسكا ..
هذه المسائل لا يمكن أن تقول إنها توفيق رباني، الطائرة الرابعة مثلا لم تصب هدفها، هذا غالبا نجاح في جانب ومشاكل في جانب آخر.

فقلت: يا أستاذنا الكريم الطائرة الرابعة لم تسقط إلا بعد خطفها والخطف بحد ذاته حصل وعدم إصابتها لهدفها لا يأتي شيئا أمام الإنجاز الهائل في تحطيم مركز التجارة وتهاويه أمام كاميرات التليفزيون.

فقال ليحسم الكلام على مسألة التوفيق الرباني:
أعتقد أن الحساب بهذه الطريقة صعب ومسالة التوفيق الرباني مبنية على أن المشروع أو الهدف أمر لمصلحة الإسلام والمسلمين ونحن نعتقد أن الحادث ضار بالمسلمين ومدمّر لهم كما ذكرت فكيف يكون فيه توفيق رباني؟

فقلت: حسنا رغم اعترافك بعبقرية العملية وعدم قدرتك في البداية على تصور أن مسلمين فعلوها ثم عندما تأجل حسم هذه القضية وقلت إن السؤال مازال قائما ، وقلت لك لنقل أن الأدلة ستثبت أنها من فعل مسلمين فقلت (سنضطر أن نعترف أنه نجاح في تنفيذ عملية معقدة غاية في التعقيد والصعوبة لم نتعود أن يستطيع المسلمون تنفيذ مثلها) ، ومع ذلك لا تريد الاعتراف أن هناك توفيقا ربانيا لو فعلها مسلمون وفق تشكيكك. أما نحن فنعتقد جزما أن الله سبحانه يسر للمجاهدين من تنظيم القاعدة كل السبل حتى نجحوا في دك صروح أمريكا في عقر دارها ولا نفهم معنى للتوفيق الرباني إذا لم يكن هذا توفيقا وقد ظل أحبابنا من تنظيم القاعدة ستة أشهر أو أكثر يقنتون ويدعون الله أن تنجح العملية ، أنت محتاج فعلا لتأمل تفاصيل العملية منذ الإعداد الأولي لها قبل سنتين تقريبا ثم النجاح المبدع في توجيه الطائرات حتى لحظات ارتطامها بالبرجين .. إن وصف استحالة تنفيذ العملية من قبل مسلمين كما تقولون ويقيننا مسبقا بأن المجاهدين هم الذين نفذوها هو الذي يجعلنا نجزم أن في الأمر توفيق رباني واضح يراه كل مؤمن بالله ورسوله ! لكن هذا يعيدنا لسؤال مهم جدا وهو كيف ينجح بن لادن في التحكم بأمريكا واستفزازها ضد الإسلام كله ويصنع هذا الاستقطاب ولم يفكر أحد أبدا أن يلتفت لكم فضلا عن أن يكون لكم دور في منع أمريكا من استهداف الإسلام والدعوة والعمل الخيري؟ لماذا لم تنفع كوادركم الهائلة وعلاقاتكم العريضة وانتشاركم الكبير في منع تداعيات أحداث سبتمبر؟ لماذا يتفق كل خبراء العالم في السياسة والتاريخ والاجتماع أن ما بعد 11 سبتمبر مختلف عن ما قبله ولم نسمع عن أحد أشار إليكم ولو بشكل محدود؟

فقال أبو ياسر: أنا لم أرفض الاعتراف بأن العمل كبير وهائل ومفصلي في التاريخ بل قلت إنه ضار، ولا يتعارض كونه كبيرا وجبارا مع كونه ضارا. أنت قلت أن بن لادن صنع هذا الاستقطاب، حسنا، هل هذا الاستقطاب أفاد المسلمين؟ أم زادهم ضعفا على ضعف؟ بل واستباحتهم أمريكا وظهرت أصوات صقور الادارة الأمريكية واليهود تطالب بردع المسلمين وتأديبهم بل تجرأوا وطالبوا بهدم الكعبة! وبعض سفهائهم طالبوا بقصف بلاد الإسلام بالأسلحة النووية حتى يخضع المسلمون فوق ماهم خاضعين ، فهذا كله يثبت أن العمل أضر الإسلام والمسلمين .

فقلت: لابد أن أشيد باعترافك بأن هذا العمل أي 11 سبتمبر عمل كبير وجبار ومفصلي في التاريخ، وهو اعتراف آخر بعبقرية القاعدة ليس في القدرة على التنفيذ بل بالقدرة على صناعة حدث جبار وهائل رغم كونها تعيش حصارا ومتابعة وتآمرا عالميا ضدها.

فقال: شكرا وهذه ليس عندي تحفظ عليها ودعنا نتجاوزها، القضية هي أننا نعتقد أن العمل ضار ضررا كبيرا ومدمرا للدعوة والعمل الخيري وكما قلت تسبب في إزالة دولة إسلامية فتية من الوجود

فقلت: يجب أن أعطيك رأيي أولا في مسألة هل العمل ضار أم غير ضار، أما كونه ضارا فلا أتفق معك فيها لأن أكبر مكسب لهذا العمل هو كشف حالة السلم الزائف بين المسلمين والغرب فهذا السلم لم يكن حقيقيا أبدا منذ نجحوا في تفتيت بلاد الإسلام إلى دويلات وقسموها إلى (جمهوريات برسيم وممالك بعر وحنظل وتمر ونفط ) تابعة لهم ووضعوا في كل مكان مفصلي في العالم الإسلامي قاعدة عسكرية أو جيشا لضمان بقاء المسلمين تحت الخضوع .. ثم أنشأوا سلما زائفا، سلم نستمر نحن فيه مستعبدين وهم الأسياد، فإذا جاء بن لادن والقاعدة وحاربوا لإخراج هؤلاء العلوج قلتم أضر الدعوة ؟ كيف يضر الدعوة والدعوة أصلا لا تملك حق تقرير مصيرها ؟ إذا كان مفهومكم للدعوة هو درس تلقونه في مسجد أو محاضرة في جامعة وأنتم لا تستطيعون أن تتجاوزوا الخطوط الحمر التي حددها الحاكم، فهذه ليست دعوة، هذا تزييف للدين وإلغاء لمعنى قوله تعالى (ويكون الدين كله لله) وأنتم عندما تعيشون في هذه الدول القطرية مع الحدود والقيود التي وضعها الحاكم عليكم لا تفيدون الدعوة بل تضرونها من حيث أنكم تكرسون تزييف الإسلام الحقيقي الذي يجب أن نبلغه كاملا بدون تدخل من حاكم أو أمير أو ملك .. وما فعلته القاعدة هي أنها بدأت جهادا ليكون الدين كله لله وليس بعضه كما تفعلون أنتم في دعوتكم .. بل الأدهى والأمر أن تصبح هذه الدول القطرية والحدود التي وضعها المستعمر مفاهيم راسخة لدى عدد من مفكريكم حين يتحدثون عن (الوطن) ويقولون لنا أنتم تساوموننا وتخيروننا بين (الجهاد) و (الوطن) فنقول لهم يا مساكين إن بن لادن يحب الوطن أكثر منكم لكن الوطن الذي يدافع عنه بن لادن ورجاله ليس الوطن الذي تمسك فيه مجندة أمريكية بالبندقية لتحمي أحفاد الصحابة والنفط وإذا اعترض أحفاد الصحابة تخضعهم .. هذا الوطن ليس وطننا وليس وطن بن لادن ولا المجاهدين هذا سجن كبير تسمونه زورا (الوطن) .. أما الوطن الذي ندافع عنه فهو "كل أرض ضج فيها نداء الحق صداحا مغنى"، وأول أرض يجب أن ندافع عنها بلاد الحرمين .. وهي البلاد التي روى أجدادنا أرضها بدمائهم ليأتي الأمريكان اليوم ويحتلونها؟ ونقف متفرجين نتغنى بأمجاد (الوطن) ونزعم أننا ندافع عن الوطن؟ وهنا أسألك سؤالا أساسيا، بصفتك تشارك في عمل إسلامي حركي عريق،أليست الشمولية والعالمية والسعي لتمكين دين الله في الأرض قضايا محسومة في فكركم وبرنامجكم وخطتكم؟

بدا أبو ياسر واجما ثم صمت للحظات ..

وأجاب: محسومة نعم، لكن تنزيلها على الواقع يحتاج مراعاة لهذا الواقع وقبل ذلك يحتاج إلى فهم هذا الواقع.

ابتسمت وقلت في نفسي .. مرحى أنا أحب هذا النوع من الإجابات التي تفتح لك أبوابا متعددة أخرى لطرح المزيد من الأسئلة الصعبة وهنا بادرت أبا ياسر بالسؤال: حسنا، ما هو تكييفكم لهذا الواقع؟

فقال: الواقع أن المسلمين بمن فيهم الدعاة والعلماء مستضعفون في كل بلاد الأرض وليس من الحكمة أن يقفز المسلمون للجهاد القتالي قبل أن يستكملوا أدواتهم.

قلت: أنا أريد جوابا أكثر تحديدا في وصف الواقع، نحن لا نريد كلاما عاما، نحن نريد جوابا محددا حول وضع الإسلام عالميا، من هو الخصم الرئيسي للإسلام كدين ورسالة وما هي شكلية حربه على الإسلام ؟ وكيف نجح في تحجيم الإسلام؟

فقال بتذمر! ولماذا تأخذنا للمستوى العالمي؟ دعنا نحسم شؤوننا القطرية والمحلية ثم نفكر بالمستوى العالمي.

قلت : سبحان الله، ألم تقولوا إن عالمية الإسلام جزء لا يتجزأ من فكركم ومبادئكم؟ ثم لماذا تفصل شأنك القطري كما تقول عن الشأن العالمي ؟ الله الخالق وضع النفط في أرضنا فجاء الأمريكان واحتلوا بلادنا فأصبحنا جزءا من العالمية شئنا أم أبينا .. ثم لاحظ أن حديثكم عن عالمية الاسلام مخادعة للنفس فأنتم في الواقع تكرسون مفهوم (الإسلام الإقليمي أو القطري) عندما تطرحون المشكلة بشكل محلي وتريدون تصوير مشكلة الإسلام على أنه مشكلة قطرية متعلقة بالبلد الفلاني، وأنتم تدركون جيدا أن الإسلام يرفض تماما كل هذه الكيانات الورقية القائمة في بلاد الإسلام تحت رعاية الغرب، وأنتم بمقولاتكم وخصوصا الأخيرة منها مثل دعوتكم (للمجتمع المدني) تعلنون بكل صفاقة عن فشل حملكم للدعوة للإسلام كدين عالمي لا يرتبط بالحدود الوهمية التي صنعها المستعمر بل لا يعترف بها إطلاقا .. إن دعوتكم للمجتمع المدني إعلان هزيمة منكم لكل المبادئ التي كنتم تحملونها عن الإسلام .. بل وأصبح بعض مفكريكم يجهل الفرق بين الإسلام السلفي الخالص وأن السلفية كمبادئ هي أفضل ضمانة للمحافظة على حقوق المجتمع وبين مفهوم (المجتمع المدني) الذي يروجون له .. ولستم محتاجين لاستعارة المفاهيم من الليبراليين حتى تتشدقوا بالمجتمع المدني وأنتم لا تدركون حقيقته وأنه في الواقع تكريس لمفهوم الدولة القطرية الذي يرفضها الإسلام من جذورها .. لكن لا تقل لي إن الإسلام السلفي كرس الإستبداد لأنني سأقول لك إن الإسلام الرسمي الذي تحالف مع هؤلاء السلاطين والملوك الجاثمين على صدورنا ليس هو الإسلام الذي امرنا الله به والسلفية الحقة بريئة منه .. والحديث عن المجتمع المدني لا نراه إلا هروبا من المسؤولية في تجريم الحاكم إلى الإغراق في الحديث عن تخلف المجتمع ومؤسساته. بالله عليكم كيف تريدون أن تقيموا مؤسسات المجتمع المدني والحاكم جاثم على صدروكم حتى التنفس لا تستطيعون أن تتنفسوا؟ أخبرني عن تغيير واحد كبير في التاريخ بدأ بمؤسسات المجتمع المدني؟ ولعلمكم فإن المجتمع المدني في أوربا بدأ بعبارة (اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس)!!



يتبع