عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 25-09-2005, 07:08 AM
يحى عياش يحى عياش غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 592
إفتراضي


فقال محاولا الدفاع: نحن نتابع الأحداث عن كثب لكن الحقيقة أنه لا دراسة مستفيضة ولا دراسة غير مستفيضة، نحن نرصد مثل غيرنا ونقرأ الجرائد ونتابع الأخبار ولدينا تصور عام وكنا ولا نزال لا نعتقد أننا بحاجة لهذه الدراسة. التداعيات واضحة ولا تحتاج لبحث، قمع أمريكي وغطرسة، القضاء على دولة إسلامية فتية مثل طالبان، حشر أفراد القاعدة في أقفاص جوانتانامو، الحصار على العمل الإسلامي الخيري وقائمة كبيرة من الخسائر في المشروع الإسلامي.

فقلت: يهمني من كلامك نقطتان، أولا تقر بشكل واضح تماما أنكم لم تفكروا حتى بدراسة مستفيضة لأحداث سبتمبر وتداعياتها فضلا عن أن تدرسوا ظاهرة القاعدة. ثانيا أنكم تقبلون منهجيا أن تحكموا على الأمور دون دراسة منهجية. بالله عليك ألا تسألون أنفسكم وأنتم جماعات فيها عقليات كبيرة وأساتذة جامعات ومفكرين ومثقفين لماذا تقبلون لأنفسكم أن تحكموا على أمور عظيمة بانطباعات وآراء مجالس مثل كل الناس؟ ما فائدة الجماعة إذا؟ هل أعتبر هذا اعترافا منكم يضاف لاعترافك الأول أنكم ليس لديكم منهجية التعامل مع الأحداث على طريقة الدراسة والتأني في الحكم؟ رجاء تعطيني الإجابة بصراحة وأمانة كما أجبت في المرة الماضية..

فقال : أعتقد أني كنت أمينا جدا معك في إجاباتي ولا داعي لتوصيني بهذه الطريقة، أنا أعترف أننا لا نتعامل بمنهجية الدراسة والمعلومات ولا الرصد الاستراتيجي. هذه ليس عندي إشكال أعترف لك بها وهي عيب معروف فينا لا ننكره. لكن هذا لا يجعل بن لادن والقاعدة على صواب بالضرورة. خذ مثلا مسألة بسيطة جدا، لماذا تفرد بن لادن بهذا القرار الكبير وهو مواجهة أمريكا؟

فقلت: حسنا خرجنا منك باعترافين مهمين: الأول قلت فيه أنكم ليس عندكم سياسة ولا برنامج سياسي واضح والآن تقول إنكم لا تعتمدون على الدراسات في تحديد مواقفكم. بصراحة سؤالك الأخير يعكس تماما هذا الاعتراف لديكم. لكن بغض النظر عن كون سؤالك يعكس اعترافك، ألا تلاحظ أن سؤالك عن تفرد بن لادن غريب وأنت تعترف بأن المسلمين ضعفاء ومتشرذمين وليس لهم كيان، بل وتعترف بأنكم أنتم الحركيون المنظمون ليس لديكم دراسات ولا منهجية في معرفة الأمور. إذا كان حال المسلمين بهذا السوء والضعف والتشرذم وانعدام التنظيم والمرجعية فمن هي الجهة التي يستشيرها بن لادن وما هو المبرر المنطقي أو الشرعي له أن يستشيرها؟ ثم كيف يستشير في عمل حساس وخطير كهذا دائرة واسعة مثل دوائر الجماعات الإسلامية التي لا تمسك سرا؟ وما هو الأساس الشرعي الذي تلزمه به أن يستشير؟

فرد موضحا: أنا لم أقصد أن يستشير الجماعات أو التيارات الحركية، أنا قصدت يستشير العلماء المعروفين والمفكرين الثقات. يصعب أن نقول إنه يجب شرعا أن يستشير لكن القضية منطقيا مقبولة. وغياب المرجعية صحيح لكن على الأقل يستأنس برأي من يوثق به و يمكن الوصول إليه من المشايخ والعلماء والمفكرين.

فقلت : حسنا يا أبا ياسر هذه المسألة من شقين لابد من توضيحهما، الأول: من هم أهل المشورة؟ والثاني: هل استشار بن لادن أم لم يستشر؟ إذا كنت تقصد بسؤالك مثلا لماذا لم يستشر بن لادن بعض الشيوخ المحددين في ذهنك مثل الشيخ سفر الحوالي أو الشيخ سلمان العودة فسأقول لك إن هذين الشيخين رغم جلال قدرهما في العلم إلا أنهما ليسا من أهل المشورة. قد تسألني لماذا؟ فأقول لك لأن الخلاف معهما في الأصل، وهو قضية الجهاد ذاتها فهؤلاء الشيوخ منذ بدء المشروع الجهادي كانوا ينصحون الشباب بعدم الذهاب إلى أفغانستان منذ أيام الجهاد ضد الروس فكيف تفترض من الشيخ أن يستشيرهما وأمثالهما وهم أصلا يرفضون المبدأ بالكلية ويقولون بتجميد أو تأجيل مشروع الجهاد. وأما الشق الثاني، فلماذا تفترض أنه لم يستشر؟ إن كان هذا هو المقصود فقد حصل والشيخ استشار فعلا من يمكن الوصول إليه ويوثق برأيه وعلمه. لكن حتى هذه لو لم يفعلها فليس عليه غبار ولا مأخذ إذا وضعنا في الاعتبار اعترافك بتشرذم العمل الإسلامي والحصار الأمني على العلماء والدعاة و اتفاقنا على غياب المرجعية. والشيخ من حرصه بادر باستشارة عدد من الموثوقين وعزم على العمل بناء على رأيهم وتأييدهم. ولظروف المصلحة وحماية هذه الأسماء لم يعلن الشيخ عنها ولا يتوقع منهم أنفسهم أن يعلنوا أن الشيخ استشارهم. وما دامت هذه السرية أمر متوقع فكيف تجزم بأن الشيخ لم يشاور، خاصة أنك وافقت أنك لا تطالبه بمشاورة الجماعات الإسلامية؟ وأضيف لاستكمال الصورة أن هذه الاستشارة من الشيخ لمن استطاع أن يصل إليه من العلماء والمفكرين هي إضافة لاعتماده الكامل على مشورة مجلس شورى القاعدة الذي فيه الكثير من الخبرات الشرعية والثقافية والفكرية والعسكرية.

ويبدو أن الجواب كان مفاجئا لأبي ياسر فقال متعجبا:
طيب كيف يشيرون عليه بمثل هذا الرأي وقد جر المسلمين إلى هذه المواجهة التي لم تجبني لحد الآن عن آثارها المدمرة؟

فقلت : سمعت منك قبل قليل إقرارا بأنكم تقيسون الأمور قياسا انطباعيا بلا دراسات ولا منهجية. ما دام حصل هذا الإقرار فهل توافقني أن قياس المكاسب والخسائر في عملية كبيرة مثل هذه يجب أن يبنى على تعامل منهجي؟ دعنا من عجزكم وفشلكم كجماعة من ذلك، أنت شخصيا علىالمستوى الشخصي هل خطر في بالك طريقة منهجية لتقويم مثل هذه العملية بمقياس تاريخي سياسي استراتيجي؟ ألا توافقني أن التقويم يحتاج إلى تكييف الواقع الإسلامي ونقاط ضعفه وقوته، تكييف حقيقة العدو وتحديده وتحديد نقاط ضعفه وقوته، دراسة طبيعة الحدث نفسه، وهل كان مجرد ضرب عمارات أو كان أعمق من ذلك؟ هل كان هناك مكاسب حاول الإعلام العربي والعالمي طمسها لكن لا يمكن إنكارها؟ أو إننا أصلا لا نستطيع إدراكها لأن مجال قياسنا مرتبط بنشاط العمل التنظيمي فقط؟ هل عدت إلى الوراء وحاولت أنت شخصيا دراسة ظاهرة القاعدة وماذا تريد بالضبط من ضرب أمريكا بهذه الطريقة وهل للقاعدة استراتيجية واضحة تقيم تصرفاتها على أساسها؟


ولأنه كان تحت الضغط دائما فقد قرر أبو ياسر الهجوم هذه المرة

فقال: لماذا نحاول أن نضخم القاعدة أكثر من اللازم بهذا الكلام الكبير؟ لماذا نفترض أن لديهم استراتيجية وأهداف واضحة وسياسات والخ؟ لماذا تطالبني شخصيا بكل ذلك حتى أستطيع أن أجيب على السؤال؟ المكاسب والخسائر في نظري واضحة، أنا عددت لك الخسائر الهائلة أعطني مكسبا واحدا؟

فقلت: ذكرت لك سابقا المكسب العظيم في إنهاء حالة السلم الزائف بين المسلمين والغرب وأضيف هنا أن الفرق بيني وبينك أني لست أسيرا للعمل التنظيمي الحركي التربوي الذي يحصر المكاسب والخسائر في قضايا محدودة جدا. قبل أن أبين لك استراتيجة القاعدة أجيبك ببساطة على قدر سؤالك، هل تمكنتم من ملاحظة هذه الصحوة الإسلامية الهائلة على مستوى العالم الإسلامي كله في قضية الهوية؟ ألم تلاحظ اعتداد المسلمين بهويتهم بسبب التحدي الأمريكي لهم واستهدافهم في إسمهم؟ هل تمكنتم من ملاحظة أثر تهاوي برجي التجارة أمام شاشات التلفاز وتكرار ذلك عشرات المرات على هيبة أمريكا؟ هل تمكنتم من ملاحظة أن المسلمين أدركوا أن بإمكانهم بدون سلاح متقدم ولا قنابل ذرية أن يفعلوا الأفاعيل في خصمهم فقط بالإيمان وحسن التخطيط والإتقان في العمل؟ هل تمكنتم من ملاحظة تصاعد رمزية القاعدة وبن لادن في أذهان كل المسلمين وتحولهم لند حقيقي للولايات المتحدة؟ هل خطر في بالكم أن الذي تطور في عمله من الصومال وعدن إلى الرياض والخبر إلى كينيا وتنزانيا إلى ضرب المدمرة كول إلى أحداث سبتمبر حتما لديه خطوة قادمة متصاعدة مثل تصاعد هذه الخطوات؟ هل رأيتم مدى جاهزية أعداد كبيرة من المسلمين لمواجهة أمريكا والاستشهاد في معركة معها؟ هل رأيتم كيفية شعور المسلمين بأنهم لم يعودوا عاجزين أمام ما حصل في فلسطين وأن أمريكا تستحق ضربة ثانية من بن لادن؟ هل أدركتم أن المسلم صار بإمكانه أن يفكر بأن أمريكا دولة عاجزة لم تستطع منع أحداث سبتمبر ولم تتمكن لحد الآن من ضمان منع ضربة أخرى وأنها لا تزال تعيش رعب "جاك الذيب جاك أخيّه"؟ وأنهم الآن مخيرين بين (جدع وخصاء) !

فقال أبو ياسر: هذا الكلام الذي تقوله ربما يكون صحيحا لكنه عام يصعب قياسه وتحديده كمكسب محدد، وبإمكان كل زاعم أن يزعمه.

فقلت: أما كونه عام ويصعب قياسه وتحديده فكلام صحيح وغير صحيح، صحيح من جهة أن هذه الأمور لا يمكن قياسها بعدد أو بكتلة أو برقم أو بحجم على كل حال، وغير صحيح من جهة عدم إمكان تقدير هذا التحول مطلقا، لأن التحولات التي أشرت إليها كلها يمكن تقديرها ولا يجادل في حصولها في المجتمعات الإسلامية إلا مكابر. حتى الصحف الغربية أكدت حصول هذه الأمور بل إن هناك من عمل دراسات وإحصائيات اقتربت من تحديدها رقميا.

فقال أبو ياسر: حسنا بغض النظر عن هذه الأمور التي يصعب قياسها كيف تريد أن تضع هذه المكاسب أو الإنجازات المزعومة في سياق استراتيجية القاعدة إن كان هناك فعلا استراتيجية للقاعدة؟

قلت : القاعدة وضعت هدفا واضحا وتصورا واضحها لأدواتها ووسائلها ووضعت خطة محددة بمراحل محددة ووضعت سياسات تضبط أساليب عملها. لقد قررت القاعدة في وقت مبكر أن أمريكا معضلة أمام ظهور الإسلام كقوة وأن كل طواغيت العرب والمسلمين سيتعرضون للشلل بعد ضعف أمريكا أو تفككها. ولذلك كان من الواضح عند القاعدة أن يكون هدفها تفكيك أمريكا أو إنهيارها أو على الأقل إرهابها وإبعادها بشكل جبري عن العالم الإسلأمي. وأما الأدوات فقد تم اختيارها بناء على فهم الواقع الإسلامي والعالمي فهما جيدا وتصور الخصم والثغرات البنيوية فيه وفهم القاعدة لنفسها وظروفها وكانت أعظم حيلة لجأت إليها القاعدة هي في تحويل أدوات الخصم وقدراته ضده خاصة في مجال استخدام رد الفعل الأمريكي على استفزازات القاعدة في تجييش المسلمين ضد أمريكا بل وتجنيدهم مع القاعدة. وأما الخطة فقد وضعت مسألة حسم الأمر مع أمريكا كآخر مرحلة سبقتها مرحلة إثبات الوجود في بيان إخراج القوات الصليبية من جزيرة العرب ثم مرحلة تهييج الأمريكان لأجل تشغيلهم أداة علاقات عامة لتجييش الناس ضد أمريكا من جهة وتجنيد الكوادر مع القاعدة مباشرة من جهة أخرى ثم مرحلة الحسم وهي مرحلة الضربات في داخل أمريكا والتي بدأت بغزوة سبتمبر ويفترض أن تتلوها ضربات لاحقة تحطم النفسية الأمريكية منها تنهار الدولة. واستفادت القاعدة من ظروف أفغانستان وحماية الطالبان استفادة قصوى ودربت آلاف الكوادر على الجهاد. أما السياسات فالقاعدة واضحة تماما في أنها ملتزمة بالإسلام السلفي الجهادي وليس عندها أنصاف حلول ولا براغماتية، وهي واضحة في أنها تركز على الهدف فقط ولا تشغل نفسها بأمور أخرى، وواضحة في أنها لا تدخل في خلافات ولا مهاترات مع قوى إسلامية أخرى وواضحة في أنها تتمسك بخطتها ولا تستدرج لردود أفعال. هذا ليس إلا ملخصا لاستراتيجية القاعدة وإلا لو أردنا الكتابة في هذا الموضوع بالتفصيل لما وسعته كتب لكن ربما ستجد غنية في مقال ( الجهاد عبقرية وإلهام .. القاعدة نموذجا )

فرد متهكما !: كأنك تتحدث عن منظمة أكبر من الدول بينما نحن لا نرى إلا مجموعة مختبئة خلف الجبال ليس لديها من مقومات الحياة شيء يذكر فكيف تعطيها هذا الوصف العظيم؟ الجماعات الإسلامية الموجودة رغم اختراقاتها للمؤسسات التعليمية والاقتصادية بل وحتى العسكرية يستحيل أن تقترب لهذا الوصف الذي وصفته، ألا ترى أنك تبالغ؟