عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 04-10-2003, 03:28 AM
مسلم فاهم مسلم فاهم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2003
المشاركات: 518
إفتراضي

هدية لاخونا ابو رائد وكل موحد : مقدمة رد العلامة الهندي السهسواني على ابن دحلان المعاصر له وهو من اقوى الردود المتجردة .

وهذه مقدمة الرد للعلامة محمد رشيد رضا رحمه الله صاحب مجلة المنار المشهورة و تفسير المنار المعروف :

تقديم الكتاب للعلامة محمد رشيد رضا رحمه الله

التعريف بكتاب صيانة الإنسان
بسم الله الرحمن الرحيم
 وقُلْ جاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطِلُ، إنَّ البَاطِلَ كانَ زَهُوقَا 
تمهيد في معنى السنة والجماعة والبدع
لما حدثت البدع في الأمة وصار لها شيع وأنصار، جعل لكل شيعة منها اسم، وأطلق على المحافظين على ما كان عليه السواد الأعظم من الصحابة والتابعين المجتنبين للمحدثات والبدع لقب "أهل السنة والجماعة".
والمراد بالسنة هنا معناها اللغوي، وهي الطريقة المخصوصة المسلوكة المتبعة بالفعل في أمر الدين – فعلاً وتركاً – من عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فالتعريف فيها للعهد، وليس المراد بها ما اصطلح علماء الحديث من إطلاقها على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وشمائله، ولا ما اصطلح عليه الفقهاء من إطلاقها على ما واظب عليه صلى الله عليه وسلم غالباً على غير سبيل الوجوب، فإن جميع فرق المبتدعة في الإسلام يأخذون بالسنة بمعنييها الأخيرين على اصطلاحات لهم وقواعد في إثباتها ونفيها وتأويلها وتعارضها، كما أن للفقهاء والمتكلمين المنسوبين إلى السنة والجماعة بالمعنى الأصلي قواعد في ذلك.
والتحقيق أن ما كان عليه السلف في الصدر الأول لم يكن يسمى مذهباً، ولا يصح أن يسمى مذهباً في الإسلام، لأنه هو الإسلام كله، وهو وحدة لا تفرق فيها ولا اختلاف، والله يقول لرسوله:  إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ . ويقول:  أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ . وإنما صار يسمى مذهباً بالإضافة إلى ما حدث من البدع التي تتعصب لها الشيع.
ولو أن الأشاعرة جروا في تقرير العقائد للمسلمين في التعليم والتصنيف على صراط القرآن في إثبات ما أثبته ونفي ما نفاه والاستدلال بما استدل به من آيات الله في الأنفس والآفاق، والتزموا في ذلك هدي السلف من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تأويل، ثم جروا في الرد على المخالفين على قاعدة الغزالي من كونه ضرورة تقدَّر بقدرها في كل زمن بحسنه بإدحاض شبهاتهم، والتفرقة بينا ما لا يتفق مع أصول الملة القطعية وما يتفق معها ولو بضرب من تأويل بعض الظواهر غير القطعية – لو أنهم فعلوا هذا وذاك – لما كان ثمَّ وجه لتقسيم أهل السنة والجماعة إلى مذهبين مختلفين: سلفية، وخلفية. حتى أفضى ذلك إلى رد بعض متكلمي الخلف على متبعي السلف من أهل الحديث ورد هؤلاء عليهم، كما يردُّ الفريقان على المعتزلة وغيرهم من الذين خرجوا عن صراط الجماعة الذي كان عليه أهل الصدر الأول المتفق بينهما على هَدْيهم وهداهم.
وهذا ما جرينا عليه في مجلة المنار وفي تفسير المنار: نقرر مذهب السلف بالحجة وندافع عنه وندعو إليه، وقد نورد ما نراه ضرورياً من تأويل لغير القطعي المجمع عليه لبيان سعة الإسلام، وكون من لم يطمئن قلبه لبعض الظواهر على مذهبهم، فإن تأوله لها مع الإيمان بكل ما هو قطعي مجمع عليه لا يخرجه من حظيرة الحنيفية السمحة، ولكن لا يقتدى به في تأويله، وهذا هو الموافق لقول أئمة السنة والجماعة: لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ولا بدعة عملية، وإن المتأول المخطئ غير كافر.
ولكن الأشاعرة جروا على طريقة متكلمي المعتزلة في بناء العقائد على النظريات العقلية، وتأويل النصوص المخالفة لها، إلا قليلاً مما خالفهم فيه أبو الحسن وغيره من كبار نظارهم كمسألة الرؤية فصاروا فرقة غير أهل الحديث المتبعين للسلف من كل وجه.
لما حدثت البدع كان الأئمة يحتجون على أهلها بأنهم خالفوا السنة – أي الطريقة المتبعة – وفارقوا الجماعة والسواد الأعظم، واتبعوا غير سبيل المؤمنين، ويطبقون عليهم ما ورد في الكتاب والسنة من النصوص في وجوب الاتباع، وحظر الابتداع، والتفرق في الدين، حتى كانت حجة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله على بدعة القول بخلق القرآن أن هذا قول لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه ولا أصحابه، ولا علماء التابعين، أفلا يسعنا ما وسعهم؟ أي أن فرضنا أنه في نفسه صحيح، فكيف إذا كان رأياً باطلاً في كتاب الله عز وجل فتح باب فتنة في الإسلام فرقت أهله شيعاً يسفك بعضهم دماء بعض ويكفر بعضهم بعضاً؟
وقد قال قبله إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه: أكلما جاءنا رجل ذكي فصيح برأي في دين الله زينه بخلابته اللسانية ونظرياته الفكرية نترك ما نزل به جبريل من عند الله تعالى على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتبعه فيه، حتى إذا جاء ذكي آخر بما ينقضه بقول أفصح منه اتبعناه فيه، وهكذا دواليك لا يسفر لنا في ديننا حال؟ ا هـ مبسوطاً بمعناه، وكان يقول: كل ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناً لا يكون بعده ديناً، فإن الله تعالى أكمل لنا الدين بنص كتابه قبل أن يقبضه إليه.
وقد قيل له: إن أناساً من أهل المدينة يقفون عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون ويدعون ساعة، فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا وتركه واسع، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك، ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده. اهـ. ذكر هذا في المبسوط.
وإنما استثنى مالك من أراد سفراً أو قدم منه لأنه صح عن عبدالله بن عمر أنه كان يفعل ذلك أي يأتي القبر فيقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا برك، السلام عليك يا أبت، وينصرف كما في صحيح البخاري، ولم يرو هذا عن غيره من الصحابة، وكان عبدالله بن عمر رضي الله عنه أشدهم عناية بمثل هذا، فقد روى عنه أنه كان يتحرى في نسكه تتبع خطوات النبي صلى الله عليه وسلم ومواقفه وأمكنة طهارته، وصلاته ومنحره، وإن صح أن هذا غير مسنون، ولم يكن يفعله أبوه ولا غيره من الخلفاء الأربعة وعلماء الصحابة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في صحيح مسلم وغيره: "وقفت هنا وعرفه كلها موقف". وقال مثل ذلك في المزدلفة وقال في منى: "نحرت هاهنا ومنى كلها منحر لئلا يتحرى الناس موقفه و منحره ويجعلوه مشروعاً فيزدحموا عليه، وهذا زيادة في الشرع وهي كالنقص منه.
ثم إن البدع فشت بضعف العلم والعمل بالكتاب والسنة ونصر الملوك والحكام لأهلها كما فعل بعض العباسيين في عصر دولة العلم، وتفاقم في عصور من بعدهم من دول الأعاجم، حتى صار لفظ "السنة والجماعة" لقباً مذهبياً انتحله بعض علماء الكلام المبتدع – وكادوا يحتكرونه دون متبعي السلف، وهم الحنابلة وأهل الحديث – ومن هؤلاء المتكلمين المقلدون في الفروع لأبي حنيفة ومالك والشافعي وكذا أحمد ابن حنبل وإن خالفوا أئمتهم فيما كانوا عليه من اتباع السلف، واجتناب البدع، وعدهم علم الكلام منها، فتى المتأخرين منهم يشاركون العوام في بدعهم، ويتأولونها لهم، وابتدعوا لهم قاعدة في إقرار البدع والإنكار على منكريها، وهي تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة! واختراع محسان لما فشا منها، ككونها من حب الأنبياء و الصالحين وتعظيمهم والتبرك بهم، وهذا عين الغلو الذي فعله أهل الكتاب وقوم نوح من قبلهم، وحذرنا الله ورسوله من فعلهم.
__________________
اللهم ألحقنا بحبيبنا نبى الرحمه صلى الله عليه وسلم وارزقنا قفوا آثاره واتباع سنته ,,,,

هذا وأصل بلية الاسلام ** تأويل ذي التحريف والبطلان

وهو الذي فرق السبعين ** بل زادت ثلاثا قول ذي البرهان