عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 04-10-2003, 03:31 AM
مسلم فاهم مسلم فاهم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2003
المشاركات: 518
إفتراضي

ومقتضى هذه القاعدة أن لكل أحد أن يبتدع في دين الله تعالى كل ما يستحسنه كما فعل أهل الملل السابقة بعد أبنيائهم، حتى إذا فشت البدع وكثر أهلها أيدها الحكام الجاهلون المستبدون إرضاء للعامة، وأيدها المعممون المقلدون إرضاء للفريقين، وأعقب ذلك إنكار الثلاثة على أنصار السنة، وتسميتهم مبتدعة مخالفين للجماعة، وهكذا انعكست القضية، وانقلبت البدعة سنة والسنة بدعة، وتحول المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وصار أهل البدع يحتجون على دعاة الكتاب والسنة بمخالفة الجماعة، والخروج على السواد الأعظم من الأمة، وتبديعهم، وتضليلهم بدعوى أن الأكثر هم المسلمون لا سواهم، ولا يقتصروا في ذلك على البدع الإضافية العملية كالأوراد المخالفة للمأثور في صفتها وتوقيتها، وجعلها كالشعائر في الاجتماع لها ورفع الأصوات بها، وبدعة محمل الحج، بل أدخلوا فيها البدع الوثنية بعبادة الصالحين بالدعاء وغيره، والعوام يتبعون من يدافع عنهم، ويدعي اتباع أئمتهم، وتؤيده حكوماتهم، ونبز داعي السنة بلقب المجتهد المحاول لهدم المذاهب المحتقر للأئمة، وباب الجدل واسع لا نهاية له، والعمدة في اتباع السنة والجماعة ما كان علي أهل الصدر الأول في أمر الدين – ومنهم أئمة الحديث والفقه المعروفون – ولا سيما العبادات والقربات ومنها تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وآل بيته وأصحابه والمهتدين بهديهم من غير غلو ولا ابتداع.
الشيخ محمد بن عبدالوهاب:
لم يخل قرن من القرون التي كثرت فيها البدع من علماء ربانيين يجددون لهذه الأمة أمر دينها، بالدعوة والتعليم وحسن القدوة، وعدول ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، كما ورد في الأحاديث، ولقد كان الشيخ محمد بن عبدالوهاب النجدي من هؤلاء العدول المجددين، قام يدعو إلى تجريد التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده، بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم ، وترك البدع والمعاصي وإقامة شعائر الإسلام المتروكة، وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة، فنهدت لمناهضته واضطهاده القوى الثلاث: قوة الدولة والحكام، وقوة أنصارها من علماء النفاق، وقوة العوام الطغام، وكان أقوى سلاحهم في الرد عليه أنه خالف جمهور المسلمين.
من هؤلاء المسلمين الذين خالفهم الشيخ محمد بن عبدالوهاب في دعوته؟ هم أعراب البوادي شر من أهل الجاهلية، يعيشون بالسلب والنهب، ويستحلون قتل المسلم وغيره لأجل الكسب، ويتحاكمون إلى طواغيتهم في كل أمر، ويجحون كثيراص من أمور الإسلام المجمع عليها التي لا يسع مسلماً جهلها،ولا يقيمون ما حفظوا اسمه منها، ولكنهم قد يسمون أنفسهم مسلمين، وأهل حضر، فشت فيهم البدع الوثنية والمعاصي وأضاعوا هدي الشرع في العمل والحكم، فضاع جل ملكهم، وذهب سابق عزهم، وعرف هذا عالمهم وجاهلهم، وصرنا نسمع خطباءهم على منابر الجمعة يقولون: "لم يبق من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، على ما في كثير من هذه الخطب من تأييد البدع والكذب على الله ورسوله، والتعاليم التي تزيد الأمة جهلاً وضعفاً وفقراً، وهم لها مقترفون، وعليها مصرون، حتى إذا ما ارتفع صوت مصلح بالأمر بالمعروف والهي عن المنكر الذي يشكون منه بالإجمال، مبيناً لهم أسبابه وسوء عاقبته بالتفصيل، هبوا لمعارضته، واستعدوا عليه الظالمين المستبدين للانتقام منه، إذا لم يجد هؤلاء الظالمون باعثاً سياسياً للإيقاع به.
ولا حج ابن جبير الأندلسي في القرن السادس ورأى ما رأى من المنركات في مصر والحجاز حكم بأن الإسلام قد ذهب من المشرق ولم يحفظ إلا في المغرب.
رسالة الشيخ أمد زيني دحلان في الرد على الوهابية:
تصدى للطعن في الشيخ محمد بن عبدالوهاب والرد عليه أفرادٌ من أهل الأمصار المختلفة، منهم رجل من أحد بيوت العلم في بغداد، قد عهدناه يفتخر بأنه من دعاة التعطيل والإلحاد( ). وكان أشهر هؤلاء الطاعنين مفتي مكة المكرمة الشيخ أحمد زيني دحلان المتوفى سنة 1304 ألَّف رسالة في ذلك تدور جميع مسائلها على قطبين اثنين: قطب الكذب والافتراء على الشيخ، وقطب الجهل بتخطيئه فيما هو مصيب فيه.
أنشئت أول مطبعة في مكة المكرمة في زمن هذا الرجل فطبع رسالته وغيرها من مصنفاته فيها، وكانت توزع بمساعدة أمراء مكة ورجال الدولة على حجاج الآفاق نعم نشرها، وتناقل الناس مفترياته وبهاءته في كل قطر، وصدقها العوام وكثير من الخواص، كما اتخذ المبتدعة الحشوية والخرافيون رواياته نقوله الموضوعة والواهية والمنكرة، وتحريفاته للروايات الصحيحة، حججاً يعتمدون عليها في الرد على دعاة السنة المصلحين، وقد فنيت نسخ رسالته تلك ولم يبق منها شيء بين الأيدي، ولكن الألسن والأقلام لا تزال تتناقل كل ما فيها من غير عزو إليها، ودأب البشر العناية بنقل ما يوافق أهواءهم، فكيف إذا وافقت هوى ملوكهم وحكامهم.
كنا نسمع في صغرنا أخبار الوهابية المستمدة من رسالة دحلان هذا ورسائل أمثاله فنصدقها بالتبع لمشايخنا وآبائنا، ونصدق أن الدولة العثمانية هي حامية الدين ولأجله حارتهم وخضدت شوكتهم، وأنا لم أعلم حقيقة هذه الطائفة إلا بعد الهجرة إلى مصر والإطلاع على تاريخ الجبرتي وتاريخ الاستقصا في أخبار المغرب الأقصى، فعلمت منهما أنهم هم الذين كانوا على هداية الإسلام دون مقاتليهم، وأكده الاجتماع بالمطلعين على التاريخ من أهلها ولا سيما تواريخ الإفرنج الذين بحثوا عن حقيقة الأمر فعلموها وصرحوا أن هؤلاء الناس أرادوا تجديد الإسلام وإعادته إلى ما كان عليه في الصدر الأول، وإذاً لتجدد مجده، وعادت إليه قوته وحضارته، وأن الدولة العثمانية ما حاربتهم إلا خوفاً من تجديد ملك العرب، وإعادة الخلافة الإسلامية سيرتها الاولى.
على أن العلامة الشيخ عبدالباسط الفاخوري مفتي بيروت كان ألف كتاباً في تاريخ الإسلام ذكر فيه الدعوة التي دعا إليها الشيخ محمد بن عبدالوهاب وقال إنها عين ما دعا إليه النبيون والمرسلون، ولكنه قال إن الوهابيين في عهده متشددون في الدين، وقد عجبنا له كيف تجرأ على مدحهم في عهد السلطان عبدالحميد، ورأيت شيخنا الشيخ محمد عبده في مصر على رأيه في هداية سلفهم، وتشدد خلفهم، وأنه لولا ذلك لكان إصلاحهم عظيماً ورجى أن يكون عاماً، وقد ربى الملك عبدالعزيز الفيصل أيده الله غلاتهم المتشددين منذ سنتين بالسيف تربية يرجى أن تكون تمهيداً لإصلاح عظيم( ).
ثم أطلعت على أكثر كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب ورسائله وفتاويه وكتب أولاده وأحفاده ورسائلهم ورسائل غيرهم من علماء نجد في عهد هذه النهضة التجديدية فرأيت أنه لم يصل إليهم اعتراض ولا طعن فيهم إلا وأجابوا عنه، فما كان كذباً عليهم قالوا: "سبحانك هذا بهتان عظيم" وما كان صحيحاً أو له أصل بينوا حقيقته وردوا عليه وقد طبعت أكثر كتبهم، وعرف الألوف من الناس أصل تلك المفتريات عنهم.
ومن المستبعد جداً أن يكون الشيخ أحمد دحلان لم يطلع على شيء من تلك الكتب والرسائل وهو في مركزه بمكة المكرمة على مقربة منهم، فإن كان قد اطلع عليها ثم أصر على ما عزاه إليهم من الكذب والبهتان – ولا سيما ما نفوه صريحاً وتبرؤا منه – فأي قيمة لنقله ولدينه وأمانته ؟ وهل هو إلا ممن باعوا دينهم بدنياهم ؟
__________________
اللهم ألحقنا بحبيبنا نبى الرحمه صلى الله عليه وسلم وارزقنا قفوا آثاره واتباع سنته ,,,,

هذا وأصل بلية الاسلام ** تأويل ذي التحريف والبطلان

وهو الذي فرق السبعين ** بل زادت ثلاثا قول ذي البرهان