عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 13-07-2003, 09:21 PM
د . عبد الله قادري الأهدل د . عبد الله قادري الأهدل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2001
المشاركات: 609
إفتراضي الجزء الثاني..

المفسدة العاشرة:
السيطرة اليهودية على المنطقة كلها، اقتصاداً وإعلاماً وتجارةً ومالاً وصناعةً وزراعةً وحرباً، لأن لليهود في كل تلك المجالات مؤسسات منظمة مدعومة دعماً قوياً منهم في الأراضي الفلسطينية، ومن إخوانهم في العالم كله، ومن أعوانهم في الغرب... بخلاف ما عليه البلدان العربية من الضعف في ذلك كله...

والذي يقرأ كتاب "نحو شرق أوسط جديد" لرئيس الوزراء الأسبق "شمعون بيريز" يظهر له هذا الأمر ظهورا جلياً لا شك فيه....

وكثير من الناس لا يعرفون سبب تسمية المنطقة بهذا الاسم: "الشرق الأوسط" فهو من ابتكارات اليهود والصليبيين، وتلقفه منهم ببغاوات الإعلاميين وكثير من المثقفين البلدان الإسلامية، وبخاصة في الدول العربية..

والمقصود من هذه التسمية استبعاد معنى الشرق الإسلامي، أو الشرق العربي، وهما اللفظان اللذان كانا متداولين قبل هذه التسمية..

والهدف من ذلك أن تكون الدولة اليهودية عضواً في جامعة تسمى جامعة "الشرق الأوسط" بدلاً من "الجامعة العربية" التي يرى اليهود أن هذه التسمية "الجامعة العربية" عنصرية، لأنها تستبعد عضوية اليهود.

اقرأ النص الآتي:
[ومن الغريب أن مصطلح الـ «شرق أوسطية» بات مقبولاً لدى الساسة والمفكرين على طول العالم العربي وعرضه، بوعي أو دون وعي، على الرغم من أنه مصطلح يُقصد من ورائه أن يكون بديلاً عن مصطلح «العالم العربي»، وهو ما حدث بالفعل.

ونشير هنا إشارات سريعة لتطور استخدام المصطلح، فقد وصفت حرب عام 1948م بـ (الصراع العربي الإسرائيلي)، وحرب عام 1956م بـ (العدوان الثلاثي على مصر)، ومنذ حرب 1967م بدأ وصف الصراع بـ (الصراع في الشرق الأوسط)، ووُثِّق ذلك في وثائق الأمم المتحدة، ومنظمة الوحدة الإفريقية، والجامعة العربية... إلخ، وظهر هذا الوصف في الكتابات الأكاديمية والصحفية العربية، بل وعلى لسان المسؤولين الرسميين العرب..!

ومنذ حرب الخليج الثانية بدأ بث برنامج في إذاعة صوت أمريكا يحمل عنوان: (الشرق الأوسط والمغرب العربي بين العناوين والأخبار)، وهنا لم تضف كلمة «العربي» إلا ملحقة بالمغــرب فقط..!

وكأنما عـز على أولئك الذين صاغوا توجه الـ «شرق أوسطية» مجرد ذكر كلمة «العربي» حتى لو كانت ملحقة فقط بالمغرب! فإذا بهم يلغونها كلية من اسم «المؤتمر الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا ـ مينا»، والذي كان يعقد تحت مظلة المفاوضات الجماعية الـ «شرق أوسطية».

هكذا تحالف الغرب الصليبي تحت قيادة الولايات المتحدة مع الصهيونية، وتحت راية الـ «شرق أوسطية» لمحو الهوية العربية ـ الإسلامية كلية لعالمنا العربي؛ تمهيداً لفرض الهيمنة عليه وإقامة (إسرائيل الكبرى)].

افتح هذا الرابط:
http://www.khayma.com/hedaya/news/fat-his.html

هذا مع العلم أن اليهود يطالبون بإلحاح أن تسمى دولتهم بـ"الدولة اليهودية" لتكون خالصة لهم، يطردون منها من بقي من عرب فلسطين بعد الاحتلال في عام 1948م وإذا بقي أحد منهم إنما يكون من المقيمين الأجانب..

كما صرح بذلك رئيس وزرائهم "شارون" في "قمة العقبة"، وتبعه على ذلك الرئيس الأمريكي "بوش".

إن اليهود يطلبون من 22 دولة عربية إلغاء كلمة "عربية" من جامعتهم، لأن في ذلك عنصرية! وهم يصرون على تسمية دولته بـ"اليهودية" وقد كانت هيئة الأمم المتحدة تصنف الصهيونية أنها عنصرية، فشمر اليهود بعون من أمريكا على إلغاء هذا التصنيف.

وليت الفلسطينيين يسمون دولتهم التي يناضلون لإقامتها بـ"جمهورية فلسطين العربية الإسلامية" لينظروا هل يقبل اليهود والصليبيون ذلك؟ بل هل يقبلون تسميتها بـ"جمهورية فلسطين العربية"؟

المفسدة الحادية عشرة:
اغتنام غلاة العلمانيين في البلدان الإسلامية فرصة الحملة الأمريكية اليهودية الظالمة على الإسلام باسم الإرهاب، وإلحاحها على تغيير ما بقي من مناهجه في المدارس، ودعوى أن تلك المناهج هي التي أخرجت الإرهابيين.

أقول:
اغتنام بعض الناس هذه الفرصة، وتجريد أقلامهم للهجوم المباشر أحياناً، وغير المباشر أحياناً أخرى على مراجع وكتب إسلامية، وعلى مشايخ مشهورين بالعلم والفضل، بعيدين كل البعد عن العنف والتحريض عليه، بحجة أن بعض من تتلمذوا على تلك الكتب أو المشايخ، صدر منهم ما يحرض على العنف.

مع العلم أن أجيالاً كثيرة من طلاب العلم تتلمذوا على تلك الكتب وعلى أولئك المشايخ، لم يصدر منهم عنف ولا تحريض عليه، ومعلوم أن العبرة بالغالب، وأن النادر لا يجوز أن يحكم به على الغالب..

المفسدة الثانية عشرة:
الحرب السافرة على الجهاد الذي هو فرض في القرآن والسنة، وعلى فرضيته إجماع الأمة، و يعتبر مشروعاً في القوانين الدولية، باسم "مقاومة الاحتلال"..

كما هو الحال اليوم في فلسطين، حيث اعتبرته أمريكا وبعض دول أوربا إرهاباً، استجابة لرغبة اليهود، ودعموا قيام حكومة فلسطينية مختارة آملين منها القضاء على المجاهدين المقاومين للاحتلال اليهودي لأرضهم.

وتضغط أمريكا على الدول العربية وغيرها لتحارب المجاهدين الفلسطينيين، وتقطع مساعداتها المالية لأسر الشهداء من أرامل وأيتام وغيرهم...

إن على شبابنا المسلم الذي يتحرق لنصرة هذا الدين، أن يفكر ملياً في تصرفاته التي يظن أنه ينصر بها الإسلام، ويدفع عنه عدوان أعدائه من النيل منه ومن أهله، وأن يوازن بين المصالح التي تجلبها تصرفاته، والمصالح التي تفوت بسبب تلك التصرفات، ويوزن كذلك بين المفاسد التي تندفع بتصرفاته، والمفاسد التي تترتب على تلك التصرفات.

فإذا فكر في ذلك تفكراً متأنياً، ووازن موازنة تعقل، فسيبين له الأمر جلياً، ويعلم متى يقدم على الفعل ومتى يحجم..؟

فلا يظن بعاقل يفكر في عواقب الأمور، أن يقدم على فعل يفوت به مصلحة كبرى، ليجلب به مصلحة صغرى، أو يقدم على فعل يجلب به مفسدة كبرى ليدفع به مفسدة صغرى.

فإذا أقدم على ذلك أحد فإقدامه يدل على جهله بتلك الموازنة الضرورية، وجهله بحقيقة مشروعية تصرفاته في الإسلام..

ولهذا فإننا ننصح شبابنا المسلم الذي يرغب في نصر دين الله، أن يجتهد في طلب العلوم الشرعية على يد علمائه المتخصصين فيه، فيتفقه في دين الله بأخذ أدوات العلوم وآلاتها، [اللغة العربية وقواعدها] وفي علوم القرآن [التفسير وأصوله] وعلوم الحديث [الحديث وشروحه ومصطلحه] وعلوم الفقه[الفقه وأصوله] وأن يدرس قواعد الأحكام ليتعرف منها على فقه المصالح والمفاسد، وفقه الموازنات...حتى يكون على علم يما يغلب على ظنه بأن يرضي ربه، ويحقق لأمته الخير ويدفع عنها الشر.

فإذا عجز بعض شبابنا المسلم عن الاجتهاد في تلك العلوم على يد أهلها المتخصصين فيها، ولم يحرز منها ما يهيئه لمعرفة ذلك، فعليه أن يصون نفسه من الاستجابة لعواطفه أو عواطف من لم يكن أهلاً للتلقي عنه، فإن الإقدام على الفعل أو الترك لأي أمر من الأمور، هو حكم يحتاج المسلم على معرفته في الشرع.

وكثيرا ما يقع مريد الصواب في الخطأ، بسبب جهله بحقيقة حكم الله في فعله، وكثير من الشباب يصابون بالغرور بقليل العلم الذي حصلوا عليه، أوبتوجيه متعالم متحمس لم يتمكن من التفقه الصحيح في الدين...ولم يميز بين المصالح والمفاسد.

جهاد الدعوة.. وجهاد القتال..

إن لأفراد المسلمين وجماعاتهم، أن يقوموا بدعوة الناس إلى الله، وتبليغهم رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، لإخراجهم من الظلمات إلى النور...

وأن الواجب على الناس كلهم الدخول في هذا الدين الذي لم يبق دين حق سواه، إذا توافرت في أولئك الأفراد وتلك الجماعات الشروط الواجب إحرازها للدعاة، ومن أهمها العلم والحكمة والصبر على الأذى واللين..

أما جهاد الكفار بمعنى قتالهم في بلدانهم، فليس من حق الأفراد والجماعات القيام به، بل لا بد من أمير للأمة يتولى أمرها ويقود جيشها بنفسه، أو يؤمر عليها من يقودها..

كما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون ومن تبعهم، فلم يعرف أن فرداً أو مجموعة من المسلمين [بعد قيام الدولة الإسلامية] غزوا الكفار في بلدانهم بدون أمير يقودهم وينظم شؤونهم.

ويمكن تعليل ذلك بالأسباب الآتية:

السبب الأول:
أن المصالح والمفاسد المترتبة على هذا النوع من الجهاد تعود إلى الأمة كلها، ولا تختص بمن يباشر الجهاد... فلا يحق لفرد أو جماعة مباشرة عمل لا تتحمل الأمة كلها ما يترتب عليه من آثار، بدون مشورتها واستعدادها له.

السبب الثاني:
أن الفرد أو الجماعة التي تباشر هذا النوع من الجهاد، لا يستطيعون حماية الأمة من الآثار المترتبة على تصرفاتهم، بخلاف ولي الأمر الذي بيده مقاليد الأمور، ومعه أهل الحل والعقد، فإنهم لا يقدمون على القتال، إلا بعد أن يتشاوروا ويتدبروا أمورهم، ويغلب على ظنهم أنهم قادرون على مواجهة عدوهم.

ثم إذا فرض أنهم غلبوا على أمرهم تحملوا تبعة قرارهم جميعاً، وحشدوا طاقاتهم، وأعدوا العدة لحماية أنفسهم..

والذي يترتب على عمله الذي يستبد به من دون الأمة، ضرر يلحق بها، ولا يستطيع هو دفع ذلك الضرر عنها، لا يحق له ذلك العمل...

السبب الثالث:
ما يترتب على الأعمال الانفرادية من الفوضى والانفلات، وعدم القدرة على ضبط الأمور، وفي ذلك ما فيه من المفاسد..

ولقد بينت رأيي في حدث نيويورك وواشنطن، الحاصل بتاريخ 23/6/1422هـ 11/9/2001م وتوقعت ما سيترتب عليه من المفاسد العظام على هذه الأمة، عندما حاورني بعض الإخوة فيما رأيتُ.

ولقد فاقت المفاسد ما توقعتُه وتوقعه كثير من الناس، ولا زالت تتوالى على المسلمين، وأكرر مرة أخرى، أن ذلك الحدث وما تبعه، إنما عجل بالحملة الأمريكية الظالمة، التي اتخذتها مسوغات لحملتها، وإلا فالحرب على الإسلام قد تقررت منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، كما سبق قريباً.

[رابطان لما كتبته وجرى الحوار فيه عن الحدث في حينه]:

http://www.saaid.net/Doat/ahdal/23.htm

http://www.saaid.net/Doat/ahdal/5.htm
__________________
الأهدل