عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 13-07-2003, 09:27 PM
د . عبد الله قادري الأهدل د . عبد الله قادري الأهدل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2001
المشاركات: 609
إفتراضي الجزء السادس..

وقد تمكنت بعض الدول من إنشاء مصانع أسلحة متقدمة، ومنها السلاح النووي، لأنها شمرت عن ساعد الجد من وقت مبكر واغتنمت أي فرصة أتيحت لها، لتتمكن من إعداد عدتها لأعدائها، كما هو الحال في الهند وتلتها الباكستان، ويبدو أن لإيران من ذلك نصيب.

أما اليوم فإن حرباً شعواء تشنها الصليبية الأمريكية واليهود، على هذه الدول وغيرها من حكومات الشعوب الإسلامية، للسيطرة عليها وعلى سيادتها.

ولهذا تصر على الحَوْل بينها وبين كل ما يمكن أن يقويها من المصانع، وبخاصة مصانع السلاح.

ولو أن حكومات الشعوب الإسلامية، وبخاصة العربية منها، اعتصمت بحبل الله واجتمعت كلمتها على التعاون على ما يحقق مصالح شعوبها، ويدفع المفاسد عنها، ووقفت وقفة واحدة في التعامل مع الحكومات الغربية ومنها أمريكا، مصلحة بمصلحة..

فإنها هذه الدول ستحصل على كثير من حاجاتها من السلاح وغيره، لأن المصالح التي تملكها الدول العربية وغيرها، وتحتاج إليها الدول الغربية ولا تستغني عنها، كثيرة جدا يمكنها أن تحقق للمسلمين كثيرا من المصالح.

ولكن تنازع هذه الدول الذي أثلج صدور الدول الغربية التي تتحقق به لها من المصالح ما لا يمكن تحقيقه بدونها، ولهذا نراها تصر على المزيد من هذا التنازع والتمزق، فتتدخل في شئون كل دولة على انفراد لتسلط بعض أحزابها على بعض، وتسلط الأحزاب على الدولة باسم المعارضة، حتى يصل الأمر إلى الانقلابات والاقتتال.

كما تتدخل في المنظمات الإقليمية، كشأنها مع جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، والمنظمات الدولية، كمنظمة المؤتمر الإسلامي، ودول عدم الانحياز، وكذلك تفعل مع الدول غير الإسلامية..

فلم يوجد أي تجمع لم تدس الولايات المتحدة أنفها في شئونه، وتحول بينه وبين اتخاذ وسائل قوته..

ومع هذا الظلم والاستبداد اللذين تتعامل بهما الولايات المتحدة الأمريكية، مع الدول العربية وغيرها من حكومات الشعوب الإسلامية، يجب أن لا تيأس هذه الدول من تتدارك أمرها، فتتخذ كل وسيلة متاحة للاجتماع على مصالحها المشتركة، والتعاون على تحقيقها، وعمل الأسباب التي تجعل كل دولة تثق في الأخرى، لأن عدم الثقة هو السبب في الْحَوْل بينها وبين تعاونها.

وإذا وجدت هذه الثقة وتم التعاون بين هذه الدول، فإن كثيراً من أمورها سيسهل بإذن الله، لأن اقتصادها سيقوى، وموقفها الموحد في التعامل مع الدول الغربية، سيمنحها الاحترام، وستأخذ من تلك الدول مثل ما تعطيها.

وستتسابق الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وأستراليا واليابان وروسيا إلى التعامل بالمثل مع حكومات الشعوب الإسلامية وبخاصة الدول العربية..

وعندئذ ستكون عندهذه خيارات متنوعة مع الدول الأجنبية، وستكون شروط بعضها في بيع السلاح أخف من بعض، وقد تتمكن الأمة الإسلامية ببركة اجتماع كلمتها وأخوتها التي أمرها الله بها، من إعداد عدتها بمصانع تنشئها هي..

(( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )) [آل عمران:103].

(( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )) [الأنفال:46].

أما الهدف الثاني: وهو جهاد الدفاع عن المسلمين وبلدانهم..

فهذا الجهاد فرض عين يجب على الحكومات والشعوب الإسلامية التي يعتدي عليها الكفار القيام به، مهما كانت التضحيات في الأموال والأرواح..

لأن في ترك العدو يحتل أرضهم، تمكينا له من السيطرة على المسلمين وإذلالهم وفقدهم العزة التي اختارها الله تعالى لهم، و مما يدل على وجوب ذلك، ما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، في غزوتي أحد والأحزاب، اللتين ابتلى الله فيهما المسلمين ابتلاء شديدا...

وإذا اضطر المسلمون لقلتهم وضعفهم، إلى مصالحة المعتدين مدة محددة أو مطلقة، حتى يعدوا العدة التي تمكنهم من طرد العدو عن بلادهم، فذلك أمر مشروع، بل إذا اضطروا إلى مصالحة عدوهم على مال يدفعونه له، ليرحل عن بلادهم، جاز ذلك عند الضرورة.

فقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يفعله مع الأعداء في غزوة الأحزاب، ولكنه استشار زعماء أهل الحل والعقد في المدينة، فرفضوا ذلك بعد أن تبينوا أنه إنما فعل ذلك رأفة بهم، وليس عن وحي نزل عليه بذلك، وغلب على ظنهم القدرة على حرب العدو ودفعه.

فإذا فرض أن الأعداء احتلوا أرض المسلمين لعجزهم عن دفعهم عنها، فعلى المسلمين أن يتخذوا كل وسيلة متاحة مشروعة لطردهم منها..

ويكون ذلك بأمرين:

الأمر الأول: عاجل.. لا مهلة فيه إلا لترتيبه، وهو القيام بالحرب الفدائية، وهي ما تسمى بحرب العصابات، أو حرب المقاومة التي يقوم بها اليوم المجاهدون في فلسطين والعراق وغيرهما...

وهذا من أعظم ما يرهب العدو ويقض مضجعه، لأنه لا يدري من أين يأتيه الموت ومتى يأتيه؟ ولأن أهل البلد يتعاونون على القيام بذلك..

فمنهم من يحضر للمجاهد الطعام والشراب والدواء والكساء.. ومنهم من يحضر له المواد التي يحتاج إليها للقيام بمهمته، ومنهم من يؤيه ويكنه إذا احتاج إلى ذلك..

الأمر الثاني: آجل.. يحتاج إلى تخطيط وإعداد لمدى أبعد، يترتب عليه طرد العدو من البلد، بالجهاد المسلح الواضح..

وهذا لا يتم إلا بالتعاون التام بين فئات أهل البلد كلهم، حاكمين ومحكومين، رجالاً ونساءً شباباً وشيباً، أغنياء وفقراء، كل فيما يملكه ويجيده.. وكل من تأخر عما يقدر عليه في هذا المجال، هو آثم عند الله..

قال تعال: (( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ )) [الأنفال: 60].

وقال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ )). [التوبة: 38].

وعلى الشباب المسلم الذي يرغب في الجهاد في سبيل الله، أن يفعل ما يقدر عليه من أنواع الجهاد كالجهاد بالمال، ينفقه من ماله للمجاهدين في سبيل الله دفاعاً عن أوطانهم التي اعتدى عليها الأعداء، ولأسر الشهداء من الأيتام والأرامل، والمرضى في المستشفيات..

وبخاصة أهل الأرض المباركة "فلسطين" التي دنسها اليهود ودنسوا مساجدها الطاهرة، وبخاصة المسجد الأقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبلتنا الأولى.

وقتلوا أهلها رجالا ونساء، شبابا وشيبا، وأخرجوهم من ديارهم، وخربوا كل ما أتت عليه آلاتهم الحربية من منازل ومزارع ومصانع وغيرها..

والذي عنده قدرة شرعية من شباب الإسلام الجهاد بنفسه، فعليه أن يفعل، لأن الجهاد هنا فرض عين، إذا توفرت القدرة الشرعية...

قال تعالى: (( وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً )) [النساء: 75].

والذي يغلب على الظن أن القدرة الشرعية هنا قد لا تتوافر لكثير من الراغبين في مباشرة قتال العدو، لأن حدود الأرض المباركة مغلقة، بجيوش العدو وأسلحته الجوية والبرية والبحرية، وبالجيوش العربية التي لدولها حدود مع اليهود، وإذا كان الأمر كذلك فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها...
__________________
الأهدل