عذراً عمرو خالد .. نحن لا نصنع الحياة
أستاذي القدير وأخي الحبيب / عمر خالد
وفقك الله أخي الكريم وحفظك ونفع بك الإسلام والمسلمين ونفعك بهم ..
أستاذي ..
برنامجك المسمى ( صنَّاع الحياة ) من أمتع البرامج وأكثرها فائدة على شاشاتنا الصغيرة ، لكن لي ملاحظة على اسم البرنامج ، أبدأها بتعريف كلمة ( حياة ) ..
" الحَياةُ نقيض الموت ، كُتِبَتْ في المصحف بالواو ليعلم أَن الواو بعد الياء في حَدِّ الجمع ، وقيل : على تفخيم الأَلف ، وحكى ابن جني عن قُطْرُب : أَن أَهل اليمن يقولون الحَيَوْةُ بواو قبلها فتحة ، فهذه الواو بدل من أَلف حياةٍ وليست بلام الفعل من حَيِوْتُ ، أَلا ترى أَن لام الفعل ياء ؟ وكذلك يفعل أَهل اليمن بكل أَلف منقلبة عن واو كالصلوة والزكوة . حَيِيَ حَياةً و حَيَّ يَحْيَا و يَحَيُّ فهو حَيٌّ وللجميع حَيُّوا بالتشديد ، قال : ولغة أُخرى حَيَّ وللجميع حَيُوا ، خفيفة . وقرأَ أَهل المدينة : ويَحْيا مَنْ حَيِيَ عن بيِّنة ، وغيرهم : مَنْ حَيَّ عن بيِّنة; قال الفراء : كتابتُها على الإدغام بياء واحدة وهي أَكثر قراءات القراء ، وقرأَ بعضهم : حَيِيَ عن بينة ، بإظهارها; قال : وإنما أَدغموا الياء مع الياء ، وكان ينبغي أَن لا يفعلوا لأَن الياء الأََخيرة لزمها النصب في فِعْلٍ ، فأُدغم لمَّا التَقى حرفان متحركان من جنس واحد ، قال : ويجوز الإدغام في الاثنين للحركة اللازمة للياء الأَخيرة فتقول حَيَّا و حَيِيَا وينبغي للجمع أَن لا يُدْغَم إلا بياء لأَن ياءها يصيبها الرفع وما قبلها مكسور ، فينبغي له أَن تسكن فتسقط بواو الجِماعِ ، وربما أَظهرت العرب الإدغام في الجمع إرادةَ تأْليفِ الأفَعال وأَن تكون كلها مشددة ، فقالوا في حَيِيتُ حَيُّوا وفي عَيِيتُ عَيُّوا; قال : وأَنشدني بعضهم : يَحِدْنَ بنا عن كلِّ حَيٍّ ، كأَنَّنا
أَخارِيسُ عَيُّوا بالسَّلامِ وبالكتب
قال : وأَجمعت العرب على إدغام التَّحِيَّة لحركة الياء الأَخيرة ، كما استحبوا إدغام حَيَّ وعَيَّ للحركة اللازمة فيها ، فأَما إذا سكنت الياء الأَخيرة فلا يجوز الإدغام مثل يُحْيِي ويُعْيِي ، وقد جاء في الشعر الإدغام وليس بالوجه ، وأَنكر البصريون الإدغام في مثل هذا الموضع ، ولم يَعْبإ الزجاج بالبيت الذي احتج به الفراء ، وهو قوله : وكأَنَّها ، بينَ النساء ، سَبِيكةٌ
تَمْشِي بسُدّةِ بَيْتِها فتُعيِّي
و أَحْياه اللهُ فَحَيِيَ وحَيَّ أَيضاً ، والإدغام أَكثر لأَن الحركة لازمة ، وإذا لم تكن الحركة لازمة لم تدغم كقوله : أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى و المَحْيا مَفْعَلٌ من الحَياة . وتقول : مَحْيايَ ومَماتي ، والجمع المَحايِي وقوله تعالى : فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً قال : نرْزُقُه حَلالاً ، وقيل : الحياة الطيبة الجنة ، وروي عن ابن عباس قال : فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً هو الرزق الحلال في الدنيا ، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ إذا صاروا إلى الله جَزاهُم أَجرَهُم في الآخرة بأَحسنِ ما عملوا . و الحَيُّ من كل شيء : نقيضُ الميت ، والجمع أَحْياء والحَيُّ : كل متكلم ناطق . والحيُّ من النبات : ما كان طَرِيّاً يَهْتَزّ . وقوله تعالى : وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ فسره ثعلب فقال الحَيُّ هو المسلم والميت هو الكافر . قال الزجاج : الأَحْياءُ المؤمنون والأَموات الكافرون ، قال : ودليل ذلك قوله : أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ وكذلك قوله : لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا أَي من كان مؤمناً وكان يَعْقِلُ ما يُخاطب به ، فإن الكافر كالميت . وقوله وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ أَمواتٌ بإضْمار مَكْنِيٍّ أَي لا تقولوا هم أَمواتٌ ، فنهاهم الله أَن يُسَمُّوا من قُتِل في سبيل الله ميتاً وأَمرهم بأَن يُسَمُّوهم شُهداء فقال : بَلْ أَحْيَاءٌ المعنى : بل هم أَحياء عند ربهم يرزقون ، فأَعْلَمنا أَن من قُتل في سبيله حَيٌّ ، فإن قال قائل : فما بالُنا نَرى جُثَّتَه غيرَ مُتَصَرِّفة ؟ فإن دليلَ ذلك مثلُ ما يراه الإنسانُ في منامه وجُثَّتُه غيرُ متصرفة على قَدْرِ ما يُرى ، والله جَلَّ ثناؤُه قد تَوَفَّى نفسه في نومه فقال : اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ويَنْتَبِهُ النائمُ وقد رَأَى ما اغْتَمَّ به في نومه فيُدْرِكُه الانْتِباهُ وهو في بَقِيَّةِ ذلك ، فهذا دليل على أَن أَرْواحَ الشُّهداء جائز أَن تُفارقَ أَجْسامَهم وهم عند الله أَحْياء ، فالأمْرُ فيمن قُتِلَ في سبيل الله لا يُوجِبُ أَن يُقالَ له ميت ، ولكن يقال هو شهيد وهو عند الله حيّ ، وقد قيل فيها قول غير هذا ، قالوا : معنى أَموات أَي لا تقولوا هم أَموات في دينهم أَي قُولوا بل هم أَحياء في دينهم ، وقال أَصحاب هذا القول دليلُنا قوله : أَوَمَنْ كان مَيْتاً فأَحْيَيْناه وجعَلْنا له نُوراً يمشي به في الناسِ كمَنْ مَثَلُه في الظُّلُمات ليس بخارج منها فجَعَلَ المُهْتَدِيَ حَيّاً وأَنه حين كان على الضَّلالة كان ميتاً ، والقول الأَوَّلُ أَشْبَهُ بالدِّين وأَلْصَقُ بالتفسير . وحكى اللحياني : ضُرِبَ ضَرْبةً ليس بِحايٍ منها أَي ليس يَحْيا منها ، قال : ولا يقال ليس بحَيٍّ منها إلا أَن يُخْبِرَ أَنه ليس بحَيٍّ أَي هو ميت ، فإن أَردت أَنه لا يَحْيا قلت ليس بحايٍ ، وكذلك أَخوات هذا كقولك عُدْ فُلاناً فإنه مريض تُريد الحالَ ، وتقول : لا تأْكل هذا الطعامَ فإنك مارِضٌ أَي أَنك تَمْرَضُ إن أَكلته . و أَحْياهُ جَعَله حَيّاً . وفي التنزيل : أَلَيْسَ ذلك بقادرٍ على أَن يُحْيِيَ الموتى قرأه بعضهم : على أَن يُحْيِي الموتى ، أَجْرى النصبَ مُجْرى الرفع الذي لا تلزم فيه الحركة ، ومُجْرى الجزم الذي يلزم فيه الحذف . أَبو عبيدة في قوله : وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ أَي مَنْفَعة; ومنه قولهم : ليس لفلان حياةٌ أَي ليس عنده نَفْع ولا خَيْر . وقال الله مُخْبِراً عن الكفار الذين لم يُؤمِنُوا بالبَعْثِ والنُّشُور : إن هِيَ إلاّ حَياتُنا الدُّنْيا نَمُوت ونَحْيا وما نَحْنُ بمبْعُوثِينَ قال أَبو العباس : اختلف فيه فقالت طائفة هو مُقَدَّم ومُؤَخَّرِ ، ومعناه نَحْيا ونَمُوتُ ولا نَحْيا بعد ذلك ، وقالت طائفة : معناه نحيا ونموت ولا نحيا أَبداً و تَحْيا أَوْلادُنا بعدَنا ، فجعلوا حياة أَولادهم بعدهم كحياتهم ، ثم قالوا : وتموت أَولادُنا فلا نَحْيا ولا هُمْ . وفي حديث حُنَيْنٍ قال للأَنصار : المَحْيا مَحياكُمْ والمَماتُ مَمَاتُكُمْ المَحْيا : مَفْعَلٌ من الحَياة ويقع على المصدر والزمان والمكان . وقوله تعالى : رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ أَراد خَلَقْتنا أَمواتاً ثم أَحْيَيْتَنا ثم أَمَتَّنا بعدُ ثم بَعَثْتَنا بعد الموت ، قال الزجاج : وقد جاء في بعض التفسير أَنَّ إحْدى الحَياتَين وإحْدى المَيْتَتَيْنِ أَن يَحْيا في القبر ثم يموت ، فذلك أَدَلُّ على أَحْيَيْتَنا وأَمَتَّنا ، والأَول أَكثر في التفسير . و اسْتَحْياه أَبقاهُ حَيّاً . وقال اللحياني : استَحْياه استَبقاه ولم يقتله ، وبه فسر قوله تعالى : وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ أَي يَسْتَبْقُونَهُنَّ ، وقوله : إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً أَي لا يسْتَبْقي . التهذيب : ويقال حايَيْتُ النارَ بالنَّفْخِ كقولك أَحْيَيْتُها قال الأَصمعي : أَنشد بعضُ العرب بيتَ ذي الرمة فقُلْتُ له : ارْفَعْها إليكَ وحايِهَا
برُوحِكَ ، واقْتَتْه لها قِيتَةً قَدْرا
وقال أَبو حنيفة : حَيَّت النار تَحَيُّ حياة فهي حَيَّة كما تقول ماتَتْ ، فهي ميتة; وقوله : ونار قُبَيْلَ الصُّبحِ بادَرْتُ قَدْحَها
حَيَا النارِ ، قَدْ أَوْقَدْتُها للمُسافِرِ
أَراد حياةَ النارِ فحذف الهاء; وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده أَلا حَيَّ لي مِنْ لَيْلَةِ القَبْرِ أَنَّه
مآبٌ ، ولَوْ كُلِّفْتُه ، أَنَا آيبُهْ
أَراد : أَلا أَحَدَ يُنْجِيني من ليلة القبر ، قال : وسمعت العرب تقول إذا ذكرت ميتاً كُنَّا سنة كذا وكذا بمكان كذا وكذا وحَيُّ عمرٍو مَعَنا ، يريدون وعمرٌو مَعَنا حيٌّ بذلك المكان . ويقولون : أَتيت فلاناً وحَيُّ فلانٍ شاهدٌ وحيُّ فلانَة شاهدةٌ; المعنى فلان وفلانة إذ ذاك حَيٌّ; وأَنشد الفراء في مثله : أَلا قَبَح الإلَهُ بَني زِيادٍ ،
وحَيَّ أَبِيهِمُ قَبْحَ الحِمارِ
أَي قَبَحَ الله بَني زياد وأَباهُمْ . وقال ابن شميل : أَتانا حَيُّ فُلانٍ أَي أَتانا في حَياتِهِ . وسَمِعتُ حَيَّ فلان يقول كذا أَي سمعته يقول في حياته . وقال الكِسائي : يقال لا حَيَّ عنه أَي لا مَنْعَ منه; وأَنشد : ومَنْ يَكُ يَعْيا بالبَيان فإنَّهُ
أَبُو مَعْقِل ، لا حَيَّ عَنْهُ ولا حَدَدْ
قال الفراء : معناه لا يَحُدُّ عنه شيءٌ ، ورواه : فإن تَسْأَلُونِي بالبَيانِ فإنَّه
أبو مَعْقِل ، لا حَيَّ عَنْهُ ولا حَدَدْ
" ..... يتبع
__________________
معين بن محمد
|