ظنون متخلفة في عالم متقدم !
ظنون متخلفة في عالم متقدم !
لو تصورنا أن من اخترع العجلة ، ظل متكتما على سر اختراعه حتى اليوم ، فإننا سنرى سيارات بإطارات مربعة الشكل ، وتكون حركتها (هرقلة ) ، أي بهبوط وصعود مضطربين ، ولجلس مخترع العجلة من بعيد يضحك على جهل الآخرين !
ذكرني بهذا ، استنفار الغرب ضد إيران الطامحة بامتلاك السلاح النووي ، ومراهنة المرتعبين من امتلاك إيران له ..
لم يسجل التاريخ مع الأسف من هو مخترع السيف ، ولا الخنجر ، وقد ينسى العالم بعد مرور ألف عام ( مدام كوري ) و ( آينشتاين ) .. وستصبح اختراعاتهم ، ملكا مبذولا لكل أبناء البشرية ، كما اقترب الناس من نسيان (جابر بن حيان ) و (الخوارزمي ) ونسوا أنهما كانا من العلماء الهامين الذين أسسوا لما وصل اليه العالم بكل اختراعاته اليوم ..
عمومية العلم ، هي أول مسلمة من مسلمات النظرية العلمية ، من يعرف شيئا قبل الآخرين عليه أن يتوقع أن تصل أسرار هذا الشيء الى الآخرين ، عاجلا أم آجلا .. وستصبح عمومية .. حتى الأسرار الشخصية في خبايا وخفايا جسم بني آدم ، بغض النظر عن اسمه وجسمه وحذره و تكتمه ، سرعان ما سيعرفها الآخرون ، حتى لو اختبأت في (لا شعوره ) ..
يتساوى العلماء التطبيقيون مع علماء الاجتماع مع السياسيين مع المصلحين ، في مسألة واحدة ، وهي أنهم يسبقون غيرهم في اكتشاف شيء أو نظرية ، قبل أن يكتشفها الآخرون بمدة ، قد تكون يوم أو سنة أو عقد .. لكن لا بد من اكتشاف ما اكتشفوه ومعرفة ما عرفوه ، حتى لو لم يكتشفوه و يعرفوه ..
يحظى المكتشف عادة ، بشرف السبق في الاكتشاف ، وتحظى الدولة المتقدمة بهيبة إضافية لها ، وقد يبقى هذا الشرف يربض في الذاكرة الجماعية لشعب ، أو أمة أو أبناء البشرية بشكل عام ..
وبالمقابل ، فإن الشعوب التي تخلو ساحاتها من مبدعين ، ومخترعين وتقل هيبتها نتيجة لذلك وغيره من الأسباب ، ستبقى تراقب ببؤس ما يدور حولها ، وهي مطمئنة على موقعها في ذيل قائمة التنافس على الشرف والهيبة ، إذ لا ينافسها على هذا الموقع أحد ..
لو توقفنا للحظة ، و نظرنا لمن يتسابقون على حيازة الأسلحة ، فإننا سنجدهم من زاوية أخرى متخلفين ، كونهم يبذلون أكثر من نصف أموالهم ، في تطوير الأسلحة ، وبناء ترسانتهم ، ويستحثون غيرهم في نفس الوقت ، لأن يسلك الطريق الذي سلكوه ، ويبقى هذا النشاط المحموم لقيام الساعة ..
وفي كل استعمال للأسلحة ، سيقتل أناس ، هم في نظر من قتلهم ، يستحقون القتل ، وفي نظر من فقدهم أعزاء .. ومن يدري هل يتم البقاء للأفضل أم أن الذين يبقون هم أكثر الناس شرا !
__________________
ابن حوران
|