فى ظلال المشهد الفلسطيني واللبناني
فى ظلال المشهد الفلسطيني واللبناني
سيد يوسف
هذى مواقف وتأملات فيما يخص ردود أفعال مثقفى وعموم الشارع العربى والإسلامي أسأل الله أن يتسع لها صدور قومى.
(1)
لا أمل فى الحكام
كانت أنظمة الحكم فى بعض بلادنا – بسبب حالة الضعف المزري التى أودت بنا- تدين وتشجب وتستنكر البلطجة الصهيونية فى فلسطين حتى باتت تلك البيانات ذات الشجب والندب والاستنكار سخرية الفاقهين فما معنى أن تستنكر دولة؟!
إن الأفراد يمكنهم أيضا أن يستنكروا لكن الفرد غير الدولة : قوة، ووسائل، وإعلاما، وغير ذلك...وهل يستوى الفرد مع الدولة؟!
وكان بعضنا يحادث نفسه هازئا ساخرا قائلا: سوف يأتي يوم لا يجرؤ فيه مغاويرنا وتلك الدمى على –حتى- الشجب والاستنكار ...لكن ما دار بخلد أحدنا أن ذلك اليوم كائن حتى...تحققت تلك المقولة وقد رأينا كيف أن بعضهم تخندق ضد المجاهدين الذين لا يطلبون منهم لا دعما ولا مالا ولا جهادا ولا حتى رأفة بقلوبهم إنما يطلبون منهم حيادا..ألا يكونوا مع الصهاينة لكن يبدو أن ذلك أمل عزيز على الذين يخشون المغامرة ويدعون أنهم عقلاء.
بات واضحا ذلك الانفصال التام بين الشارع العربى وبين حكامه لا سيما وقد فضحت مسالكهم تصريحاتهم الأخيرة ، وترحيب الصهاينة بتصريحات حكام العرب... ففى بعض عناوين الصحف الصهيونية جاء ما يؤكد ترحيب الصهاينة بتصريحات أحد هؤلاء الحكام ، وفى تصريح السيد حسن نصرالله للجزيرة ذكر أن بعض الحكام العرب رضوا بما يفعله الصهاينة بلبنان مسبقا ، وهم أنفسهم – أقصد الحكام –الذين يحاولون إسقاط حماس والالتفاف حول إرادة الشارع الفلسطينى.....ولقد تمادى هؤلاء الحكام فى مواقفهم حتى صاروا حائط الصد الذى يحمى الصهاينة من الشعوب التى لا تجتمع على ضلالة وقد اجتمعت كلمتها على مباركة روح الجهاد والمقاومة فى كل مكان لولا هؤلاء الذين يقفون كحائط صد للدفاع عن الصهاينة .
ولماذا نكون بدعا بين شعوب الدنيا التى يحدث فيها ذلك الانفصال حتى بات يتندر على ذلك الصبية فى أوطاننا كافة؟
الأصل أن يكون الحكام عنوانا لمشاعر شعوبهم لا أن يكونوا عونا للصهاينة عليهم..ولقد نالوا عبر الفضائيات والكتابات من نقد وتعرية وفضح ما يغنى عن تكراره ها هنا.
نقول لا أمل فى الحكام رغم أن بنيتنا النفسية مرهونة بالحكام ولسنا نشتم لكننا نذكر حقائق اتفق عليها الناس دون رابط الأوطان،لذلك صار من الحكمة تعرية هؤلاء الحكام بصورة أكثر ضراوة تمهيدا للقصاص منهم لخيانتهم الأمة ، وذلك عندي أول مشروع التحرر من الاستعمار وأذنابه، تمهيدا لامتلاك إرادة حرة من شأنها أن تنهض البلاد بها من الفساد وتلك التبعية .
وقديما قالوا ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولقد بات واضحا أين يتخندق هؤلاء وبات واضحا أيضا إن الخلاص منهم واجب لتحرير أوطاننا من ذل التبعية.
(2)
شعوبنا ما تزال حية والأمل معقود بنواصيها
إن الباحث المتأمل عن حقيقة مواقف الشعوب العربية يجد أنها ما تزال أمة حية تنبض بالحياة وتعشق الجهاد وتكره الذل والتبعية لكنها تحتاج إلى من يلملم شعثها ويوحد صفها وهو الأمر الذي باتت تفتقده الآن لأمور شتى يرجى الحديث عنها لاحقا.
هذه الأمة حية وبخير وعلى خير ، ومظاهر الالتفاف العاطفي الذى يكتنف الناس بمشارق الأرض ومغاربها تضامنا مع إخوانهم بفلسطين وبلبنان رغم اختلاف الأوطان واللغة التاريخ المشترك تجعل الاستعمار بصورته الإمبريالية المعاصرة يخشى من ردود أفعال الشعوب إلى حد ما ...ومن ثم يقومون بعمل بالونات اختبار لقياس ردود أفعال هذه الأمة بين حين وآخر.
نريد أن نقول ما الذى يُطمِع فينا الغرب إن لم يكن لدينا ما يستحق ؟وما الذى يخشاه الغرب حتى يؤخر ما يريد منا إلى حين لو لم يكن ما لدينا ما يخشاه؟
فلماذا لا نستغل ما نملك(العاطفة،الدين،البترول،الشباب،أخرى) لخدمة أنفسنا ولماذ حين يستغل خيراتنا أحد منا ولا يوظفها لخدمة وطنه لا نحاسبه ؟!!
هذا منطق معوج يهين المقتنعين به ويضعهم فى خندق الخائنين للحق والكافرين بنعمة العقل الذى وهبه الله ومن يكفر بنعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب.
مجموع الناس فى أوطاننا بخير والنيل من هذه الخيرية يفقدنا الثقة بأنفسنا وفقدان الثقة بريد الهزيمة،وإن ذلك لمن مطالب الأعداء والصهاينة ، هذه الأمة بخير فأحرارها لا يقبلون أن تكون أمتهم أحط الأمم وقد ملكوا أسباب النهضة والتقدم فقد ملكوا تراثا غنيا ونفسا حرة ولغة جميلة وتاريخا ناصعا وحضارة شهد بفضلها الفاقهون لكنهم يريدون لهذا الزخم عقلا منظما يتحرك دون قيود الخوف ودون قيود الموروثات الخاطئة ودون تثبيط الخاملين للعاملين.
وأراهم حتما سينجحون مهما تكالب عليهم الخارج أو ثبط همتهم الطابور الخامس بالداخل أو حتى جهلاء هذه الأمة .... فإننا لا نستطيع أن نقعد إذا دعينا إلى الجهاد لأن محمدا صلى الله عليه وسلم جعل كل رجل من أمته بطلا رغم أنفه....هذه حقيقة من أنكرها وجد شاهدها فى نفسه .
لقد أشاعوا عنا كثيرا من العيوب حتى صدقها وروجها بعض العاقلين حين يضيقون بغباء البعض :أشاعوا فينا نعرات القبلية والخلافات الحدودية ،وأشاعوا أننا لا نعرف الانتماء ولا التحضر،وأشاعوا أن العرب فقدوا الحياة والوجود،وأشاعوا أن العرب أمة لن تنهض من كبوتها ولن تبلغ آمالها،وأشاعوا غير ذلك ( وفى كل وطن أشاعوا إشاعات تفرق الصف فالمصريون جبناء ، والخليجيون أغبياء ، والمغرب العربى ليسوا عربا بل بربرا ، والشام خونة....لمصلحة من تلك السخافات؟!) ...فهل جهل بنو وطنى ذم النبى محمد صلى الله عليه و وسلم لتلك الدعوات القبلية؟!
الأمل معقود بنواصي الشعوب، ودور الشعوب يكمن فى:
* تقديم النصح لله ثم لهذه المقاومة ولعله جهد العاجز عسى الله أن يتقبله.
* مد يد المساعدة ولذلك طرق يعرفها كثير من الناس عبر النقابات وغيرها.
*المقاطعة سلاح الشعوب.
*تدريس التاريخ دور المثقفين.
*توريث القضية لأبنائنا دور الآباء والمربين.
*تجميع الصفوف وعدم تفريقها دور الدعاة والعلماء.
*متابعة القضية وجعلها حاضرة ساخنة فى الأذهان دور الشعوب .
*عدم الانهزام النفسي دور الجميع كل فى مكانه.
*إحياء فكرة الخلافة الإسلامية لصد خطر اليهود دور الفاقهين.
*نشر قضيتهم كل حين دور الصحافة الجادة.
*الشعور بعزة المقاومة ونشر نجاحاتها بين صفوف الأمة دور الجميع.
*الاستعداد للجهاد بالنفس ومن قبل ذلك بالمال إذا أتيح كما يعلم المخلصون .
*توريث الأمل فى نفوس أمتنا...وتعرية المنبطحين ومن يساندهم.
(3)
حول الأدباء والمدرسين والأطباء و و و
قال صديقي :هل ترجعون فلسطين وتحررون العراق ولبنان وتدفعون عن أوطاننا الخطر بالأغاني والأناشيد والخطب والشعر؟
قلت لصديقي: هون عليك ليس مطلوبا من الأدباء سوى حفز الهمم ، ولا من المدرسين سوى بث روح الجهاد وتبصير طلابنا بالجهاد وبحقنا فى الدفاع عن أنفسنا ، ولا من الأطباء سوى أداء عملهم بكفاية واقتدار، طالما حيل بيننا وبين الجهاد بحوائط الصد المعروفة ،وطالما وجد فى ميدان المعركة من يدفع عن أمتنا الخطر ، فلنكن كل حسب ميدانه حائط صد نتخندق جميعا مع المقاومة لرد الظلم والظالمين ،إنني اقدر الأديب الذى يحفز الهمم ويرجع وعينه تفيض من الدمع حزنا ألا يجد وسيلة أخرى لنصرة المجاهدين عن ذلك الذى ينسى أمته وينهزم نفسيا ولسان حاله: لن تستطيعوا أن تردوا الخطر عنا إنهم أقوى منا إنهم... إنهم... هيا هيا كونوا عقلاء...وفكروا بطريقتنا نحن الحكماء!!
صحيح أن العمل السلبى ليس عملا تنهض به همة القادرين كالمقاطعة لكنه وسيلة ملكناها فلماذا لا نستخدمها لا سيما وقد حيل بيننا وبين الجهاد؟!
على أن الحق يقتضى القول إن هذه الأعمال المذكورة آنفا إنما هي جهد العاجز وإنه لا ينبغى لعاقل أن يرتاح ضميره بنشر كلمة تقال هنا أو هناك أو تنسى مع الزمن أو بمقاطعة مهما بدت فهى قليلة الأثر مقارنة بصوت المدافع فى الوغى ورغم أن ذلك لا يبعث على راحة الضمير إلا أن هذا إنما هو بمثابة جهد العاجز الذى نرجو له أن يتغير إلى جهد القادرين بعد حين.
فى النهاية
الحكمة تقتضى التوحد ، ونبذ الخلافات، والتخندق فى خندق المقاومة، والبعد عن جدال الثرثرة ، وعمل ما يمكن عمله بلا تهاون ولا تقصير ولا هزيمة نفسية ، ومد يد العون للمجاهدين بالكلمة الصالحة ، وبالمال ، وبتعرية الظالمين والأعداء، والاستمرار على ذلك حتى يأذن الله بنصر قريب إن شاء الله ، والتقصير فى عمل ذلك معصية تستوجب الاستغفار .
سيد يوسف
|