الأخ أبا أسامة
مرحبا بك أولا
ثانيا: في الكلام المذكور مؤاخذات يدل على عدم تدقيق صاحب المقال كقوله عن الصفات: حقيقة كيفيتها.
أقول: الله لا كيفية لصفاته حتى تُعلم حقيقتها أصلا, وكيف يجوز هذا على الله, فالله لا كيفية له فلا يقال حقيقة كيفيتها, إنما يقال: حقيقتها فقط وقد عدلت العبارة.
وقوله أيضا: ولا يكادون يفهمون من الإثبات التشبيه.
أقول: ولا يصح التعبير بـ: ولا يكادون. بل نقول: ويقينا ما كانوا يفهمون التشبيه.
قوله عن الذين أولوا: لأن قلوبهم المريضة.
هذا الكلام دليل على أنه قال هذا بدون اطلاع على أقوالهم فمثلا: الإمام ابن عباس وهو ترجمان القرءان أوّل الساق في القرءان: بالشدة.
وقد قال الإمام أحمد عن قوله تعالى: وجاء ربك: جاءت قدرته. قال البيهقي: وهذا إسناد لا غبار عليه.
كيف يكون خلاف هذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس: اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب. رواه ابن ماجه
قال الحافظ في الفتح: وأخرج البغوي في معجم الصحابة من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر: كان عمر يدعو ابن عباس ويقربه ويقول: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاك يوما فمسح رأسك وقال:اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل. انتهى كلام ابن حجر وهذا الحديث ثابت بهذا اللفظ.
ثم قال: وقد رواه أحمد عن هشيم عن خالد في حديث الباب بلفظ: مسح على رأسي. وهذه الدعوة مما تحقق إجابة النبي صلى الله عليه وسلم فيها، لما علم من حال ابن عباس في معرفة التفسير والفقه في الدين رضي الله عنه.
وإن في قول نعيم بن حماد شيخ البخاري: من شبه الله بخلقه كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله تشبيه ولا تمثيل. انتهى تأويل إجمالي وكلام جميل, وإن لم يكن تأويلا فما فائدة صرف اللفظ عن ظاهره وتنزيه الله عن الكيف والتشبيه الذي وقع به اليهود والجهمية وغيرهم من الطوائف الضالة؟ ويدل عليه قول الإمام اسحق بن راهويه: إنما يكون التشبيه لو قيل يد كيد وسمع كسمع. انتهى وهذا هو الكفر والخروج عن الاسلام.
وقال الحافظ في الفتح: ومن طريق يحيى بن يحيى عن مالك نحو المنقول عن أم سلمة لكن قال فيه " والإقرار به واجب، والسؤال عنه بدعة " وأخرج البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي قال: كان سفيان الثوري وشعبة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشريك وأبو عوانة لا يحددون لا يشبهون ويروون هذه الأحاديث ولا يقولون كيف، قال أبو داود وهو قولنا، قال البيهقي وعلى هذا مضى أكابرنا. انتهى
وأخرج البيهقي عن مجاهد في قوله تعالى: فأينما تولوا فثم وجه الله. قال: قبلة الله. وهذا تأويل تفصيلي.
فكلام الأوزاعي لا يعني الإجماع على نفي التأويل بل كلامه عن إثبات الاستواء من غير تشبيه, وأرى أن أختم بهذا الكلام الذي يدل على أن التكييف مستحيل في الشرع:
في سير أعلام النبلاء: وقال احمد بن عبد الله العجلي في تاريخه حدثني ابي قال قال ربيعة وسئل كيف استوى فقال الكيف غير معقول وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق
وأخرج اللالكائي عن ابن عيينة قال: سئل ربيعة عن قوله {استوى على العرش} كيف استوى؟ قال:الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق. وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عبد الله بن صالح بن مسلم قال: سئل ربيعة... فذكره.
وأخرج اللالكائي عن جعفر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال له: يا أبا عبد الله استوى على العرش كيف استوى؟ قال: فما رأيت مالكا وجد من شيء كموجدته من مقالته وعلاه الرحضاء - يعني العرق - وأطرق القوم قال: فسرى عن مالك فقال: الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وإني أخاف أن تكون ضالا وأمر به فأخرج.
|