الجانب التمثيلي في العمل السياسي
الجانب التمثيلي في العمل السياسي :
يبرز مصطلح الجانب التمثيلي مرافقا أو محاذيا أو متضادا مع مصطلح الجانب التكاملي .. ففي حين يدلل الجانب التكاملي على المنظومة الأيديولوجية (العقائدية لحد ما ) من حيث ثوابت الخطاب ، أو فلسفة السلوك العام للحزب أو الدولة أو حتى منظمات المجتمع المدني .. فإن الجانب التمثيلي يعني فيما يعنيه جانب إشباع المصلحة الآنية للفرد المنضوي تحت الجسم العام للدولة أو الحزب أو منظمة المجتمع المدني .. وهذا ينسحب بدرجات أقل تشخيصا عند الهالات المحيطة بالمحور الأساسي للدولة أو الحزب أو منظمة المجتمع المدني .
ولو أخذنا المواطن ( الفرد) ، أينما وجد كعينة ممكن تتبع سلوكها وردة فعلها إزاء ما تصرح به أو تسلكه الهيئات الثلاثة ( الدولة أو الحزب أو منظمة المجتمع المدني ) .. فإن سلوكه الأولي ستحدده حاجاته التمثيلية ، وليس تعاطفه مع فحوى الخطاب التكاملي العام .
إن انجذاب الفرد نحو الدولة أو عضو برلمان ، يتناسب طرديا مع ما يتم إشباع حاجاته من طرفهما .. فلو اتجه مواطن محتاج لتعيين نفسه أو قريبه للدولة أو عضو برلمان ، ولبى له طلبه فانه سيكون ممنونا من هذا السلوك ، ولو توجه لعضو برلمان يتحلى بروعة خطاب سياسي ، لكنه لن يستطيع تلبية طلبه بإشباع حاجته اليومية ، فإن احترام روعة الخطاب ستتأثر سلبا بعدم تلبية الحاجة .. وستنخفض مسألة الانشداد نحو ذاك العضو البرلماني ..
بالمقابل تسعى بعض الأحزاب السياسية ، لتأسيس مدارس وجامعات ومستشفيات وغيرها من المرافق الإنتاجية ، تلبي فيها حاجة العاملين بها من خلال تشغيلهم وتلبي حاجات المراجعين بتخفيض كلف تقديم الخدمة لهم ، وهدفها من ذلك هو صناعة هالة جماهيرية حولها تساعدها في لعبة الانتخابات أحيانا ، والتلويح بتلك الهالة للتعريف بثقلها على الساحة السياسية العامة .
وإن كان هذا الجانب من العمل ، هو بالأساس من اختصاص جماعات الضغط (اللوبيات ) .. إلا أن الكثير من الدول و الأحزاب السياسية في العالم قد انتبهت لأهميته و أخذت تعمل به كجزء من بقاء حركتها مؤثرة وفاعلة على الصعيد السياسي العام ..
تظهر في هذا الشأن ثقافة أو مزاج عام لدى عموم المواطنين ، في كل بلاد العالم ، في التفنن باستغلال تلك الظاهرة .. فالمقربين من محاور الجهات الثلاث تزداد طلباتهم يوما بعد يوم ، خصوصا عندما يدركوا أهمية وضعهم ، فعندما تلبى لهم بعض حاجاتهم لا يكتفون بذلك ، بل يزدادوا في طلب المزيد .. ويحاولوا إغلاق الطرق أمام وافدين جدد لمزاحمتهم ، فهم إن أقروا باحتكار السلطة لمن في السلطة ، يريدون احتكار جانب تلبية الطلبات لهم ، فيصبحون بشكل أو آخر كأنهم شركاء ( مضاربين ) للسلطة ..
في حالة النقابات ، فإن دائرة الاستفادة تضيق شيئا فشيئا ، حتى تنحصر في نسبة لا تتعدى واحد بالمائة .. فتخفت لدى عموم أعضاء النقابة أو النادي الرياضي أو أي منظمة من منظمات المجتمع المدني ، حتى تصبح تلك المنظمات أشبه بالإقطاعيات يتناوب على قيادتها من يفهمون أسس اللعبة ..
أما الأحزاب السياسية ، فتتلاشى قدرتهم العامة ، ويبقى خطابهم السياسي وكأنه كتابة تمت على جذع شجرة عتيقة ، لا يمر من جانبها إلا تائه !
من هنا فإن قوة الجانب التكاملي ، تزداد و تطرد كلما تم إتقان الجانب التمثيلي ، وتكاد القوى الكبرى بالعالم تكتفي بهذا الجانب بالوقت الحاضر في كثير من بقاع العالم لرسم سياساتها كما تريد ..
__________________
ابن حوران
|