ثير فيلم المخرج ريدلي سكوت الاخير المخصص للحملات الصليبية "مملكة الجنة ( Kingdom of heaven) الذي يعرض في الصالات العالمية هذا الاسبوع, قلقا في الولايات المتحدة حيث يخشى البعض ان يؤدي الى اعادة احياء التوتر بين المسيحيين والمسلمين.
وسيبدأ عرض الفيلم الذي يصور المعارك بين المسيحيين والمسلمين للسيطرة على القدس, اعتبارا من الجمعة في الولايات المتحدة. وبعد ثلاثة اعوام ونصف العام على اعتداءات 11 سبتمبر/ايلول 2001, وفيما لا يزال الجنود الاميركيون يحتلون العراق, يمكن ان تبدو فكرة الفيلم محفوفة بالمخاطر.
وتترك عبارة "الحملة الصليبية" انطباعات مختلفة كما حصل مع الرئيس الاميركي جورج بوش حين استخدمها ليصف "الحرب ضد الارهاب" مثيرا بذلك غضب المسلمين. وقبل بدء تصوير الفيلم وهو من انتاج ضخم كلفته 130 مليون دولار في يناير/كانون الثاني 2004, قرأ متخصصون في تاريخ القرون الوسطى السيناريو وقالوا انه يتضمن اخطاء تاريخية فادحة.
وقال جوناثان ريلي سميث الاستاذ في جامعة كامبريدج الذي يعتبر مرجعا في هذا الموضوع ان الفيلم كان يتضمن الرواية الاسلامية الاصولية للتاريخ عبر تقديم المسلمين على انهم متحضرون في مواجهة صليبيين همجيين. وقال الاستاذ لصحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية "انها رواية التاريخ كما وكأنها رواية اسامة بن لادن".
لكن مراقبين اخرين قالوا بعد الاطلاع على السيناريو انه فيلم مؤيد للمسيحيين, والجدل الذي تبع ذلك ذكر بالجدل الذي اثاره فيلم ميل غيبسون "آلام المسيح" الذي اعتبره بعض المسؤولين الدينيين معاديا للسامية. وبهدف تهدئة القلق, نظم البريطاني ريدلي سكوت والشركة المنتجة عروضا خاصة لمجموعات من المسيحيين والمسلمين الاميركيين.
ومساء الثلاثاء, رفض ريدلي سكوت مخرج افلام مختلفة مثل "ايليان" (مخلوق غريب) و"بلايد رانر" و"ثيلما اند لويز" و"غلادييتور", اي احتمال بان يتسبب فيلمه باثارة جدل. وقال خلال مؤتمر صحافي في واشنطن "لقد نجحنا في الحفاظ على توازن جيد". ويبدو ان العروض الخاصة كانت تكتيكا ناجحا حيث اعلن مجلس العلاقات الاميركية-الاسلامية (كير) , مجموعة الدفاع عن حقوق المسلمين, الاسبوع الماضي ان الفيلم تجنب النمطية او حصر الاحداث ضمن قالب واحد. وقال المجلس في بيان له "انطباعنا العام هو ان الفيلم يشكل وصفا متوازنا وايجابيا للحضارة الاسلامية خلال الحقبة الصليبية".
وقالت ليلى القطامي متحدثة إن فيلم سكوت يعد واحدا من أفضل أفلام هوليود التي قدمت المسلمين بشكل جيد. وأضافت أن سكوت استبعد الأفكار الشائعة والنمطية عن المسلمين والمسيحيين. واشادت الصحافة المسيحية الاميركية بالفيلم ايضا. وكتب ستيف بيرد في مجلة "غود نيوز ماغازين" المحافظة "مع التوتر السياسي-الاجتماعي-الديني الحالي بين الغرب والعالم الاسلامي, كان يمكن ان يؤدي فيلم حول قتل العدو باسم الله الى مشاكل او ان يعتبر عملا فنيا بدون قيمة, لكن الفيلم لم يسقط في اي من هذين الفخين".
من جهتها قالت هولي ماكلور ناقدة الافلام لدى "ترينيتي برودكاست نيتوورك", اكبر مجموعة تلفزيون مسيحية, لوكالة فرانس برس انها لم تر اي شيء يثير الصدمة في الفيلم. واضافت "اعتقد انه درس في التاريخ اكثر مما هو اعلان مبادىء". لكن الباقين لم يكونوا بمثل هذه القناعة. وقال خالد ابو الفضل استاذ القانون الاسلامي في جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس ان الفيلم يظهر المسلمين على انهم متطيرون والصليبيين على انهم متسامحون.
واضاف "انها رواية الحرب الصليبية كما يريدها الرئيس جورج بوش". وقال "هذا الفيلم يصب في اتجاه المسيحيين الانجيليين المحافظين الذين يعتقدون انه على المسلمين ان يكونوا شاكرين للحملات الصليبية وبالتالي (لاحتلال) العراق وافغانستان".