وجعٌ روحيّ
حضورك طوّافةٌ في المحيط
وشَعرُكِ خيط النجاة الأخير
لهذا الغريقْ
وقلبي يحاول قطع المسافة
بين الصديقِ وبين العشيقْ
عذرتُكِ! هل تقبلين اعتذاري
عن السفر الحلم بين الحريقِ
وبين الحريق ؟!
أ أعجبكِ الدّرس هذا الصباحْ؟
وهل يتعذَّر شرحُ القوافي عليك كشَرحِ الجراحْ؟
وأمّا أنا
فإن حضوركِ في الصفِّ شعرٌ
ووجهكِ بين المقاعدِ شعرٌ
قيامك شعرٌ .. قعودك شِعرٌ
فكيف تريدينني أن أكونَ
بحضرة أحلى قصيدة شِعرْ؟
تقولين : أنّي نظمْتُ اعتذاريَ شِعراً إليك
وهذا نتاج الصِّبا الأوَّلُ
فلا تَقْسُ في الحكْمِ يا مُفضِلُ
لأني حديثةُ عهدٍ على القافيةْ
دعيني من النّظمِ والوزنِ والقافيةْ
دعيني أزنْ وقعَ خَطْوكِ
عليّ أضيف على أبحرِ الشّعرِ
بحراً جديداً
وفنّاَ جديداً
ولحناً رفيع المقاماتِ
مامرَّ في حلقِ طائرْ
دعيني أحسّ ولو مرَّةً
بأني سعيدٌ لأنّيَ شاعرْ
وأنّ الحياد السياسيَّ والعاطفيَّ
بحضرةِ عينيك إحدى الكبائر
وأنَّ الصغيراتِ
تُغري الكبير بفعلِ الصغائرْ
وأنّ الذي لا يجيد كتابةَ
تاريخِ مابين نهريكِ قاصرْ
دعيني أفسِّرُ حقد الصّبايا عليكِ
وحقدَ الزّهورْ
لأنّ عبيرَك هذا المميَّزَ
يَعْني
بأنكِ تخترعين العطورْ
أنا لا أرى سبباً لاعتذاركِ
كيف تريدينني
أن أضيقَ
بحذفِ الهوامشِ بين النهارِ وبين النهارْ؟
أنا لا أرى سببا لاعتذاركِ
بعضُ الكلامِ يطولُ
وبعض الكلام اختصارْ
أنا لا أرى سبباً لاعتذارك منّي
لأنّ عبور الحدودِ إلى القلبِ
ليس بإذني
وأنّ انتقاء التكاليفِ
يعني
بأنّ العواطف لمّا طغَتْ
رنتْ بالكلام فصارت تغنّي
أنا لا أرى سبباً لاعتذاركِ منّي
لأنّك عيني!
أنا لن قدّم أيَّ اعتذارٍ
لأنّي عبرتُ السنين إليكِ
أنا لن أقدّم أيَّ اعتذارٍ
لأنّي تراخيت في الحلْمِ بين يديكِ
سأضغط هذا الزّمان السفيهَ الذي
يباعدُ شِعْريْ ونثريَ عنكِ
سأضغطهُ
كي يصير مجرّد عامٍ
وألقيهِ كالطفلِ في راحتيكِ
أضايقكِ الفصلُ هذا النّهارْ؟
وهل تشعرين ببعضِ التّعرقِ
عند الحِوارْ؟
وحين تهاجر كفّي اليمينُ إليكِ
فتعتلّ منها اليسارْ ؟
وأمّا أنا
فإنّ احتياطيَّ خدَّيْكِ عند التّوردِ يتركني عرضةً للدوارْ
وإنَّ المحارَ بلا لؤلؤٍ
أهمُّ من اللؤلؤ المستعارْ
وإنّي أحبكِ لكنّني
أخافُ إذا قلت : إنّي أحبكِ
أن يستفيق التتارْ!
__________________
سئل البحتري عن رأيه في شعر أبي تمام ، فأجاب : جيّده خير من جيّدي ورديئي خير من رديئه
|