رمضان محطة سفر إلى الجنة(20)زكاة الفطر..
رمضان محطة سفر إلى الجنة (20)
طهرة للصائمين وطعمة للمساكين..
فرض الله تعالى زكاة الفطر على جميع المسلمين، لا فرق بين كبير وصغير، وذكر وأنثى، وحر وعبد.
كما روى ابن عمر رضي الله عنهما، قال: "ثم فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة". [البخاري (1432) ومسلم (985، 986)].
وجماهير علماء الأمة اتفقوا على أن زكاة الفطر فرض، بل قد نقل كثير من العلماء الإجماع على ذلك، فلا يلتفت إلى من زعم نسخها بفرض الزكاة. [راجع المغني لابن قدامة (2/351) ونيل الأوطار (4/250)]
ويخرج الزكاة عن الصغير والعبد وليُّ أمرهما، وكذلك كل من تجب عليه نفقته...
كما قال أبو سعيد الخدري، رضي الله عنه: يقول: "كنا نخرج زكاة الفطر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، عن كل صغير وكبير حر ومملوك.." [مسلم (985) ، وسنن البيهقي الكبرى (7461)]
ما الحكمة في فرض زكاة الفطر؟
إن المسلم مأمور بطاعة الله، في تنفيذ ما أمر الله به، سواء عرف الحكمة في ذلك أم لا..
ولكن كثيراً من أبواب الشريعة قد تظهر حكمتها من النصوص الواردة فيها، وما لم يظهر من النصوص، قد يعلمه بعض العلماء، وإن خفي على غيرهم، ومما ظهرت بعض حِكَمِه من النصوص، زكاة الفطر..
ومنها ما يأتي:
الحكمة الأولى: إغناء الفقراء في يوم فرح وسرور المسلمين، فلا يليق بالأغنياء، أن يفرحوا ويسروا، ويلبسوا جيد الثياب، ويأكلوا لذيذ الطعام، وبعض إخوانهم يتضورون من الجوع، ويلبسون رديء الثياب، لما في ذلك من حسرة نفوسهم، وانكسار قلوبهم..
وينبغي للأغنياء أن يتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: الذي رواه عنه عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ). [البخاري، رقم (13) ومسلم رقم 45].
ويضعوا أنفسهم موضع إخوانهم الفقراء، ليكون ذلك حافزاً لهم على البذل والإنفاق.
الحكمة الثانية: جبر ما قد يكون حصل من الصائم، في شهر الصيام، من لغو ورفث وغيرهما، ليكمل له صومه، وهذا من فضل الله تعالى على عبده المؤمن، حيث يشرع له ما يطهره ويجبر النقص الذي يقع في عبادته..
وقد نبه على هاتين الحكمتين، حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي زكاة من الصدقات". [أبو داود (1609) والحاكم في المستدرك، وقال: "صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه" رقم (1488)].
الحكمة الثالثة: تذكير الصائمين من الأغنياء، بأن ما مسَّهُم من الجوع في صيامهم في شهر رمضان، يمس إخوانهم الفقراء في رمضان وغيره، وأن ذلك يذكرهم بأن إنفاق أموالهم على إخوانهم الفقراء، مما يرضي ربهم سبحانه وتعالى..
ووجوب زكاة الفطر على الأغنياء يدعوهم إلى الاستمرار في مواساة الفقراء في جميع الأوقات، والصحيح أنه يجب على الغني أن يطعم الجائع، ولا يليق به أن يبيت شبعان وجاره جائع، وأن في المال حقاً سوى الزكاة.
وقت أداء زكاة الفطر:
سبق أن من حِكَم فرض زكاة الفطر، إغناءَ الفقراء والمساكين في يوم العيد واستقرارهم، واستغناءهم عن الطواف على الأغنياء لطلب الرزق، ولهذا شرع أداؤها يوم العيد، قبل صلاة العيد..
ولا يجوز تأخيرها عنها، فإذا أخرت لم تجزئ عن الفرض، وإنما تكون صدقة من الصدقات.
روى ابن عمر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر، أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة". [البخاري، رقم (1440) ومسلم، رقم (986)].
ويجوز إخراجها قبل يوم العيد، لئلا يشغلوا عن أدائها في وقتها، وللعلماء في وقت إخراجها قبل يوم العيد أقوال، فصلت في كتب الفقه، والذي يظهر أنه ينبغي ألا يطول الوقت قبل يوم العيد..
وقد أشار إلى ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما: " وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين..". [البخاري، رقم (1440) وراجع أقوال العلماء في المغني لابن قدامة (2/359) ونيل الأوطار للشوكاني (4/252)].
وقد تدعو المصلحة، إلى تقديمها في وقت أوسع، كأن تنقل إلى بلد غير البلد الذي يسكنه مؤديها....كما يأتي..
الأصناف التي يجب إخراج زكاة الفطر منها:
وردت السنة بإخراج زكاة الفطر من بعض الأطعمة، كما سبق في حديث ابن عمر المتفق عليه: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير" وذكرت أصناف أخرى، كالزبيب والأقط.
والصحيح أنه لا يتعين شيء من الأطعمة، بل الراجح أن تخرج من غالب قوت أهل البلد، لأنه الأسهل على الغني والفقير معاً..
قال ابن تيمية رحمه الله: "وكذلك أمره بزكاة الفطر بصاع من تمر أو شعير، هو عند أكثر العلماء لكونه كان قوتاً للناس، فأهل كل بلد يخرجون من قوتهم، وإن لم يكن من الأصناف الخمسة، كالذين يقتاتون الرز أو الذرة، يخرجون من ذلك عند أكثر العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد". [مجموع الفتاوى (21/205)]
__________________
إرسال هذه الحلقات تم بتفويض من الدكتور عبد الله قادري الأهدل..
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك..
|