وأما الثاني فما وجد أمامه سوى أن يتعلم مهنة بسيطة عند أحد الصناع .. فاكتسب منه خبرة ومهارة أهَّلته ليفتح ورشة منفصلة بعد سنوات .
حقق منها دخلا مناسبا ليبني أسرة ناجحة .. وعاش حياته برضى وقناعة .. و مع مرور السنوات أصبح مالكا لأكبر الشركات التجارية و المقاولات الإنشائية .
في رأيكم .. من هو " الفاشل " ومن هو " الناجح " ؟!
هل هو الأول ، الذي جنى أموالا ربوية كنزها وسيحاسب عن مدخلها و مخرجها ؟
أم هو الثاني ، الذي رُزق رزقاً حلالاً طيباً من كدّه و عرقه ، وصرفه في إسعاد أهل بيته ؟!
لو كنتُ مكان الأول ، لتمنيت لو أني لم أنجح في امتحان القبول .. و لو كنت مكان الثاني " الفاشل " لحمدت ربي على عدم توفيقي في الإمتحان " فشلي " .
إن ما يحدث لنا ، إنما هو ابتلاءات من الله ، أو استدراج لمن أختار طريق الغواية ودروب الشيطان .
قد يحدث أن تسير على طريق شائك حافي القدمين ، وبدون انتباه تدخل شوكة في باطن قدمك ، قل الحمد لله ..
فما أصابك من ألمٍ فيه خير لك ، فقد كفّر الله بها خطاياك، و أثابك على ألم الشوكة .. أفلا تقول الحمد لله ؟
تتقدم لطلب وظيفة فتُرفض و يُقبل غيرك رغم استحقاقك لها ، قل الحمد لله ..
فعملُ أفضل منه ينتظرك ، وهو أصلح لك من الأول . وقد يكون رئيسك فيه أطيب خلقاً ، أو تجد فيه صحبة طيبة ، أو يكون محل العمل أكثر قربا لمسكنك فتكسب الوقت لقضاء عبادة تنفعك في الآخرة .. أفلا تقول الحمد لله ؟
تتقدم لخطبة إحدى النساء اللواتي تحلم بالزواج منها ، فتعترض أمورك عوائق ، قل الحمد لله ..
فزوجتك الصالحة تنتظرك ، لتلد لك أبناءً أصحاء ، ربما ما كانت الأولى ستلد لك مثلهم ..! أفلا تقول الحمد لله ؟
تعزم على السفر لقضاء مهام أو عقد صفقة تجلب لك المال و السمعة و الوجاهة ، ولكنك تفوّت موعد الطائرة ، فتفقد صفقتك .. قل الحمد لله ..
فربما خسرت صفقة تجلب لك مالا ، ولكن ربما كسبت مقابلها فرضاً للصلاة صليته في مسجدك وخشعت له جوارحك وبكت له عيناك ، فكسبت مغفرة ورحمة من الله تضفي عليك سعادة لم يذقها أحدُ من قبلك من ذوي الصفقات اللاهثين خلف جمع .. ! أفلا تقول الحمد لله ؟
لا تقل ".. فشلت .." بل قل " .. لم يوفقني الله .." و الحمد لله على كل حال
لا تقل " ..أنا فاشل .. " بل قل " .. أنا متوكل .." وخذ بالأسباب .. وقل الحمد لله على ما قدّر لي مسبّب الأسباب ..
لا تقل " ..أنا لا أملك شيئاً .." بل قل " .. الله ربي أدخر لي من الخير ما لا اعلمه .." و الحمد لله يرزق من يشاء بغير حساب .. لا تقل " أنا لا شئ " بل .. أنت شئ .. كما أنا شئ .. و الآخر شئ ..
فاطلب من ربك أن يدخلك في رحمته التي وسعت كل شئ .
و أنت شئ .. أنت في نظري كل شئ ..
يا عاقد الحاجبين ... ابتسم من فضلك ، ولا تحزن .. وعاود الكرَّة ... و استخر ربك في كل خطوة تخطوها ... وارض بما قسمه الله لك من نتيجة أمرك ... و لا تقل بعد اليوم " .. أنا فاشل .. " بل قل :
"أنا ناجح " بإيماني ..
" أنا ناجح " بطموحي لإرضاء ربي ..
" أنا ناجح " لحبي لنبيّي ..
" أنا ناجح " لأني مسلم .. وهذا يكفيني
دمتم على الخير
__________________
رب جنبني صداها ، فهي اعدى من عرفت .. هي نفسي و هي شيطاني الذي منه هربت
|