من كلمات سيد قطب رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
((والعصر . إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات . وتوصوا بالحق وتوصوا بالصبر. ))
يقول سيد:ـ
في هذه السورة ذات الآيات الثلاث يتمثل منهج للحياة البشرية كما يريدها الإسلام . وتبرز معالم التصور الإيماني بحقيقته الكبيرة الشاملة في أوضح وأدق صورة . إنها تضع الدستور الإسلامي كله في كلمات قصار . وتصف الأمة المسلمة : حقيقتها ووظيفتها . في آية واحدة هي الآية الثالثة من السورة.. وهذا هو الإعجاز الذي لا يقدر عليه إلا الله .. والحقيقة الضخمة التي تقررها هذه السورة بمجموعها هي هذه:
إنه على امتداد الزمان في جميع الأعصار وامتداد الإنسان في جميع الأدهار ، ليس هنا لك إلا منهج واحد رابح وطريق واحد ناج . هو ذلك المنهج الذي ترسم السورة حدوده وهو هذا الطريق التي تصف السورة معالمه . وكل ما وراء ذلك ضياع وخسار ..
((والعصر . إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات . وتوصوا بالحق وتوصوا بالصبر. ))
إنه الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر..
ويمضي رحمه الله في قوله إلى أن يقول:
ثم إن مقومات الإيمان هي بذاتها مقومات الإنسانية الرفيعة الكريمة:
التعبد لإله واحد ، يرفع الإنسان عن العبودية لسواه ، ويقيم في نفسه المساواة مع جميع العباد ، فلا يذل لأحد ، ولا يحني رأسه لغير الواحد القهار .. ومن هنا الانطلاق التحرري الحقيقي للإنسان . الانطلاق الذي ينبثق من الضمير ومن تصور الحقيقة الواقعة في الوجود. إنه ليس هناك إلا قوة واحدة وإلا معبود واحد. فالانطلاق التحريري ينبثق من هذا التصور انبثقا ذاتيا لأنه هو الأمر المنطق الوحيد.
والربانية التي تحدد الجهة التي يتلقى منها الإنسان تصوراته وقيمه وموازينه واعتباراته وشرائعه وقوانينه ، وكل ما يربطه بالله أو بالوجود أو بالناس فينتفي من الحياة الهوى والمصلحة وتحل محلهما الشريعة والعدالة .
وترفع شعور المؤمن بقيمة منهجه وتمده بالاستعلاء على تصورات الجاهلية وقيمها واعتباراتها، وعلى القيم المستمدة من الارتباطات الأرضية الواقعة.. ولو كان فرداً واحداً لأنه إنما يواجهها بتصورات وقيم واعتبارات مستمدة من الله مباشرة فهي الأعلى والأقوى والأولى بالاتباع والاحترام .
ولعلنا نستطيع إكمال الواقفات مع هذه السورة إنشاء الله تعالى لنضيف لهذه الكلمات بعض من واقفات المؤلف لعل الله ينفع بها من كتبها وقرائها وصلى الله على نبينا محمد
|