وفي ما يلي مقتطف من كلمة لسمير بن خليل المالكي
أيها المجاهدون الأبطال ، لا أجد أفضل من أن أسوق إليكم ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية حين تحزب الأحزاب من التتار وغيرهم على أهل الشام بما هو شبيه بتحزب الأحزاب في غزوة الخندق ، ومثله أو قريب منه ما أنتم عليه اليوم في أفغانستان . قال رحمه الله (( وكان مختصر القصة ( أي قصة الخندق ) :أن المسلمين تحزب عليهم عامة المشركين الذين حولهم ، وجاءوا بجموعهم إلى المدينة ليستأصلوا المؤمنين . فاجتمعت قريش وحلفاؤها من بني أسد وأشجع وفزارة وغيرهم من قبائل نجد . واجتمعت أيضاً اليهود من قريظة والنضير …. اجتمعت هذه الأحزاب العظيمة وهم بقدر المسلمين مرات متعددة . فرفع النبي صلى الله عليه وسلم الذرية من النساء والصبيان في آطام المدينة . وفي هذه الحادثة ( أي المعاصرة لشيخ الإسلام ) : تحزب هذا العدو من مغل وغيرهم من أنواع الترك ، ومن فرس ومستعربة ونحوهم من أجناس المرتدة ومن نصارى الأرمن وغيرهم . ونزل هذا العدو بجانب ديار المسلمين ، وهو بين الإقدام والإحجام ، مع قلة من بإزائهم من المسلمين ، ومقصودهم الاستيلاء على الدار واصطلام أهلها ، كما نزل أولئك بنواحي المدينة بإزاء المسلمين . وكان عام الخندق برد شديد وريح شديدة منكرة ، بها صرف الله الأحزاب عن المدينة كما قال تعالى (( فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها )) وهكذا هذا العام ، أكثر الله فيه الثلج والمطر والبرد ، على خلاف أكثر العادات ، حتى كره أكثر الناس ذلك . وكنا نقول لهم : لا تكرهوا ذلك ، فإن لله فيه حكمة ورحمة . وكان ذلك من أعظم الأسباب التي صرف الله بها العدو . وقال الله في شأن الأحزاب (( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا . هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً )). وهكذا هذا العام . جاء العدو من ناحيتي علو الشام وهو شمال الفرات ......)) إلى أن قال (( وظن الناس بالله الظنونا . هذا يظن أنه لا يقف قدامهم أحد من جند الشام حتى يصطلموا أهل الشام . وهذا يظن أنهم لو وقفوا لكسروهم كسرة وأحاطوا بهم إحاطة الهالة بالقمر. وهذا يظن أن أرض الشام ما بقيت تسكن ولا بقيت تكون تحت مملكة الإسلام . وهذا يظن أنهم يأخذونها ثم يذهبون إلى مصر فيستولون عليها فلا يقف قدامهم أحد ، فيحدث نفسه بالفرار إلى اليمن ونحوها …… وهذا قد تعارضت عنده الأمارات وتقابلت عنده الإرادات ، لا سيما وهو لا يفرق من المبشرات بين الصادق والكاذب ولا يميز في التحديث بين المخطئ والصائب . فلذلك استولت الحيرة على من كان متسماً بالاهتداء ، وتراجمت به الأراء تراجم الصبيان بالحصباء (( هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً )) ابتلاهم الله بهذا الابتلاء ، الذي يكفر به خطيئاتهم ويرفع به درجاتهم .. ثم قال تعالى (( وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا )) فقالت طائفة منهم : لا مقام لكم هنا لكثرة العدو ، فارجعوا إلى المدينة . وقيل : لا مقام لكم على القتال فارجعوا إلى الاستئمان والاستجارة بهم . وهكذا لما قدم هذا العدو ( يعني التتار ) ، كان من المنافقين من قال : ما بقيت الدولة الإسلامية تقوم ، فينبغي الدخول في دولة التتار . وقال بعض الخاصة : ما بقيت أرض الشام تسكن . وقال بعضهم : بل المصلحة الاستسلام لهؤلاء ، كما قد استسلم لهم أهل العراق والدخول تحت حكمهم … )) إلى أن قال شيخ الإسلام (( فإن هذه الحادثة كان فيها أمور عظيمة جازت حد القياس وخرجت عن سنن العادة ، وظهر لكل ذي عقل من تأييد الله لهذا الدين وعنايته بهذه الأمة ، بعد أن كاد الإسلام أن ينثني ، وانقطعت الأسباب الظاهرة ، وأهطعت الأحزاب القاهرة وتخاذلت القلوب المتناحرة ، وثبتت الفئة الناصرة ، ففتح الله أبواب سماواته لجنوده القاهرة ، وأرغم معاطس أهل الكفر والنفاق ، وجعل ذلك آية للمؤمنين إلى يوم التلاق )) انتهى نقله باختصار من مجموع الفتاوى [28/ 443- 466]
وختاماً فإني أوجه نصيحة للمجاهدين بأن يثبتوا ويكثروا من ذكر الله وأن يتقوا الله ويتركوا الخلاف والتنازع المؤدي إلى الهزيمة والفشل ، وأن يوقنوا بعد ذلك بنصر الله والحمد لله أولا وآخراً ، .
أخوكم : سمير بن خليل المالكي 2 / 10 / 1422هـ
__________________
الشعب الذي يرفض دفع ضريبة عزه من دماء خيرة أبنائه يدفع أضعاف أضعافها ضريبة لذله من دماء كل أبنائه
|