الرحلة من الأصل إلى التأصيل

[محمد ب]

أخي سلاف
أيوجد مثقف أصيل؟
كان هناك حقاً في تاريخنا مثقفون يمثلون الجماعة الأهلية أيديولوجياً – كما يقال – ومصلحياً أيضاً ،مثلوا الأهالي تجاه السلطة وتجاه الخطر الخارجي أيضاً،كما تجد في تاريخ علماء الجامع الأزهر وعلماء البلدان الأخرى أيضاً ومن الأمثلة العظيمة على هؤلاء العز بن عبد السلام ومن هؤلاءعلماء واجهوا الغزو الأجنبي وقادوا المبادرات الأهلية للدفاع الذاتي من أمثال الأمير عبد القادر وعمر المختار ومن أمثال القسام.
ومع سيادة الثقافة الحديثة اغترب المثقف عن الجماعة أيديولوجياً فحتى علماء الأزهر ما عادوا يمثلون مهما بلغ من نزاهتهم الشخصية المجتمع الأهلي وخذ أمثلة من علماء أمثال مصطفى عبد الرازق وغيرهم..
وإنما بسبب هذا الاغتراب قلت إنه اختفى المثقف الأصيل وما نجده هو محاولات تأصيلية لمثقف يريد إعادة الاعتبار للجماعة الأهلية ورد الهجوم الماحق عليها وإظهار معنى وضعها بعد أن صورته التهجمات التحديثية أنه لا معنى له.
وسأروي لك قصة صغيرة..
شهدت في مدينة أوروبية لقاء مع فنان فلسطيني جاء من الأرض المحتلة وعرض على الحاضرين الأوروبيين مجموعة من "السلايدات" للوحات من الأرض المحتلة وواحدة منها كان تصور القسام فقدمه أخونا بالتعريف التالي:هذه اللوحة تصور الأب الروحي لحركة حماس.
ووجدت نفسي أغضب غضباً شديداً وقلت له:أهذا هو التعريف الوحيد للقسام عندك؟ فقد بدا لي أن القسام تمت مصادرته لصالح تنظيم سياسي مهما كان رأينا فيه فهو يظل مجرد جزء من المجتمع على حين أن القسام رمز للمجتمع كله وهو"أب روحي" إن أردنا استعمال هذا التعبير لأهل فلسطين وسوريا والأردن ولبنان ولمن يشاء من غيرهم!..ومن غير المعقول أن نقزمه إلى مستوى أن يصبح مسؤولاً في تنظيم!
ولأخي عمر مطر أقول في الإجابة على تساؤله عن تأصيل الناس العاديين:لعل هؤلاء أقل اغتراباً من المثقف وأما استلابهم فيخص جوانب أكثر سطحية من جوانب استلاب المثقف..
وأشكركما على محاورتكما الممتعة والحوار لم ينته طبعاً بكلماتي القليلة هذه والموضوع متسع كثيراً وإن كنت تمنيت على الأقل أن أكون لمست شيئاً من جوانبه مجرد ملامسة.