طلال الطويرقي ونص يستدعي تقييما - 3

خشان خشان · #1 25-05-2002, 05:11 PM

كان هذا هو المحور الرئيس لفهمي للنص وعدت أحاول ربط الأبيات الأخرى التي كانت كالممرات التي تؤدي إليه وتنطلق منه، رحت أحاول أن أتبين مداخلها عليه ومخارجها منه. وهنا تناسيت أن هذه عناوين روايات أو مجموعات، ووجدتني كمن يحاول أن يعالج معادلة ذات متغيرات عدة ، يثبت شيئا منها ويعالج آخر ليتمكن من الإلمام بأكبر قدر بجوانبها ويتمكن في النهاية من أخذ جميع العوامل والمتغيرات في الاعتبار في تكوين تصور كلي، ما كان يمكن أن يتم لولا التدرج والتجزيء.

وهنا أطرح تفكيري بصوت عال والتساؤلات التي خطرت ببالي وربما يتخيل البعض غرابة في هذا الطرح أو سذاجة أو خطأ وقد يكون كل ذلك أو بعضه صحيحا، ولا أدافع عن صحة ما خطر لي فإنها خطرات على الورق. النصوص قد لا تبدوا متماسكة نحويا، ولكن صورها والأفكار التي تنبثق عنها تبدو أكثر تماسكا وتلازما من
<HTML>
<HEAD>
<**** NAME="Generator" CONTENT="Microsoft Word 97">
<TITLE>1- المداد نزيف الحجر</TITLE>
</HEAD>
<BODY>

1- المداد نزيف الحجر
إن ثمة حبرا وحجرا، هل للأمر علاقة بأحداث فلسطين وانتتفاضتها 
2-هاته عاليا مثل فأس على الرف بين هلاكين حذّرني قائلا
فأس على الرف - سلاح صدئ من عدم الاستعمال
بين هلاكين - هل هما انفاضتان مجهضتان مجيّرتان، أم حربان خاسرتان
حول خيام القبيلة من منا لا تتملكه رغبة في البكاء بعد ادكار ذلك
4 - وسبع قصائد تحفظ ما لم يقله بكاء التداعي
سبع قصائد - أهي جيوش سبع!!! أم محطات إذاعة 
بكاء التداعي - هل في كلمة التداعي تعبير عن استمرار الأسى في الاستراحة ما بين هزيمة تستدعي أخرى 
5- خرجت من الحرب سهواً
وأي تعبير جامع مانع كهذا يمثل كل ما تبثه إذاعاتنا بعد كل هزيمة، أترك للقارئ استعادة تلك العبارات نحو (العدو الغادر) والعديد سواها مما لا يسمح المقام بذكرها
بـ ـرأسِ المسافر
6- ما المقصود برأس المسافر ؟؟ هناك إيحاءات و (غموض بنّاء )

7 - همس الدموع - يا للتعبير في هذا السياق، كأن بكاءنا على حالنا يذكر بالهزيمة وهو بالتالي إشارة إلى مسؤولية ما تقتضي محاسبة. وإذن فلا بد من منع البكاء بل والاحتفال بذكرى النصر، إذن فليكن البكاء في السر.
8 - قصائد راعفة من أغاني المشرد حول خيام القبيلة 
قصائد راعفة - وهل بعد كبيت الدموع والمشاعر والتعبير بأعياد النصر عن مرارة الهزيمة إلا النزيف الداخلي هذا 
من أغاني المشرد ما - هل المشرد هو الأمة؟ أم شعب ما ؟ أم انتماء ما؟
حول خيام القبيلة - وأي خيام وأي قبيلة 
هذا هو اسمي - يــااااااااه
وللقارئ بعد ذلك أن يستنطق التعابير التي تزداد دائرة إيحاءاتها اندياحا بقدر ما يزداد استعصاؤها على التصور الأقرب للسذاجة كما هو فيما تقدم. ولكنها تبقى في سياق هموم الأمة.
وأي عقل يستطيع أن يكبح جماحه دون التأمل والتألم في عبارة مدن تأكل العشب
وأي عقل لا يسرح في أبعاد توالي وتلازم هذه العبارات سواء من حيث ألفاظها أو معناها المادي أو إيحاءاتها النفسية:
لوعة الشمس
رهبة الظلّ
هجير الفضيلة
غيمة الصمغ

 </BODY>
</HTML>
قلت كان أول انطباع لي أن ذلك النص حداثي يستعصي على عقلي التقليدي، ورويدا رويدا ببطء ومعاناة بدا ذلك النص يقترب مني ويتفاعل مع عقلي التقليدي، بل ورأيته مألوفا في النهاية من حيث المضمون. فهل هو (النص ) حداثي أم لا ؟
في رأيي وإن جاز لي ابتكار تسمية فهو من أحد مناظيره (حداثي عربي مسلم) ، وارى فيه - ربما لقلة مطالعتي - أول نص تتصالح فيه الحداثة مع العروبة لغة وإسلاما ، راجيا على نحو ما طلب أحدهم ممن يجد نصا حداثيا يشيد بالأمة أو فكرها أو يتناول قضاياها برؤية تلتزم ثوابتها عقيدة وفكرا أن يثرينا به. ولا أريد أن أستفيض هنا فيما وراء هذا من نقاش فكري. وأرجو ممن يخالفني الرأي أن يلتمس لي عذر التأثر بهذه الرؤية أو تلك.
والنص في ظاهرة ذو واجهة تتداخل فيها ثوابت التفعيلة مع ما يلوح من ضبابية تشي بالحداثة، ولكنه مع ذلك يحافظ على التفعيلة بل يجعل لشطر المتقارب (لماذا تركت الحصان وحيدا = 3 2 3 2 3 1 3 2) دورا بارزا في القصيدة.
غلبت على رؤيتي بل رؤاي التي تقدمت الناحية التجزيئية، من أجل تسهيل تكوي من مجموعة صور تتآلف فيما بينها لتعطي صورة كلية. وهذه الصورة الكلية ليست مجرد جمع حسابي لأرقام، ربما تكون كذلك باعتبار معين، ولكنها ليست كذلك في اعتبارات أخرى، شأنها كمن يحضر مجموعة ألوان ثم يرسم لوحة يغلب أحد الألوان على ناحية معينة فيها ويغلب لون آخر على ناحية أخرى ويختلط عدد مختلف من الألوان في نواحي أخرى ويتناغم كل ذلك في منظر واحد.
إننا نظلم هذا النص إن لم نأخذ طرافته واختلافه بعين الاعتبار، فهو مع كونه شعرا وتوطد الرابطة بين الشعر والشعور إلا أن دور العاطفة فيه يتناوله ككل في الدافع والشعور العام المنبث في المحتوى، وأما في البناء فتخلي العاطفة دورها تماما للعقل. وأتوقف هنا عند كلمة بناء ذلك أني أرى هذه القصيدة نوعا من الهندسة اللغوية التي تشابه إلى حد كبير الهندسة المعمارية. يكون البيت وربما ضم فتاة الأحلام عاطفة وحلما، فإذا توفرت الإمكانات واللوازم بدا دور التخطيط والرسم والتفكير. ومما غششني ذلك الصديق أن هذه العمارة مبنية بخرسانة مسبقة التصنيع وأزيد إنها من مصانع شتى وبمقاسات مختلفة مما يجعل دمجها في بناء متناسق مهمة صعبة لا تتيسر إلا لمن ملك زمام اللغة وأدواتها.