مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم العام > الخيمة المفتوحة
اسم المستخدم
كلمة المرور

 
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #3  
قديم 15-11-2002, 05:04 AM
القوس القوس غير متصل
وما رميت إذ رميت
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 2,350
إفتراضي

معطيات التسامح

التساؤل الهام والذي يفترض أن نقتفي أثره لتعزيز هذه الخصيصة الحضارية في محيطنا الاجتماعي هو ماذا سنجني من التسامح وماذا سيمنحنا من مكتسبات ترتقي بنا إلى مصاف التحضر؟؟


1- تعزيز الحرية:

إن التسامح يفتح آفاقاً جديدة في فهم حقوق الآخرين وواجباتهم تجاه غيرهم وعدم فرض قيود على الآخرين ما يتيح تحول الأفراد والمجموعات لمزيد من التمدن ويؤصل من قيمة الحرية.

إن لجم شقشقات السلطة والقوة لدى الفرد والتفكير بطريقة متعايشة محبة للآخرين يدعو لمزيد من تشذيب سلوكياتنا وتقنينها - أخلاقياً - نحو الحقوق والواجبات التي تؤطر حياتنا. فالسلطة المتسامحة حينما تترك للشعب أن يكون مسؤولاً لما سيختاره لنفسه، فإنها في واقع الأمر ستساهم في دفع الأفراد للحد من سلطتهم تجاه غيرهم وسنجد أنفسنا في أحضان دولة مدنية يحكمها القانون ويسودها التبادل القيمي النفعي وتتكرس العدالة بشكل أوتوماتيكي. يقول بيتر نيكولسون أحد مفكري الغرب: (إن فرض المرء قيوداً على نفسه جزء ضروري من كونه متسامحاً وهو بالتالي عنصر مكون لحريته).

بل إن التسامح سيساهم بجدية في تكريس الأطر الديمقراطية، ذلك أن جزءاً كبيراً من مفهوم الديمقراطية يرتبط بالمشاعر الشخصية فاحترام الأغلبية لرأي الأقلية يتطلب روحية معنوية خاصة تتقبل احترام الأقلية وترتضي عن طيب خاطر ممارسة الأقلية حقوقها المشروعة وشعائرها. والركون لرأي الأغلبية بحاجة ماسة إلى علو النفس للإذعان لمن لا يتفق معها. وفي كلتا الحالتين فإن التسامح يؤصل منهجية العمل بأدبيات الديمقراطية ويدفعها للتقنين والأطر القانونية.


2- تكريس المفهوم التكاملي للعدل:

إن المتسامح لا يحق له أن يسحب تسامحه أو يتراجع عنه، وكل شخص لديه الحق في التسامح المساوي لحقوق الآخرين، فلا نستطيع أن نقول أن التسامح يقتصر على آرائنا وأعمالنا وسلوكياتنا ولا يحق لآراء وأعمال الآخرين التمتع به.

إن ذلك سيكرس مفهوماً تكاملياً جديداً للعدالة في المجتمع ويضيف أبعاداً أكثر قيمية لتناصف وتوزع الحقوق على الجميع.


3- صناعة الوعي:

يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (الرفق رأس الحكمة).

لا شك أن التسامح يدعو لفهم الأفكار واستيعابها ويعمل على استحواذ انتباهنا لخلفيات كافة الأفكار المحيطة بنا وخاصة أفكار الآخرين المنافسين أو الأنداد، وإن كانت وجهة نظرنا تبدو غريبة وكريهة وغير منطقية. ففي الوقت الذي تطالب وبإلحاح الاهتمام الجدي بما تقوله وتطرحه من أفكار ومعتقدات فأنت مطالب أيضاً بالاستماع والانتباه لما يقوله الآخرون.

(فالتسامح يتعزز بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد، إنه الوئام في سياق الاختلاف، وهو ليس واجباً أخلاقياً فحسب وإنما هو واجب سياسي وقانوني أيضاً وهو الفضيلة التي تسهل قيام السلام ويسهم في إحلال ثقافة السلام عن ثقافة الحرب)(28).

إن التبادل الأخلاقي مع الآخرين وفكرهم ينطوي على صناعة وتأصيل الوعي المتزايد ويشكل خلفية ثقافية ناهضة تقبل على قراءة وتفحص ما يتبناه الآخر المختلف كما يتفحص الآخرون فكرنا، مما يثري الساحة ويحدث موجة من التلاقح الفكري والحيوية الثقافية في السامة. إن ثقافة التسامح تفتح أبواب المعرفة على مصراعيها بينما ثقافة الموت لا تفهم غير منطق القوة!!

والتسامح كذلك يؤسس قاعدة تغيير أفكار الآخرين على أسس عقلانية وهو بحد ذاته جهد ثقافي وفكري جبار مما يلزم إحداث تجديد فكري وثقافي في الأمة يتناسب وعقلانيته قادر على مجاراة النهوض الفكري المنتشر.

إن الساحة العالمية تنبئ عن مساعي مكشوفة لمخططات غربية وصهيونية مشبوهة لتفتيت المنطقة وإثارة النزاعات وتفكيك الأمة العربية والإسلامية وإلحاقها بركب الغرب وتفجير القنابل المتولدة من التعدد الطائفي والعرقي والديني، ومن غير تكريس التسامح فإنه من الصعب العمل على صهر الأقليات وضبط سلوكياتهم واستيعاب ما يدور في الخفاء من مؤامرات. ولا شك أن المسلمين بالتسامح قادرون على اختراق المخططات وكشف مساوئها والعمل على إزالة الذرائع التي يسوقها البعض من الغرق في أتون المكائد الغربية والصهيونية.

ولا بد بالتسامح العمل على صياغة ديناميات لازمة وآليات عمل مناسبة لصهر الجميع في بوتقة المجتمع والدولة وعدم إتاحة الفرصة لتغلغل مشاعر الفراق والشتات والضياع.


4- نقد الذات:

يفعل التسامح فعل السحر في ممارسة النقد الذاتي، إذ أنه يلح على رواده توجيه التفكير نحو الحقيقة والوصول إلى جوهر الفكرة وأصالتها، لا التفكير بنزعات النفس والهوى الملازم للفكرة، ولنا أن نتصور كيف يمكن أن يحافظ المتسامحون على الروح النقدية من كافة المعضلات والمشاكل والأحداث التي تحيق بهم إذا امتلكوا روحاً شفافة تبحث عن الحقيقة وتؤثر من ذاتها لأجل نصرة الحق.

كما أنه يشجع المرء على تفحص أفكاره وآرائه ومنطلقاتها الجذرية وتحليل الوسائل المعرفية وإعادة النظر في مضامين الأفكار والمفاهيم دون الاستغراق في نظرة أحادية أو تعليق القصور على مشجب الآخرين، الأمر الذي يفضي إلى إحداث بعض التطور أو تنقيح وتعديل أو رفض بعضها أو كلها إن لم نقل يفضي إلى تعزيزها.

إن ممارسة نقد الذات والأفكار والأطروحات يشكل قاعدة جوهرية في إدراك رفيع لتلك الأفكار والمضامين بعيداً عن التشنج والتعالي. ولو أمعن رواد الحركة الإسلامية في التسامح وابتعدوا عن عقلية الاحتكار والتفرد والوصاية على عقول وتفكير الآخرين لوجدوا أنفسهم في حضن النهضة الثقافية حيث تزدهر تطلعاتهم وتنهض لديهم أفكار مبدعة، لكن النظرة الفوقية دائماً لا تتيح التمتع بمميزات وآراء ذلك الأدنى خاصة إذا اصطبغت أفكار وآراء ذلك الأدنى بلون الكفر وانطبعت بماركة التنجيس!!

ولسنا نبالغ إذا قلنا إن الغرب نما على أثر حضارة إسلامية كانت تكبو وتنهض من روح التسامح الذي تلبس به دون حرج من منجزات هذا الخصم - الإسلام - ولو مارس المسلمون دوراً نقدياً لأفكارهم مستعينين بما تؤهله منجزات الغرب وتطلعاه لكانوا في مصاف الرقي.

إن إعمال العقل وتشريح مواطن الخلل والضعف والتطهير الأخلاقي لنوازع التعصب والتسلط والاستبداد تشكل مرجعة يقظة ومستمرة متطورة للبنى الفكرية والحركية في المفاهيم والنهج والممارسات(29).


5- عقلانية المنهج:

المتسامح بطبيعة الحال أقرب للحوار بما يؤهله مبدأ التسامح من قدرة على التقارب مع الأطراف الأخرى. ولا شك أن الحوار يعتبر أسلك الطرق لتكريس العقلانية إذ أن الأجواء المحيطة بالتسامح تسمح بالتفاهم حول الأمور أياً كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية بشك عقلاني علمي لأن الفكرة هي مقياس الحوار، وبالتالي ستنهض للسطح جملة المبادئ العقلانية الأقرب للحقيقة والإقناع وأن السجال النقدي سيصب في خدمة الحقيقة دوماً خاصة وأن المتسامحين يقرون بمبدأ (قد أكون على خطأ وقد تكون على صواب وإن لم نتفق فإن الأصلح يبقى ولو بعد حين).

يقول الإمام علي (عليه السلام): (رأس العلم الرفق وآفته الخرق).

إن تنقية أفكارنا وإخضاعها للمنهج العقلاني سيدر منفعة كبيرة لنهوضنا الحضاري والعلميِ، حيث الحقائق ستجلو واضحة وسنكون مؤهلين لممارسة دور نهضوي بالغ الأهمية في زمننا القادم الجديد ويكفينا فخراً أن نؤكد أن التسامح سيجعل الكلام بدل الحسام واللسان بدل السنان التخاطب بديلاً للخصام.

وعلى النقيض من ذلك فإن التطرف والعنف والتزمت مظاهر نبذ العقلانية في المشروع الإصلاحي، إذ أن دعاة العنف يمتلكون نظرة إلى الواقع شديدة الانحياز والانحراف في انتقائيتها، فهم لا ينتبهون كثيراً إلى الواقع والحقائق والدليل على ذلك أنهم لا يقدرون حجم المعاناة التي يتسببون بها في عملهم الإرهابي، ولا شك فإن المتزمت يترك العنان لأهوائه الخاصة إلى درجة يكون غير قادر على ممارسة أي تفكير منطقي، فهو مجرد آلة طيعة تحت تخدير التعصب يعميه عن رؤية غير الأشياء التي يؤمن بها حتى يصل لمرحلة التضحية بنفسه لتبرير عمله!!

يقول الإمام علي (عليه السلام): (ليكن شكيمتك الرفق فمن كثر خرقه قل عقله).

ويقول أيضاً: (لسان الجهل الخرق).


من أجل مجتمع مدني

كي نطوي صفحة العنف والتطرف في مجتمعاتنا الأهلية، لا بد أن ننتقل إلى عصر المدنية ونزيح العسكرتارية والمركزية في شؤون مجتمعاتنا الإدارية والبنوية.

الأمر ليس بخارق للعادة أو صعب مستعصب لا يرقى لها إلا ذو حظ عظيم، إنها خطوة تتم ضمن تدرج اجتماعي وسياسي مبرمج من خلال إحداث تحولات مرحلية وبناء ذهنية فكرية مجتمعية وتهيئة الظروف اللازمة لنشأة المدنية.

والمجتمع المدني المقصود فيه هو مجموع التشكيلات والكتل والمؤسسات المهنية والاجتماعية والسياسية المنظمة والمستقلة بفئاتها ونظمها وطبقاتها الاجتماعية تنطلق نحو تحقيق أهداف وآراء أعضائها ونقلها إلى الشارع السياسي والاجتماعي والتأثير على سلطة اتخاذ القرار في المجتمع. كما أن حزمة النظم والقوانين المؤسسة لبنيان أطر مدنية تؤصل العمل المؤسسي وتبني ركيزة الدولة المنفصلة عن الأفراد كأشخاص.

إن المجتمع المدني ما هو إلا صيغة عقلانية يتحرك في إطار قيمي وأخلاقي لتأسيس نظام الوسيط بين الفرد والدولة ينهض بهمة تنظيمية داخل أطر المجتمع، يحدث التغيير فيها ويشكل صيغ جديدة على أعتاب صيغ بالية.

هل من الممكن أن تنزح مجتمعاتنا نحو المدنية بهذه السهولة المفرطة؟ نعم ولكن نحن بحاجة إلى ثمة مرتكزات تبني جذور المدنية:

1- إن الإنسانية لا يمكن أن تحدث تغييراً من دون الولوج إلى مسار التاريخ وقبول تحولاته وهضم القدر المعرفي المتراكم والمستجد. والمدنية هي مجرد مرحلة مسبوقة بقمة تطورات متلاحقة من نشأة المؤسسات وتطوير آلية نموها وإحداث تغيرات في ذهنية المجتمع ليتحول من متبوع يترك آلياً ضمن نسق نظم أبوية تحيط به وتصبغ المجتمع في لون معرفي واحد، إلى مجتمع مستقل ناهض التفكير مبدع يتحرك ضمن حدود حريته والحقوق الممنوحة له لينتقل إلى مقعد قيادة وتوجيه المجتمع مع والعلم على تنويع التخصص (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

فالمدنية ما هي إلا لون من ألوان دفاع المجتمع عن نفسه.

2- تطور النظام الاجتماعي العام - كون الدولة فيه إحدى طبقاته - بحيث يتناسق والوظائف المدنية الجديدة مثل الحالة الثقافي وطبيعة النظام السياسي وأيديولوجيته والفئات الحاكمة في المجتمع والآليات الاقتصادية الميسرة وتحديث طرق تنظيم النظام التربوي والاجتماعي والسياسي والتعليمي ليتناسق مع هذا التطور.

3- نهوض الثقافة المدنية القائمة على فلسفة تأصيل طرائق التعددية وبناء مفهوم جديد للمواطنة يقوم على احترام الحريات والحقوق الممنوحة للفرد والتداول السلمي للسلطة ورفض كافة أشكال الاستبداد والدكتاتورية في كافة مناحي الحياة وهذا يتطلب سعياً حثيثاً نحو تغيير كل مؤسسات الدولة وطرقها.

4- الشخصية المستقلة للمجتمع - من خلال مؤسساته وهيئاته وتشكيلاته المتعددة - في مقابل الدولة، ومنع تمدد الدولة خارج دائرة الدستور والحيات القانونية. فالمدنية مواجهة حاسمة لتمركز السلطة وتقليص سلطتها وعدم تهميش دور الأمة في مقابل سلطانية الحاكم وموروثات التاريخ الغابر التي قدسته واعتبرته خليفة راشد وأمير لمؤمنين!!

5- القبول بالأواصر المادية في التحول إلى مجتمع المدينة، حيث أن الآصرة المادية ونتائجها النفعية والمصلحية تفرض نظاماً كاملاً للحياة تتأسس فيه علاقات إنتاج تتجاوز النمط البدائي إلى ما هو مؤهل لتكوين مجتمع مركب تتقابل فيه المنافع والحاجات، والواجبات والحقوق، وهو أمر يحفز الدافع الفردي في الأداء، ويخلق مقاسات للتفوق تتناسب مع الكفاءة، ونوع الخدمة العامة ودرجتها فينصف الذكاء والجهد بدلاً من أن يجري المنح المجاني للمراتب على أساس النسب والنقاء القبلي المزعوم أو الولاءات العائلية.


منقول
__________________
وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة:83)



 


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م