ابن مكية

[البارجة]

مع الترحيب فينى لاول مرة في منتداكم ,




كنعان مكية وشهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة تل أبيب









لأغراض لم تعد خافية على أحد من العرب والمسلمين بعد انهيار نظام صدام الدموي الذي عمل طيلة سني حكمه الخمس والثلاثين المشؤومة على التمهيد لفتح بوابة التاريخ العربي الإسلامي(العراق) أمام مطامح ومطامع وآمال الصهاينة المحتلين في بناء دولتهم الحلم (إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل) وفي خطوة لاستثمار فرصة غياب النظام السياسي في بغداد، وانشغال العراقيين بلملمة أشلائهم المتناثرة هنا وهناك، ودفن عظامهم التي غيبتها المقابر الجماعية على طول الرقعة الجغرافية للعراق، استضافت جامعة تل أبيب الإسرائيلية الأسبوع الماضي، أحد ورثة النظام المخلوع في العمالة المستترة بالشعارات الوطنية والقومية التي أزكمت رائحة كذبها أنوف العراقيين فلم تعد تنطلي عليهم مؤامرتها، وأحد المعارضين العراقيين ولكن على الطريقة الأمريكية مما جعل نغمة اسمه مع هذه الطريقة أكثر انسجاما من غيره، بدلالة القافية وحرف الروي في الجزء الأخير منه (مكية) كما يعرف الشعراء وعلماء العروض.

ومن الطبيعي أن يكون لهذا الاسم عدة دلالات أخرى، خاصة إذا علمنا أن كنعان مكية هو رئيس قسم الشرق الأوسط في جامعة (براندايس) اليهودية بجوار بوسطن وقد أحضر من قبل الأمريكيين إلى العراق ليكون واحدا من كبار أعضاء طاقم خاص أسندت إليه مهمة وضع دستور عراقي جديد وبناء أجهزة السلطة.

في زيارته العلنية هذه وهي الرابعة بعد ثلاث زيارات سرية سابقة - حسب قوله - إلى إسرائيل احتفت به جامعة تل أبيب أيما حفاوة وأقدمت على منحه شهادة الدكتوراه الفخرية. وتأتي هذه الخطوة - كما هو معلوم - في سياق مكافأة إسرائيل لعملائها شديدي الإخلاص والولاء.

ولا يخفى ما لهذه الزيارة الكنعانية والحفاوة اليهودية من مدلولات سياسية سيما وأنها جاءت في توقيت ليس بالعادي، إذا ما ضممنا إليها لقاء وزير الخارجية الإسرائيلي مع وزير الخارجية القطري في باريس قبل أيام، من ناحية، ومن أخرى التصريحات والتصورات الخطيرة بشأن مستقبل العراق التي أدلى بها مكية إلى كبرى الصحف الصادرة في إسرائيل (يديعوت احرونوت) خلال مقابلة أجرتها معه على صفحاتها مؤخرا.

فمن جملة تصريحاته تلك: (بالرغم من سقوط النظام الحاكم لم تغمر الفرحة العراقيين الذين تساورهم الشكوك والمخاوف من قيام الأمريكيين بمغادرة العراق دفعة واحدة كما فعلوا قبل مرة عام 1991، وعندها يظهر صدام من جديد ليصفي حساباته الدموية مع شعبه). وقراءة خاطفة لما بين هذه السطور تظهر محاولة مكية تكريس حالة الاحتلال والتطبيع معه باستخدام شبح نظام صدام الاستبدادي فزاعة لترويع العراقيين ودفعهم إلى التمسك بـ(المحررين والحماة) الأمريكيين. ولهذا فلا يتردد كنعان مكية في أدلجة الوجود الأمريكي على أرض العراق نحو إطالة عمره فيقول: (أتمنى جدا أن تطول مدة الفترة الانتقالية في العراق على الرغم من نواقصها ثلاث سنوات على الأقل ريثما نوفق بإعادة صياغة الكينونة العراقية من جديد والأخذ بيدها نحو الانتخابات بعد تطهير الدولة من براثن النظام السابق.. لذلك يبقى الآن الأمن أولا.. ).

وبعد محاولته الديماغوجية لإضفاء الشرعية على التحركات الأمريكية يؤكد كنعان مكية إتقانه للدور ولخدمة المصالح الإسرائيلية طبقا لتعليمات البيت الأبيض. ففي أعقاب زيارته المريبة لإسرائيل وحصوله شهادة هو في غنى عنها، يقول ردا على تساؤل حول مخاوفه من الكشف عن زيارته لإسرائيل: (أنا لا أكترث بالانتقادات التي ستوجه لي من قبل مثقفين عرب وما يقلقني هو ردود الفعل داخل العراق فدائما هاجمت أولئك الذين أداروا ظهورهم لإسرائيل).

هذا وكانت الصحيفة الأكثر رواجا في إسرائيل فد أفاضت على مكية بالثناء ولم يفتها وصفه بأنه الشخص الوحيد الفريد الصادق والشجاع. ومن قبل كانت جامعة تل أبيب قد بالغت في تكريمه بإلقاء كلمة باسم كوكبة من الحاصلين على شهادة الدكتوراه قبل أن تمنحه إياها.

وتندرت الصحيفة في نهاية حديثها مع كنعان مكية بالقول: (لدينا من بدأوا بالتحرك لترتيب رحلات من تل أبيب إلى بغداد)، فأجاب ضاحكا: (حقا.. هذا مبكر لأوانه..! ).