معنى لا إله إلا الله
بسم الله الرحمن الرحيم
بداية أشكر الأخوان وافي وابن الاعزين وغيث على مرورهم ومشاركتهم معي وجزاهم الله خيرا
بعد معرفة فضل لا إله إلا الله لابد من الوقوف هنا لمعرفة معنى هذه الكلمات العظيمات والتفكر فيها
نذكر فيه طرفا من ظاهر معني لا إله إلا الله، فنقول :
أعلم أنه لا إله إلا الله واجب الوجود لذاته الفرد الواحد الملك القادر، الحي القيوم القديم الأزلي، الدائم الأبدي، الذي هو بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، تقدس وتعالى عن الشبيه والنظير، وعن الشريك والوزير، لا تحده الأزمان ولا يشغله شأن عن شأن، لا تحيط به الجهات ولا تعتريه الحادثات، له الغنى المطلق عن كل شيء، بكل معنى ومن كل وجه. وكل ما سواه مفتقر إليه فقرأ لا يتصور انفكاكه عنه، خلق الخلق أجمعين، وخلق أعمالهم خيرها وشرها، فتبارك الله أحسن الخالقين، يهدي من يشاء ويضل من يشاء ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء، ويغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء، لا يسئل عما يفعل وهم يسألون خلقهم ورزقهم، وأنزل الكتب وبعث الرسل لهدايتهم، لطفا بهم وتفضلا عليهم، يجب توحيده وطاعته على عباده، بإيجابه على ألسنة رسله، ولا يجب عليه لأحد شيء، لأنه المالك لكل شيء المستولي على كل شيء، فليس لأحد معه ملك ولا لأحد عنده حق، وعد المحسنين بثوابه فضلا، وتوعد المسيئين بعقابه عدلا.
فالإله هو الجامع لجميع هذه الصفات، وهو الله الذي لا إله إلا هو لأن هذه الأوصاف ثابتة له تعالى، ولا يصح لغيره على الإطلاق الاتصاف بشيء منها، فضلا عن جملتها.
فمن نفى الإلهية عنه أو أثبتها لغيره، أو أشرك معه فيها سواه فقد أعظم البهتان وأحاط به الخسران، أولئك الذين قال فيهم عز من قائل : (( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون )).
اعلم أن هذن الكلمة الشريفة شطران : أحدهما نفي، وهو قولك لا إله، والآخر إثبات وهو قولك إلا الله ، فإذا صدر النفي معقبا بالإثبات، ممن لا يشرك مع الله إلها آخر، فمعناه نفي تَوَهُّـم من تَوَهَّم أن مع الله إلها آخر من المشركين والرد عليهم، وتقرير المعني الحاصل في القلب من التوحيد، فإنه يتأكد بتكرار هذه الكلمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"جددوا إيمانكم بقول لا إله إلا الله".
وأيضا للشرك معان خفية دقيقة، لا ينجو منها إلا العارفون المحققون، والمكاشفون بصريح الحق من طريق العيان، وقد يقع المؤمن في شيء منها ولا يشعر مثل أن يعتقد أن أحدا غير الله، يجلب نفعا أو يدفع ضرا بطريق الاستقلال، ومن ذلك شدة الحرص على الاستيلاء والاستعلاء على الخلق، ومحبة الاستقلال والاستيثار بالأمور واشتهاء المنزلة والتعظيم والمدح في قلوب الخلق وعلى ألسنتهم.
وفي الحديث : "الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل". وقد سمى صلى الله عليه وسلم الرياء الشرك الأصغر.
وقد يشرك الإنسان مع الله نفسه أو غيره من هذه الحيثية، وهو لا يدري ، فعلى المؤمن أن يحترز من خفايا الشرك كما يحترز من ظاهره جهده.
ثم أن الشرك بهذه الاعتبار، لا يؤثر في أصل الإيمان الذي يدور عليه أمر النجاة، ولكنه يقدح في كماله.
وإنما قلنا: ينبغى للموحد أن يقصد بنفيه الإلهية عما سوى الله، الرد على من يتوهم ذلك من المشركين ونحوهم، وسمينا اعتقادهم الفاسد توهما، لأنه إنما ينشأ عن تصور فاسد ورأي ضعيف، يؤذن بتغير المزاج وفقد العقل، وإلا فكيف يخفى على ذي بصر وسمع، فضلا عن ذي بصيرة وقلب، وجود من ظهرت به الأشياء وانفراده بها، ولكن من يضلل الله فما له من هاد ومن يهد الله فما له من مضل، أولئك الذين ذهب الله بسمعهم وأبصارهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون، صم بكم عمي فهم لا يرجعون.
ولله در القائل حيث يقول :
أيا عجبا كيف يُعصي الإلـــه أو كيف يجحده الجاحـــد
وفي كل شيء لـــه آيـــة تدل على أنــــه واحـد
ولله في كل تحريكــــــة وتسكينه أبدا شـــاهــد
قال بعض العارفين نفع الله بهم : من طلب دليلا على وحدانية الله، فالحمار أعرف بالله منه، ولولا الحرص على الإيجاز لأمور يعلمها الله، لأطنبنا في هذا الفن، إطنابا يبهر العاقل اللبيب، والله على ما أقول رقيب .
منقول ///
|