مجلة الخيمة حوار الخيمة دليل المواقع نخبة المواقع Muslim Tents
التسكين المجاني التسكين المدفوع سجلات الزوار بطاقات الخيمة للإعلان في الخيمة
الأسئلة الشائعة قائمة الأعضاء التقويم البحث مواضيع اليوم جعل جميع المنتديات مقروءة

العودة   أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية > القسم الثقافي > خيمة الثقافة والأدب
اسم المستخدم
كلمة المرور

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 09-09-2005, 07:53 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي يوميات أبو شــوفة

يوميات أبو شــوفة


أبو شوفة ، رجل ادعى أنه يستطيع معرفة الشخص عن بعد ، إن كان رجلا فاضلا أو غير ذلك .. و قد اختبره بعض أصدقاءه في كثير من المسائل ، فوجدوا أن ادعاءه صادقا ..


ففي أحد المرات كان أبو شوفة مع صديق له يسيران على أقدامهما ، يقصدان قرية تبعد عن قريتهما حوالي 15 كم ، وتتوسط تلك المسافة ، قرية أخرى ، فبينما هما ماشيان ، واذا بأحد الرجال يمتطي فرسا خلفهما على بعد 300م ، فما كان من صديق أبي شوفة الا أن يسأله ما رأيك بالرجل الذي خلفنا ، فأجاب على الفور ، انه كلب ابن كلب .. ولم يكونا قد تعرفا على الرجل .. ولم يرياه من قبل ..


فوصلهما الرجل ، و ألقى السلام عليهما ، ثم سألهما عن وجهتهما ، فأجابا ، فقال انها القرية التي تلي قريتنا وتبعد عن قريتنا حوالي سير ثلاث ساعات على الأقدام .. ثم طلب من أحدهما أن يركب على الفرس بدلا منه ، فركب أبو شوفة، فاقترب صاحبه منه وسأله : ها كيف ترى الرجل ؟ .. فأجاب أبو شوفة همسا ، إنه كلب ابن كلب ..

وبعدما أحس أبو شوفة أنه اكتفى من إراحة نفسه من الركوب ، نزل عن الفرس ، فأصر الرجل أن يركب صاحب أبي شوفة .. فركب ، وأعاد السؤال على أبي شوفة : كيف ترى الرجل ؟ فأجاب أبو شوفة ، انه كلب ابن كلب .

فلما وصلوا القرية ، وكان صاحب الفرس يسكن فيها ، فقال لهما إن الدنيا مساء ، اقضيا الليلة في ضيافتي والصباح رباح .. فأصر على ذلك .. فقبلا دعوته . فبادر صاحب أبي شوفة بسؤاله : ها كيف ترى الرجل .. فأصر على إجابته ( كلب ابن كلب )

فنزلا عند الرجل فمد تحت كل منهما فرشة ، وذبح دجاجة ، و عزف لهما على الربابة .. و ناما ليلتهما .. فأعاد صاحب أبي شوفة السؤال ، فرد عليه أبو شوفة بنفس الجواب ( كلب ابن كلب ) ..

وفي الصباح أحضر لهما فطورا .. و طلب منهما البقاء للغداء و ألح بطلبه ، فاعتذرا من أجل مواصلة السفر .. و عينا صاحب أبي شوفة تسأل أبا شوفة ، وهو يجيب صامتا ..

وعندما رأى إصرارهما على الرحيل .. أخرج دفترا و أخذ يقرأ على مسمعيهما ، ركوب فرس 4 قروش ، جلوس على الفراش 4 قروش ، تناول عشاء 30 قرشا .. استماع للربابة 4 قروش .. مبيت الليلة 30 قرشا .. فطور 12 قرشا ، المجموع 84 قرشا ، وطلب منهما دفعهما ..

فهنا صاح أبو شوفة .. وهو يمد عليه دينارا .. خذ هذا كله .. ولن أغير رأيي كلب ابن كلب ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #2  
قديم 31-10-2005, 01:23 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

خذ حسابك وارحل :



حيث أن أبا شوفة قد عاش ردحا من الزمن قبل الكهرباء ، فان طبيعة الحياة التي كان يعيشها ، هي حياة ريفية اعتيادية تتماشى مع طبيعة العصر في بدايات القرن العشرين ..

لقد كان لديه مجموعة من الحراثين أي ( المرابعية ) .. وهم الذين يقضون عاما كاملا في خدمة ملاك يحرثون أرضه و يزرعونها و يحصدونها مقابل ربع الانتاج ومن هنا أخذ اسمهم ( مرابعي ) .. وبعد نهاية الموسم ، إما أن يستمر أحدهم اذا حصل التوافق بينه و بين مالك الأرض .. أو أن تنتهي خدمته .

ولما كانت الحراثة تتم بواسطة الدواب ( الخيل و البغال والحمير و الأبقار) وكذلك الرجاد و الدراس ( أي نقل المحصول من الحقل و سحق القش من أجل استخلاص الحبوب لتخزينها ) .. فان أوقات استراحة ( المرابعية ) ، ستكون محدودة وقصيرة جدا .. الا اذا جاء الموسم قحطا و لا ناتج به .. فعندها ستطول فترة الراحة لدى هؤلاء الأجراء ( المرابعية ) ..

وكون هؤلاء الأجراء يبيتون في منازل ملاك الأرض ويأكلون من أكلهم ، فانهم يقومون ببعض الخدمات الاضافية التي لم ينص عليها عقد استخدامهم ، والذي دائما يكون بالقياس للعرف و بالمشافهة ، أي ليس مكتوبا ..

على أي حال لندخل الى الحالة التي نحن بصددها بعد تقديم تلك المقاربات ، لتساعد في تصور الموقف .. لقد كلف أبو شوفة أربعة من الأجراء (المرابعية) للذهاب الى مطحنة تدار بالماء قرب شلالات قريبة من قرية أبو شوفة ، ولبعد المسافة فان الرحلة بواسطة الجمال (جمع جمل أو بعير ) ، ستستغرق ثلاثة أو أربعة أيام ..

لقد ذهب الأجراء لطحن حبوب القمح وعادوا .. وعند عودتهم قام أبو شوفة بحيلة من حيله ليعرف من باع من القمح في تلك الرحلة و من لم يبع ، ولكن دون أن يسألهم حتى لا يقع في إحراج من أي نوع ..

لقد جمع أبو شوفة عصيهم التي يسوقون بها الدواب ، والتي دائما كانت تكون مع كل من يركب أو يقود أي دابة .. وبعد أن عرف كل عصا لمن تعود .. احتفظ بالعصي بعض الوقت ..

ونادى أبو شوفة أحدهم و قال له خذ حسابك و ارحل .. فلم أعد بحاجتك .. لم يناقش الأجير بأسباب قرار أبي شوفة ، فقد أدرك أنه عرف سلوكه وبيعه بعض القمح !!

لكن كيف حدث ذلك ؟ ببساطة ان العصا التي تجمع عليها الذباب ، لا زالت تحمل بعض آثار الحلو ( الدبق) الذي أكله هذا الأجير في طريقه وهو يمسك بالعصا !!
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #3  
قديم 01-11-2005, 04:30 AM
عارف عاصي عارف عاصي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2005
المشاركات: 70
إفتراضي

أخي الكريم/ بن حوران
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد000

أخي الكريم
يوميات طيبة
وشخصية فذة التي تعرض لها

سعدت بيومياتك
نلتقي بخير
سليم
الرد مع إقتباس
  #4  
قديم 20-11-2005, 01:15 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أنت لك وأنت لك .. و أنت لا قمح لك عندي



لأبي شوفة مواقف طريفة ، فيمن يطلب منه طلب ، فيركز في مسائل جانبية ويبني عليها موقفه إما بالموافقة أو الرفض .. ففي أحد سنين المحل ، حيث لا قمح يأكله الناس .. يطوف المحتاجون ليقترضوا ما يحتاجون ممن لديه قمحا .

وفي أحد المرات ، جاءه ثلاثة أشخاص ليستدينوا بعض القمح ريثما يمن الله على عباده بموسم خير .. ولما كان من يريد أن يطلب شيئا في أيام زمان ، يتريث ، ويجلس صامتا أو مسامرا في أي شأن عدا شأن طلبه الذي جاء من أجله ..

وكان شكل ديوان أبي شوفة كأي ديوان من أيام زمان .. يضع (نقرة ) وهي موضع يحفر على بعد مترين من باب الديوان و في منتصف المسافة بين الجدارين .. ويمهد و تصب قاعدته و أطرافه بقطع من حجر أملس ، ثم يوقد به نارا من فحم أو حطب أو (جلة ) .. وتوضع دلال القهوة حول الموقد .. ويصطنع صاحب الديوان مجلسا يحيط بالنقرة ، اذا كان زواره لا يزيدون عن ستة أشخاص .. فاذا زادوا فان ديكور الجلسة سيتراجع ليكون بمحاذاة الجدران التي تكون أبعادها بالغالب ستة في خمسة أمتار .

كما يكون قبالة صاحب الديوان موضعا في الجدار يسمى (فاتية ) وهو تجويف داخل الجدار السميك الذي يصل سمكه أحيانا الى ثلاثة أرباع المتر .. توضع به بعض مكونات القهوة كالهيل والقرنفل وجوزة الطيب ، وقنينة بنزين لملئ القداحة (الولاعة) .. وبعض عينات من بذار مختلف ..الخ .

بعد أن تسامر الرجال ، طلبوا من أبي شوفة أن يعطيهم بعض القمح ، لحين نتاج الموسم .. فمسد على لحيته و برقت عيناه يمينا نحو أحدهم و ثبتت ، فقال للأول حيث لا يتطلع اليه ، أنت سأعطيك ، وقال للثاني و أنت كذلك ، أما الثالث حيث ثبت نظره عليه فقال ، أما أنت فلا قمح لك عندي ..

صمت الرجل الثالث الذي رفض طلبه ، ولم يكن في وضع يجيز له أن يعترض على الفور .. بل ترك المجال لصاحبيه علهما يتشفعان له .. ولما كان صاحباه لا يريدان إفساد فرحتهما بتجاوب أبي شوفة ، فقد تلكأا عن الكلام .. حتى أنقذهم أبو شوفة نفسه .. إذ قال : لم تسألني لماذا ؟
ابتسم الرجل الخائب الذي لم يحض بقرض القمح ، ابتسامة صفراء ، دون أن يجرؤ على سؤاله .. منتظرا أن يجيب أبو شوفه من تلقاء نفسه ..
وفعلا أردف أبو شوفة : لقد راقبتكم أثناء جلوسكم .. ان صاحبيك اللذان حظيا بالقمح كانا يشعلا تبغهم من نار الموقد .. أما أنت فكنت تمد يدك على القداحة وتشعل لفافة تبغك منها .. وهذا يدل على سوء تدبيرك ، وعدم ضمان قدرتك على السداد !!
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #5  
قديم 21-11-2005, 12:50 AM
محمد العاني محمد العاني غير متصل
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,514
إفتراضي

__________________


أنا عندي من الأسى جبلُ
يتمشى معي و ينتقلُ
أنا عندي و إن خبا أملُ
جذوةٌ في الفؤاد تشتعلُ
الرد مع إقتباس
  #6  
قديم 24-11-2005, 07:11 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

يبحث مع رفيقين له عن عشاء :

ضاقت الدنيا ، برزقها في أحد السنين على أهلها ، فعاش الناس بصعوبة بالغة ، و أخذ الرجال ينظرون في و جوه بعض ، علهم أن يستنبطوا من قسمات وجه من يركزون النظر به خريطة تدلهم على باب رزق .. ولما كان سوء التغذية هو السائد ، فكان البصر غير قادر على قراءة الحروف الصغيرة ..

لم يكن وقتها قد تم ايصال الكهرباء ، للمدن والقرى ، ولم يكن وقتها قد انتشرت المواصلات بشكل جيد ، ولم يكن وقتها يوجد في البلاد من شمالها الى جنوبها ، الا ثلاثة أو أربعة طرق .. وتمر فوقها بعض سيارات المحتل الانجليزي كل ساعتين او ثلاثة .. ولم يكن وقتها لو مشيت طول النهار أن تجد مطعما أو فندقا ، ولن تجد من يطرح عليك السلام ، حتى لا تقوى العلاقة ، ويدعوك لبيته لمبيت ليلك .. ان البؤس كان عاما .. والقحط وقلة الطعام هي السائدة .. فلا البشر يجدوا ما يسد جوعهم ولا حيواناتهم تجد ما يسد جوعها ..

لقد قرأ أبو شوفة في عيون أصحابه ، أن يهيموا على وجوههم ، علهم يجدوا أحدا يعطيهم بعض الجمال أو الأغنام ليبيعوها في مكان ما ، ومن ثم يردون له أثمانها ، مع الاحتفاظ في بالربح يعيشون به هم و عيالهم .. وما كاد يعلن فكرته لرفيقيه ، حتى وافقا بأقصى سرعة ، لقلة الخيارات التي كانت أمامهم ..

ولما كان الفجر ، أعدوا لهم زوادة ( طعام سفر ) ، حتى يأكلوها ، عندما يجوعون ، وحملوا معهم بعض الماء ، و مشوا على أرجلهم ، حيث لم يبقى لدى معظم سكان القرية ، الا القليل من مقتنياتهم التي يمكن بيعها والتصرف بأثمانها لمواجهة سنين الجدب و القحط الأربعة التي مروا بها ..

تعمقوا بالبادية علهم يجدون ضالتهم .. ولكن دون جدوى .. لم يجدوا من يستقبلهم لتناول بعض الطعام ، ولا من أجل المبيت .. وقد خلصت زوادتهم من يومين .. والجوع آلمهم كثيرا .. لم يكونوا يحملوا معهم سلاحا ، حيث في سنين الخير لم يكن سلاح أحدهم سوى ( شبرية ) خنجرا ، وعصا ..

وقد دخلت ليلتهم الرابعة وهم هائمون على أوجههم ، وكان الوقت بعيد صلاة العشاء ، فقد تراءى لهم ضوءا أكثر وضوحا من باقي بيوت الشعر ( الخيام ) الأخرى .. فقادتهم تجربتهم نحوه ، علهم يجدون من يستقبلهم ، ويطعمهم .. فقد كان البيت لأحد البدو ، الذي كان قد نذر أن يقرأ ( المولد الشريف ) بعد أن فكه الله من لدغة أفعى ..

تيقن أبو شوفة أن فطنته الآن هي على المحك .. فطلب من رفيقيه أن يقدمانه عليهما ، ويناديانه باسم ( الشيخ ) .. فأصبحا يكرران لفظ ( شيخ ) بصوت عال وهم مقبلون على بيت البدوي .. حتى سمعهم من في الداخل . فقام أحد من في البيت وخرج يستقبلهم ، وهو مستبشر ، لقد أتى من سيقرأ لهم ( المولد) .. فسأل أبا شوفة : هل تستطيع قراءة المولد يا شيخ ؟
فأجابا رفيقاه معا : ان الشيخ أفضل من يقرأ المولد .. لكن ما اسم صاحب الديوان هذا ؟
فأجابهم : انه يعود ل ( داوود الرباح ) ..
دخل أبو شوفة ، فقام من في الديوان و أفسح له مكانا متصدرا .. ورحبوا به ، وطلبوا منه قراءة المولد ..

وكونه أمي لا يقرأ ولا يكتب ، لكن فطنته أسعفته حيث بدأ
صلوا يا أهل الفلاح ...... ع النبي زين الملاح ..
و من في الديوان يرد وراءه بصوت عال ، طربين .. ومتمايلين
فعندما ينسى ما كان قد سمعه في قراءة المولد في بلده .. يؤلف من عنده
كلبة داوود الرباح ... ولدت في هذا المراح

يا عرب اجروا وراها .... وتعطروا من خراها

فلم يكتشف أمره ، لجهل من كان في الديوان .. فكرم ليلتها و تعشى هو ومن معه .. وباتوا ليلتهم ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #7  
قديم 29-11-2005, 03:09 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

خذني معك يا ابن أخي فقد أساعدك :

أبو شوفة رجل أمي .. لم يقرأ شيئا في حياته .. لكن كان في نفسه موطنا للحكمة ، تكونت لديه من سنين عمره الطويلة ، أخذها بالاستماع من هنا وهناك حتى أصبحت عنده عادة .. يتصرف بها مع لمسة متهكمة ..

كان له ابن أخ معروف بوجاهته وعلاقاته ، وقدرته على حل مشاكل من يقصده. لقد جاءه أحد الذين يطلبون العون منه واسمه عبد الله ، اذ أنه قد تعرض لظلم من رجل في منطقة أخرى ، تبعد عنهم بسفر يوم . والمشكلة أن ذلك الرجل معروف بمنطقته على أنه رجل يخاف الله ، وكان يختار طقوسا لنفسه ، تجعل من يراه يخرج بانطباع عنه ، بأنه رجل فاضل ..
لقد كتب هذا الرجل المدعي الفضيلة على عبد الله ، مبلغا لم يستلمه عبد الله فعلا ، ولكن كتب عليه بحذلقة متقنة .. ولما كان ابن أخ أبو شوفة يلمس الصدق بكلام عبد الله ، وكذلك كان إحساس أبو شوفة تجاه المستغيث .. فقد طلب الوجيه من عبد الله أن يأتي في اليوم التالي ، ليذهبا في معالجة تلك المسألة ..

عندما جاء اليوم التالي ، جاء عبد الله لمرافقة الوجيه .. فطلب أبو شوفة من ابن أخيه ، أن يرافقهما ، فقد يقدم خدمة ما .. وافق ابن أخيه على طلبه بعد تريث قليل ، فقد كان يدرك مهارات عمه ، فقال قد تكون بمرافقته بعض الفائدة.

وصلوا قرية من يطلبوا .. فاحتفى بهم ، وقدم إليهم واجب الضيافة ، ثم تحدثوا بمسألة عبد الله ، وكان الرجل لديه قدرة عجيبة على إثبات حقه المزعوم بالوثيقة .. وكان يمسح على لحيته بعد كل نقطة يذكرها ، ويحرك خرز سبحته بطريقة كمن يضبط إيقاع الكلام .. و الوجيه و عبد الله يستمعان دون أن يجدا سبيلا لتفنيد ادعاء ذلك الرجل .. و أبو شوفة لا يزال صامتا ، لا يتدخل ، لكنه يحدق مليا بالرجل و هيئته ، عله يجد منفذا لداخله ..

جاء الليل و لم يتم إنجاز المهمة التي ذهبوا من أجلها .. عرض عليهم المضيف أن يبيتوا ليلتهم في ضيافته ، فبادر أبو شوفة بالقبول السريع .. وعند توزيع الغرف للمبيت ، طلب أبو شوفة أن يبيت هو والرجل في غرفة واحدة ..

قبل أن يخلدا للنوم .. قال أبو شوفة للرجل .. إنك رجل من أهل الدين ، فدعني أستفيد من بحر علمك يا شيخ .. فقال له الرجل : تفضل يا ضيفنا ..
أبو شوفة : هل تعلم ماذا يقصد بالآية ( اذ قال الذين سلفوا للذين أسلفوا لو سددتم ما سلفناكم ، لسلفناكم ولكن ذوقوا عذاب الفلس بما كنتم تفعلون ) ؟
الشيخ : أظن أنها بسورة الحجر ..
أبو شوفة : لا انها ليست بالحجر ..
الشيخ : أوه .. لقد تذكرت .. انها بسورة الروم ..
أبو شوفة : كلا انها ليست بالروم
و ما زال الشيخ يبدل اسم سورة بأخرى ، حتى أدرك أبو شوفة ، أن هذا الرجل محتالا .. وكاذبا .. فاستل خنجره ونام فوق صدر الشيخ و نادى على ابن أخيه ، فقال أكتب باسم هذا الفاجر تنازلا منه لعبد الله عن حقه المزعوم .. فهذا لا يميز بين كلام الله و كلام البشر .. فوقع الشيخ المزعوم على تنازله ..

وهنا نهض الثلاثة ، أبو شوفة وابن أخيه و عبد الله .. و ألغوا مبيتهم في ضيافة خصمهم !
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #8  
قديم 02-12-2005, 05:07 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

خذ حسابك وارحل :

حيث أن أبا شوفة قد عاش ردحا من الزمن قبل الكهرباء ، فان طبيعة الحياة التي كان يعيشها ، هي حياة ريفية اعتيادية تتماشى مع طبيعة العصر في بدايات القرن العشرين ..

لقد كان لديه مجموعة من الحراثين أي ( المرابعية ) .. وهم الذين يقضون عاما كاملا في خدمة ملاك يحرثون أرضه و يزرعونها و يحصدونها مقابل ربع الانتاج ومن هنا أخذ اسمهم ( مرابعي ) .. وبعد نهاية الموسم ، إما أن يستمر أحدهم اذا حصل التوافق بينه و بين مالك الأرض .. أو أن تنتهي خدمته .

ولما كانت الحراثة تتم بواسطة الدواب ( الخيل و البغال والحمير و الأبقار) وكذلك الرجاد و الدراس ( أي نقل المحصول من الحقل و سحق القش من أجل استخلاص الحبوب لتخزينها ) .. فان أوقات استراحة ( المرابعية ) ، ستكون محدودة وقصيرة جدا .. الا اذا جاء الموسم قحطا و لا ناتج به .. فعندها ستطول فترة الراحة لدى هؤلاء الأجراء ( المرابعية ) ..

وكون هؤلاء الأجراء يبيتون في منازل ملاك الأرض ويأكلون من أكلهم ، فانهم يقومون ببعض الخدمات الاضافية التي لم ينص عليها عقد استخدامهم ، والذي دائما يكون بالقياس للعرف و بالمشافهة ، أي ليس مكتوبا ..

على أي حال لندخل الى الحالة التي نحن بصددها بعد تقديم تلك المقاربات ، لتساعد في تصور الموقف .. لقد كلف أبو شوفة أربعة من الأجراء (المرابعية) للذهاب الى مطحنة تدار بالماء قرب شلالات قريبة من قرية أبو شوفة ، ولبعد المسافة فان الرحلة بواسطة الجمال (جمع جمل أو بعير ) ، ستستغرق ثلاثة أو أربعة أيام ..

لقد ذهب الأجراء لطحن حبوب القمح وعادوا .. وعند عودتهم قام أبو شوفة بحيلة من حيله ليعرف من باع من القمح في تلك الرحلة و من لم يبع ، ولكن دون أن يسألهم حتى لا يقع في إحراج من أي نوع ..

لقد جمع أبو شوفة عصيهم التي يسوقون بها الدواب ، والتي دائما كانت تكون مع كل من يركب أو يقود أي دابة .. وبعد أن عرف كل عصا لمن تعود .. احتفظ بالعصي بعض الوقت ..

ونادى أبو شوفة أحدهم و قال له خذ حسابك و ارحل .. فلم أعد بحاجتك .. لم يناقش الأجير بأسباب قرار أبي شوفة ، فقد أدرك أنه عرف سلوكه وبيعه بعض القمح !!

لكن كيف حدث ذلك ؟ ببساطة ان العصا التي تجمع عليها الذباب ، لا زالت تحمل بعض آثار الحلو ( الدبق) الذي أكله هذا الأجير في طريقه وهو يمسك بالعصا !!
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #9  
قديم 03-12-2005, 03:38 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

ذهب ليشتري سيارات من سويسرا !

قامت الدولة في وضع يدها على أراض واسعة من أجل عمل مشروع حكومي ، فكان من بين تلك الأراضي ، جزء من أملاك أبي شوفة التي ورثها ، وحلف أن لا يفرط بها ولا يبيع منها حتى لو مات من الجوع ..

لكن عندما كان الأمر يعود للدولة ، فلم تبق لأبي شوفة أي حيلة ، الا أن يقبل بقبض ثمن ما تم الاستيلاء عليه من أراضيه .. ولأنه لم يتعود أن يقبض أكثر من مصروفه و مصاريف عياله .. فقد احتار ، ماذا سيعمل بكل تلك الأموال الطائلة ، وعقله لم يتعود على التصرف بهكذا مبلغ ..

لقد نصحه بعض الأصدقاء أن يشتري بها شاحنات من نوع مرسيدس من سويسرا ، ويشحنها للبلاد ويبيعها فسيربح وتزدهر تجارته .. أعجبته الفكرة ..

كان لديه ولد أشقر بوجهه بعض البثور البنية ، وهذا الولد سكوت ، أكول ، ضخم الجثة ، لم يكمل دراسته الابتدائية الا بشق الأنفس .. كان أبوه يناديه ب (الأغبش ) .. للهيئة التي هو عليها ..

طلب من ( الأغبش) أن يرافقه برحلته الى سويسرا .. فعبروا من تركيا .. حتى وصلوا بالبر الى سويسرا ، عابرين حدود بلدان كثيرة ، لم يتذكر أبو شوفة عندما روى لي ما حدث بتلك السفرة ، سوى تركيا والنمسا ..

وعندما وصلا الى سويسرا .. طلب من ابنه (الأغبش ) أن يتفاهم مع أهل البلاد و يستفسر عن المكان الذي سيشتري منه السيارات . لكن ( الأغبش) الذي تفاجأ من الطلب .. اعتذر مندهشا بأنه لا يعرف لغتهم .. ولا أي لغة الا العربية ، ولا يحسن حتى كتابة العربية !!
أبو شوفة : ملعون الوالدين .. طول الطريق وأنا أطعمك لحم مشوي .. وناتع (الشقار ) على الكذب ؟ طلعت ما تعرف سويسري ؟؟
الأغبش : يا والدي يعني اذا أنا أشقر ، لازم أعرف لغات أجنبية ؟

فقال بحثت عن أبناء العرب ، فوجدت طالبا فلسطينيا .. فطلب مني بدل خدمة الترجمة والمساعدة في انجاز عملية شراء السيارات 300 شي من عملتهم ( أراد الفرنك السويسري) .. فوافقت ..

فذهبنا الى تاجر سويسري ، وحكى الشاب معه ، وتمت المبايعة وكتابة الأوراق ، ودفع قيمة السيارات ..
هنا فاجأ الشاب العربي أبا شوفة بقوله : هل تعلم ان هذا التاجر يهودي ؟
أبو شوفة : بروح أبوك صحيح ؟
الشاب : أي والله ..
أبو شوفة : بروح أبوك .. قل له .. لماذا أنتم سيئين لهذه الدرجة ؟
الشاب : دعك من هذا الأمر ..
أبو شوفة ( برجاء حار ) : بروح أبوك قل له
وعندما انصاع الشاب وترجم لليهودي ما قال أبو شوفة ، استشاط اليهودي غضبا ، و حذر أبا شوفة بأنه لن يستطيع تخريج السيارات من سويسرا ، وسيجبره على بيعها بنصف الثمن ، بدل تلك النظرة تجاه اليهود !!

أبو شوفة ( للشاب ) : قل له والله لأطلعهن و أطلع عيونه ..
بالحدود مع النمسا ، تم إعاقة أبي شوفة ، ولكنه بأكثر من طريقة ، استطاع أن يخرج السيارات .. و طلب من (الأغبش) أن يرافق السيارات للبلد ..
الأغبش : و أنت يا أبي أين تذهب ؟
أبو شوفة : سأعود الى زيورخ و أبحث عن اليهودي ( لأقهره ) و أقول له اني استطعت تخريج السيارات يا ابن الكلب ..
الأغبش : يا أبي لا تذهب ، ما لنا و ما له ؟ خلص .. لقد أنجزنا مهمتنا ..
وهنا يضيف أبو شوفة وهو يحكي لي : لقد عدت الى زيورخ وبحثت عن الشاب العربي ، و أعطيته 150 شي من عملتهم .. وذهبت الى اليهودي و قهرته !
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
  #10  
قديم 09-12-2005, 04:04 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

أنا أهنئك على ذكائك يا ولدي :

كان لأبي شوفة مجموعة من الأبناء .. يهابونه ، وينفذون ما يقول حسب اجتهادهم الممزوج مع الخوف .. فكانت تقع لهم بعض المواقف الغريبة نوعا ، فحسن و كان أكثرهم إطاعة لوالده ، كلفه ذات يوم أن يقوم بتطبيع بغلة فتية لديهم .

والتطبيع هنا يختلف عن التطبيع مع الكيان الصهيوني .. فهو تعويد ( الدابة ) الغشيمة التي لم تركب سابقا أو لم تحرث ، على فعل ذلك .. ففي البداية تكون نزقة ترمي من امتطى ظهرها و قد ترفسه رفسا مؤلما ، اذا لم تفعل الأرض ذلك وتصنع في رأسه كرة أو أكثر من فعل ارتطام الرأس بها .. ومن يدري فقد يكون التطبيع مع الكيان الصهيوني يطابق هذا العمل ببعض أوجهه ..

لقد ملأ أبو شوفة خرجا من الحجارة التي يزن أصغرها خمسة كيلو غرامات ، ووضعه على ظهر البغلة ، و أمر حسن أن يركبها ، ففعل حسن ذلك وكان قد قبل المهمة برضا كامل ..

نزقت البغلة نزقا شديدا ، وهرولت بعصبية كاملة وهي تتعمد اضطراب ركضها كي تفلح في إسقاط حسن من على ظهرها ، ولكن تمسك حسن و مراهنته على ان يبقى على ظهرها لكي يرضي والده بنجاح مهمته أجل من سقوطه من على ظهرها .. فركضت باتجاه البراري حتى غابت هي وحسن عن رؤية المراقبين ، وبعد عناد كل من البغلة وحسن عندما ابتعدت عن البلدة ما يقرب من ستة كيلومتر ، نجحت البغلة في إسقاط حسن والخرج المملوء بالحجارة الذي كان على ظهرها ..

وبينما أبو شوفة وأهله و قسم من أصدقائهم و جيرانهم يتحدثون عن طرق التطبيع للحيوانات .. دخلت ( حوش ) منزلهم البغلة بخطوات مسرعة .. ولم يكن على ظهرها لا ( حسن ) ولا الخرج ..

وبعد نصف ساعة وصل حسن الى المنزل ، و أهله يرقبون وصوله ، وكان يضع الخرج المملوء بالحجارة على كتفه ، وهو يلهث ..

سأل حسن : هل عادت البغلة الى المنزل ؟
أبو شوفة : نعم .. ما هذا الذي على كتفك ؟
حسن : انه الخرج يا والدي !
أبو شوفة : ولماذا أنت حامله بهذا الشكل ؟
حسن : وهل كان علي أن أتركه يا والدي ؟

أبو شوفة : أقصد الحجارة التي تزن أكثر من سبعين كغم .. لما أنت حاملها ؟
ألم تفكر بإفراغ الحجارة منه ؟

حسن : خفت أن تغضب يا والدي ..
وبينما الموجودون يتضاحكون ..

أبو شوفة : أوه .. أنا أهنئك على ذكائك يا بني ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع بحث في هذا الموضوع
بحث في هذا الموضوع:

بحث متقدم
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد
لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة
لا بإمكانك إضافة مرفقات
لا بإمكانك تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح
الإنتقال السريع

حوار الخيمة العربية 2005 م